صالة "إل تي" اللبنانية تحتفي بأعمال فنانين تشكيليين
أعمال متنوعة تبث شحنة من التفاؤل بتحسن الأوضاع في لبنان.
الأربعاء 2022/12/28
انشرWhatsAppTwitterFacebook
لوحة تعرض للمرة الثانية في الصالة
رأت صالة “إل تي” اللبنانية أنه لا مفر من تنظيم معرض مشترك يجمع الفنانين الذين عرضوا أعمالهم في مقرها خلال العامين الماضيين، كنوع من التعريف بأبرز أعمالهم ومدى اختلاف تجاربهم، وأهم الأفكار والقضايا التي يتبنونها ويدافعون عنها عبر ألوانهم وشخوصهم الخاصة.
ها قد شارفت السنة على نهايتها، واستبشارا بالسنة الجديدة افتتحت في 15 ديسمبر الحالي صالة “إل تي” اللبنانية معرضا فنيا جماعيا كبيرا ضم أعمالا مختارة لفنانين تشكيليين شاركوا ما بين سنتي 2021 و2022 في عرض أعمالهم بشكل فردي في الصالة.
ويمكن اعتبار معرض “إل تي” دفعة من التفاؤل تستمر حتى نهاية موسم الأعياد.
من الواضح لدى الزائر أنه لم يكن من السهل اختيار عمل واحد أو أكثر لأي فنان ليمثل مجمل إنتاجه الفني. وعندما اجتمعت كل الأعمال بتنوعها الكبير في مساحة الصالة لم ينشأ جوّ من الفوضى اللونية لأن الصالة شكلت بدراية احترافية أعادت التعريف، وإن كان خاطفا، بكل فنان من خلال أهم ما قدمه أو لنقل بأكثر ما يمثله أسلوبه ومنطقه الفني.
ورغم أن تنظيم هذا المعرض جاء بشكل خاص ليتيح للراغبين اختيار هدايا لمناسبة أعياد الميلاد، فإن القيمين على الصالة أعلنوا أن أبوابها ستظل مفتوحة طيلة فترة الأعياد لكل من أراد الزيارة.
الصالة أعادت التعريف بكل فنان تشكيلي من خلال أهم ما قدمه أو لنقل بأكثر ما يمثله أسلوبه ومنطقه الفني
الفنانون المشاركون هم: فاطمة مرتضى، وجان مارك نحاس وشارل خوري ومنصور الهبر وريان عيد وسيمون مهنا وأنّي كوركدجيان وغسان عويس وشيرين قوتلي وطاهر جاوي.
البعض يعتبر الفنانة فاطمة مرتضى المشاركة بعملين في صالة “إل تي” فنانة “نسوية” غير أنها لا تستسيغ هذا التصنيف (وهي مُحقة) لأنها ترى فيه تحجيما لما تريد التعبير عنه. وفي اعتقادها أن “الفنون النسوية” تجيء عادة كردة فعل عاطفية ضد الرجل بشكل عام وحضوره على أساس أنه عدوّ شامل وكامل يجب محاربته كيف ما كان وبغض النظر عن أفعاله حتى تلك التي لا تُعاند حقوق المرأة. دفاعها عن المرأة من خلال مجمل أعمالها الفنية المتنوعة بين رسومات ولوحات وتجهيز فني كان دائما محور انشغالها. فهي ومنذ بداية مسيرتها الفنية وقفت ضد المجتمع الذكوري وما يُفرض على المرأة من حجر للحرية الشخصية وعدم اعتراف بحقوقها كإنسان، ولاسيما في مجتمعاتنا الشرقية.
أما الفنان جان مارك نحاس فهو المعروف على هامش معرضه الأخير، الذي فاجأنا فيه بحضور الألوان ولاسيما اللون الوردي وبحضور شخوصه التي لم تعد عبارة عن هيئات خطّها قلم كسكين سريع يعاني من تقطعات في انسياب حدته، معروف بإنتاجه الفني الذي جاء دوما ساخرا وحافلا بأجواء الحرب اللبنانية وتأثيراتها على المستوى الشخصي والعام من ناحية، وعلى مستوى المضمون والأسلوب النزق والمتوتر من ناحية أخرى. كما واظب على إنتاج أعمال قائمة في حدّ ذاتها، ولكن مُتتابعة كلقطات من فيلم تعبيري طغت عليه نبرة حادة خطّ معظم تفاصيلها بقلم الحبر الأسود إلى جانب حضور اللون الأحمر.
