"افرح يا قلبي".. رواية تستعيد تاريخ لبنان عبر سيرة عائلة متصدعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "افرح يا قلبي".. رواية تستعيد تاريخ لبنان عبر سيرة عائلة متصدعة

    "افرح يا قلبي".. رواية تستعيد تاريخ لبنان عبر سيرة عائلة متصدعة


    الكاتبة علوية صبح: وحده القارئ يتخيل النهاية التي يريد أو يتمنى.
    الاثنين 2023/01/23
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    صراعات الأشقاء الدامية (لوحة للفنان عمران يونس)ليلى بسام


    بيروت - تنكأ الكاتبة اللبنانية علوية صبح الجرح اللبناني وتعود بالقارئ إلى زمن الاقتتال الداخلي إبان الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 عبر روايتها “افرح يا قلبي”، فتعالج صراع الإخوة كما لو أنه صورة عن صراع وطن.

    تنطلق الكاتبة من وصف شوارع مشطورة إلى محورين في بيروت وما كان يسمى شرقية وغربية، لترسم بالقلم أشكال المسلحين المقاتلين والقذائف التي كانت تنهال أمام وخلف سيارة بطل الرواية “غسان” عازف العود المتيم بالموسيقى والهارب من جحيمين اثنين، عائلته وبلده.

    يقرر غسان الهجرة هاربا من “دار العز” قريته الشمالية الساحلية والتي تجسد في الرواية لبنان ككل، حيث تجد فيها سكانا من طوائف مختلفة تتعايش معا قبل أن تتقاتل أو تختلف على أسلوب العيش. فتقول الرواية “سافر غسان وترك كل شيء وراءه.. الحرب والدمار وعائلته التي تشبه وطنه بحروبها الصغيرة المدمرة وأمامه المجهول واللا أمام”.


    عنوان الرواية مشتق من أغنية أم كلثوم


    يسأل غسان نفسه في السياق الروائي كيف سيجد طريقه في نيويورك التي يهاجر إليها وهو الرجل النحيل ذو القامة القصيرة، وكما يرد على لسانه “ذرّة هواء تطيّرني لكّني بثقل صخرة كبيرة حين أهدأ”.

    وفي الطائرة جاءه صوت أم كلثوم “افرح يا قلبي”، فغطى غسان أذنيه كي لا يشعر بالحنين إلى حبه الروحاني الأول “نور” وما تمثله من ذكريات الصبا.

    سيتكشف القارئ أن الأغنية ليست سوى نقيض المشهد والشخصيات الواردة في الرواية، حيث ترسم التطورات خيوطا درامية متشابكة تخلط كآبة الحب بالحرب وبالاضطرابات النفسية والصراع المنزلي الذي يمتد من قرية “دار العز” إلى مدينة نيويورك.

    تصف الكاتبة غسان بكل تفاصيله الجسدية والروحية، وتقول إن له علاقة غريبة بالأصوات “إذا تكلّم معه أحد يشعر أنه يراه بأذنيه، الأصوات كانت دليله إلى الأشياء، كأن حواسه كلها تسكن فيها، كان عزاؤه أنه تعلم حفظ الأشياء من رنّتها”.

    وإحساس غسان المرهف، من الموسيقى إلى صوت البحر وأوراق الخريف، لا يشبه الصراع العائلي الدامي وتعنيف الأم على يد أب يمارس تسلطه وذكوريته بأبشع صورها، فيما ترضى الزوجة بالتعنيف حتى لا تخرب بيتها.

    كبرت هذه الصراعات مع الأيام داخل العائلة إلى حد التقاتل على ألعاب الصغار، قبل أن تبلغ مرحلة القتل الفعلي، فالرواية تستعرض شخصيات ستة أخوة على طرفي نقيض وأب قاس وأم تتعرض على يديه للتعذيب والظلم والخيانة.

    يبحث أفراد العائلة عن الانتماء والهوية، لكن الشر يحكم خطواتهم، فيقدم عفيف على قتل أخيه جمال بسبب الاختلاف العقائدي، ويتلوى سليم حائرا في كونه امرأة أم رجلا، ويرقص في مجتمع ليس مؤهلا لتقبل الرجل “المخنّث” على ما يرد في سياق الوصف.

    كان سليم يعاني ضياع هويته الجنسية ويرقص بابتسامة لا تفارق وجهه، لكن شقيقه محمود يصده قائلا “إذ مرة تانية شفتك عم ترقص متل البنات بذبحك وبجيب آخرتك”.

    أما الإخوة الآخرون فلكل منهم حكاية لا تقل ضياعا عن الأخرى، فيشكلون جميعا من الأم والأب أسرة منقسمة ومؤلمة تبحث عن ملاذاتها بصمت وبخفاء وتقع صريعة التناحر.

    ويمثل الأب جبروت السلطة، لكنه لا يقوى على الحسم بين أبنائه، ويتراءى للقارئ أن الإخوة هم زعماء في وطن احترب طويلا ولا تزال مكوناته في خلاف حتى في زمن السلم.

    الرواية ترسم خيوطا درامية متشابكة تخلط كآبة الحب بالحرب والاضطرابات النفسية والصراع من قرية لبنانية إلى نيويورك

    تقع رواية “افرح يا قلبي” في 351 صفحة من القطع المتوسط، وهي صادرة عن دار الآداب في بيروت، والتي سبق أن نشرت لعلوية صبح أعمالها “مريم الحكايا” و”دنيا” و”اسمُه الغرام” و”أن تعشق الحياة”.

    تقول الروائية اللبنانية علوية صبح عن أحدث أعمالها “أقلقني كثيرا موضوع الهوية والانتماء وعلاقة الشرق بالغرب، والكشف عن عالم الإخوة الذكور وكل ما حملته الرواية من هواجس أخرى كالغربة والجذور والاقتلاع وغير ذلك، ووجدت في الموسيقى، التي أبحرت فيها، عنصرا أساسيا، بل جاءت بطلا حقيقيا في الرواية”.

    وأضافت “بقدر ما تحدثت عن الهجرة والاقتلاع، جاءت الرواية أشبه بحفر وسفر إلى دواخل الشخصيات عبر المونولوجات أو العلاقات”.

    وأوضحت الكاتبة التي حصلت على جوائز أدبية مرموقة وتُرجم عدد من مؤلفاتها إلى الإنجليزية أن عنوان “افرح يا قلبي” جاء مشتقا من أغنية مصرية شهيرة “هي أغنية أم كلثوم التي جاءت مرتبطة بفرح الحب عند غسان منذ كان عاشقا لحبه الروحاني زمن الطفولة”.

    وبينما تحتبس أنفاس القارئ لمعرفة مصير بطل الرواية آثرت المؤلفة ترك النهاية مفتوحة، وهو اختيار تقول عنه “لا أعرف ما يكون مصير غسان. المأزق كبير، فأي خلاص له؟ أي خلاص لعالم مهدد بالسقوط كما مصير الطائرة؟ وما مصير علاقة الشرق بالغرب؟

    وتضيف “وحده القارئ يتخيل النهاية التي يريد أو يتمنى. القارئ دائما عندي شريك في النهاية”.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook
يعمل...
X