في الفن الأفغاني.. تلاقي الثقافات والحضارات
سارة عابدين 6 سبتمبر 2021
آثار
منمنمة "إغواء زليخة ليوسف" لكمال الدين بهزاد (1488)
شارك هذا المقال
حجم الخط
كانت أفغانستان القديمة الواقعة على مفترق طرق التجارة الرئيسية بؤرة للغزوات من قبل القوى العظمى، وموطنًا لبعض أكثر الحضارات تعقيدًا وثراء في قارة آسيا. ولذلك تعد أفغانستان مركزًا لعناصر ثقافية وأنماط فنية متنوعة، منها تمثيلات الحضارة الهلينية منذ القرن الثاني الميلادي. وقد تفرقت الآثار الأفغانية في متاحف العالم، وضاعت خلال عقود من الحروب والاضطرابات، بينما ظلت مجموعة منها مخبأة لمدة 25 عامًا بفضل موظفي متحف كابول الذين حفظوها سرًا، ووضعوها في قبو آمن.
فنون مدرسة هيرات
في السنوات السابقة، ترسخت صورة غير حقيقية عن دولة أفغانستان، بسبب حكم حركة طالبان، لكن أفغانستان تبقى مركزًا لتلاقي الثقافات، حيث كشفت الأبحاث الأثرية التي أجريت منذ عام 1922 عن العديد من الأعمال الفنية من العصور الإسلامية، وما قبلها، وخاصة منمنمات مدرسة هيرات التي ازدهرت فنونها في القرن الخامس تحت رعاية شاه روخ، ابن تيمورلنك، الذي أسس مدرسة الرسم، وجلب إلى بلاطه فنانين من جميع أنحاء بلاد فارس وأفغانستان.
وبالرغم من أن المنمنمات كانت تعبر عن مواضيع مختلفة، إلا أن الرسوم التوضيحية للقصائد كانت أكثر شيوعًا، وبالتالي فإن الأدب الشهير في ذلك الوقت كان يحكم موضوعات اللوحات إلى حد كبير. أشهر منمنمات هيرات كانت مشاهد من الملحمة الفارسية الشاهناماه ـ "كتاب الملوك"ـ للشاعر الفردوسي، والتي تقع في ما يقرب من ستين ألف بيت شعري، بالإضافة إلى رسوم توضيحية لأعمال الشعراء نظامي جنجافي، وسعدي الشيرازي، وعبد الرحمن الجامي.
قامت فنون هيرات على العديد من التقاليد الفنية، مثل تقاليد مدرستي شيراز وتبريز، بالإضافة إلى مفهوم المنظور الذي أدخله المغول، وطورته مدرسة الجلائريين المغولية التي حكمت العراق من منتصف القرن الرابع عشر إلى حوالي عام 1400. كان أكثر ما يميز منمنمات هيرات وجود العديد من الشخصيات في مجموعات، أو منفردة، على مستويات مختلفة داخل إطار الصورة بالكامل. وأدى ذلك إلى ظهور تأثيري البعد والقرب داخل اللوحة.
قبل أن تتأثر منمنمات هيرات بالفنون الأخرى كانت الشخصيات المرسومة فيها طويلة ورفيعة برؤوس مستطيلة ولحى مدببة. كما أظهر فنانو مدرسة هيرات إحساسًا متطورًا للغاية بالتكوين، مع ولع كبير بالتفاصيل الوصفية، والألوان المتدرجة.
بهزاد ومدرسة هيرات
عند ظهور الفنان الفارسي، كمال الدين بهزاد، فرض أسلوبه نفسه، بالرغم من أنه لا يعتبر خروجًا جذريًا على الأساليب السابقة، إلا أن مهارته التقنية، مع أصالة تكويناته، ودراما الألوان، ومعرفته بها، جعلته الرسام الرئيسي في عصره. اتسم أسلوبه بالانسجام والإنسانية، لأنه كان قادرًا على تحرير المنمنمات من الصلابة، والاهتمام المفرط بالتفاصيل، لذلك ضخ بهزاد طاقة جديدة وواقعية غير مسبوقة في فنون المنمنمات.
كان بهزاد ماهرًا بشكل خاص في تصوير الحركة البشرية الطبيعية، وكانت له طرقه الإبداعية الخاصة في توصيل السرد والشخصيات، كما أن طبيعة المنمنمات سمحت له بأن يضع تفاصيل صغيرة قد يستغرق المشاهد وقتًا ومشاهدة أدق للعثور عليها.
من أشهر أعمال كمال الدين بهزاد منمنمة بعنوان "إغواء يوسف وزليخة، 1488". تستند المنمنة إلى الآيات 23، 24، 25 من سورة يوسف؛ تلك القصة الشهيرة التي تُعدُّ من أشهر القصص القرآنية. من المثير للاهتمام ملاحظة استخدامه للمنظور في تلك المنمنمة. ويظهر الجدار الأيمن مهارته في تصوير المنظور الواقعي، لكنه يختار أسلوب التسطيح لمعظم الصورة. استخدم بهزاد أنماطًا فنية مختلفة للتمييز بشكل مبدع بين غرف المنزل وهيكله، بينما الشخصان في أعلى هذا الفضاء الخيالي يظهران بإيماءات طبيعية وحركة متدفقة.
الكهوف الأفغانية واللوحات الزيتية الأولى في العالم
بعكس المنمنمات التي تعد من الآثار الثقافية الأفغانية المعروفة، وبالعودة إلى حقب أقدم تاريخيًا في تلك المنطقة الثرية، نجد الصور البوذية المرسومة في منطقة وسط أفغانستان، والتي يعود تاريخها إلى حوالي 650 بعد الميلاد، وهي أقدم الأمثلة على استخدام النفط والألوان الزيتية في تاريخ الفن.
توجد تلك الرسوم في موقع وادي باميان المشهور بتماثيل بوذا العملاقة التي دمرتها حركة طالبان عام 2001. في اللوحات الجدارية، يجلس الآلاف من تماثيل بوذا القرفصاء في أردية قرمزية، وشعرهم معقود. كما تظهر الزخارف الأخرى قرودًا رابضة، ورجالًا يواجهون بعضهم بعضًا، وأوراق نخيل متشابكة ومتداخلة بدقة مع مخلوقات أسطورية. يظهر في اللوحات مزيج من التأثيرات الهندية والصينية، ويرجح مؤرخو الفن أنها أعمال لفنانين سافروا على طريق الحرير الذي كان أكبر طريق تجاري وثقافي يربط بين الشرق والغرب.
قام علماء معهد "GETTY CONSERVATION INSTITUTE" في لوس أنجلوس بتحليل 53 عينة مستخرجة من الجداريات، ووجدوا أن 19 عينة يظهر فيها زيت في الطلاء اللوني، حيث استخدم الرسامون أنواعًا مختلفة من الزيوت على الجدران الترابية بتقنية متطورة أشبه بتقنيات خلط الألوان مع الزيوت في الفنون الإيطالية في العصور الوسطى.
غيَّر هذا الاكتشاف المفاهيم الشائعة حول أصول اللوحات الزيتية، فمن المعروف أن هذه التقنية ظهرت في عصر النهضة في أوروبا، وازدهرت بين الأعوام 1400 ـ 1600 عندما كتب الفنان والمهندس المعماري الإيطالي، جورجيو فاساري، لأول مرة عن الرسم الزيتي، في كتابه حياة الفنانين في منتصف القرن السادس عشر. مع ذلك، يجادل مؤرخو الفن بأن الرسام الفلمنكي، دان فان إيك، هو أول من طور هذه التقنية، وأبقى الطريقة سرًا حتى وفاته.
كان من المدهش اكتشاف أن هذه الأساليب الفنية المتقدمة استخدمت في جداريات آسيا الوسطى، ما صدم مكتشفيها الأوروبيين الذين اعتقدوا دائمًا أن اللوحات الزيتية هي اختراع أوروبي، ولم يصدقوا أن هذه التقنيات يمكن أن توجد في كهف بوذي في أعماق الريف الأفغاني. استخدم رسامو اللوحات الجدارية البوذية المواد العضوية، بما في ذلك الراتينجات الطبيعية، والعلكة النباتية، والزيت الجاف، والبروتين الحيواني، كمواد رابطة، والتي تعد حتى وقتنا هذا عناصر مهمة في الطلاء الزيتي، لأنها تحافظ على جزيئات الصبغة اللونية معًا بشكل متماسك يسمح للطلاء بمقاومة التلف.
اتحاد الثقافات في مدينة بلخ الأفغانية
تقع مدينة بلخ القديمة في ما يعرف الآن في شمال أفغانستان، على طول أحد الطرق المتفرعة من طريق الحرير. كانت بلخ واحدة من أعظم المراكز التجارية في المنطقة، وكانت بمثابة مركز سياسي وديني لآلاف السنين. ووفقًا لبعض المؤرخين، كان أول ظهور لزرادشت في مدينة بلخ.
المنطقة الأوسع حول بلخ، وهي باختر، خضعت للحكم الفارسي، كمقاطعة من الإمبراطورية الفارسية الإخمينية، ثم بعد ذلك خضعت لحكم السلالات البارثية والساسانية. بين الحكمين، كانت باختر من بين فتوحات الإسكندر الأكبر الذي ترك آثارًا ثقافية وفنية كبيرة على الإقليم، جعلته يتأثر بالثقافة الهلينية، خاصة مع استخدام اللغة، والأيقونات اليونانية.
لأن أفغانستان كانت جزءًا من طريق التجارة بين جنوب ووسط آسيا، انتقلت النصوص البوذية عبرها على طول طريق الحرير إلى مراكز الترجمة العظيمة في صحراء تاكلامكان في آسيا الوسطى، قبل أن تصل في النهاية إلى الصين، وتنشر الديانة البوذية هناك. ازدهرت الأديرة البوذية، وبسبب ذلك بنيت تماثيل بوذا باميان العملاقة في القرن السادس.
غير أنه بالرغم من التاريخ الفني والثقافي الثري والكبير لأفغانستان، فإن الأمر اختلف كليًا في الوقت الحاضر، حيث أن الفن المعاصر لا يحظى باحترام كبير في أفغانستان، وينظر إليه على أنه تقويض للدين والأخلاق والتقاليد الأفغانية القديمة. كما أنه بالرغم من المخاطر، قام الفنانون الأفغان بتصوير بلادهم وجوانبها المتعددة باستمرار طوال العقدين الماضيين.
مصادر مختارة:
https://www.abc.net.au/news/2008-01-...expert/1024106
https://artsandculture.google.com/st...3AKC6ItvvMqhLw
https://www.britannica.com/art/Herat-school
https://www.britannica.com/place/Afg...social-customs
https://www.osce.org/magazine/224321.
سارة عابدين 6 سبتمبر 2021
آثار
منمنمة "إغواء زليخة ليوسف" لكمال الدين بهزاد (1488)
شارك هذا المقال
حجم الخط
كانت أفغانستان القديمة الواقعة على مفترق طرق التجارة الرئيسية بؤرة للغزوات من قبل القوى العظمى، وموطنًا لبعض أكثر الحضارات تعقيدًا وثراء في قارة آسيا. ولذلك تعد أفغانستان مركزًا لعناصر ثقافية وأنماط فنية متنوعة، منها تمثيلات الحضارة الهلينية منذ القرن الثاني الميلادي. وقد تفرقت الآثار الأفغانية في متاحف العالم، وضاعت خلال عقود من الحروب والاضطرابات، بينما ظلت مجموعة منها مخبأة لمدة 25 عامًا بفضل موظفي متحف كابول الذين حفظوها سرًا، ووضعوها في قبو آمن.
فنون مدرسة هيرات
في السنوات السابقة، ترسخت صورة غير حقيقية عن دولة أفغانستان، بسبب حكم حركة طالبان، لكن أفغانستان تبقى مركزًا لتلاقي الثقافات، حيث كشفت الأبحاث الأثرية التي أجريت منذ عام 1922 عن العديد من الأعمال الفنية من العصور الإسلامية، وما قبلها، وخاصة منمنمات مدرسة هيرات التي ازدهرت فنونها في القرن الخامس تحت رعاية شاه روخ، ابن تيمورلنك، الذي أسس مدرسة الرسم، وجلب إلى بلاطه فنانين من جميع أنحاء بلاد فارس وأفغانستان.
وبالرغم من أن المنمنمات كانت تعبر عن مواضيع مختلفة، إلا أن الرسوم التوضيحية للقصائد كانت أكثر شيوعًا، وبالتالي فإن الأدب الشهير في ذلك الوقت كان يحكم موضوعات اللوحات إلى حد كبير. أشهر منمنمات هيرات كانت مشاهد من الملحمة الفارسية الشاهناماه ـ "كتاب الملوك"ـ للشاعر الفردوسي، والتي تقع في ما يقرب من ستين ألف بيت شعري، بالإضافة إلى رسوم توضيحية لأعمال الشعراء نظامي جنجافي، وسعدي الشيرازي، وعبد الرحمن الجامي.
قامت فنون هيرات على العديد من التقاليد الفنية، مثل تقاليد مدرستي شيراز وتبريز، بالإضافة إلى مفهوم المنظور الذي أدخله المغول، وطورته مدرسة الجلائريين المغولية التي حكمت العراق من منتصف القرن الرابع عشر إلى حوالي عام 1400. كان أكثر ما يميز منمنمات هيرات وجود العديد من الشخصيات في مجموعات، أو منفردة، على مستويات مختلفة داخل إطار الصورة بالكامل. وأدى ذلك إلى ظهور تأثيري البعد والقرب داخل اللوحة.
"تفرقت الآثار الأفغانية في متاحف العالم، وضاعت خلال عقود من الحروب والاضطرابات، بينما ظلت مجموعة منها مخبأة لمدة 25 عامًا بفضل موظفي متحف كابول الذين حفظوها سرًا، ووضعوها في قبو آمن" |
قبل أن تتأثر منمنمات هيرات بالفنون الأخرى كانت الشخصيات المرسومة فيها طويلة ورفيعة برؤوس مستطيلة ولحى مدببة. كما أظهر فنانو مدرسة هيرات إحساسًا متطورًا للغاية بالتكوين، مع ولع كبير بالتفاصيل الوصفية، والألوان المتدرجة.
بهزاد ومدرسة هيرات
عند ظهور الفنان الفارسي، كمال الدين بهزاد، فرض أسلوبه نفسه، بالرغم من أنه لا يعتبر خروجًا جذريًا على الأساليب السابقة، إلا أن مهارته التقنية، مع أصالة تكويناته، ودراما الألوان، ومعرفته بها، جعلته الرسام الرئيسي في عصره. اتسم أسلوبه بالانسجام والإنسانية، لأنه كان قادرًا على تحرير المنمنمات من الصلابة، والاهتمام المفرط بالتفاصيل، لذلك ضخ بهزاد طاقة جديدة وواقعية غير مسبوقة في فنون المنمنمات.
كان بهزاد ماهرًا بشكل خاص في تصوير الحركة البشرية الطبيعية، وكانت له طرقه الإبداعية الخاصة في توصيل السرد والشخصيات، كما أن طبيعة المنمنمات سمحت له بأن يضع تفاصيل صغيرة قد يستغرق المشاهد وقتًا ومشاهدة أدق للعثور عليها.
من أشهر أعمال كمال الدين بهزاد منمنمة بعنوان "إغواء يوسف وزليخة، 1488". تستند المنمنة إلى الآيات 23، 24، 25 من سورة يوسف؛ تلك القصة الشهيرة التي تُعدُّ من أشهر القصص القرآنية. من المثير للاهتمام ملاحظة استخدامه للمنظور في تلك المنمنمة. ويظهر الجدار الأيمن مهارته في تصوير المنظور الواقعي، لكنه يختار أسلوب التسطيح لمعظم الصورة. استخدم بهزاد أنماطًا فنية مختلفة للتمييز بشكل مبدع بين غرف المنزل وهيكله، بينما الشخصان في أعلى هذا الفضاء الخيالي يظهران بإيماءات طبيعية وحركة متدفقة.
الكهوف الأفغانية واللوحات الزيتية الأولى في العالم
بعكس المنمنمات التي تعد من الآثار الثقافية الأفغانية المعروفة، وبالعودة إلى حقب أقدم تاريخيًا في تلك المنطقة الثرية، نجد الصور البوذية المرسومة في منطقة وسط أفغانستان، والتي يعود تاريخها إلى حوالي 650 بعد الميلاد، وهي أقدم الأمثلة على استخدام النفط والألوان الزيتية في تاريخ الفن.
"كان بهزاد ماهرًا بشكل خاص في تصوير الحركة البشرية الطبيعية، وكانت له طرقه الإبداعية الخاصة في توصيل السرد والشخصيات" |
توجد تلك الرسوم في موقع وادي باميان المشهور بتماثيل بوذا العملاقة التي دمرتها حركة طالبان عام 2001. في اللوحات الجدارية، يجلس الآلاف من تماثيل بوذا القرفصاء في أردية قرمزية، وشعرهم معقود. كما تظهر الزخارف الأخرى قرودًا رابضة، ورجالًا يواجهون بعضهم بعضًا، وأوراق نخيل متشابكة ومتداخلة بدقة مع مخلوقات أسطورية. يظهر في اللوحات مزيج من التأثيرات الهندية والصينية، ويرجح مؤرخو الفن أنها أعمال لفنانين سافروا على طريق الحرير الذي كان أكبر طريق تجاري وثقافي يربط بين الشرق والغرب.
قام علماء معهد "GETTY CONSERVATION INSTITUTE" في لوس أنجلوس بتحليل 53 عينة مستخرجة من الجداريات، ووجدوا أن 19 عينة يظهر فيها زيت في الطلاء اللوني، حيث استخدم الرسامون أنواعًا مختلفة من الزيوت على الجدران الترابية بتقنية متطورة أشبه بتقنيات خلط الألوان مع الزيوت في الفنون الإيطالية في العصور الوسطى.
غيَّر هذا الاكتشاف المفاهيم الشائعة حول أصول اللوحات الزيتية، فمن المعروف أن هذه التقنية ظهرت في عصر النهضة في أوروبا، وازدهرت بين الأعوام 1400 ـ 1600 عندما كتب الفنان والمهندس المعماري الإيطالي، جورجيو فاساري، لأول مرة عن الرسم الزيتي، في كتابه حياة الفنانين في منتصف القرن السادس عشر. مع ذلك، يجادل مؤرخو الفن بأن الرسام الفلمنكي، دان فان إيك، هو أول من طور هذه التقنية، وأبقى الطريقة سرًا حتى وفاته.
كان من المدهش اكتشاف أن هذه الأساليب الفنية المتقدمة استخدمت في جداريات آسيا الوسطى، ما صدم مكتشفيها الأوروبيين الذين اعتقدوا دائمًا أن اللوحات الزيتية هي اختراع أوروبي، ولم يصدقوا أن هذه التقنيات يمكن أن توجد في كهف بوذي في أعماق الريف الأفغاني. استخدم رسامو اللوحات الجدارية البوذية المواد العضوية، بما في ذلك الراتينجات الطبيعية، والعلكة النباتية، والزيت الجاف، والبروتين الحيواني، كمواد رابطة، والتي تعد حتى وقتنا هذا عناصر مهمة في الطلاء الزيتي، لأنها تحافظ على جزيئات الصبغة اللونية معًا بشكل متماسك يسمح للطلاء بمقاومة التلف.
اتحاد الثقافات في مدينة بلخ الأفغانية
تقع مدينة بلخ القديمة في ما يعرف الآن في شمال أفغانستان، على طول أحد الطرق المتفرعة من طريق الحرير. كانت بلخ واحدة من أعظم المراكز التجارية في المنطقة، وكانت بمثابة مركز سياسي وديني لآلاف السنين. ووفقًا لبعض المؤرخين، كان أول ظهور لزرادشت في مدينة بلخ.
"كان من المدهش اكتشاف أن الأساليب الفنية المتقدمة استخدمت في جداريات آسيا الوسطى، ما صدم مكتشفيها الأوروبيين الذين اعتقدوا دائمًا أن اللوحات الزيتية هي اختراع أوروبي" |
المنطقة الأوسع حول بلخ، وهي باختر، خضعت للحكم الفارسي، كمقاطعة من الإمبراطورية الفارسية الإخمينية، ثم بعد ذلك خضعت لحكم السلالات البارثية والساسانية. بين الحكمين، كانت باختر من بين فتوحات الإسكندر الأكبر الذي ترك آثارًا ثقافية وفنية كبيرة على الإقليم، جعلته يتأثر بالثقافة الهلينية، خاصة مع استخدام اللغة، والأيقونات اليونانية.
لأن أفغانستان كانت جزءًا من طريق التجارة بين جنوب ووسط آسيا، انتقلت النصوص البوذية عبرها على طول طريق الحرير إلى مراكز الترجمة العظيمة في صحراء تاكلامكان في آسيا الوسطى، قبل أن تصل في النهاية إلى الصين، وتنشر الديانة البوذية هناك. ازدهرت الأديرة البوذية، وبسبب ذلك بنيت تماثيل بوذا باميان العملاقة في القرن السادس.
غير أنه بالرغم من التاريخ الفني والثقافي الثري والكبير لأفغانستان، فإن الأمر اختلف كليًا في الوقت الحاضر، حيث أن الفن المعاصر لا يحظى باحترام كبير في أفغانستان، وينظر إليه على أنه تقويض للدين والأخلاق والتقاليد الأفغانية القديمة. كما أنه بالرغم من المخاطر، قام الفنانون الأفغان بتصوير بلادهم وجوانبها المتعددة باستمرار طوال العقدين الماضيين.
مصادر مختارة:
https://www.abc.net.au/news/2008-01-...expert/1024106
https://artsandculture.google.com/st...3AKC6ItvvMqhLw
https://www.britannica.com/art/Herat-school
https://www.britannica.com/place/Afg...social-customs
https://www.osce.org/magazine/224321.