الكاتب المتسوّل في زمن الإقصاء الناعم
بوعلام رمضاني 8 ديسمبر 2021
سير
(Leonid Pasternak)
شارك هذا المقال
حجم الخط
هَاجرَ إلى عاصمةٍ تُتاجِرُ بها السُّلط المُتناحِرة المُتتالية التي تُعاديها ظرفيًّا، ثُمَّ لا تَلبثُ أنْ تُعانِقُها عِناقَ الجِيران المُجبَرينَ على التَّعايُش والتَّعاون تحت وطأة المصلحة التاريخية والبراغماتية. طرقَ أبوابَ عشراتِ الصُّحُفِ لخدمَةِ وَطَنِهِ في مجالِ الكتابةِ الصحافية التي أعطاهَا عقدًا كاملًا مِنْ حَياتِه مُضحيًّا بِحياتِه الشَّخصيَّةِ والعاطفية التي تَعنِي عائلتَه وسيِّدَةً كانَ فَارِسَ أحْلامِها. لأنَّهُ عنيدٌ وصلبُ الرَّأسِ، اجتهَدَ في طَرْق أبوابِ الصُّحُفِ الوطنية، ونجَحَ في افتكاكِ قُبولِ بعضِ حُرَّاسِ أبَوابِها قبلَ أنْ يُطرَدَ بأساليبَ ناعمَةٍ رَغمَ كُلِّ ما قدَّمه من أعمالٍ صحافية جادَّةٍ يَشهَدُ عليها أَرشيفَهُم، ومِن بينِها تِلك المواد التي حوَّلَها إلى كتابٍ ضمَّ حواراتٍ مع شخصياتٍ فكرية وإعلامية.
نَشَرَ الكتابَ الذِّي تناوَلَ هجماتِ الحادي عشر من سبتمبر، ولم يُوزَّع، وجاء صاحِبَهُ إلى الجزائر مرَّتَينِ قادمًا من باريس على حسابه الخاص ليُقدِّمَ كتابَهُ أمامَ حُضورٍ تشكَّلَ في مُعظمه من الأصدقاء. لمْ تَكتُب الصحافة الوطنية التي خدَمَهَا عنْ كِتابِه بالشَّكلِ وبالمحتوى المنتَظَرين، وكانت الصحيفة التي ترأَّس قِسمَها الثقافي قبل أنْ يُهاجِر السَّبَّاقَةُ في تَنَاوُله، ولولاَ مقالِ هذه الصحيفة، لما سَمع الداني بالكتابِ الذي ما زال يَبحَثُ عنهُ مُواطنون يُقالُ إنَّهم مِنَ النُّخبَةِ وآخرونَ من عامَّة الشعب.
مرَّت الأيَّامُ والسَّنوات بِكلِّ فُصولها، وبَقيَ الصحافي والكاتب يَتَسوّل طارقًا أبوابَ صُحُفٍ قديمَةٍ وجديدَةٍ يُديرُها حُراسٌ يَعرفُهُم شخصيًّا، ومن بينهم أولئكَ الذين دَرسُوا معه قبل تحوُّلهم إلى مَسؤولين رفيعي الشأنِ والمقامِ والقامَةِ في نظرِ مَسؤولين وإعلاميِّينَ كُثُر رغمَ أنهم لم يَتركُوا أثرًا لافتًا في مجالِ تخصُّصهم كما يحْدُثُ في بلدانٍ يتحوَّلُ فيها الصحافي البارز والراسخ إلى مسؤولٍ قادرٍ على تَسييرِ تحرير صحيفة يَعرِفُ كلّ أسرارهَا وألغازها ومَفاتيحها المهنية.
