هجرة الطيور
لا بدّ أن معظمنا قد ذُهل في طفولته بتلك الأشكال الهندسية والفنية الجذابة التي تتّخذها أسراب الطيور المهاجرة، ففي ربيع كلّ عامٍ تتعالى أصواتها في السماء؛ لتعود ونراها مرّةً أخرى خريفًا أو شتاءً، فإلى أين تذهب وتعود كلّ عامٍ؟، وما سبب هجرة الطيور يا ترى؟ وكيف يمكنها التغلّب على المصاعب والمخاطر التي تعترض طريقها؟، وغيرها من التساؤلات التي أثارت الحيرة، هذا ما سأحاول أن أجيبكم عنه في مقالي هذا.
هجرة الطيور والطيور المهاجرة
هجرة الطيور هي إحدى المعجزات الإلهية في الطبيعة، والتي تقطع فيها الطيور آلاف الكيلومترات في حركةٍ منتظمةٍ من منطقةٍ لأخرى من العالم، بحثًا عن الموائل الأنسب والأكثر ملائمةً للتكاثر وإنجاب الصغار وتربيتها، بما فيها المناخ من درجات حرارةٍ، وأشعةٍ شمسيّةٍ، أو من حيث توافر جميع الموارد اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
ففي فترةٍ زمنيّةٍ معيّنةٍ من العام، ترتفع معدلات الاستقلاب في أنواعٍ عديدةٍ من الطيور، ممّا يتطلّب مصادر غنيّة بالمواد الغذائية، على فتراتٍ زمنيّةٍ متكرّرةٍ من العام. الأمر الذي حثّ الطيور على تطوير وسيلةٍ فعالةٍ للسفر لمسافاتٍ طويلةٍ، مع توفيرٍ كبيرٍ في الطاقة.
بالإضافة للهجرة المنتظمة، هناك نوعٌ آخر من الهجرة يشبه حركة ترحال البدو المتنقلين بشكلٍ مستمرٍّ بسبب الظروف البيئية غير الملائمة، ففي المناطق القاحلة، قد تهاجر الطيور إلى المناطق التي تسقط فيها الأمطار في غير موعدها السنوي، حتى تجفّ المنطقة لتنتقل إلى منطقةٍ أخرى أكثر ملائمةً.
أسباب هجرة الطيور
تنطلق الأنواع المختلفة من الطيور سنويًّا في رحلةٍ طويلةٍ تصل حتى آلاف الأميال، مُجابهةً المصاعب والخطر المُحدق بحياتها، فلماذا تخاطر بها في رحلةٍ شاقةٍ ومحفوفةٍ بالمخاطر كهذه؟
إنّها غريزة البقاء، ليس فقط بشكلٍ فرديٍّ، وإنّما تنطلق عائلاتٌ بأكملها في هذه الرحلة، لأكثر من سببٍ في محاولةٍ للحفاظ على نوعها، ولتوضيح الأسباب، دعونا ننظر إلى الأمور من بُعدٍ آخر؛ فماذا لو بقيت الطيور في بيئاتها، ولمَ تهاجر؟ تدريجيًّا، ستنضب إمدادات الغذاء في موائلها وخاصّةً في موسم التكاثر، لتتضوّر الصغار والآباء جوعًا، وستزداد المنافسة فيما بينها، كما ستصبح الأعشاش الضعيفة فريسةً سهلة المنال للحيوانات المفترسة المحيطة بها، إذًا، يمكنكم الاستنتاج أنّ السببين الرئيسين وراء هجرة الطيور هما، الطعام والتكاثر، وعلى الرغم ممّا تبدو علبه، إلّا أنّ هذه الأسباب أكثر تعقيدًا.
الهجرة للحصول على الطعام
هو الدافع الرئيسيّ في هجرة جميع أنواع الطيور، فتتكبد الطيور المهاجرة عناء السفر الطويل بحثًا عن مصادرَ جديدةٍ للغذاء، ولإتاحة الفرصة للمصادر المحليّة بالتّجدد، فعلى سبيل المثال، لو بقيت طيور المنطقة الاستوائية فيها على مدار العام، سيبدأ الطعام في مرحلةٍ معيّنةٍ بالانخفاض حتى يصبح نادرًا، وستقلّ القدرة على التكاثر بسبب نقص التغذية لدى الآباء، كما سيكون الجيل التالي ضعيفًا هزيلًا والقليل منه سينجو.