لوحة لشارل خوري ضمن المعرض الجماعي
الفنان طاهر جاوي هو فنان تونسي وعالمي شارك في هذا المعرض الجماعي بعدد كبير من الأعمال وسبق أن عرض في صالة “إل تي” لوحات بالأحجام كبيرة تحت سلطة اللون الأزرق، وإن كان هذا الأزرق لم يأخذ المُشاهد إلى متنفس العوالم البحرية أو السماء المفتوحة، غير أنه شكل الفضاء الذي تنبض به شخوصه الميكانيكية وباقي العناصر التشكيلية الهندسية من دوائر ومثلثات وخطوط بهلوانية تلتف وتنفرد وتستقيم وترتج وفق رغبة الفنان وحسب الدفع العشوائي والمُرتجل الذي يحرك مخيلته ويده.
وشارك الفنان اللبناني سيمون مهنا بعدة أعمال وهو إلى جانب كونه فنانا هو مؤسس صالة “إل تي” المعنية بالفن المعاصر وهو أيضا مستشار فني.
وأشارت معظم أعمال مهنا إلى الجدل القائم ما بين الإنسان ومحيطه مع تركيز على الحيّز الحميمي الذي يحرك تصرفات وأفكار البشر. حضرت أعماله في عدة مجموعات فنية خاصة ومتاحف عديدة في اليونان وسويسرا وفرنسا.
أما الفنان شارل خوري فهو صاحب سيرة فنية امتدت من التسعينات إلى اليوم. بدت كائنات شارل خوري في آخر أعماله وكأنها ولدت من بعضها البعض ليس لتعيش منفصلة، بل لتكون بنيانا واحدا ومتماسكا اخترقته خطوط وهيئات شكّلت بدورها طبقة أخرى من الوعي والوجود، نمت حتى اكتسحت جزءا كبيرا من فضاء اللوحات. غير أن هذا “الفضاء” لم يكن حاضرا بشكل بديهي في لوحات الفنان وقلّ ما كان حضوره غير مشحون بأجسام وخطوط متنوعة كانت هي في حد ذاتها مسطّحا تضج عليه الأشياء والكائنات العلنية والسرية سطوعا وخفوتا بين الظلال وتوهج الأنوار التي كثيرا ما كانت تحضر وكأنها بصيص مشتعل في مُقعر مغارة أو على جدار مائل حتى أسفل أو عمق اللوحات.
جان مارك نحاس يتتبع تأثيرات الحرب على اللبنانيين
ومن الفنانين المشاركين في المعرض بعدة لوحات نذكر الفنانة أني كوركدجيان التي كما الفنانة فاطمة الحاج أقامت نصا فنيا خاصا فيه الكثير من الجرأة، ولكن مغاير بطبيعته وبمعظم أفكاره لنص الفنانة مرتضى.
مرورا بجميع معارضها الفردية وهي كثيرة تمّ تصنيف أعمال أني كوركدجيان الفنية على أنها مزيج ما بين التعبيرية والسريالية مع التأكيد على علوّ نبرة سرياليتها. ولكن اللغة الفنية التي تعتمدها الفنانة في معظم لوحاتها ربما هي غير ذلك.
التفكّر في ماهية هذه اللغة الحديثة ليس ترفا، بل هو أساسي في فهم المعادلة الفنية التي تتبناها الفنانة في تشكيل لوحاتها.
في لوحاتها الأخيرة صورت كوركدجيان بنات جنسها في لحظة سكون، لكنه سكون معبّر تستمده الفنانة من شعورها الباطني الذي تنهل منه ما يعبّر عن جراحها وجراح الآخرين لتطبيبها إن صح التعبير عبر لوحات صادمة تستدعي تركيز المتلقي وقدرته على التحليل والاستيعاب.
وشارك الفنان التشكيلي منصور الهبر بعدة لوحات وهو فنان لبناني انهمك في معظم أعماله في تظهير العلاقات بين الأفراد في مجتمع عانى من الحروب ومن العزلة.
وتقدم صالة “إل تي” لأول مرة الفنانة شيرين قوتلي وتأخذ على عاتقها مهمة إطلاقها فنيا.
وفي المعرض أيضا يشارك الفنان ريان عيد الذي ذكر أن من شجعه على اتخاذ طريق الفن هو الفنان سيمون مهنا. يسعى الفنان منذ انطلاقته فنيا إلى “جعل العالم مكانا أجمل للعيش” حسب ما قاله في مناسبة سابقة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
ميموزا العراوي
ناقدة لبنانية
أعمال متنوعة تبث شحنة من التفاؤل بتحسن الأوضاع في لبنان.
الأربعاء 2022/12/28
انشرWhatsAppTwitterFacebook
لوحة تعرض للمرة الثانية في الصالة
رأت صالة “إل تي” اللبنانية أنه لا مفر من تنظيم معرض مشترك يجمع الفنانين الذين عرضوا أعمالهم في مقرها خلال العامين الماضيين، كنوع من التعريف بأبرز أعمالهم ومدى اختلاف تجاربهم، وأهم الأفكار والقضايا التي يتبنونها ويدافعون عنها عبر ألوانهم وشخوصهم الخاصة.
ها قد شارفت السنة على نهايتها، واستبشارا بالسنة الجديدة افتتحت في 15 ديسمبر الحالي صالة “إل تي” اللبنانية معرضا فنيا جماعيا كبيرا ضم أعمالا مختارة لفنانين تشكيليين شاركوا ما بين سنتي 2021 و2022 في عرض أعمالهم بشكل فردي في الصالة.
ويمكن اعتبار معرض “إل تي” دفعة من التفاؤل تستمر حتى نهاية موسم الأعياد.
من الواضح لدى الزائر أنه لم يكن من السهل اختيار عمل واحد أو أكثر لأي فنان ليمثل مجمل إنتاجه الفني. وعندما اجتمعت كل الأعمال بتنوعها الكبير في مساحة الصالة لم ينشأ جوّ من الفوضى اللونية لأن الصالة شكلت بدراية احترافية أعادت التعريف، وإن كان خاطفا، بكل فنان من خلال أهم ما قدمه أو لنقل بأكثر ما يمثله أسلوبه ومنطقه الفني.
ورغم أن تنظيم هذا المعرض جاء بشكل خاص ليتيح للراغبين اختيار هدايا لمناسبة أعياد الميلاد، فإن القيمين على الصالة أعلنوا أن أبوابها ستظل مفتوحة طيلة فترة الأعياد لكل من أراد الزيارة.
الصالة أعادت التعريف بكل فنان تشكيلي من خلال أهم ما قدمه أو لنقل بأكثر ما يمثله أسلوبه ومنطقه الفني
الفنانون المشاركون هم: فاطمة مرتضى، وجان مارك نحاس وشارل خوري ومنصور الهبر وريان عيد وسيمون مهنا وأنّي كوركدجيان وغسان عويس وشيرين قوتلي وطاهر جاوي.
البعض يعتبر الفنانة فاطمة مرتضى المشاركة بعملين في صالة “إل تي” فنانة “نسوية” غير أنها لا تستسيغ هذا التصنيف (وهي مُحقة) لأنها ترى فيه تحجيما لما تريد التعبير عنه. وفي اعتقادها أن “الفنون النسوية” تجيء عادة كردة فعل عاطفية ضد الرجل بشكل عام وحضوره على أساس أنه عدوّ شامل وكامل يجب محاربته كيف ما كان وبغض النظر عن أفعاله حتى تلك التي لا تُعاند حقوق المرأة. دفاعها عن المرأة من خلال مجمل أعمالها الفنية المتنوعة بين رسومات ولوحات وتجهيز فني كان دائما محور انشغالها. فهي ومنذ بداية مسيرتها الفنية وقفت ضد المجتمع الذكوري وما يُفرض على المرأة من حجر للحرية الشخصية وعدم اعتراف بحقوقها كإنسان، ولاسيما في مجتمعاتنا الشرقية.
أما الفنان جان مارك نحاس فهو المعروف على هامش معرضه الأخير، الذي فاجأنا فيه بحضور الألوان ولاسيما اللون الوردي وبحضور شخوصه التي لم تعد عبارة عن هيئات خطّها قلم كسكين سريع يعاني من تقطعات في انسياب حدته، معروف بإنتاجه الفني الذي جاء دوما ساخرا وحافلا بأجواء الحرب اللبنانية وتأثيراتها على المستوى الشخصي والعام من ناحية، وعلى مستوى المضمون والأسلوب النزق والمتوتر من ناحية أخرى. كما واظب على إنتاج أعمال قائمة في حدّ ذاتها، ولكن مُتتابعة كلقطات من فيلم تعبيري طغت عليه نبرة حادة خطّ معظم تفاصيلها بقلم الحبر الأسود إلى جانب حضور اللون الأحمر.
لوحة لشارل خوري ضمن المعرض الجماعي
الفنان طاهر جاوي هو فنان تونسي وعالمي شارك في هذا المعرض الجماعي بعدد كبير من الأعمال وسبق أن عرض في صالة “إل تي” لوحات بالأحجام كبيرة تحت سلطة اللون الأزرق، وإن كان هذا الأزرق لم يأخذ المُشاهد إلى متنفس العوالم البحرية أو السماء المفتوحة، غير أنه شكل الفضاء الذي تنبض به شخوصه الميكانيكية وباقي العناصر التشكيلية الهندسية من دوائر ومثلثات وخطوط بهلوانية تلتف وتنفرد وتستقيم وترتج وفق رغبة الفنان وحسب الدفع العشوائي والمُرتجل الذي يحرك مخيلته ويده.
وشارك الفنان اللبناني سيمون مهنا بعدة أعمال وهو إلى جانب كونه فنانا هو مؤسس صالة “إل تي” المعنية بالفن المعاصر وهو أيضا مستشار فني.
وأشارت معظم أعمال مهنا إلى الجدل القائم ما بين الإنسان ومحيطه مع تركيز على الحيّز الحميمي الذي يحرك تصرفات وأفكار البشر. حضرت أعماله في عدة مجموعات فنية خاصة ومتاحف عديدة في اليونان وسويسرا وفرنسا.
أما الفنان شارل خوري فهو صاحب سيرة فنية امتدت من التسعينات إلى اليوم. بدت كائنات شارل خوري في آخر أعماله وكأنها ولدت من بعضها البعض ليس لتعيش منفصلة، بل لتكون بنيانا واحدا ومتماسكا اخترقته خطوط وهيئات شكّلت بدورها طبقة أخرى من الوعي والوجود، نمت حتى اكتسحت جزءا كبيرا من فضاء اللوحات. غير أن هذا “الفضاء” لم يكن حاضرا بشكل بديهي في لوحات الفنان وقلّ ما كان حضوره غير مشحون بأجسام وخطوط متنوعة كانت هي في حد ذاتها مسطّحا تضج عليه الأشياء والكائنات العلنية والسرية سطوعا وخفوتا بين الظلال وتوهج الأنوار التي كثيرا ما كانت تحضر وكأنها بصيص مشتعل في مُقعر مغارة أو على جدار مائل حتى أسفل أو عمق اللوحات.
جان مارك نحاس يتتبع تأثيرات الحرب على اللبنانيين
ومن الفنانين المشاركين في المعرض بعدة لوحات نذكر الفنانة أني كوركدجيان التي كما الفنانة فاطمة الحاج أقامت نصا فنيا خاصا فيه الكثير من الجرأة، ولكن مغاير بطبيعته وبمعظم أفكاره لنص الفنانة مرتضى.
مرورا بجميع معارضها الفردية وهي كثيرة تمّ تصنيف أعمال أني كوركدجيان الفنية على أنها مزيج ما بين التعبيرية والسريالية مع التأكيد على علوّ نبرة سرياليتها. ولكن اللغة الفنية التي تعتمدها الفنانة في معظم لوحاتها ربما هي غير ذلك.
التفكّر في ماهية هذه اللغة الحديثة ليس ترفا، بل هو أساسي في فهم المعادلة الفنية التي تتبناها الفنانة في تشكيل لوحاتها.
في لوحاتها الأخيرة صورت كوركدجيان بنات جنسها في لحظة سكون، لكنه سكون معبّر تستمده الفنانة من شعورها الباطني الذي تنهل منه ما يعبّر عن جراحها وجراح الآخرين لتطبيبها إن صح التعبير عبر لوحات صادمة تستدعي تركيز المتلقي وقدرته على التحليل والاستيعاب.
وشارك الفنان التشكيلي منصور الهبر بعدة لوحات وهو فنان لبناني انهمك في معظم أعماله في تظهير العلاقات بين الأفراد في مجتمع عانى من الحروب ومن العزلة.
وتقدم صالة “إل تي” لأول مرة الفنانة شيرين قوتلي وتأخذ على عاتقها مهمة إطلاقها فنيا.
وفي المعرض أيضا يشارك الفنان ريان عيد الذي ذكر أن من شجعه على اتخاذ طريق الفن هو الفنان سيمون مهنا. يسعى الفنان منذ انطلاقته فنيا إلى “جعل العالم مكانا أجمل للعيش” حسب ما قاله في مناسبة سابقة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
ميموزا العراوي
ناقدة لبنانية