أمضَى الصحافي -الذي تحوَّلَ إلى كَاتِبٍ في وقتٍ لاحقٍ- في عِناده واجتهاده و"سيزيفيته"، وبقيَ يَتَسوَّلُ وَيتَوَسَّلُ طَارقًا أبوابَ حُرَّاس صُحُفٍ وراضيًا بِنِفاقِ مَسؤولين يُبْدِعونَ في رفْعِ شأنِه بِشكلٍ سِريالي يُلامِسُ العَبَثَ وَهُوَ قُبالَتَهُم في مَكاتِبهم المِخملية قَبل التخطيطِ للإقصاءِ النَّاعِم بِمهارَةٍ تَفرِضُها سُنَنُ وتَقَالِيدُ حُكْمٍ يشترطُ الولاءَ الأعمَى ويَلفَظُ وَيَرفُضُ الكَفَاءَةَ والنَّقاءَ الأخلاقي والتَّفاني والسَّعي لتَقْديمِ المادة الصحافيةِ التي يَشهَدُ القُرَّاءَ على جَودَتِها النَّوعيَّةِ.
استمر حُرَّاس الصحف الوطنية التي تَكَاثَرت كالطَّحَالِب على ابتزازِ من اعتقَدُوا أنَّهُم يَمُوتون جُوعًا في الخارجِ العَمِيلِ خِلافًا لحَقيقَةٍ فنَّدت اعتقادهم، ولا أدلَّ على ذلك تألُّقَ الكثيرِ من الصحافيينَ في مَنابِرَ إعلاميَّةٍ مُكرَّسَةً في عَواصِمَ عربيَّة وأوروبية.
بَقِيَ الصحافي الذِّي تَسوَّلَ في مَكاتِبَ مِخمَليَّة حُبًّا في مِهنَةٍ يَتنفَّسُها، يَتردَّدُ على مَكاتبَ مِخمَليَّةً أُخْرى شَكَّكَ أَصحابُها في وَطنيَّةِ من هاجَر في عزِّ العِشريَّةِ السوداء المفتوحَةِ على أكثَرِ من سُؤالٍ سياسي جَدلي. استمر الصحافي المُتسوِّل في طَلَبِ خِدمَةِ وَطنَهِ غيرَ مُنتَبِهٍ للإقصاءِ النّاعم المُتولِّدِ عن موقفٍ قالَ عنهُ وزيرَ إعلامٍ سابقٍ لأحدِ الزُّملاءِ بعيدًا عن مرأَى ومَسمَعِ الحاضرين: "لا تُكرِّر قَولَك بأنَّكَ هاجرْتَ في عزِّ العشرية السوداء"؟!، وهو القولُ الذِّي يُؤكِّدُ أنَّ من هاجَرَ في عِزِّ الإرهابِ يُعدُّ خائنًا بالضرورةِ عندَ فاسدينَ خانُوا داخلَ الوَطن بخُرافيَّة قلَّما يَعرفُها التاريخ.
استمر الصحافي المجتهد في التَّسوّل والتَّوسُّلِ مُتعاوِنًا مع صُحفٍ لا يقرأُهَا الكثيرُ من العاملينَ فيهَا، وهيَ الصُّحفِ التي تَبيَّنَ لاحقًا أنَّهَا حَظيت بإشهارٍ قُدِّرَ بالملاييرِ كما شَهِدَ على ذلك زَميلٍ سابقٍ أُزيحَ لاحقًا كَمُديرٍ لوكالةِ النَّشر والإشهارِ.
الكثير من هذه الصُّحف، نشرَت للصحافي المُتَسوِّل عشراتِ الموادِّ في الصفحَةِ الأولى مُبرَزَةً بالبَنْطِ العريضِ عناوينها اللافتة، وهي نفسُها الصُّحف التي رفَضَت رفْعَ الأُجرَةِ المُتواضِعة للصحافي المُتَسوِّلِ، ودَفْعِ مُستحقاته في وقتٍ لاحقٍ بدعوى سَرِقته من الإنترنت على حد قولِ مسؤولَةٍ صُحيفة كانت تَنْتظر الرِّسالة الثَّقافية للصحافي المُتَسوّل على أحرٍّ من الجمر. هذه المسؤولة تدّعِي أنَّهَا تَقدميَّة ونِسويَّةِ النَّزعَةِ ومُعاديَة للظلامييّنَ المُدمنين إيديولوجيًّا على الإقصاء خلافا لمسؤولينَ آخَرينَ شَاطروها الإقصاءَ النَّاعِمِ لَكنْ بِشِعَارِ الثَّوَابِتِ الوطنية التي تَسْخَرُ مِنها.
صَحيفة مُعرَّبَة شَهيرةً أُخرَى، استغلَّت القيمة النَّوعيَّةِ لمواد الصحافي المتسول، وتَبَاهت بِتحقيقاتِه وبحواراته التَّي كان يُنجِزها على هامشِ عمَله في مَنبرٍ ثَقافي عربي هام، نَشرَت هذِهِ الصَّحيفَةِ حِواراتٍ هامَّة بعدَ أن قَصَّت مِنها ما يَضُرُّ صاحبَ الحوارِ والمُحَاوَرِ، وأجَّلَت حوارًا إلى تاريخٍ لاحقٍ قُتِلَ مَضمُونَه وأساء للصحافي المُتسوِّل وللمُفكِّر المُتَخصِّص في مأَسَاةٍ سياسيَّة عربية. يَومها، لم أجدْ ما أقُولُه للمفكر العربي الذي نبَّهنِي من قَبلٍ بقوله: "ليسَ من عادَتي أن أُدلِي بحواراتٍ للصُّحُف الصفراء".
لا يُمكنُ أن أُسهِبُ في سرْدِ ماضِي تاريخِ الصحافي المتسول في مَقامٍ لا يَسَعُ حتمًا لكلِّ تفاصيله، وأْكتَفِي اليوم مُضيفًا فَقط ما حدَث له بِمُناسبَة تَواجُده في وَطَنَه الذِّي يَتنفَّسه رغمَ الدَّاءِ والأعداء.
أصبحَ الصحافي المُتسوِّل كَاتبًا، واضطر أن يلجأَ لوِسَاطاتٍ تَسمَحُ لهُ بالتَّحدُّثِ عن كتَابه الأخير "أنوارٌ في ليلِ كورونا.. من دفتر محجور ثقافي". تمَّت الوساطة الأولى من خلالِ صديقٍ حولَه على صديقٍ آخر، وبفضله نُشِر مقالٌ جميلٌ عن الكتابِ في صَحيفَةٍ مُعرَّبة. وتمَّت الوساطة الثانية من خلالِ صديقٍ حوَّلَه على صديقٍ يُديرُ صحيفَة مُفرْنَسة نَشرَت له حديثًا مُقتَضَبًا لكنْ قوِّيًّا بِقَلَمِ صحافي مُزدوج اللُّغة تَهُمُّه الإضافة النوعية لا غير.
الكاتِبُ المُتسوِّل طَرْقَ باب مَسؤُولَةٍ ثقَافية لتقديمِ كتَابه الأوّل من نَوعِه، ولمْ تَستَجب هذهِ المسؤولة لطَلبَه الذي جاءَ نتيجَةَ وَساطةِ صَديقٍ آخَرَ مُتذرِّعَةً بِعدْم انطلاقِ الموسم الثّقافي. انطلق الموسِم، واستضافت أُناسًا مُفرنَسِينَ في مُعظَمِهم. للتَّارِيخ، أُضيفُ أنَّه نَدِم على وُقوعِه في المَطَبِّ رغمَ أنه مُؤمِنٌ يُفتَرَضُ أنْ لا يُلدغَ من الجُحرِ عدةِ مرات، بعد أنْ أَهدَى لها نُسخةً من كِتابه الصَّادِرِ باللغة العربية في الأردن!!!، رمَت به هذه المسؤولة في أحضانِ مسؤولٍ ثقافيٍّ تَناوَل كُتُبَه الجيِّدة في المجالِ الفنِّي بِمنَاسبَةِ تَغطيَّته المعرَضِ الدولي للكتاب بباريس. لم يتَّصل به حتَّى اليوم رغمَ أنه كتبَ في رسالة هاتفية: "خويا.. سأتَّصلُ بِك بعد عودتي من السفر"... جهة ثقافية ثالثة، اتصل بها مُؤخرًا، وعَدته خيرًا بعد استشارتها وزارة الثقافة مُحِقَّةً وَمُجْبَرَةً.
إنه ينتظر.. ربما ستحدث مُعجزة!!!!.