لكن، تمنح هجرة الطيور هذه إلى المناطق الشمالية في الربيع حيث تتجدّد مصادر الغذاء فيها الفرصة لمصادر منطقتها الأصلية بالتجدد في تلك الأثناء حتى الخريف، لتعود مرّةً أخرى إليها. كما لا تقتصر هجرة البحث عن الغذاء على الإقليم المداريّ الجديد، ولكن أيضًا تشمل الهجرة لمسافاتٍ قصيرةٍ بحثًا عن مصادرَ موسميّةٍ للغذاء.
الهجرة بهدف التكاثر
تسعى الطيور كسائر الحيوانات الأخرى لاستمرارية نسلها من خلال الحصول على جيلٍ قويٍّ وصحيٍّ، وهذا ما يستدعي منها البحث عن أفضل البيئات وأكثرها ملائمةً لتتكاثر فيها، من حيث توافر المغذيات اللازمة والكافية للصغار والآباء، والأكثر أمنًا لهم ليتمكنوا من تربية صغارهم.
على الرغم من ذلك، تعمد بعض أنواع الطيور على ترك صغارها تخوض مجابهة مصاعب الحياة بمجرد وصولها لمرحلة النضج، مما يعرض حياة الكثير منها للخطر بقيامها بأولى رحلات الهجرة دون توجيه، لتمتع صغارها بالاستعداد الذي وفرته البيئة الآمنة والمغذية لإنجاز هذا النوع من الرحلات.
بالإضافة لما سبق هناك أسبابٌ أخرى ثانوية، ولكن تصب جميعها نحو الحفاظ على بقاء النوع، ومنها:
هجرة الطيور بسبب المناخ
تندفع بعض أنواع الطيور إلى الهجرة نتيجة تغير الظروف المناخية، فطوّرت أنواع مختلفة من الريش لتلائم البيئات المختلفة. على سبيل المثال؛ تنتقل الطيور الشمالية نحو بيئاتٍ أكثر دفئًا هربًا من البرد القارس المهدد لحياة بيوضها، وبالمقابل، قد لا تناسب الحرارة المرتفعة في المناطق الإستوائية تربية صغار أنواع أخرى من الطيور مما يدفعها للهجرة نحو المناطق الشمالية لتضع بيوضها.
الحيوانات المفترسة
تساعد الحياة الرغيدة الطيور من حيث توافر المواد الغذائية المياه والأمان على جذب الحيوانات المفترسة إليها، لذلك كانت الهجرة أحد الحلول الأفضل هربًا منها، ولإعطاء صغارها الفرصة المناسبة للنضج، كالهجرة نحو المنحدرات الساحلية، أو الجزر البحرية الصخرية.
هجرة الطيور لدواعي الأمراض
تتعرّض الطيور لعدوى الطفيليات والإصابة بالأمراض ممّا يهدد حياة المجتمع بأكمله بالخطر، لذلك تساعد الهجرة المتفرقة للجماعات على تقليل فرص انتشار المرض لجميع الأفراد بما في ذلك الصغار.
أنواع هجرة الطيور
هجرة الطيور تبعًا لمسار الهجرة
يمكن تقسم هذا النمط لعدّة أنواعٍ بناءً على مسار الهجرة، فتشمل أكثر أنواعها شيوعًا:
الطيور الطنّانة
نقار الخشب
البط
هجرة الطيور بناءً على المسافات المقطوعة
تُصنّف هجرات الطيور بناءً على المسافات المقطوعة، ودورية تحرّكاتها إلى:
كيف تحدّد الطيور موعد الهجرة؟
تتسبّب بعض التغيرات البيئيّة في محيط الطيور بحدوث تغيراتٍ فسيولوجيّةٍ فيها، لتُعلمها بقرب موعد الرحلة. على سبيل المثال، تتنبّه المستقبلات الضوئية في أدمغة الطيور لانخفاض ساعات الإضاءة في الخريف، ممّا يؤدّي لحدوث تغييراتٍ هرمونيّةٍ فيها، ينتج عنها بدء تساقط الريش وتجدّده، وتناول كميّاتٍ كبيرةٍ من الغذاء بهدف التسمين، كما يحدث في طائر الممراح المغرّد، البوبولينك (Bobolinks)، الذي يزيد ما يتناوله من الغذاء بنسبة 40%، ممّا يؤدّي لمضاعفة وزنه إلى 150%، ليتزوّد بالمدّخرات الكافية اللازمة في رحلته الطويلة عبر البحر الكاريبي.
طائر الممراح المغرّد، البوبولينك (Bobolinks)
لا بدّ أنّ بعضكم قد لاحظ حركةً غريبةً للطيور في أقفاصها ضمن فتراتٍ محدّدةٍ، إنّها ما يدعى بالألمانية Zugunruhe أي الأرق، فتجتاح الطيور المهاجرة الطليقة والمحبوسة الرغبة في التحليق طوال الليل مع القلق عند غروب الشمس، ويستمرّ ذلك حتى يحين موعد الإنطلاق، أمّا بالنسبة للطيور الأسيرة فتبقى بهذه الحالة حتى تنتهي فترة الهجرة وتصل باقي أفراد نوعها إلى موطنها الجديد.
لكن هذا الموعد قد يتعرّض لبعض التأخيرات بسبب بعض العوامل الثانوية، ومنها:
بشكلٍ عامٍّ، تتبع الطيور تقويمات دقيقة للهجرة تخصّ كلّ نوعٍ لوحده، فتمتلئ السماء بالطيور المهاجرة في عمليةٍ مستمرّةٍ على مدار العام، بالرّغم من تكاثف أغلب الهجرات في فترتيّ الربيع والخريف.
كلّ ما سبق يقودنا إلى تساؤلٍ أهمٍّ، هل تحمل الطيور في جعبتها ما يشبه نظام GPS العالمي لتحديد المواقع يُمكّنها من اتباعٍ ذات المسار سنويًّا؟ ما هي الآليات التي تمتلكها الطيور لحفظ طريق الهجرة التقليدي؟.
لا بدّ أن معظمنا قد ذُهل في طفولته بتلك الأشكال الهندسية والفنية الجذابة التي تتّخذها أسراب الطيور المهاجرة، ففي ربيع كلّ عامٍ تتعالى أصواتها في السماء؛ لتعود ونراها مرّةً أخرى خريفًا أو شتاءً، فإلى أين تذهب وتعود كلّ عامٍ؟، وما سبب هجرة الطيور يا ترى؟ وكيف يمكنها التغلّب على المصاعب والمخاطر التي تعترض طريقها؟، وغيرها من التساؤلات التي أثارت الحيرة، هذا ما سأحاول أن أجيبكم عنه في مقالي هذا.
هجرة الطيور والطيور المهاجرة
هجرة الطيور هي إحدى المعجزات الإلهية في الطبيعة، والتي تقطع فيها الطيور آلاف الكيلومترات في حركةٍ منتظمةٍ من منطقةٍ لأخرى من العالم، بحثًا عن الموائل الأنسب والأكثر ملائمةً للتكاثر وإنجاب الصغار وتربيتها، بما فيها المناخ من درجات حرارةٍ، وأشعةٍ شمسيّةٍ، أو من حيث توافر جميع الموارد اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
ففي فترةٍ زمنيّةٍ معيّنةٍ من العام، ترتفع معدلات الاستقلاب في أنواعٍ عديدةٍ من الطيور، ممّا يتطلّب مصادر غنيّة بالمواد الغذائية، على فتراتٍ زمنيّةٍ متكرّرةٍ من العام. الأمر الذي حثّ الطيور على تطوير وسيلةٍ فعالةٍ للسفر لمسافاتٍ طويلةٍ، مع توفيرٍ كبيرٍ في الطاقة.
بالإضافة للهجرة المنتظمة، هناك نوعٌ آخر من الهجرة يشبه حركة ترحال البدو المتنقلين بشكلٍ مستمرٍّ بسبب الظروف البيئية غير الملائمة، ففي المناطق القاحلة، قد تهاجر الطيور إلى المناطق التي تسقط فيها الأمطار في غير موعدها السنوي، حتى تجفّ المنطقة لتنتقل إلى منطقةٍ أخرى أكثر ملائمةً.
أسباب هجرة الطيور
تنطلق الأنواع المختلفة من الطيور سنويًّا في رحلةٍ طويلةٍ تصل حتى آلاف الأميال، مُجابهةً المصاعب والخطر المُحدق بحياتها، فلماذا تخاطر بها في رحلةٍ شاقةٍ ومحفوفةٍ بالمخاطر كهذه؟
إنّها غريزة البقاء، ليس فقط بشكلٍ فرديٍّ، وإنّما تنطلق عائلاتٌ بأكملها في هذه الرحلة، لأكثر من سببٍ في محاولةٍ للحفاظ على نوعها، ولتوضيح الأسباب، دعونا ننظر إلى الأمور من بُعدٍ آخر؛ فماذا لو بقيت الطيور في بيئاتها، ولمَ تهاجر؟ تدريجيًّا، ستنضب إمدادات الغذاء في موائلها وخاصّةً في موسم التكاثر، لتتضوّر الصغار والآباء جوعًا، وستزداد المنافسة فيما بينها، كما ستصبح الأعشاش الضعيفة فريسةً سهلة المنال للحيوانات المفترسة المحيطة بها، إذًا، يمكنكم الاستنتاج أنّ السببين الرئيسين وراء هجرة الطيور هما، الطعام والتكاثر، وعلى الرغم ممّا تبدو علبه، إلّا أنّ هذه الأسباب أكثر تعقيدًا.
الهجرة للحصول على الطعام
هو الدافع الرئيسيّ في هجرة جميع أنواع الطيور، فتتكبد الطيور المهاجرة عناء السفر الطويل بحثًا عن مصادرَ جديدةٍ للغذاء، ولإتاحة الفرصة للمصادر المحليّة بالتّجدد، فعلى سبيل المثال، لو بقيت طيور المنطقة الاستوائية فيها على مدار العام، سيبدأ الطعام في مرحلةٍ معيّنةٍ بالانخفاض حتى يصبح نادرًا، وستقلّ القدرة على التكاثر بسبب نقص التغذية لدى الآباء، كما سيكون الجيل التالي ضعيفًا هزيلًا والقليل منه سينجو.
لكن، تمنح هجرة الطيور هذه إلى المناطق الشمالية في الربيع حيث تتجدّد مصادر الغذاء فيها الفرصة لمصادر منطقتها الأصلية بالتجدد في تلك الأثناء حتى الخريف، لتعود مرّةً أخرى إليها. كما لا تقتصر هجرة البحث عن الغذاء على الإقليم المداريّ الجديد، ولكن أيضًا تشمل الهجرة لمسافاتٍ قصيرةٍ بحثًا عن مصادرَ موسميّةٍ للغذاء.
الهجرة بهدف التكاثر
تسعى الطيور كسائر الحيوانات الأخرى لاستمرارية نسلها من خلال الحصول على جيلٍ قويٍّ وصحيٍّ، وهذا ما يستدعي منها البحث عن أفضل البيئات وأكثرها ملائمةً لتتكاثر فيها، من حيث توافر المغذيات اللازمة والكافية للصغار والآباء، والأكثر أمنًا لهم ليتمكنوا من تربية صغارهم.
على الرغم من ذلك، تعمد بعض أنواع الطيور على ترك صغارها تخوض مجابهة مصاعب الحياة بمجرد وصولها لمرحلة النضج، مما يعرض حياة الكثير منها للخطر بقيامها بأولى رحلات الهجرة دون توجيه، لتمتع صغارها بالاستعداد الذي وفرته البيئة الآمنة والمغذية لإنجاز هذا النوع من الرحلات.
بالإضافة لما سبق هناك أسبابٌ أخرى ثانوية، ولكن تصب جميعها نحو الحفاظ على بقاء النوع، ومنها:
هجرة الطيور بسبب المناخ
تندفع بعض أنواع الطيور إلى الهجرة نتيجة تغير الظروف المناخية، فطوّرت أنواع مختلفة من الريش لتلائم البيئات المختلفة. على سبيل المثال؛ تنتقل الطيور الشمالية نحو بيئاتٍ أكثر دفئًا هربًا من البرد القارس المهدد لحياة بيوضها، وبالمقابل، قد لا تناسب الحرارة المرتفعة في المناطق الإستوائية تربية صغار أنواع أخرى من الطيور مما يدفعها للهجرة نحو المناطق الشمالية لتضع بيوضها.
الحيوانات المفترسة
تساعد الحياة الرغيدة الطيور من حيث توافر المواد الغذائية المياه والأمان على جذب الحيوانات المفترسة إليها، لذلك كانت الهجرة أحد الحلول الأفضل هربًا منها، ولإعطاء صغارها الفرصة المناسبة للنضج، كالهجرة نحو المنحدرات الساحلية، أو الجزر البحرية الصخرية.
هجرة الطيور لدواعي الأمراض
تتعرّض الطيور لعدوى الطفيليات والإصابة بالأمراض ممّا يهدد حياة المجتمع بأكمله بالخطر، لذلك تساعد الهجرة المتفرقة للجماعات على تقليل فرص انتشار المرض لجميع الأفراد بما في ذلك الصغار.
