مومياءات سقارة المصرية تعود لإدهاش العالم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مومياءات سقارة المصرية تعود لإدهاش العالم

    مومياءات سقارة المصرية تعود لإدهاش العالم
    سمير رمان 6 نوفمبر 2020
    آثار
    التوابيت المكتشفة حديثا فى سقارة (AFP)
    شارك هذا المقال
    حجم الخط

    أثارت أعمال التنقيب، التي بدأت العام الماضي في مقبرة سقارة المصرية، ضجّةً كبيرة في الأوساط العلمية والثقافية، بعد أن تم العثور على 59 تابوتًا محفوظةً بشكلٍ جيد. فما هي أسباب هذه الضجة، وما الذي يتوقع أن يكتشفه العلماء تحت تلك الرمال.
    ترجع أهميّة الاكتشاف إلى أنّه من ضمن التوابيت التي عثر عليها هنالك 50 على الأقلّ، لم تتلاشَ ألوانها بعد، بالإضافة إلى العثور على تمائم وتماثيل إلى جانب جثّة الميت. على الفور، انتشر خبر الاكتشاف المصري الكبير حول العالم. فالأمر لا يتعلّق بالاكتشافات في حدّ ذاتها، بل أيضًا في سياق الاكتشاف، حيث ستصبح اللّقى جزءًا من موجودات المتحف الكبير الجديد في الجيزة في القاهرة، الذي شيّد عند سفح هضبة الأهرامات. في الوقت نفسه، ربما تكون الألغاز الرئيسية لمصر القديمة ـ مقبرة كليوباترا ونفرتيتي ـ في انتظار من يكتشفها، ويميط اللثام عن أسرارها (ذكرت الصحافة قبل عامين أنّ ذلك سيكون قريبًا، حيث زعم أنّ عالمة الآثار، كاثلين مارتينيز، عثرت على الأدلة المتعلقة بمقبرة كليوباترا في مدينة تابوزيريس ماجنا (أبو صير) الأثرية، بالقرب من مدينة الإسكندرية، ولكنّ التقارير اللاحقة لم تؤكّد هذه الأنباء).
    الآن، ما هي النتائج التي يتوقع العلماء الحصول عليها من الاكتشافات الأخيرة، وهل ستكون النتائج غير مسبوقة؟
    تعود أهمية النتائج إلى أنّ الاكتشاف تمّ في سقارة، وهي عبارة عن مقبرة فخمة تابعة لمدينة ممفيس، ويبلغ طولها قرابة سبعة كيلومترات. وبحسب علماء الآثار، فإنّ أولى عمليات الدفن فيها تعود إلى الألف الرابعة قبل الميلاد، أمّا آخرها فيعود إلى الحقبة المسيحية المبكرة، وتمتد إلى القرن الخامس بعد الميلاد. بدأت عمليات التنقيب في موقع سقارة في القرن التاسع عشر، وعلى الرغم من مرور وقتٍ طويل على بداية الحفريات والتنقيب، فإنّ الكثير من الأعمال لا يزال أمام علماء الآثار والمنقبين: فهنالك أقدم هرمٍ مصري، وهنالك مدافن من مختلف المستويات، من المقابر الملكية، إلى مدافن عوام الشعب، والمعابر، وسراديب الموتى تضمّ مومياء حيوانات، كان المصريون يقدّسونها. على الرغم من أعمال التنقيب الكثيرة التي جرت في الموقع، ورغم الاكتشافات التي تتحقق كلّ عامٍ، لا يزال قسمٌ كبيرٌ من المقبرة مغطى بالرمال حتى اليوم.

    جميع التوابيت بقيت بعيدةً عن متناول لصوص الآثار، أي أنّه سيكون بين أيدي
    الخبراء، في واقع الأمر، كنزٌ بمثابة "كبسولة الزمن" يتيح إلقاء نظرةٍ
    إلى الماضي الذي يبعد عن زمننا قرابة 2700 عام

    أثناء عمليات الحفر المستمرة في العام الماضي، عثر على ثلاثة مناجم على عمق 10-12 مترًا، وعثر في الجزء السفلي من المناجم على غرف دفنٍ جماعية يعود تاريخها إلى القرن السادس قبل الميلاد، وهو آخر نهضة للثقافة المصرية القديمة، أو ما يعرف بـ"النهضة السايسية "، التي جاء ملوكها من مدينة Sais (صان الحجر) الشهيرة، وتتسم تماثيلها بأهميّة فنيّة فائقة. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما أهمية هذه المقابر الجماعية؟ يتعلق الأمر، على ما يبدو، بعدم قدرة غالبية النبلاء ـ باستثناء كبارهم- على بناء مدافنهم الخاصّة. غير أنّ اهتمام الرسامين كان منصبًّا حينها على زخرفة التوابيت بألوانٍ زاهية غنيّة، ومن المدهش أنّ الدهانات المعدنية المصرية القديمة تحافظ على رونقها طالما بقيت بعيدةً عن الرطوبة.
    خلال مؤتمرٍ صحافيٍّ عقد قبل فترةٍ قريبة، أعلن وزير السياحة والآثار المصري، خالد العناني، أنّه تمّ فتح أحد التوابيت، ولوحظ أنّ المومياء والقناع محفوظان بشكلٍ رائع، وأنّ جميع التوابيت بقيت بعيدةً عن متناول لصوص الآثار، أي أنّه سيكون بين أيدي الخبراء، في واقع الأمر، كنزٌ بمثابة "كبسولة الزمن" يتيح إلقاء نظرةٍ إلى الماضي الذي يبعد عن زمننا قرابة 2700 عام.
    من بين الاكتشافات المهمّة الأُخرى، التي أنجزت هذا الموسم في موقع سقارة، كان العثور على 28 تمثالًا للإله بتاح سوكر أوزاريس، أحد أعظم حماة الموتى في الثقافة المصرية القديمة، وكذلك تمثالٌ صغير من البرونز بارتفاع 30 سم للإله نفرتيم Nefertem (إله الروائح الزكية والبخور، وقوى الطبيعة الغامضة). سيتم في ما بعد عرض كلّ هذه النفائس التاريخية في واحدةٍ من صالات المعرض العظيم في الجيزة، بالقرب من أهرامات القاهرة. من ناحيةٍ أُخرى، كتبت الصحافة أنّ المومياء التي عُثر عليها قد أزيلت أدمغتها. ومع أنّ عملية إزالة الدماغ من الجثث تذكّرنا بأفلام الإثارة الهوليوودية، فإنّ الثقافة المصرية القديمة لم تجد فيها ما يدعو إلى الاستغراب، لأنّ طقوس التحنيط كانت تتم، عبر جميع عصور مصر القديمة، بإزالة أعضاء الجثّة الداخلية بالكامل، بما فيها الدماغ، الذي كانت يسحب بواسطة خطّافٍ يمرر من خلال فتحة الأنف. وتستكمل العملية بحقن عصير الفجل المركّز عبر الثقوب الموجودة في الجمجمة، وحشو تجويف الجمجمة القحفي الفارغ بالراتنج، والزيوت العطرية، والقشّ. وتعد هذه العملية ممارسة نموذجية تمامًا في طقوس التحنيط التي تعود إلى آلاف السنين، حيث أراد المصريون القدماء (بحسب معتقداتهم) الحفاظ على القشرة الجسدية؛ كي تتم بنجاحٍ عملية تفكك جوهر الإنسان إلى عناصر أصغر، وأكثر دقّةٍ.

    كان من المفترض أنّ تجري مراسم افتتاح متحف الجيزة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولكنّ تمّ تأجيله حتى العام المقبل، بسبب جائحة فيروس كورونا.
    أما ما يجدر ذكره فإنّ متحف الجيزة هو أحد أكثر المتاحف حداثةً في العالم، فقد تجاوزت تكاليف بنائه 1.25 مليار دولار أميركي، ما يجعله أيضًا أكثر المتاحف كلفة في العالم كلّه.
يعمل...
X