تجربة علمية سرية تقود إلى الهلاك الجماعي
فيلم "الصيد الترياسي".. حكاية ديناصورات هجينة تخرج عن السيطرة لتفتك بالبشر.
الاثنين 2021/06/14
انشرWhatsAppTwitterFacebook
مواجهة غير متكافئة
في سينما الخيال العلمي هناك حياة أخرى تتعلق بكائنات هجينة سواء أكانت بشرية أم حيوانية يتم تطويرها جينيا لتتحوّل إلى كائنات ذات قدرات خارقة، ومن ثم الاشتغال على تلك القدرات من أجل إبهار الجمهور العريض بكل ما هو خارق وغير معتاد. وهو ما يستعرضه الفيلم الجديد “الصيد الترياسي” للمخرج جيرالد راسيانتو.
حضور الكائنات الهجينة سواء البشرية أو الحيوانية منها ليس بجديد عن سينما الخيال العلمي، وقد ظهر ذلك جليا في العديد من الأفلام العالمية التي قدّمت بشرا مطوّرين أو مستنسخين ومهجّنين، وشمل الأمر كذلك الحيوانات وما يجري عليها من تجارب مختبرية لتغيير حقيقتها الجينية.
وفي فيلم “الصيد الترياسي” للمخرج جيرالد راسيانتو تتم معالجة هذه الثيمة من خلال افتراض وجود ديناصورات تم الحصول على تراكيبها الجينية، ومن ثم تطويرها مختبريا، وبالتالي تحويلها إلى كائنات وحشية شديدة الفتك بكل من حولها.
وكما يتكرّر في أفلام أخرى يتم نقل تلك الكائنات المتوحشة إلى مكان آخر، وخلال الرحلة تتمرّد على سجانيها وتتمكن من الخروج من أقفاصها وتفتك بمن حولها لتتسبّب في حالة طوارئ باعتبار كونها جزءا من تجارب شديدة السرية يشرف عليها نائب الرئيس الأميركي شخصيا.
هنا سوف تحضر شخصية العالمة البيولوجية الدكتورة كيلسو (الممثلة كريستي كروغر) والتي كانت قد أشرفت على تلك التجارب، وهي التي تريدها أن تصل إلى نهاياتها وألا يضيع المجهود الذي بذلته مع فريقها من أجل تطوير تلك الكائنات.
وفي موازاة ذلك يستخدم المخرج تقنية الفلاش باك في استعاد لمواقف من الماضي من وجهة نظر العالمة نفسها، لإظهار خبرات سابقة كانت قد مرّت بها من خلال استنساخ وتطوير كائنات بشرية خارقة تخرج عن السيطرة هي الأخرى.
ويمضي الفيلم في مساره السردي للبحث عن حل لمعضلة تلك الكائنات المتمردة، وذلك من خلال خطين دراميين متعارضين، فنائب الرئيس ومستشاره يكون مشغولا بالتسويق والترويج لتلك الكائنات التي سوف تغني عن نزول الجيوش إلى المعارك، وهو يطلق ما يشبه المزاد العلني لبيع تلك الكائنات، فيما على الجهة الأخرى يتم إرسال حشد من المرتزقة الذين عليهم مواجهة تلك الكائنات والسيطرة عليها.
وتظهر على الخط حبكة ثانوية خلاصتها أن العالمة كيلسو تحاول أن تمنع إقدام المرتزقة على قتل الديناصور الأنثى، لأنها تكون قد طوّرتها جينيا وحملها بيضة تنتظر الكائن الذي سوف يظهر لاحقا، وكذلك تساندها في الفكرة نفسها سيمون (الممثلة لينيا كويغلي) التي سوف نكتشف في ما بعد أنها ترتبط بمكتب نائب الرئيس وأنها طرف في تلك الأبحاث.
تقاطع الإرادات والأهداف هو الذي سوف يثير شكوك فريق المرتزقة المكلفين بحراسة تلك التجارب، وهم من جنسيات متعددة لم يكن يدور في خلدهم أنهم سوف يواجهون كائنات وحشية كهذه بوصفهم فرقة أمنية، وهو ما سوف يظهر لاحقا من خلال ردود الأفعال، وأن وجودهم ليس للحفاظ على تلك الكائنات أو للتخلّص منها، وإنما من أجل أن يصبحوا هم أنفسهم بمثابة فئران تجارب فتجهز عليهم الديناصورات بما سوف يؤكّد قدراتها الخارقة.
بالطبع يستحق الفيلم مناقشة من ناحية البناء الدرامي ومسارات السرد الفيلمي وكونه ينتمي إلى نوع أفلام الخيال العلمي وفي نفس الوقت لأفلام الحركة، فهو لا يعدو أن يكون امتدادا لأفلام قدّمت القدرات الخارقة للحيوانات على البشر، ولربما كانت سلسلة “الحديقة الجوراسية” مدرسة في حد ذاتها لهذا النوع، ونتذكّر هنا أنها ظهرت بجزء أول في العام 1993 وجزء ثان في العام 1997 وكلاهما من إخراج ستيفن سبيلبيرغ، ثم توالت الأجزاء الأخرى على أيدي مخرجين آخرين، فيما سيتم إنتاج الجزء الجديد العام المقبل، وبالطبع عنوان هذا الفيلم “الترياسي” يأتي من منطلق الحقبة الزمنية التي عاشت فيها هذه الكائنات قبل أن تنقرض.