أنواع هجرة الطيور
هجرة الطيور تبعًا لمسار الهجرة
يمكن تقسم هذا النمط لعدّة أنواعٍ بناءً على مسار الهجرة، فتشمل أكثر أنواعها شيوعًا:
- الموسمية: تحدث بين فصلي الربيع والخريف، أو بين الفترات الجافة والرطبة، فهي من الأنواع التي يمكن التنبؤ بها، وتحديد موعدٍ تقريبيٍّ لها، تنتقل فيها الطيور بين مناطق التكاثر واللّاتكاثر.
- الهجرة العرضية: تتنقل الطيور فيها بين خطوط العرض، شمالًا وجنوبًا، كما في هجرة الطيور من القطب الشمالي إلى المناطق الاستوائية وبالعكس.
- الهجرة الطولية: تشابه الهجرة العرضية، وتنتقل الطيور فيها بين خطوط الطول، شرقًا وجنوبًا، كما في هجرة العديد من طيور أوروبا.
- الهجرة من وإلى المرتفعات: يحدث أن تنتقل الطيور لمسافاتٍ قصيرةٍ، من قمم الجبال إلى سفوحها، بسبب اشتداد البرودة وتساقط الثلوج شتاءً في أعالي القمم، واستحالة العيش فيها، فتكفي بضعة مئاتٍ من الأمتار لإحداث فرقٍ في الموارد والموائل.
- الهجرة الدائرية أو الحلقية: وفيها يختلف مسار الذهاب عن الإياب، للاستفادة من توزّع الموارد بين المناطق على أوقاتٍ مختلفةٍ، على سبيل المثال تسلك الطيور الطنّانة في الربيع مسارًا ساحليًّا يبدأ بالمكسيك وينتهي شمالًا بألاسكا، في حين في الخريف تسلك مسارًا داخليًّا نحو الجنوب، مستفيدةً من الزهور البريّة الجبليّة. يشيع هذا النوع من الهجرة لدى الطيور الساحلية والبحرية، لاعتمادها على الاختلافات الموسمية في أنماط الرياح للمساعدة على التحليق.
الطيور الطنّانة
- الهجرة البدويّة: يصعب التنبؤ بهذا النوع من الهجرة، فهي النوع غير المنتظم، وتحدث نتيجة عدم مواءمة الظروف الحالية من حيث ندرة المياه كانقطاع هطول المطر لفتراتٍ طويلةٍ، أو شحّ الموارد الغذائيّة، أو سوء الأحوال الجويّة، فتنتقل الطيور لمسافاتٍ قصيرةٍ، لتعود إلى بيئتها بعودة الظروف إلى ما كانت عليه.
- الهجرة لمناطق جديدة (غير المعتادة): هي إحدى أنواع الهجرة غير المتوقعة، تحدث لدى انتقال أعدادٍ كبيرةٍ من الطيور إلى منطقةٍ جديدةٍ عليها، بعيدة عن منطقتها المُعتادة، وكغيرها من أنواع الهجرة الأخرى، تحدث للبحث عن مصادر غذاءٍ وموارد مياهٍ جديدةٍ، من الأمثلة عن هذه الطيور البوم الثلجية.
- هجرة التشتت والانتشار: تحدث لمرّةٍ واحدةٍ في عمر الطير، تُجبر فيه الطيور الصغيرة على الابتعاد عن أعشاشها لتبحث عن أراضيها مرّةً أخرى، في حين يبقى الآباء في منطقتهم ذاتها، على الرّغم من عدم تصنيف البعض لها كإحدى أنواع الهجرة، إلّا أنّ البعض الآخر يعتبرها من الأنواع الموسميّة التي يمكن التنبؤ بها، ومنها نقار الخشب.
نقار الخشب
- هجرة التجاوز ( قفزة الضفدع): تحدث عند هجرة مجموعةٍ من الطيور الشمالية لمسافاتٍ أكبر؛ متخطّية بذلك مجموعةً أخرى من النوع ذاته، وفقًا لذلك تبقى المنطقة مشغولةً بالنوع نفسه على مدار العام، بحيث لا تختلط المجموعات مع بعضها.
- الهجرة العكسية: هي انحراف بعض الطيور عن مسارها التقليدي، نتيجة تشوشها لتنطلق في الاتجاه المعاكس لمسارها، وتصبح مشرّدةً عن سربها، ومن الممكن رؤيتها في حالاتٍ فرديّةٍ فقط وليس بشكلٍ جماعيٍّ.
- الهجرة بسبب الذوبان: خلال فترة ذوبان الثلوج، تصبح الطيور ضعيفةً وغير قادرةٍ على الطيران، فتبحث عن مناطقَ أكثر أمانًا لها، ريثما تنتهي فترة الذوبان لتعود إلى نطاقها الطبيعي بغضّ النظر عن الموسم أو الحالة التكاثرية، وعلى الرّغم من شيوع هذا النوع من الهجرة بين أنواع البط؛ إلا أنّها أقلّ شيوعًا بكثيرٍ بين باقي الأنواع الأخرى من الطيور.
البط
- الهجرة بسبب الانجراف عن المسار: من الهجرات الجماعية النادرة، والتي تحدث عند انحراف أعدادٍ كبيرةٍ من الطيور وانجرافها بعيدًا عن مسارها التقليديّ، لأسبابٍ مختلفةٍ كالعواصف.
هجرة الطيور بناءً على المسافات المقطوعة
تُصنّف هجرات الطيور بناءً على المسافات المقطوعة، ودورية تحرّكاتها إلى:
- المقيمة دائمة؛ حين تتوفر الإمدادات في منطقتها الطبيعية على مدار العام، فلا حاجة هناك للانتقال بحثًا عن مصادرَ جديدةٍ.
- الهجرة لمسافاتٍ قصيرةٍ؛ كالانتقال من قمّة الجبل إلى سفحه.
- الهجرة لمسافاتٍ متوسّطةٍ؛ كالانتقال من دولةٍ إلى أخرى قريبة.
- الهجرة لمسافاتٍ طويلةٍ؛ كهجرة الطيور من كندا إلى أمريكا الوسطى والجنوبية شتاءً.
كيف تحدّد الطيور موعد الهجرة؟
تتسبّب بعض التغيرات البيئيّة في محيط الطيور بحدوث تغيراتٍ فسيولوجيّةٍ فيها، لتُعلمها بقرب موعد الرحلة. على سبيل المثال، تتنبّه المستقبلات الضوئية في أدمغة الطيور لانخفاض ساعات الإضاءة في الخريف، ممّا يؤدّي لحدوث تغييراتٍ هرمونيّةٍ فيها، ينتج عنها بدء تساقط الريش وتجدّده، وتناول كميّاتٍ كبيرةٍ من الغذاء بهدف التسمين، كما يحدث في طائر الممراح المغرّد، البوبولينك (Bobolinks)، الذي يزيد ما يتناوله من الغذاء بنسبة 40%، ممّا يؤدّي لمضاعفة وزنه إلى 150%، ليتزوّد بالمدّخرات الكافية اللازمة في رحلته الطويلة عبر البحر الكاريبي.
طائر الممراح المغرّد، البوبولينك (Bobolinks)
لا بدّ أنّ بعضكم قد لاحظ حركةً غريبةً للطيور في أقفاصها ضمن فتراتٍ محدّدةٍ، إنّها ما يدعى بالألمانية Zugunruhe أي الأرق، فتجتاح الطيور المهاجرة الطليقة والمحبوسة الرغبة في التحليق طوال الليل مع القلق عند غروب الشمس، ويستمرّ ذلك حتى يحين موعد الإنطلاق، أمّا بالنسبة للطيور الأسيرة فتبقى بهذه الحالة حتى تنتهي فترة الهجرة وتصل باقي أفراد نوعها إلى موطنها الجديد.
لكن هذا الموعد قد يتعرّض لبعض التأخيرات بسبب بعض العوامل الثانوية، ومنها:
- مدى توفّر المدّخرات الغذائية.
- الظروف الجوية المحيطة من عواصفَ وأمطارٍ وضغطٍ جويٍّ.
- درجات حرارة الهواء وأنماط الرياح.
- الإصابة ببعض الأمراض، والفترة اللازمة للشفاء.
بشكلٍ عامٍّ، تتبع الطيور تقويمات دقيقة للهجرة تخصّ كلّ نوعٍ لوحده، فتمتلئ السماء بالطيور المهاجرة في عمليةٍ مستمرّةٍ على مدار العام، بالرّغم من تكاثف أغلب الهجرات في فترتيّ الربيع والخريف.
كلّ ما سبق يقودنا إلى تساؤلٍ أهمٍّ، هل تحمل الطيور في جعبتها ما يشبه نظام GPS العالمي لتحديد المواقع يُمكّنها من اتباعٍ ذات المسار سنويًّا؟ ما هي الآليات التي تمتلكها الطيور لحفظ طريق الهجرة التقليدي؟.
تعليق