"حافة الانقراض".. الناجون من الموت يبحثون عن سبل للحياة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "حافة الانقراض".. الناجون من الموت يبحثون عن سبل للحياة

    "حافة الانقراض".. الناجون من الموت يبحثون عن سبل للحياة


    فيلم "حافة الانقراض" يستعرض أجواء من أفلام الخيال العلمي التي تبرز مهارات فردية من أجل البقاء في مواجهة مصاصي الدماء ضمن مشاهد غلب عليها القتال والانتقام.
    الاثنين 2020/06/08
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    صراعات بلا هوادة

    دائما هناك ناجون من الخراب العظيم، وقصة هؤلاء الناجين هي انعكاس لما عاشوه وترقب لما سوف يعيشونه في المستقبل. قصة الناجين من الدمار والهلاك هي في حد ذاتها مغامرة جديرة بالمتابعة، إذ كيف سيتمكن هؤلاء من التغلب على محنة وجودهم القاسي على الإنسانية التي فقدت الكثير من مقوماتها وانخرطت في الخراب ولم يبق منها إلاّ القليل من البشر التائهين.

    نحن في زمن ما بعد الحرب العالمية الثالثة، وقد مرّ أكثر من عقد من السنين وجدت فيه البشرية نفسها عاجزة عن لمّ شتاتها بل إن الناجين لم يعد مهمّا من يكونون. ولكن الأهم هو ماذا سيفعلون وكيف سوف يوازنون مسار حياتهم حتى أن الكارثة أفقدتهم أسماءهم ولم يعودوا يستخدمون تلك الأسماء لمناداة بعضهم.

    في مدخل كأنه لفيلم وثائقي، يستعرض المخرج أندرو جيلبيرت في فيلم “حافة الانقراض” يوميات أحد الناجين (الممثل لوك هوبسون) وهو الشخصية الرئيسية في العمل السينمائي، يعيش وحيدا في قبو يخزّن فيه الطعام واللوازم الأخرى بعدما صار الحصول على الغذاء أمرا بالغ الصعوبة.

    وهو في أثناء أحد أنشطته اليومية لجلب الماء في أرض مقفرة ومرورا ببنايات محطمة، سوف يصادف فتاة (الممثلة جورجي سميبرت) التي تستدرجه حتى يطمئن إليها على الرغم من حذره الشديد، ليكتشف أن الفتاة كانت طعما للوصول إليه، وبالفعل يتمّ تقييده وتعذيبه وسرقة مؤونته من قبل عصابة تنتمي إليها الفتاة ثم يتركه أفرادها مربوطا إلى كرسي وينصرفون.


    ☚ الفيلم يقدّم عصابة من مصاصي الدماء تقتفي أثر الناجين من حرب كونية لسرقة مؤنهم والاقتصاص منهم


    على أن الصراع من أجل البقاء لن يتوقّف ومن سرقوا ذلك الشاب وقيّدوه سوف يتمّ غزوهم من عصابة إجرامية أخرى، وتتحوّل الفتاة إلى غنيمة لزعيم عصابة من القتلة والمغتصبين ومصاصي الدماء. ولأن الأمر يكتسب شكل الصراع الذي لا يراد له أن ينتهي، فلن تكون هناك من غلبة لغير مشاهد القتال والانتقام، بينما الشاب هو ضحية عصابات القتل والنهب.

    ويعيش ذلك الشاب على ذكرى شقيقه الذي ضحّى بنفسه من أجل إنقاذه، ولوحدها تلك الذكرى تثقل عليه وتطبق على تفكيره، وهو ما سوف يرويه للفتاة التي ليست في وسط تلك الدراما إلّا طعما للمتصارعين، فوجودها هامشي وفعلها مقيّد إلى حد كبير.