والحاصل أن هذه الأرضية لهذا النوع الفيلمي تكون قد وضعت منتجي هذا الفيلم ومخرجه أمام تحد حقيقي، وهو الاستناد إلى تلك الأرضية وذلك التراكم بما يجنبّهم الوقوع في الثغرات التي تقع فيها مثل هكذا أنواع من الأفلام، وخاصة عند عدم توفّر الإمكانات الإنتاجية الكافية.
من هنا يمكن تشخيص واحدة من ثغرات هذا الفيلم وتتمثل في ضعف المؤثرات الصورية والخدع السينمائية، فضلا عن وجود ثغرات في أداء الممثلين أنفسهم في تفاوت مستوى أدائهم وردود أفعالهم.
إصرار فريق العمل على المضي بالمهمة إلى النهاية كان ملفتا للنظر، رغم تلك النواقص ومنها المواجهات العنيفة والمتكرّرة مع الديناصورات، ولاسيما بعد انكشاف أمر التضحية بهم وعدّهم مجرّد أكباش فداء وفئران تجارب في مفارقة درامية ملفتة للنظر لم تكن متوقعة قط.
وأما لجهة المكان وكيف تم توظيفه في خدمة تلك الدراما فقد ساعد الإيقاع السريع وتوظيف المونتاج كثيرا في تجاوز محدودية المكان الذي تجري فيه المواجهات، وخاصة من خلال الانتقالات السريعة بين الفرق المتعدّدة.
وبصدد هذا النوع من التقسيم بين مسلحي المرتزقة فقد كان توزيعهم في إطار مجموعة تسمى المجموعة الحمراء والأخرى الزرقاء، وبذلك كانت كل مجموعة تتعرّض لمواقف مختلفة وكل منها تسعى للنجاة. لكن في المحصلة الأخيرة لن تنجو إلاّ الدكتورة كيلسو بعد قتل رئيس فريق المرتزقة وممثلة نائب الرئيس دون أن يغيّر ذلك من المعادلة شيئا بعد أن يتم الإجهاز على الديناصورات بعدما أشيع عنها أنها كائنات لا تقهر.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن
فيلم "الصيد الترياسي".. حكاية ديناصورات هجينة تخرج عن السيطرة لتفتك بالبشر.
الاثنين 2021/06/14
انشرWhatsAppTwitterFacebook
مواجهة غير متكافئة
في سينما الخيال العلمي هناك حياة أخرى تتعلق بكائنات هجينة سواء أكانت بشرية أم حيوانية يتم تطويرها جينيا لتتحوّل إلى كائنات ذات قدرات خارقة، ومن ثم الاشتغال على تلك القدرات من أجل إبهار الجمهور العريض بكل ما هو خارق وغير معتاد. وهو ما يستعرضه الفيلم الجديد “الصيد الترياسي” للمخرج جيرالد راسيانتو.
حضور الكائنات الهجينة سواء البشرية أو الحيوانية منها ليس بجديد عن سينما الخيال العلمي، وقد ظهر ذلك جليا في العديد من الأفلام العالمية التي قدّمت بشرا مطوّرين أو مستنسخين ومهجّنين، وشمل الأمر كذلك الحيوانات وما يجري عليها من تجارب مختبرية لتغيير حقيقتها الجينية.
وفي فيلم “الصيد الترياسي” للمخرج جيرالد راسيانتو تتم معالجة هذه الثيمة من خلال افتراض وجود ديناصورات تم الحصول على تراكيبها الجينية، ومن ثم تطويرها مختبريا، وبالتالي تحويلها إلى كائنات وحشية شديدة الفتك بكل من حولها.
وكما يتكرّر في أفلام أخرى يتم نقل تلك الكائنات المتوحشة إلى مكان آخر، وخلال الرحلة تتمرّد على سجانيها وتتمكن من الخروج من أقفاصها وتفتك بمن حولها لتتسبّب في حالة طوارئ باعتبار كونها جزءا من تجارب شديدة السرية يشرف عليها نائب الرئيس الأميركي شخصيا.
هنا سوف تحضر شخصية العالمة البيولوجية الدكتورة كيلسو (الممثلة كريستي كروغر) والتي كانت قد أشرفت على تلك التجارب، وهي التي تريدها أن تصل إلى نهاياتها وألا يضيع المجهود الذي بذلته مع فريقها من أجل تطوير تلك الكائنات.
وفي موازاة ذلك يستخدم المخرج تقنية الفلاش باك في استعاد لمواقف من الماضي من وجهة نظر العالمة نفسها، لإظهار خبرات سابقة كانت قد مرّت بها من خلال استنساخ وتطوير كائنات بشرية خارقة تخرج عن السيطرة هي الأخرى.
