المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر: البحث عن الفرجة
عبد الكريم قادري 8 يناير 2023
هنا/الآن
تكريم الفنان طه العامري خلال حفل الافتتاح
شارك هذا المقال
حجم الخط
أسدل الستار، قبل أيام، عن فعاليات الطبعة الـ15 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف في الجزائر، والذي جرت فعالياته بعد برنامج مكثف ومختلف، تراوح بين التكريمات والندوات والمحاضرات واللقاءات والعروض المسرحية من داخل وخارج المنافسة الرسمية.
وقد أعطت وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، من فضاء المسرح الوطني "محي الدين باشطرزي" إشارة انطلاق فعاليات هذه التظاهرة، والتي حرّكت مياه "أبو الفنون" الراكدة، مؤكدة في كلمتها على أهمية المسرح كفن فاعل ومهم في حياة الفرد والمجتمع، كما سردت ما حققه المسرح الجزائري خلال مساره المشرف والمضيء، كونه انطلق من النضال لدعم قيم الثورة ومبادئها، وهذا بقولها إن "الفن الرابع الجزائري ارتبط بذاكرة النضال منذ البداية، ولعب دورًا في التنوير، وغرس قيم المواطنة والانتماء، وكذا المساهمة في بناء الدولة الوطنية". وأضافت أن المسرح "لم ينعزل يومًا عن المجتمع، ولا تنكر لقيم الجزائر الأصيلة"، لتختتم كلمتها بإطلاق وعود لصنّاع المسرح ومحبيه في الجزائر، وهذا من خلال قولها بأن "سنة 2023 ستعرف حركية مسرحية غير مسبوقة، من خلال إنتاج عروض في مختلف المسارح، إلى جانب إنتاج وإخراج أعمال في إطار برنامج الدعم الذي أفرج عنه بموجب رخصة استثنائية، ناهيك عن تنظيم فعاليات مسرحية في قوافل تجوب كل ربوع الوطن".
حملت الطبعة الـ15 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف اسم الفنان والمناضل عبد الرحمان بسطانجي، المعروف في الوسط الفني بتسمية "طه العامري" (مواليد 1927)، ولقد تم تكريمه خلال فعاليات الافتتاح، بحضور وزيرة الثقافة والفنون، إضافة إلى عدد من الوجوه الفنية والسياسية والإعلامية وعشاق الفن بشكل عام، حيث وقف على مسرح "محي الدين باشطرزي"، مقابلًا الجمهور الذي طالما سانده ووقف معه على مدى عقود من الزمن، ينظر لتصفيقاته وزغاريده وتحياته الحارة وفرحه الكبير بهذا الاحتفاء، بعد أن تسلم درع التكريم، لتكون تلك اللحظة من بين أهم اللحظات في حياته، وهذا ما أفرزته ملامح الفرح على وجهه، كما استعاد من خلال التمثيلية التي أدّاها الفنانان المسرحيان محمد تكيرات، ومراد أوجيت، أمجاده المسرحية والفنية، خاصة أنه عاش وعاصر معظم الأسماء التي صنعت مجد المسرح الجزائري، عمل معهم وعاش بينهم وساهم في صناعة هذا التراث الممتد.
داخل المنافسة وخارجها: الفرجة
تنوّعت العروض داخل وخارج المنافسة، وعلى خشبة المسارح وإسفلت الساحات العمومية، وقد بلغ عددها حوالي 30 عرضًا، من بينها 13 داخل المنافسة الرسمية، وهي: مسرحية "الفلوكة" للمخرج أحمد العقون، والكاتب والممثل سيف الدين بوهة، وإنتاج جمعية الصرخة للمسرح من سكيكدة، ومسرحية "موت الذات الثالثة" للمخرج عيسى جقاطي، والكاتب محمد الأمين بن ربيع، وإنتاج المسرح الجهوي للعلمة، ومسرحية "نساء كازانوفا" للمخرج علي جبارة، وهي عمل مقتبس من رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب واسيني الأعرج، أنتجها المسرح الجهوي لبجاية، ومسرحية "غصة عبور" للمخرج توفيق بخوش، والكاتب ناغريد الداود، وإنتاج المسرح الجهوي لباتنة، ومسرحية "روز حنيني"، التي أخرجها واقتبسها خودي أحمد، وهي من إنتاج المسرح الجهوي لتيزي وزو، ومسرحية "صيف أفريقي" للمخرج كريم بودشيش، اقتبسها السعيد بولمرقة عن رواية محمد ديب، ومسرحية "شجرة الموز" للمخرجة نقواش شهيناز، والتي تم اقتباسها من نص للكاتب خوسيه تريان عن "ليلة القتلة"، وقد أنتجها المسرح الجهوي لسكيكدة، ومسرحية "موعد. كون" للمخرج دين الهاني محمد جهيد، للكاتب غرازيت سيد أحمد، وقد أنتجها المسرح الوطني لسيدي بلعباس، ومسرحية "الجاثوم" للمخرج عبد القادر عزوز، وهي من إنتاج المسرح الوطني الجزائري، ومسرحية "حلم غير مثقوب" للمخرج والكاتب هارون الكيلاني، تم إنتاجها من طرف جمعية الأقواس للمواهب الشابة بالمدية، ومسرحية "العازب" للمخرج مولاي ملياني محمد مراد، نص مقتبس عن رواية "العازب" لربيعة جلطي، ومسرحية "ميكانيزما" للمخرج قادة تاني، عن نص لتوفيق الحكيم، وأخيرًا مسرحية "التافهون" للمخرج أحمد رزاق.
تنوعت مواضيع المسرحيات المعروضة، وما تمت ملاحظته خلال هذه الدورة في تلك النصوص هو المصالحة بينها وبين الرواية الجزائرية بالخصوص، وهي علاقة لم تكن منسجمة بالمطلق، فقط محاولات قليلة يمكن عدها في كل تاريخ المسرح الجزائري، وهو ما حدث مع روايات كل من ربيعة جلطي في روايتها "العازب"، و"صيف أفريقي" لمحمد ديب، و"نساء كازانوفا" لواسيني الأعرج، ومن المعروف عن واسيني أنه يملك زادًا لا بأس به، من خلال انسجام نصوصه الروائية مع المسرح، لهذا تم تحويل عدد من رواياته إلى نصوص مسرحية، إضافة إلى أن هناك عددًا من المخرجين الجزائريين لم يتخلوا مطلقًا عن ظاهرة الاقتباس من الآداب والنصوص العالمية، مع أن هنالك لبسًا واختلافًا في مصطلح "الاقتباس" الذي تحوّل إلى شماعة لدى كثير من المخرجين، حيث يتم نقل نص كما هو، فقط يتم "جزأرته"، بعدها يكتبون بأنه اقتباس، وهنالك من لا يشير مطلقًا إلى هذا الأمر، لهذا وجب، برأيي، تسليط الضوء على هذه الظاهرة من خلال تنظيم ندوات خاصة بها مستقبلًا.
الورشات التكوينية: رافد المسرح ومستقبله
لم تتخل محافظة المهرجان الوطني للمسرح المحترف، والتي يرأسها محمد يحياوي، عن البعد التكويني والفكري لهذه التظاهرة، إذ سطّرت هذه السنة عددًا من الورشات المهمة، أطرها مختصون وخبراء في المجال، من بينها ورشة "المسرح الإذاعي"، التي أطرها الفنان عبد النور شلوش في المركز الجزائري للسينما، وورشة "النقد المسرحي"، التي تم توجيهها للصحافيين والمهتمين بهذا الشأن، وقد أطرها الدكتور حميد علاوي في مقر المسرح الوطني الجزائري، وورشة "التربية الصوتية"، التي أطرها الأستاذ عبد الله الحكيم لمداني في المعهد العالي للموسيقى، وورشة "موسيقى المسرح" التي أطرها محمد زامي، وهي الأخرى تم تنظيمها في المعهد العالي للموسيقى، وأخيرًا ورشة "الحكواتي" التي أطّرها الحكواتي والراوي ماحي الصديق في المركز الجزائري للسينما. وقد استفاد العشرات من الشباب من هذه الورشات الخمس، التي من شأنها أن ترفع من البعد الأكاديمي والنظري للطلاب ومحبي المسرح، لأنها ستنعكس في مسارهم وتجاربهم المستقبلية.
وفي السياق نفسه تقريبًا، سطّرت المحافظة برنامجًا فكريًا أكاديميًا، نشّطته مجموعة من الكتاب والأساتذة الجامعيين والفنانين، وعدد من الأسماء المهمة، من بينها ندوة "الاحتفال بفرقة جبهة التحرير للمسرح" تدخل فيها كل من: أ. د. أحمد شنيقي/ أ. نوال ابراهيم، مع تنظيم لقاء مع طه العامري، وقد أشرف على هذه الدورة التي تم تنظيمها بقاعة "محمد بن قطاف" الأستاذ الدكتور محمد بوكراس، من المعهد الوطني لفنون العرض، كما تم تنشيط ندوة عن فرقة مسرح العمال بوهران، نشطها كل من بلفاضل محمد، ميهوبي محمد، وأشرف عليها الدكتور بلعالية أحمد من جامعة سعيدة، وندوة "فرقة الموجة مستغانم"، نشطها بوجمعة جيلالي، بوجمعة خولة، وقد أشرف على هذه الدورة الدكتورة خديجة بومسلوك من جامعة مستغانم، كما تم تنشيط ندوة مهمة تحت عنوان "المسرح والرقمنة والمسرح العلمي" تدخل فيها كل من د. وهيبة صالحي من جامعة بجاية، أ. محفوظ فلوس، وقد نشطتها الدكتورة ليلى بن عائشة من جامعة سطيف.
وفي التوجه نفسه، تم عقد ندوة مهمة تحت عنوان "المسرحي يستنجد بالرواية، تدخل فيها كل من: الروائي واسيني الأعرج، والناقد عز الدين جلولي، والكاتب علاوة كوسة، والمخرج علي جبارة، والكاتب ملياني مراد مولاي، وقد نشّطها الناقد والكاتب محمد الأمين بحري من جامعة بسكرة، كم تم تنظيم جلسات بيع بالإهداء طوال أيام المهرجان، وقد أشرف عليها الأديب إدريس بوذيبة.
إعلان النتائج ودعوة للابتعاد عن الطرح المباشر
بعد 9 أيام كاملة من النشاط الذي توزع بين العروض والندوات واللقاءات والتكريمات، سواء داخل القاعات، أو خارجها، اختتمت فعاليات الطبعة الـ15 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالإعلان عن الأسماء والأعمال المتوجة، ورغم إظهار المتوجين سعادتهم بأعمالهم المتوجة، غير أن هنالك من أبدى امتعاضه من تلك النتائج، وهو الأمر الذي يحضر عادة في معظم المهرجانات التي تنظم، حيث تُظهر فئة عدم رضاها عن جزء من البرنامج والنتائج، انطلاقًا من معطيات موضوعية، أو ذاتية، كما تجدد خلال هذه التظاهرة الحديث القديم الجديد عن الطريقة التي يتم من خلالها استضافة الفنانين والمسرحيين المشاركين خلال الفعاليات، إذ لا يمكن للفرق المسرحية المشاركة أن تبقى كل المدة في المهرجان، فقط تُستضاف خلال مدة محددة أيام تقديم عروضها، بعدها تنتهي مدة ضيافتهم، وقد ابتكر هذه الطريقة المتقشفة وزير الثقافة والفنون الأسبق عز الدين ميهوبي، لتقليص الميزانية المالية للمهرجان، لكنه حرم من خلالها الفنانين من الالتقاء والاحتكاك وعقد الشراكات الفنية بينهم، إذ بات من غير المعقول أن لا يلتقي الفنان بزميله الفنان خلال المهرجان نفسه، لهذا طالب هؤلاء بضرورة عودة الاستضافة الكاملة، من أجل أن يصل المهرجان إلى أهدافه الفنية والفكرية التي تنتجه اللقاءات المباشرة بين الفنانين، خاصة أن الهدف الذي تم بموجبه تقليص مدة الاستضافة قد زال.
تشكّلت لجنة تحكيم هذه الدورة من الأكاديمي عبد الكريم بن عيسى، الذي أسندت له رئاستها، بعضوية كل من محمد فريمهدي، سالي بن ناصر، عديلة سوالم، الطيب دهيمي، نوال بن عيسى، ولحسن شيبة، وقد قدّمت أثناء إعلانها للنتائج في حفلة الاختتام جملة من الملاحظات المهمة حول العروض المشاركة، ولقد رصدتها اللجنة في "طغيان الخطاب المباشر على الخطاب المسرحي، ما أضاع جمالية الحوار المسرحي المؤسّس، إضافة إلى اللجوء إلى الموسيقى غير الوظيفية، وهو الأمر الذي يرهق السينوغرافيا والإيقاع العام والخاص للعرض".
كما أطلقت جملة من التوصيات أبرزها "ضرورة إعادة النظر في برمجة عرضين في اليوم الواحد، اقتراح مهرجان من 10 أيام بـ 10 عروض، مع ترسيم لجنة وطنية لانتقاء العروض المشاركة عبر مختلف المهرجانات، وكذا ضرورة ديمومة العرض المجاز من خلال الترويج له، وتنظيم جولات مسرحية له، ناهيك عن لزوم عناية المخرجين بإدارة الممثل، والعمل على الجوانب الجسدية والذهنية والإلقائية وتكوينه بشكل مستمر".