    وفي مثل هذه الأجواء التي تقدّمها العديد من أفلام الخيال العلمي سوف تبرز مهارات فردية مؤثرة. لكن في هذا الفيلم ضعفت فيه تلك المهارات بل إن الشخصية الرئيسية التي بدت مقنعة في أدائها، إلّا أنها كانت الأكثر هشاشة.

    ومن المستغرب كيف تم بناء هذه الشخصية وإعدادها لمواجهة قدرها، فهذا الشاب لم يتعلم الكثير من مهارات المواجهة مع الخصوم وهو سريع الاستسلام لقدره، عاجزا عن المخادعة والمراوغة التي تصبح ضرورية في أجواء ليس فيها إلّا غالبا أو مغلوبا.

    في المقابل، بنى المخرج العناصر المكانية بشكل مميز وملحوظ، حيث بدت الأماكن المهجورة والطبيعة المقفرة متناسقة مع فكرة الفيلم ومع حركة الشخصيات وهو ما يحسب له.

    وعلى هذا بدا كشف الأماكن تباعا مقنعا وواقعيا ابتداءً من المكان الذي يعيش فيه الشاب، ثم وصولا إلى مكان العصابة التي تقتفي أثر الناجين للاقتصاص منهم.

    وفي وسط هذه الدراما سيكون في الغالب نوع من الحس الإنساني الجمالي، وخاصة بين الرجل والمرأة، وإن كان الشاب يمتلك الحق في ما يحذر منه بسبب غدر العصابات، فإنه في المقابل بدا أكثر إيجابية من تلك الفتاة مضطربة الإرادة وذات الشخصية الحائرة في ما تفعل.

    لا شك أن وجهة نظر الناقد السينمائي جورج برادشو في “الغارديان” البريطانية حول مسألة التعاطف وعدم التعاطف مع شخصيات هذا الفيلم تبدو واقعية عند النظر إلى العلاقة الجافة بين الشاب والفتاة، ثم إن الفتاة لم تكن موفّقة في أداء دورها سواء عند استدراجها للشاب أو عند عودتها إلى مجموعتها أو خلال الصراع الدامي في مراحله الأخيرة.
    القصة تنطلق بعد الحرب العالمية الثالثة، وقد مرّ أكثر من عقد من السنين وجدت فيه البشرية نفسها عاجزة عن لمّ شتاتها

    وإذا كنّا نتحدث عن خوض الصراع، فإن مجموعة القتلة ومصاصي الدماء بدا أداؤهم ضعيفا وميكانيكيا، وتلك من الثغرات التي أضعفت هذا الفيلم، ومن ذلك الانتقال بين المشاهد واللقطات حيث يضعف بشكل واضح التفاعل مع الشخصيات، وحيث بدا الصراع ساذجا واستنفد قيمته ولم يعد يضيف شيئا، وربما لو بقي الصراع محصورا بين الشاب والمجموعة الصغيرة التي استهدفته في البداية ومع الفتاة لكان أفضل.

    على أن ما يشبه عملية النصر سيتحقّق في ما يمكن أن نعدّه تحوّلا دراميا عندما يعثر الشاب والفتاة على منزل معزول وسط مزرعة، وكل الظن أن ذلك المكان سوف يكون منطلقا للنصر على مصاصي الدماء.

    وهنا عدنا إلى طبيعة الأداء النمطي للشاب، وهو ما يؤديه أيضا الرجل الذي مع زوجته في منزل فخم مراقب بالكاميرات وتتوفّر فيه كافة أنواع المؤونة.

    ولأن مجموعة مصاصي الدماء الذين يبحثون عن طرائدهم صار لزاما تقديمها مرة أخرى وأخرى من دون جدوى، فسوف تجتاح تلك “الفيلا” من أجل الوصول إلى المؤن، فضلا عن القضاء على الناجين وهو ما يقع فعلا في إدارة غير موفّقة للصراع والشخصيات.


    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    طاهر علوان
    كاتب عراقي مقيم في لندن
يعمل...
X