ويمضي الفيلم في مساره السردي للبحث عن حل لمعضلة تلك الكائنات المتمردة، وذلك من خلال خطين دراميين متعارضين، فنائب الرئيس ومستشاره يكون مشغولا بالتسويق والترويج لتلك الكائنات التي سوف تغني عن نزول الجيوش إلى المعارك، وهو يطلق ما يشبه المزاد العلني لبيع تلك الكائنات، فيما على الجهة الأخرى يتم إرسال حشد من المرتزقة الذين عليهم مواجهة تلك الكائنات والسيطرة عليها.
الفيلم تدور أحداثه حول ديناصورات هجينة تم تحويلها جينيا لتغني عن نزول الجيوش إلى المعارك، لكنها تخرج عن السيطرة
وتظهر على الخط حبكة ثانوية خلاصتها أن العالمة كيلسو تحاول أن تمنع إقدام المرتزقة على قتل الديناصور الأنثى، لأنها تكون قد طوّرتها جينيا وحملها بيضة تنتظر الكائن الذي سوف يظهر لاحقا، وكذلك تساندها في الفكرة نفسها سيمون (الممثلة لينيا كويغلي) التي سوف نكتشف في ما بعد أنها ترتبط بمكتب نائب الرئيس وأنها طرف في تلك الأبحاث.
تقاطع الإرادات والأهداف هو الذي سوف يثير شكوك فريق المرتزقة المكلفين بحراسة تلك التجارب، وهم من جنسيات متعددة لم يكن يدور في خلدهم أنهم سوف يواجهون كائنات وحشية كهذه بوصفهم فرقة أمنية، وهو ما سوف يظهر لاحقا من خلال ردود الأفعال، وأن وجودهم ليس للحفاظ على تلك الكائنات أو للتخلّص منها، وإنما من أجل أن يصبحوا هم أنفسهم بمثابة فئران تجارب فتجهز عليهم الديناصورات بما سوف يؤكّد قدراتها الخارقة.
بالطبع يستحق الفيلم مناقشة من ناحية البناء الدرامي ومسارات السرد الفيلمي وكونه ينتمي إلى نوع أفلام الخيال العلمي وفي نفس الوقت لأفلام الحركة، فهو لا يعدو أن يكون امتدادا لأفلام قدّمت القدرات الخارقة للحيوانات على البشر، ولربما كانت سلسلة “الحديقة الجوراسية” مدرسة في حد ذاتها لهذا النوع، ونتذكّر هنا أنها ظهرت بجزء أول في العام 1993 وجزء ثان في العام 1997 وكلاهما من إخراج ستيفن سبيلبيرغ، ثم توالت الأجزاء الأخرى على أيدي مخرجين آخرين، فيما سيتم إنتاج الجزء الجديد العام المقبل، وبالطبع عنوان هذا الفيلم “الترياسي” يأتي من منطلق الحقبة الزمنية التي عاشت فيها هذه الكائنات قبل أن تنقرض.
والحاصل أن هذه الأرضية لهذا النوع الفيلمي تكون قد وضعت منتجي هذا الفيلم ومخرجه أمام تحد حقيقي، وهو الاستناد إلى تلك الأرضية وذلك التراكم بما يجنبّهم الوقوع في الثغرات التي تقع فيها مثل هكذا أنواع من الأفلام، وخاصة عند عدم توفّر الإمكانات الإنتاجية الكافية.
من هنا يمكن تشخيص واحدة من ثغرات هذا الفيلم وتتمثل في ضعف المؤثرات الصورية والخدع السينمائية، فضلا عن وجود ثغرات في أداء الممثلين أنفسهم في تفاوت مستوى أدائهم وردود أفعالهم.
إصرار فريق العمل على المضي بالمهمة إلى النهاية كان ملفتا للنظر، رغم تلك النواقص ومنها المواجهات العنيفة والمتكرّرة مع الديناصورات، ولاسيما بعد انكشاف أمر التضحية بهم وعدّهم مجرّد أكباش فداء وفئران تجارب في مفارقة درامية ملفتة للنظر لم تكن متوقعة قط.
وأما لجهة المكان وكيف تم توظيفه في خدمة تلك الدراما فقد ساعد الإيقاع السريع وتوظيف المونتاج كثيرا في تجاوز محدودية المكان الذي تجري فيه المواجهات، وخاصة من خلال الانتقالات السريعة بين الفرق المتعدّدة.
وبصدد هذا النوع من التقسيم بين مسلحي المرتزقة فقد كان توزيعهم في إطار مجموعة تسمى المجموعة الحمراء والأخرى الزرقاء، وبذلك كانت كل مجموعة تتعرّض لمواقف مختلفة وكل منها تسعى للنجاة. لكن في المحصلة الأخيرة لن تنجو إلاّ الدكتورة كيلسو بعد قتل رئيس فريق المرتزقة وممثلة نائب الرئيس دون أن يغيّر ذلك من المعادلة شيئا بعد أن يتم الإجهاز على الديناصورات بعدما أشيع عنها أنها كائنات لا تقهر.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن