يوم القهوة وكلام أشعث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يوم القهوة وكلام أشعث

    يوم القهوة وكلام أشعث
    منية الفرجاني 25 أغسطس 2021
    سير
    (Jay Chou)
    شارك هذا المقال
    حجم الخط



    بمناسبة اليوم العالمي للقهوة



    اليوم العالمي لقهوة العالم..

    أمّا أنا فقد احتفلت به يوم جلسنا معًا في ذلك المكان العالي بعد غياب دام ست عشرة سنة.

    التقينا بملامح جديدة ووظائف غيّرتها متطلّبات الحياة التي لم نتقاسمها معًا..

    قهوتك السوداء المرّة وقهوتي حلوة بحليب أسود..

    يومها دخّنتَ كثيرًا وأنت تسألني عن حياتي بعدك، عن بيتي وطريقه الذي لا يؤدي إلى بيتك، عن عملي، وابني الوحيد الذي لم يحمل اسمك، عن هاتفي الذي لم يحفظ رقمك، عن الرسائل التي كانت تؤذي ساعي البريد وهو يلقي بثقلها في صندوق بريدك... عن "الشتاءات" التي مرّت دون معاطفنا، يدفئ كشميري كشميرك... عن البياض الذي لا مبرّر لثلجه يمرّ على رصيفي وصمتك.. عن الفرصة التي ضاعت في مرمى الغيبات، أمام حارس مبتور السّاق!

    عن الشّوق الذي دفنّاه بدافع غرور، عن المسافات التي لم تتحمّلها خرائط القلب ولا رشتارات السلال.. الشوق الذي لم يحظ بوقع حذائي على عتبات قطارك، مكتبك، بابك، نافذتك..

    الشّوق الذي ذوّبناه في عمليّة مستعصية على الخلق وكيمياء الحسّ العظيم..

    كيف نجونا من بعضنا بتلك السّهولة..

    كيف اندلفنا في عروق الحياة دون أن تحدث الجلطة الكبرى..

    جلطة الغياب..



    كنت أحكي بصيغة الوقت الشّهيد وكنت تسمع بصيغة العمر الفقيد...

    فنجانك الصّغير.. وفنجاني الأكثر اتساعًا.. كانا مزهريتين لورد محروق.. لم أذهب لموعدنا كما ذهبت إليه منذ ست عشرة سنة...

    جئتك يومها لترى المتحف الذي صنعته لنفسي بنفسي، ولا أعرف إن كنت رأيته أم لا.. المتحف الوحيد في العالم الذي يعرض خساراته لا ثرواته...

    وجئتني بقامتك وقيمتك وقمّة حضورك، الحضور الذي ظل مربكًا رغم اتّزان السنين..

    رغم نضوج فكرة بلغت الخريف من عمرها.. فكرة أن أحتضنك كما يحتضن ماء لحظة انسيابه الأول.. نحو الهاوية.

    كلّ عام والبنّ بخير...

    كلّ عام والمُرُّ بخير..



    كلام أشعث


    أنا أكبر من بيت..

    هذه النوافذ الكثيرة، فلاشات إضافيّة لإزعاج اللون، والستائر كذبة سيدة البيت في حجب نور الشمس، الستائر، حيلة النّساء لكشف ذوقهنّ لا أكثر!

    الوسائد الكثيرة المرمية على كنبات البيت، طريقتنا الأخرى لقول: نومي مشتّت..

    قوالب الشمع المرصوفة على رخامات الصالون... لهيب تجمد في رحم ذاكرة عاقر..

    الأباجورات العتيقة... الكبيرة، المركونة في زوايا البيت تفضح شح الإيحاءات في وضح الليل... تفضح كثرة الأدب وقلة الحياة..

    أثاث... بنكهة لويس الرابع

    ضجر.. يصدح في المكان..

    تاريخ من بورسولان مزيف...

    شراشف...

    حراشف...

    غرف طعام لا نأكل فيها لأن الضيوف تأخروا..

    والمناديل البيضاء أكفان الأدراج المغلقة...لأن الضيوف أيضًا تأخروا...

    أنا أكبر من البيت..

    لذلك أشعر أني سياج على رقبة.



    *كاتبة تونسية.


يعمل...
X