بوعلام رمضاني 8 ديسمبر 2021
سير
(Leonid Pasternak)
شارك هذا المقال
حجم الخط
هَاجرَ إلى عاصمةٍ تُتاجِرُ بها السُّلط المُتناحِرة المُتتالية التي تُعاديها ظرفيًّا، ثُمَّ لا تَلبثُ أنْ تُعانِقُها عِناقَ الجِيران المُجبَرينَ على التَّعايُش والتَّعاون تحت وطأة المصلحة التاريخية والبراغماتية. طرقَ أبوابَ عشراتِ الصُّحُفِ لخدمَةِ وَطَنِهِ في مجالِ الكتابةِ الصحافية التي أعطاهَا عقدًا كاملًا مِنْ حَياتِه مُضحيًّا بِحياتِه الشَّخصيَّةِ والعاطفية التي تَعنِي عائلتَه وسيِّدَةً كانَ فَارِسَ أحْلامِها. لأنَّهُ عنيدٌ وصلبُ الرَّأسِ، اجتهَدَ في طَرْق أبوابِ الصُّحُفِ الوطنية، ونجَحَ في افتكاكِ قُبولِ بعضِ حُرَّاسِ أبَوابِها قبلَ أنْ يُطرَدَ بأساليبَ ناعمَةٍ رَغمَ كُلِّ ما قدَّمه من أعمالٍ صحافية جادَّةٍ يَشهَدُ عليها أَرشيفَهُم، ومِن بينِها تِلك المواد التي حوَّلَها إلى كتابٍ ضمَّ حواراتٍ مع شخصياتٍ فكرية وإعلامية.
نَشَرَ الكتابَ الذِّي تناوَلَ هجماتِ الحادي عشر من سبتمبر، ولم يُوزَّع، وجاء صاحِبَهُ إلى الجزائر مرَّتَينِ قادمًا من باريس على حسابه الخاص ليُقدِّمَ كتابَهُ أمامَ حُضورٍ تشكَّلَ في مُعظمه من الأصدقاء. لمْ تَكتُب الصحافة الوطنية التي خدَمَهَا عنْ كِتابِه بالشَّكلِ وبالمحتوى المنتَظَرين، وكانت الصحيفة التي ترأَّس قِسمَها الثقافي قبل أنْ يُهاجِر السَّبَّاقَةُ في تَنَاوُله، ولولاَ مقالِ هذه الصحيفة، لما سَمع الداني بالكتابِ الذي ما زال يَبحَثُ عنهُ مُواطنون يُقالُ إنَّهم مِنَ النُّخبَةِ وآخرونَ من عامَّة الشعب.
مرَّت الأيَّامُ والسَّنوات بِكلِّ فُصولها، وبَقيَ الصحافي والكاتب يَتَسوّل طارقًا أبوابَ صُحُفٍ قديمَةٍ وجديدَةٍ يُديرُها حُراسٌ يَعرفُهُم شخصيًّا، ومن بينهم أولئكَ الذين دَرسُوا معه قبل تحوُّلهم إلى مَسؤولين رفيعي الشأنِ والمقامِ والقامَةِ في نظرِ مَسؤولين وإعلاميِّينَ كُثُر رغمَ أنهم لم يَتركُوا أثرًا لافتًا في مجالِ تخصُّصهم كما يحْدُثُ في بلدانٍ يتحوَّلُ فيها الصحافي البارز والراسخ إلى مسؤولٍ قادرٍ على تَسييرِ تحرير صحيفة يَعرِفُ كلّ أسرارهَا وألغازها ومَفاتيحها المهنية.
أمضَى الصحافي -الذي تحوَّلَ إلى كَاتِبٍ في وقتٍ لاحقٍ- في عِناده واجتهاده و"سيزيفيته"، وبقيَ يَتَسوَّلُ وَيتَوَسَّلُ طَارقًا أبوابَ حُرَّاس صُحُفٍ وراضيًا بِنِفاقِ مَسؤولين يُبْدِعونَ في رفْعِ شأنِه بِشكلٍ سِريالي يُلامِسُ العَبَثَ وَهُوَ قُبالَتَهُم في مَكاتِبهم المِخملية قَبل التخطيطِ للإقصاءِ النَّاعِم بِمهارَةٍ تَفرِضُها سُنَنُ وتَقَالِيدُ حُكْمٍ يشترطُ الولاءَ الأعمَى ويَلفَظُ وَيَرفُضُ الكَفَاءَةَ والنَّقاءَ الأخلاقي والتَّفاني والسَّعي لتَقْديمِ المادة الصحافيةِ التي يَشهَدُ القُرَّاءَ على جَودَتِها النَّوعيَّةِ.
استمر حُرَّاس الصحف الوطنية التي تَكَاثَرت كالطَّحَالِب على ابتزازِ من اعتقَدُوا أنَّهُم يَمُوتون جُوعًا في الخارجِ العَمِيلِ خِلافًا لحَقيقَةٍ فنَّدت اعتقادهم، ولا أدلَّ على ذلك تألُّقَ الكثيرِ من الصحافيينَ في مَنابِرَ إعلاميَّةٍ مُكرَّسَةً في عَواصِمَ عربيَّة وأوروبية.
بَقِيَ الصحافي الذِّي تَسوَّلَ في مَكاتِبَ مِخمَليَّة حُبًّا في مِهنَةٍ يَتنفَّسُها، يَتردَّدُ على مَكاتبَ مِخمَليَّةً أُخْرى شَكَّكَ أَصحابُها في وَطنيَّةِ من هاجَر في عزِّ العِشريَّةِ السوداء المفتوحَةِ على أكثَرِ من سُؤالٍ سياسي جَدلي. استمر الصحافي المُتسوِّل في طَلَبِ خِدمَةِ وَطنَهِ غيرَ مُنتَبِهٍ للإقصاءِ النّاعم المُتولِّدِ عن موقفٍ قالَ عنهُ وزيرَ إعلامٍ سابقٍ لأحدِ الزُّملاءِ بعيدًا عن مرأَى ومَسمَعِ الحاضرين: "لا تُكرِّر قَولَك بأنَّكَ هاجرْتَ في عزِّ العشرية السوداء"؟!، وهو القولُ الذِّي يُؤكِّدُ أنَّ من هاجَرَ في عِزِّ الإرهابِ يُعدُّ خائنًا بالضرورةِ عندَ فاسدينَ خانُوا داخلَ الوَطن بخُرافيَّة قلَّما يَعرفُها التاريخ.
استمر الصحافي المجتهد في التَّسوّل والتَّوسُّلِ مُتعاوِنًا مع صُحفٍ لا يقرأُهَا الكثيرُ من العاملينَ فيهَا، وهيَ الصُّحفِ التي تَبيَّنَ لاحقًا أنَّهَا حَظيت بإشهارٍ قُدِّرَ بالملاييرِ كما شَهِدَ على ذلك زَميلٍ سابقٍ أُزيحَ لاحقًا كَمُديرٍ لوكالةِ النَّشر والإشهارِ.
الكثير من هذه الصُّحف، نشرَت للصحافي المُتَسوِّل عشراتِ الموادِّ في الصفحَةِ الأولى مُبرَزَةً بالبَنْطِ العريضِ عناوينها اللافتة، وهي نفسُها الصُّحف التي رفَضَت رفْعَ الأُجرَةِ المُتواضِعة للصحافي المُتَسوِّلِ، ودَفْعِ مُستحقاته في وقتٍ لاحقٍ بدعوى سَرِقته من الإنترنت على حد قولِ مسؤولَةٍ صُحيفة كانت تَنْتظر الرِّسالة الثَّقافية للصحافي المُتَسوّل على أحرٍّ من الجمر. هذه المسؤولة تدّعِي أنَّهَا تَقدميَّة ونِسويَّةِ النَّزعَةِ ومُعاديَة للظلامييّنَ المُدمنين إيديولوجيًّا على الإقصاء خلافا لمسؤولينَ آخَرينَ شَاطروها الإقصاءَ النَّاعِمِ لَكنْ بِشِعَارِ الثَّوَابِتِ الوطنية التي تَسْخَرُ مِنها.
صَحيفة مُعرَّبَة شَهيرةً أُخرَى، استغلَّت القيمة النَّوعيَّةِ لمواد الصحافي المتسول، وتَبَاهت بِتحقيقاتِه وبحواراته التَّي كان يُنجِزها على هامشِ عمَله في مَنبرٍ ثَقافي عربي هام، نَشرَت هذِهِ الصَّحيفَةِ حِواراتٍ هامَّة بعدَ أن قَصَّت مِنها ما يَضُرُّ صاحبَ الحوارِ والمُحَاوَرِ، وأجَّلَت حوارًا إلى تاريخٍ لاحقٍ قُتِلَ مَضمُونَه وأساء للصحافي المُتسوِّل وللمُفكِّر المُتَخصِّص في مأَسَاةٍ سياسيَّة عربية. يَومها، لم أجدْ ما أقُولُه للمفكر العربي الذي نبَّهنِي من قَبلٍ بقوله: "ليسَ من عادَتي أن أُدلِي بحواراتٍ للصُّحُف الصفراء".
لا يُمكنُ أن أُسهِبُ في سرْدِ ماضِي تاريخِ الصحافي المتسول في مَقامٍ لا يَسَعُ حتمًا لكلِّ تفاصيله، وأْكتَفِي اليوم مُضيفًا فَقط ما حدَث له بِمُناسبَة تَواجُده في وَطَنَه الذِّي يَتنفَّسه رغمَ الدَّاءِ والأعداء.
أصبحَ الصحافي المُتسوِّل كَاتبًا، واضطر أن يلجأَ لوِسَاطاتٍ تَسمَحُ لهُ بالتَّحدُّثِ عن كتَابه الأخير "أنوارٌ في ليلِ كورونا.. من دفتر محجور ثقافي". تمَّت الوساطة الأولى من خلالِ صديقٍ حولَه على صديقٍ آخر، وبفضله نُشِر مقالٌ جميلٌ عن الكتابِ في صَحيفَةٍ مُعرَّبة. وتمَّت الوساطة الثانية من خلالِ صديقٍ حوَّلَه على صديقٍ يُديرُ صحيفَة مُفرْنَسة نَشرَت له حديثًا مُقتَضَبًا لكنْ قوِّيًّا بِقَلَمِ صحافي مُزدوج اللُّغة تَهُمُّه الإضافة النوعية لا غير.
الكاتِبُ المُتسوِّل طَرْقَ باب مَسؤُولَةٍ ثقَافية لتقديمِ كتَابه الأوّل من نَوعِه، ولمْ تَستَجب هذهِ المسؤولة لطَلبَه الذي جاءَ نتيجَةَ وَساطةِ صَديقٍ آخَرَ مُتذرِّعَةً بِعدْم انطلاقِ الموسم الثّقافي. انطلق الموسِم، واستضافت أُناسًا مُفرنَسِينَ في مُعظَمِهم. للتَّارِيخ، أُضيفُ أنَّه نَدِم على وُقوعِه في المَطَبِّ رغمَ أنه مُؤمِنٌ يُفتَرَضُ أنْ لا يُلدغَ من الجُحرِ عدةِ مرات، بعد أنْ أَهدَى لها نُسخةً من كِتابه الصَّادِرِ باللغة العربية في الأردن!!!، رمَت به هذه المسؤولة في أحضانِ مسؤولٍ ثقافيٍّ تَناوَل كُتُبَه الجيِّدة في المجالِ الفنِّي بِمنَاسبَةِ تَغطيَّته المعرَضِ الدولي للكتاب بباريس. لم يتَّصل به حتَّى اليوم رغمَ أنه كتبَ في رسالة هاتفية: "خويا.. سأتَّصلُ بِك بعد عودتي من السفر"... جهة ثقافية ثالثة، اتصل بها مُؤخرًا، وعَدته خيرًا بعد استشارتها وزارة الثقافة مُحِقَّةً وَمُجْبَرَةً.
إنه ينتظر.. ربما ستحدث مُعجزة!!!!.