"مشروع آدم".. انتقال عبر الزمن للسيطرة على مشروع شرير
فيلم يصور هوس البشر بإمكانية النفاذ عبر ثقوب المجرة نحو أزمنة أخرى.
الاثنين 2022/03/28
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الأزمنة متكاملة بدقة لامتناهية
مازال السفر عبر الزمن نحو المستقبل أو العودة بالزمن إلى الماضي حلما يسعى لتحقيقه العلماء ويتخيله السينمائيون فينسجون حوله القصص السينمائية الشيّقة التي تجعل من الوقت آلة عجيبة تسافر بنا في بواطن الأنفس والأحداث التي تحكمها منذ بدْء الخلق.
كان الانتقال عبر الزمن ولا يزال هاجسا وفكرة تطورت بمرور الزمن ومع تطور النظريات العلمية وخاصة في مجال علم الفيزياء ونظرية الكم وغير ذلك، مما شجع العقل البشري على الخوض في محاولات وتجارب لا تعد ولا تحصى في تتبع حركة الجزيئات والأجسام وكيف تنتقل وتتحول وصولا إلى فرضية إمكانية تطبيق ذلك على الكائن البشري.
وعبر تاريخ السينما وخاصة سينما الخيال العلمي بقي هذا الهاجس وهذه الفكرة يتداولان بكثافة في إطار من التجارب الافتراضية والرحلات الطريفة عبر الزمن بكل ما تحمله من مغامرات وتحديات.
وفي هذا الصدد يأتي “مشروع آدم” الفيلم الجديد للمخرج شون ليفي، والذي يعرض في الصالات السينمائية وعبر منصة نتفليكس ليشكل إضافة جديدة إلى تلك الرحلة المليئة بحس المغامرة وجموح الخيال، وخاصة مع شخصيات تتنقل عبر الزمن على أساس تحقق ذلك علميا.
☚ المزج اللافت للنظر بين ما هو واقعي وافتراضي هو العنصر الذي شكل عامل نجاح فيلم "مشروع آدم" مع الجانب الكوميدي
تنطلق فكرة الفيلم من التجارب أو قل المشروع الذي توصل إليه العالم لويس ريد (الممثل مارك روفالو) والذي حمل اسم ابنه آدم وخلاصته إمكانية الانتقال عبر الزمن من خلال ثقوب المجرة، وهو المشروع الطموح الذي تركه وراءه لتتلقفه زميلة وشريكة له وتستخدمه لأغراض شريرة وبالتالي تخوض صراعا مريرا مع آدم الابن (الممثل ريان رينولدز).
ولعل ثيمة الصراع هذه بين من يريد أن يتلاعب بالزمن في مقابل من يريد استخدامه في ما يخدم البشرية هي التي يتم البناء عليها مع استخدام وفرة من الخدع البصرية وفن الغرافيك وتقنيات المونتاج وألعاب الفيديو لتقديم فيلم مشحون بالمغامرات.
في موازاة ذلك أخذ الجانب العاطفي والنفسي مساحة مهمة من الفيلم حيث يظهر آدم وهو يقود المشروع وقد نزل إلى الأرض عابرا للزمن وساعيا للعودة إلى العام 1998 بغرض إيقاف المشروع الذي يشتغل عليه والده، وخلال ذلك يلتقي بنفسه وهو في المدرسة الابتدائية.
ويشكل اللقاء بين شخصيتيْ آدم الركن الأساس في الفيلم فضلا عن الملامسة المؤثرة والإنسانية في العلاقة مع الوالدين وكيف تترجم عاطفيا وما يتمنى المرء أن يكون عليه وما يتمنى أن يفعله ولم يفعله في الماضي، وهو ما أضاف مساحة ذات قيمة في البناء الفيلمي إضافة إلى المواجهات القائمة على فكرة الصراع.
في المقابل، ومع عودة آدم بالزمن إلى الوراء، هنالك الضرر العاطفي الذي لحق به من جراء مقتل زوجته لاورا (الممثلة زو زالاندا) وهي التي سوف تقتل مرتين وسوف تضحي بنفسها من أجل أن يمضي آدم في مهمته إلى النهاية وليحول دون الاستخدام الشرير لمشروع والده، وهو ما تضطلع به مايا (الممثلة كاثرين كينر) التي تكون قد تمكنت من الحصول على تقنيات متطورة لغرض المضي في مشروع الانتقال عبر الزمن إلى نهاياته.
وكان المزج اللافت للنظر بين ما هو واقعي وافتراضي هو العنصر الإضافي الذي شكل عامل نجاح للفيلم مع الجانب الكوميدي والمواقف الطريفة التي حفل بها ومع المشاهد المؤثرة التي أضافت إلى الفيلم إضافات مهمة وأخرجته من كونه مجرد فيلم خيال علمي عن مسألة عبور الزمن إلى فيلم أشمل وأكثر ثراءً.
أما إذا عدنا إلى البدايات والتمهيد الذي كرس لتقديم الشخصيات فسنلاحظ أن صورة الأسرة الصغيرة المكونة من آدم طفلا وهو يميل إلى المشاكسة وكثرة الشجار مع زملائه في الفصل الدراسي كانت مدخلا منطقيا للتمهيد لما تلا ذلك من أحداث وبالأخص مشاهد اللقاء الأول بين آدم الصغير وآدم الشاب وما بينهما كانت هنالك مساحة الحنين إلى الماضي.
يضاف إلى كل ذلك اللقاء المشحون بين الأب المتوفى وابنه في نسختيه؛ صغيرا وشابا. وهو الذي سوف يقود الفريق الثلاثي إلى المواجهة الحاسمة مع مايا وفريقها من الجنود أو الحراس الافتراضيين الذين يخوضون صراعا شرسا مع آدم لكنه في كل مرة يتمكن من التخلص منهم في مشاهد مصنوعة بعناية مثلت نوعا من الملاحقة التي لا تنتهي بين الجانبين.
ولا شك أن هذا النوع من الصراع هو الذي أضاف إلى الفيلم جوانب أخرى بغرض التفاعل مع أحداثه، وهي تحولات كانت ضرورية لكي ننتقل إلى فضاءات أوسع من المواجهات ومشاهد الحركة والقتال الفردي فضلا عن العودة إلى فكرة النزاع الأزلي بين قوتين شرستين تكافئان هنا قوتي الخير والشر بكل ما يعنيه ذلك من مواجهات لا تنتهي.
وتتكامل في هذا الفيلم الكثير من العناصر البصرية التي تشكل الثقل الأساسي في الفيلم، والتي اضطلع بها مصمم الإنتاج المرموق كلود باري الذي سبق أن صمم إنتاج أفلام مهمة مثل “إيكس مين” و”الرجل العنكبوت” وغيرهما، فضلا عن براعة مدير التصوير الألماني توبياس شلسلير الذي أضاف إلى منجزه الطويل الممتد لأكثر من ثلاثين فيلما نذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر أفلام “المذنب” و”ضوء ليلة الجمعة” و”هانكوك” و”تجاعيد الزمن” و”بلمر”.
يضاف إلى ذلك بالطبع فريق متميز على صعيد الإنتاج والمونتاج وتصميم المناظر والخدع البصرية وغيرها، وجميعها احتشدت لتقديم هذا الفيلم.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن
فيلم يصور هوس البشر بإمكانية النفاذ عبر ثقوب المجرة نحو أزمنة أخرى.
الاثنين 2022/03/28
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الأزمنة متكاملة بدقة لامتناهية
مازال السفر عبر الزمن نحو المستقبل أو العودة بالزمن إلى الماضي حلما يسعى لتحقيقه العلماء ويتخيله السينمائيون فينسجون حوله القصص السينمائية الشيّقة التي تجعل من الوقت آلة عجيبة تسافر بنا في بواطن الأنفس والأحداث التي تحكمها منذ بدْء الخلق.
كان الانتقال عبر الزمن ولا يزال هاجسا وفكرة تطورت بمرور الزمن ومع تطور النظريات العلمية وخاصة في مجال علم الفيزياء ونظرية الكم وغير ذلك، مما شجع العقل البشري على الخوض في محاولات وتجارب لا تعد ولا تحصى في تتبع حركة الجزيئات والأجسام وكيف تنتقل وتتحول وصولا إلى فرضية إمكانية تطبيق ذلك على الكائن البشري.
وعبر تاريخ السينما وخاصة سينما الخيال العلمي بقي هذا الهاجس وهذه الفكرة يتداولان بكثافة في إطار من التجارب الافتراضية والرحلات الطريفة عبر الزمن بكل ما تحمله من مغامرات وتحديات.
وفي هذا الصدد يأتي “مشروع آدم” الفيلم الجديد للمخرج شون ليفي، والذي يعرض في الصالات السينمائية وعبر منصة نتفليكس ليشكل إضافة جديدة إلى تلك الرحلة المليئة بحس المغامرة وجموح الخيال، وخاصة مع شخصيات تتنقل عبر الزمن على أساس تحقق ذلك علميا.
☚ المزج اللافت للنظر بين ما هو واقعي وافتراضي هو العنصر الذي شكل عامل نجاح فيلم "مشروع آدم" مع الجانب الكوميدي
تنطلق فكرة الفيلم من التجارب أو قل المشروع الذي توصل إليه العالم لويس ريد (الممثل مارك روفالو) والذي حمل اسم ابنه آدم وخلاصته إمكانية الانتقال عبر الزمن من خلال ثقوب المجرة، وهو المشروع الطموح الذي تركه وراءه لتتلقفه زميلة وشريكة له وتستخدمه لأغراض شريرة وبالتالي تخوض صراعا مريرا مع آدم الابن (الممثل ريان رينولدز).
ولعل ثيمة الصراع هذه بين من يريد أن يتلاعب بالزمن في مقابل من يريد استخدامه في ما يخدم البشرية هي التي يتم البناء عليها مع استخدام وفرة من الخدع البصرية وفن الغرافيك وتقنيات المونتاج وألعاب الفيديو لتقديم فيلم مشحون بالمغامرات.
في موازاة ذلك أخذ الجانب العاطفي والنفسي مساحة مهمة من الفيلم حيث يظهر آدم وهو يقود المشروع وقد نزل إلى الأرض عابرا للزمن وساعيا للعودة إلى العام 1998 بغرض إيقاف المشروع الذي يشتغل عليه والده، وخلال ذلك يلتقي بنفسه وهو في المدرسة الابتدائية.
ويشكل اللقاء بين شخصيتيْ آدم الركن الأساس في الفيلم فضلا عن الملامسة المؤثرة والإنسانية في العلاقة مع الوالدين وكيف تترجم عاطفيا وما يتمنى المرء أن يكون عليه وما يتمنى أن يفعله ولم يفعله في الماضي، وهو ما أضاف مساحة ذات قيمة في البناء الفيلمي إضافة إلى المواجهات القائمة على فكرة الصراع.
في المقابل، ومع عودة آدم بالزمن إلى الوراء، هنالك الضرر العاطفي الذي لحق به من جراء مقتل زوجته لاورا (الممثلة زو زالاندا) وهي التي سوف تقتل مرتين وسوف تضحي بنفسها من أجل أن يمضي آدم في مهمته إلى النهاية وليحول دون الاستخدام الشرير لمشروع والده، وهو ما تضطلع به مايا (الممثلة كاثرين كينر) التي تكون قد تمكنت من الحصول على تقنيات متطورة لغرض المضي في مشروع الانتقال عبر الزمن إلى نهاياته.
وكان المزج اللافت للنظر بين ما هو واقعي وافتراضي هو العنصر الإضافي الذي شكل عامل نجاح للفيلم مع الجانب الكوميدي والمواقف الطريفة التي حفل بها ومع المشاهد المؤثرة التي أضافت إلى الفيلم إضافات مهمة وأخرجته من كونه مجرد فيلم خيال علمي عن مسألة عبور الزمن إلى فيلم أشمل وأكثر ثراءً.
أما إذا عدنا إلى البدايات والتمهيد الذي كرس لتقديم الشخصيات فسنلاحظ أن صورة الأسرة الصغيرة المكونة من آدم طفلا وهو يميل إلى المشاكسة وكثرة الشجار مع زملائه في الفصل الدراسي كانت مدخلا منطقيا للتمهيد لما تلا ذلك من أحداث وبالأخص مشاهد اللقاء الأول بين آدم الصغير وآدم الشاب وما بينهما كانت هنالك مساحة الحنين إلى الماضي.
يضاف إلى كل ذلك اللقاء المشحون بين الأب المتوفى وابنه في نسختيه؛ صغيرا وشابا. وهو الذي سوف يقود الفريق الثلاثي إلى المواجهة الحاسمة مع مايا وفريقها من الجنود أو الحراس الافتراضيين الذين يخوضون صراعا شرسا مع آدم لكنه في كل مرة يتمكن من التخلص منهم في مشاهد مصنوعة بعناية مثلت نوعا من الملاحقة التي لا تنتهي بين الجانبين.
ولا شك أن هذا النوع من الصراع هو الذي أضاف إلى الفيلم جوانب أخرى بغرض التفاعل مع أحداثه، وهي تحولات كانت ضرورية لكي ننتقل إلى فضاءات أوسع من المواجهات ومشاهد الحركة والقتال الفردي فضلا عن العودة إلى فكرة النزاع الأزلي بين قوتين شرستين تكافئان هنا قوتي الخير والشر بكل ما يعنيه ذلك من مواجهات لا تنتهي.
وتتكامل في هذا الفيلم الكثير من العناصر البصرية التي تشكل الثقل الأساسي في الفيلم، والتي اضطلع بها مصمم الإنتاج المرموق كلود باري الذي سبق أن صمم إنتاج أفلام مهمة مثل “إيكس مين” و”الرجل العنكبوت” وغيرهما، فضلا عن براعة مدير التصوير الألماني توبياس شلسلير الذي أضاف إلى منجزه الطويل الممتد لأكثر من ثلاثين فيلما نذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر أفلام “المذنب” و”ضوء ليلة الجمعة” و”هانكوك” و”تجاعيد الزمن” و”بلمر”.
يضاف إلى ذلك بالطبع فريق متميز على صعيد الإنتاج والمونتاج وتصميم المناظر والخدع البصرية وغيرها، وجميعها احتشدت لتقديم هذا الفيلم.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن