الفتاة الدانماركية The Danish Girl
عَبْرَ هذا الفيلم ، المُنتَج عام 2015 ، يقدم لنا المخرج البريطاني " توم هوپر " ــ الذي هو مُنتج الفيلم أيضاً ــ تُحفةً سينمائية ساحرة ، هي في حقيقتها قصيدةٌ بصرية تُصيبنا بالدهشة من جميع زوايا العمل السينمائي . و سيناريو الفيلم مُستقىً من قصة للكاتب الأمريكي " ديڤيد إبيرشوف " و التي هي مستوحاة بدورها من السيرة الذاتية للفنانة الدانماركية " ليلي إلبه " بعنوان ( من رجل الى امرأة ) و التي نُشرت عام 1933 ، أي بعد وفاتها عام 1931 بسنتين .
" ليلي إلبه " رسامة ولدت عام 1882 كذَكـَـر باسم " أينار ماگنوس أندرياس فيگينر " ، ولكنه كان ينطوي على أنثىً في داخله ، لم يستطع الإفصاح عنها ، كما هو شأن الكثيرين في ذلك الوقت بسبب الأعراف الاجتماعية التي تَعتبرُ ذلك شرخاً في التكوين المجتمعي ، و خرقاً للدين و لتعاليم الرب .. على عكس ما هو عليه اليوم ( لعب دوره في الفيلم الممثل البريطاني " إيدي ريدماين " و ترشح عنه لجائزة أوسكار ) . و يُعتبرُ " أينار " ثاني شخص بعد الآلماني " دورا ريختر" ( 1891 ــ 1933 ) خرق تلك الأعراف و اتّبع ذاته فأجرى عملية ( تصحيح الجنس ) و غيّر إسمه القانوني الى " ليلي إلسي إلفينس " ولكن الصحفية " لويز لاسينفي " هي التي أعطته إسمَ " ليلي إلبه " ، و كانت عمليةً ناجحة ، تركت " ليلي " الرسمَ بعدها ، ولكن مضاعفاتها أدت الى وفاتها في 13 ديسمبر / كانون الأول من عام 1931 .
كان " إينار " قد تزوج من الرسامة الدانماركية " غيردا فيگينر " (1886 ـ 1940 ) ، و هي رسامة تميل الى رسم الأزياء و البطاقات البريدية ( مثلت دورها في الفيلم السويدية " أليسا فيكاندر " التي نالت عنه الأوسكار ) . و كانا يميلان الى الحياة البوهيمية ، وليس كما ظهرا في الفيلم ، كما يؤخذ على الفيلم أنه اعتمد القصة الخيالية للكاتب " ديڤيد إبيرشوف " و لم يتطرق الى حقيقة كون " گيردا فيگينر " كانت مثليةً مزودجة الميول الجنسية ، و كانت على علم بحقيقة " أينار " عندما تزوجته و لم تتركه عندما تحول الى أنثى و غيّر إسمه الى " ليلي إلبه " ، بل راحت تقدمه الى الآخرين ــ بعد تحوله ــ على أنه أخت " أينار " . و بعد وفاة " ليلي إلبه " تزوجت " گيردا فيگينر " من ضابطٍ إيطالي و انتقلت معه للعيش في المغرب ( تحديداً في مراكش و الدار البيضاء ) قبل أن تتركه و قد اكتشف أنه يستغلها ، و هذا لا علاقة له بالفيلم .
يبدأ الفيلمُ من عام 1926 ، حيث تصور كاميرا المصور البريطاني الساحر " داني كوين " مطالع الربيع الدانماركي ، رفقة موسيقى الفرنسي " الكسندر ديسبلا " ، لندخل عالماً من السحر السينمائي باذخ الجمال .
و كما يقول الناقد السينمائي " نيكولاس باربر " : ( ربما يكون ثمة سببٌ وجيهٌ لدى صنّاع هذا الفيلم لأن ينبثق بكل هذا الجَمال .. الخالي من أية شائبة ) .
حقاً أنه خالٍ من أية شائبة سينمائية ، و قد تجاوز فيه المخرج " توم هوپر " ــ جمالياً ــ فيلميه المعروفين ( خطابُ الملك ) و ( آنا كارنينا ) .
فهذا فيلم ٌ مؤثرٌ و عميق و مدروسٌ و مبنيٌ بعنايةٍ فائقة ، لن يتردد المتذوق الجَمالي في إعادة مشاهدته مرة ثانية ، إنْ لم تكن مرّات .
فكل ما فيه ساحر ، ساحرٌ حدّ الدهشة التي تبعث على انحدار الدموع ـ تلقائياً ـ من فرط الجَمال .
ما هذا السحر ؟ ما هذه الفتنة التي أضفاها المخرج البريطاني " توم هوپر " على فن السينما ؟
شخصياً ، سأضعُ ـ جانباً ـ فيلمه ( خطاب الملك ) الذي فاز بأربع جوائز أوسكار عام 2011 ، مثلما أضعُ جانباً أيضاً فيلمه الغنائي ( البؤساء ) الذي دخل معترك الأوسكار عام 2012 ، و الذي خطفت عنه الممثلة " آن هاثاواي " جائزة أوسكار أفضل ممثلة ثانوية . و هو الفيلم ذاته الذي أشرك المخرجُ فيه الممثلَ البريطانيَ الشاب " ايدي ريدماين " .
" ايدي ريدماين " هو نفسُهُ الذي خطف جائزة الأوسكار عام 2015 ، كأفضل ممثل عن دوره الفذ في فيلم ( نظرية كل شيء ) و قد مثل شخصية عالم الفيزياء المعاق الشهير " ستيڤن هوكنگ " . و ها هو المخرج يختاره بطلاً ساحراً لهذا الفيلم الآخاذ ( الفتاة الدانماركية ) ، فيما اختار الممثلة الجميلة ، باهرة التمثيل " أليشيا فيكاندر" ، سويدية الأصل .
فيلم ( الفتاة الدانماركية ) يتناول قضيةَ اجتماعية ، بايولوجية ، إنسانية ، فنية ، صعبة التركيب ، هي تعتمدُ قصة ً واقعية ، من الصعوبة تناولها ذلك الوقت ، لأسباب واقعية أيضاً ، ولكن الكاتب " ديڤيد ايبرشوف " تناولها بصيغة روائية ، إعتماداً على مذكرات الفنان / الفنانة " إينار فيگنر " المنشورة علم 1933 ، فتم اعتمادها لهذا الفيلم الذي دخل ميدان جائزة الأوسكار لعام 2016 .. مرشّحاً لأربع جوائز ، هي :
جائزة أفضل ممثل " ايدي ريدماين "
جائزة أفضل ممثلة مساعدة " أليشيا فيكاندر " .. تمثيلها أكثر من باهر .
جائزة أفضل تصميم أزياء .
جائزة أفضل تصميم إنتاج .
و الحقيقة أن الفيلم كان يستحق الترشيح لجوائز أفضل مخرج و أفضل فيلم و أفضل تصوير و أفضل سيناريو ، ولكن هذا لم يحصل . و لم يفز الفيلمُ بغير جائزة أفضل ممثلة مساعدة ، ذهبت الى الممثلة " أليشيا فيكاندر " ، و لا أدري لماذا رُشحت هذه الممثلة البارعة لجائزة أفضل ممثلة مساعدة و ليست رئيسة ، فهي لم تكن ممثلة ثانوية في الفيلم .
لعل ذلك واحد من ألغاز و مهازل الأوسكار .
عَبْرَ هذا الفيلم ، المُنتَج عام 2015 ، يقدم لنا المخرج البريطاني " توم هوپر " ــ الذي هو مُنتج الفيلم أيضاً ــ تُحفةً سينمائية ساحرة ، هي في حقيقتها قصيدةٌ بصرية تُصيبنا بالدهشة من جميع زوايا العمل السينمائي . و سيناريو الفيلم مُستقىً من قصة للكاتب الأمريكي " ديڤيد إبيرشوف " و التي هي مستوحاة بدورها من السيرة الذاتية للفنانة الدانماركية " ليلي إلبه " بعنوان ( من رجل الى امرأة ) و التي نُشرت عام 1933 ، أي بعد وفاتها عام 1931 بسنتين .
" ليلي إلبه " رسامة ولدت عام 1882 كذَكـَـر باسم " أينار ماگنوس أندرياس فيگينر " ، ولكنه كان ينطوي على أنثىً في داخله ، لم يستطع الإفصاح عنها ، كما هو شأن الكثيرين في ذلك الوقت بسبب الأعراف الاجتماعية التي تَعتبرُ ذلك شرخاً في التكوين المجتمعي ، و خرقاً للدين و لتعاليم الرب .. على عكس ما هو عليه اليوم ( لعب دوره في الفيلم الممثل البريطاني " إيدي ريدماين " و ترشح عنه لجائزة أوسكار ) . و يُعتبرُ " أينار " ثاني شخص بعد الآلماني " دورا ريختر" ( 1891 ــ 1933 ) خرق تلك الأعراف و اتّبع ذاته فأجرى عملية ( تصحيح الجنس ) و غيّر إسمه القانوني الى " ليلي إلسي إلفينس " ولكن الصحفية " لويز لاسينفي " هي التي أعطته إسمَ " ليلي إلبه " ، و كانت عمليةً ناجحة ، تركت " ليلي " الرسمَ بعدها ، ولكن مضاعفاتها أدت الى وفاتها في 13 ديسمبر / كانون الأول من عام 1931 .
كان " إينار " قد تزوج من الرسامة الدانماركية " غيردا فيگينر " (1886 ـ 1940 ) ، و هي رسامة تميل الى رسم الأزياء و البطاقات البريدية ( مثلت دورها في الفيلم السويدية " أليسا فيكاندر " التي نالت عنه الأوسكار ) . و كانا يميلان الى الحياة البوهيمية ، وليس كما ظهرا في الفيلم ، كما يؤخذ على الفيلم أنه اعتمد القصة الخيالية للكاتب " ديڤيد إبيرشوف " و لم يتطرق الى حقيقة كون " گيردا فيگينر " كانت مثليةً مزودجة الميول الجنسية ، و كانت على علم بحقيقة " أينار " عندما تزوجته و لم تتركه عندما تحول الى أنثى و غيّر إسمه الى " ليلي إلبه " ، بل راحت تقدمه الى الآخرين ــ بعد تحوله ــ على أنه أخت " أينار " . و بعد وفاة " ليلي إلبه " تزوجت " گيردا فيگينر " من ضابطٍ إيطالي و انتقلت معه للعيش في المغرب ( تحديداً في مراكش و الدار البيضاء ) قبل أن تتركه و قد اكتشف أنه يستغلها ، و هذا لا علاقة له بالفيلم .
يبدأ الفيلمُ من عام 1926 ، حيث تصور كاميرا المصور البريطاني الساحر " داني كوين " مطالع الربيع الدانماركي ، رفقة موسيقى الفرنسي " الكسندر ديسبلا " ، لندخل عالماً من السحر السينمائي باذخ الجمال .
و كما يقول الناقد السينمائي " نيكولاس باربر " : ( ربما يكون ثمة سببٌ وجيهٌ لدى صنّاع هذا الفيلم لأن ينبثق بكل هذا الجَمال .. الخالي من أية شائبة ) .
حقاً أنه خالٍ من أية شائبة سينمائية ، و قد تجاوز فيه المخرج " توم هوپر " ــ جمالياً ــ فيلميه المعروفين ( خطابُ الملك ) و ( آنا كارنينا ) .
فهذا فيلم ٌ مؤثرٌ و عميق و مدروسٌ و مبنيٌ بعنايةٍ فائقة ، لن يتردد المتذوق الجَمالي في إعادة مشاهدته مرة ثانية ، إنْ لم تكن مرّات .
فكل ما فيه ساحر ، ساحرٌ حدّ الدهشة التي تبعث على انحدار الدموع ـ تلقائياً ـ من فرط الجَمال .
ما هذا السحر ؟ ما هذه الفتنة التي أضفاها المخرج البريطاني " توم هوپر " على فن السينما ؟
شخصياً ، سأضعُ ـ جانباً ـ فيلمه ( خطاب الملك ) الذي فاز بأربع جوائز أوسكار عام 2011 ، مثلما أضعُ جانباً أيضاً فيلمه الغنائي ( البؤساء ) الذي دخل معترك الأوسكار عام 2012 ، و الذي خطفت عنه الممثلة " آن هاثاواي " جائزة أوسكار أفضل ممثلة ثانوية . و هو الفيلم ذاته الذي أشرك المخرجُ فيه الممثلَ البريطانيَ الشاب " ايدي ريدماين " .
" ايدي ريدماين " هو نفسُهُ الذي خطف جائزة الأوسكار عام 2015 ، كأفضل ممثل عن دوره الفذ في فيلم ( نظرية كل شيء ) و قد مثل شخصية عالم الفيزياء المعاق الشهير " ستيڤن هوكنگ " . و ها هو المخرج يختاره بطلاً ساحراً لهذا الفيلم الآخاذ ( الفتاة الدانماركية ) ، فيما اختار الممثلة الجميلة ، باهرة التمثيل " أليشيا فيكاندر" ، سويدية الأصل .
فيلم ( الفتاة الدانماركية ) يتناول قضيةَ اجتماعية ، بايولوجية ، إنسانية ، فنية ، صعبة التركيب ، هي تعتمدُ قصة ً واقعية ، من الصعوبة تناولها ذلك الوقت ، لأسباب واقعية أيضاً ، ولكن الكاتب " ديڤيد ايبرشوف " تناولها بصيغة روائية ، إعتماداً على مذكرات الفنان / الفنانة " إينار فيگنر " المنشورة علم 1933 ، فتم اعتمادها لهذا الفيلم الذي دخل ميدان جائزة الأوسكار لعام 2016 .. مرشّحاً لأربع جوائز ، هي :
جائزة أفضل ممثل " ايدي ريدماين "
جائزة أفضل ممثلة مساعدة " أليشيا فيكاندر " .. تمثيلها أكثر من باهر .
جائزة أفضل تصميم أزياء .
جائزة أفضل تصميم إنتاج .
و الحقيقة أن الفيلم كان يستحق الترشيح لجوائز أفضل مخرج و أفضل فيلم و أفضل تصوير و أفضل سيناريو ، ولكن هذا لم يحصل . و لم يفز الفيلمُ بغير جائزة أفضل ممثلة مساعدة ، ذهبت الى الممثلة " أليشيا فيكاندر " ، و لا أدري لماذا رُشحت هذه الممثلة البارعة لجائزة أفضل ممثلة مساعدة و ليست رئيسة ، فهي لم تكن ممثلة ثانوية في الفيلم .
لعل ذلك واحد من ألغاز و مهازل الأوسكار .