مراكز التسوق في تركيا بين النجاح والفشل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مراكز التسوق في تركيا بين النجاح والفشل

    مراكز التسوق في تركيا بين النجاح والفشل


    قطاع يواجه أزمات مالية خانقة لا تساعده الحكومة على حلها.
    الثلاثاء 2023/01/24
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    مراكز ليست بمنأى عن الأزمة

    تضرر قطاع مراكز التسوق في تركيا من الأزمة الاقتصادية وبات المستثمرون في هذا المجال عاجزين عن تسديد ديونهم البنكية وعن الإيفاء بالتزاماتهم المالية جراء الأزمة الاقتصادية، لكن الحكومة التي راهنت على هذه المراكز لإنجاح إستراتيجيتها الاقتصادية لا تبدي تحركا لحل الأزمة وإنما تتوسع أكثر في إنشاء مراكز جديدة.

    واشنطن - يراهن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على المراكز التجارية الكبرى لدعم اقتصاد البلاد وخلق فرص العمل. ورغم أن أغلب هذه المراكز باتت عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها المادية جراء انهيار سعر العملة المحلية مقابل الدولار، لا تبدي الحكومة رغبة في التراجع عن سياسة دعم هذا القطاع، حتى صارت مراكز التسوق منتشرة في كل ركن من أركان البلد.

    وتقول المحللة ألكسندرا دي كرامر في تقرير لموقع سنديكيشن بيورو “إن مراكز التسوق أصبحت أحد أبرز جوانب ميراث حزب العدالة والتنمية منذ وصوله إلى السلطة قبل عقدين من الزمن، ولاقت تلك المراكز محبة وبغض الجمهور، فقد كانت رمز الازدهار والتنمية وحجر الزاوية في رؤية حزب العدالة والتنمية لـ’تركيا الجديدة’، كما انتشرت بصورة مذهلة”.


    ألكسندرا دي كرامر: المراكز التجارية تغير الجوانب السياسية في تركيا


    وفي عام 2002 لم يكن في تركيا سوى 14 مركزا تجاريا، وبحلول عام 2018 صار هناك 411 مركزا، واعتبارا من الربع الثالث من عام 2022 أصبح هناك 449 مركزا تجاريا. كما أن ظهور هذه المؤسسات التجارية متداخل؛ فحيثما تنجح إحداها، تتبعها مؤسسات أخرى.

    ويؤكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بصورة متكررة على أهمية الدور الذي تلعبه مراكز التسوق في الاقتصاد التركي، على الرغم من رد الفعل العنيف من قبل أصحاب الأعمال الصغيرة. وبالنسبة إلى أردوغان، تركيا في طور التحول، وقد ساعدت مراكز التسوق على جعل ذلك التحول ممكنا.

    وبالطبع لا يقتصر اهتمام أردوغان بمراكز التسوق على الوظائف التي توفرها (وفرت حوالي مليوني وظيفة في عام 2022) أو الإيرادات التي تولدها (20 مليار دولار في العام الماضي)، فالسبب يعود إلى أن بناء مراكز التسوق يعني طفرة في البناء ساعدت على تعزيز اليد العليا الاقتصادية لحزبه، حيث تم استثمار أكثر من 53 مليار دولار في هذا القطاع حتى الآن. لكن لا يعني ذلك أن الأعمال تزدهر.

    ويعد بناء مراكز التسوق مشروعا مكلفا، ولهذا السبب يحصل العديد من المستثمرين على قروض لتمويل مشاريعهم. واعتبارا من شهر نوفمبر 2022 استحوذت البنوك على 80 مركز تسوق عجز أصحابها عن سداد قروضها، وتبلغ ديون قطاع بناء مراكز التسوق في تركيا 12 مليار دولار، و88 في المئة منها بالعملة الأجنبية.

    وفي مقابلة أجريت مع المدير المالي لشركة “أي سي أي ماركت بليسيس” نوري سابكاجي مؤخرا، قال “إن بعض مراكز التسوق غير قادرة على دفع الفائدة على قروضها، ناهيك عن رأس المال”.

    وأوضح سابكاجي أنه على مدى السنوات الأربع الماضية ارتفع سعر الإيجار، وهو مصدر الدخل الرئيسي لأصحاب مراكز التسوق، بنسبة 150 في المئة، في حين ارتفعت كلفة القروض للمستثمرين بنسبة 350 في المئة، وتظهر الأرقام من سبتمبر 2022 أن الاستثمار في مراكز التسوق قد انخفض بنسبة 56 في المئة وأن تقييم مراكز التسوق على أساس اليورو انخفض بنسبة 47 في المئة.

    وتتساءل دي كرامر “كيف وصلت ثورة بناء مراكز التسوق في البلاد إلى هذه النقطة؟”.


    مراكز عاجزة عن سد ديونها


    وتقول إن الضربة الأولى للقطاع جاءت في عام 2018، وهي بداية أزمة العملة، حيث تمثل حل الحكومة في فرض أمر تحصيل جميع الإيجارات بالليرة التركية. وكانت هناك مشكلة واحدة فقط؛ فبينما دفع مستأجرو مراكز التسوق إيجارهم بالليرة، كان أصحاب مراكز التسوق لا يزالون يسددون قروضهم بالعملة الصعبة، وفي ذلك العام تقدم مركز أورا التجاري في منطقة بيرم باشا في إسطنبول بطلب إفلاس بعد أن تراكمت عليه ديون بقيمة 420 مليون دولار.

    وحذر رئيس مجلس مراكز التسوق التركية (أي واي دي) خلوصي بيلغو في شهر مارس عام 2019 من أنه إذا استمر سعر صرف العملات الأجنبية في الارتفاع، فسيواجه مستثمرو مراكز التسوق مشكلة بقيمة 15 مليار دولار، وبحلول شهر ديسمبر من عام 2021، فقدت الليرة التركية أكثر من 50 في المئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي.

    ثم جاءت جائحة كوفيد - 19 التي قضت على ثلث الإنفاق الاستهلاكي في تركيا، وخلال الأشهر القليلة الأولى من الوباء كان 30 مركزا تجاريا في جميع أنحاء تركيا على وشك الإفلاس، وعلى الرغم من منع المواطنين من المشي في الحدائق، سمح لمراكز التسوق بفتح أبوابها بعد ثلاثة أشهر من الوباء، ومع ذلك لا تزال أعداد الزوار والإيجارات تشهد انخفاضا مستمرا.

    مراكز التسوق هي أحد أكثر القطاعات مرونة في تركيا، حيث تعبئ جيوب المطورين وتدعم مسيرة الحكومة التركية

    وتشير البيانات الأخيرة التي قدمتها “أي واي دي” إلى أن الأمور بدأت تتغير. ومع ذلك، ترى دي كرامر الصحافية المقيمة في إسطنبول أن هناك عدة أسباب للتشكيك في تلك البيانات. أولها أن حسابات المجلس لا تأخُذ بعين الاعتبار قضية التضخم، حيث قال تقرير “أي واي دي” الصادر في أكتوبر 2019 إن ربحية مراكز التسوق زادت بنسبة 15 في المئة عن العام السابق، لكنه تجاهل حقيقة أن التضخم السنوي كان 16 في المئة.

    وكان تقرير أكتوبر 2022 غامضا بنفس القدر، حيث ادعى أن مراكز التسوق كانت أكثر ربحية بنسبة 131 في المئة مما كانت عليه في أكتوبر 2021، لكنه استخدم معدل التضخم الحكومي البالغ 85 في المئة (وهو الرقم الرسمي من معهد الإحصاء التركي) بدلا من التضخم البالغ 185 في المئة الذي يعتقد معظم الاقتصاديين أنه الرقم الصحيح.

    ثانيا، شهد النصف الأول من عام 2022 زيادة هائلة في التجارة الإلكترونية تقدر بنسبة 113 في المئة، حيث بلغت قيمتها 401 مليون ليرة، مما أثار تساؤلات حول جدوى المتاجر الفعلية على المدى الطويل.

    ومع ذلك، لا يزال قطاع مراكز التسوق واثقا من مكانته في المجتمع وفي الاقتصاد، ومن غير المرجح أن يتراجع حزب العدالة والتنمية عن فتح آفاق جديدة، فلقد أثبتت مراكز التسوق أنها أحد أكثر القطاعات مرونة في تركيا، حيث تعبئ جيوب المطورين وتدعم مسيرة الحكومة، كما يجادل الكثيرون بأنها مراكز اجتماعية مهمة تجمع الناس معا.

    وتؤكد المحللة ألكسندرا دي كرامر أنه على الرغم من أن التقارير التركية حول أداء مراكز التسوق تبدو دائما مبشرة، إلا أن الواقع الاقتصادي ربما يكون أكثر تواضعا، ومع ذلك يظل من الواضح أن قطاع المراكز التجارية في تركيا يُغير المشهد التجاري والجوانب السياسية أيضا.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook
يعمل...
X