تُوّجت لجنة التحكيم مسرحية "موت الذات الثالثة" للمخرج عيسى جقاطي للمسرح الجهوي للعلمة بجائزة أحسن عرض مسرحي متكامل، إضافة إلى جائزة أحسن دور رجالي، التي ذهبت إلى ممثلها الرئيسي توفيق رابحي، كما توج كاتب النص محمد الأمين بن ربيع بجائزة أحسن نص مسرحي، أما جائزة أحسن موسيقى فذهبت إلى بحر بن سالم عن مسرحية "الجاثوم" للمسرح الوطني الجزائري، فيما تقاسمت مع مسرحية "شجرة الموز" للمسرح الجهوي لسكيكدة جائزة أحسن سينوغرافيا، وفاز فيها كل من عبد القادر عزوز، وشهيناز نغواش. وعادت جائزة أحسن أداء نسائي، مناصفة أيضًا، لسعاد جناتي عن دورها في مسرحية "موعد. كون" للمسرح الجهوي لسيدي بلعباس، وأمينة بلحسين عن دورها في مسرحية "العازب" للمسرح الجهوي وهران.
أما جائزة أفضل إخراج فنالها مناصفة كل من المخرجة شهيناز نغواش عن عملها "شجرة الموز"، والمخرج أحمد رزاق عن عمله "التافهون" للمسرح الجهوي لعنابة، ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة لمسرحية "موعد. كون" للمسرح الجهوي لسيدي بلعباس.
شارك هذا المقال مقالات اخرى للكاتب
عبد الكريم قادري 8 يناير 2023
هنا/الآن
تكريم الفنان طه العامري خلال حفل الافتتاح
شارك هذا المقال
حجم الخط
أسدل الستار، قبل أيام، عن فعاليات الطبعة الـ15 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف في الجزائر، والذي جرت فعالياته بعد برنامج مكثف ومختلف، تراوح بين التكريمات والندوات والمحاضرات واللقاءات والعروض المسرحية من داخل وخارج المنافسة الرسمية.
وقد أعطت وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، من فضاء المسرح الوطني "محي الدين باشطرزي" إشارة انطلاق فعاليات هذه التظاهرة، والتي حرّكت مياه "أبو الفنون" الراكدة، مؤكدة في كلمتها على أهمية المسرح كفن فاعل ومهم في حياة الفرد والمجتمع، كما سردت ما حققه المسرح الجزائري خلال مساره المشرف والمضيء، كونه انطلق من النضال لدعم قيم الثورة ومبادئها، وهذا بقولها إن "الفن الرابع الجزائري ارتبط بذاكرة النضال منذ البداية، ولعب دورًا في التنوير، وغرس قيم المواطنة والانتماء، وكذا المساهمة في بناء الدولة الوطنية". وأضافت أن المسرح "لم ينعزل يومًا عن المجتمع، ولا تنكر لقيم الجزائر الأصيلة"، لتختتم كلمتها بإطلاق وعود لصنّاع المسرح ومحبيه في الجزائر، وهذا من خلال قولها بأن "سنة 2023 ستعرف حركية مسرحية غير مسبوقة، من خلال إنتاج عروض في مختلف المسارح، إلى جانب إنتاج وإخراج أعمال في إطار برنامج الدعم الذي أفرج عنه بموجب رخصة استثنائية، ناهيك عن تنظيم فعاليات مسرحية في قوافل تجوب كل ربوع الوطن".
حملت الطبعة الـ15 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف اسم الفنان والمناضل عبد الرحمان بسطانجي، المعروف في الوسط الفني بتسمية "طه العامري" (مواليد 1927)، ولقد تم تكريمه خلال فعاليات الافتتاح، بحضور وزيرة الثقافة والفنون، إضافة إلى عدد من الوجوه الفنية والسياسية والإعلامية وعشاق الفن بشكل عام، حيث وقف على مسرح "محي الدين باشطرزي"، مقابلًا الجمهور الذي طالما سانده ووقف معه على مدى عقود من الزمن، ينظر لتصفيقاته وزغاريده وتحياته الحارة وفرحه الكبير بهذا الاحتفاء، بعد أن تسلم درع التكريم، لتكون تلك اللحظة من بين أهم اللحظات في حياته، وهذا ما أفرزته ملامح الفرح على وجهه، كما استعاد من خلال التمثيلية التي أدّاها الفنانان المسرحيان محمد تكيرات، ومراد أوجيت، أمجاده المسرحية والفنية، خاصة أنه عاش وعاصر معظم الأسماء التي صنعت مجد المسرح الجزائري، عمل معهم وعاش بينهم وساهم في صناعة هذا التراث الممتد.
داخل المنافسة وخارجها: الفرجة
تنوّعت العروض داخل وخارج المنافسة، وعلى خشبة المسارح وإسفلت الساحات العمومية، وقد بلغ عددها حوالي 30 عرضًا، من بينها 13 داخل المنافسة الرسمية، وهي: مسرحية "الفلوكة" للمخرج أحمد العقون، والكاتب والممثل سيف الدين بوهة، وإنتاج جمعية الصرخة للمسرح من سكيكدة، ومسرحية "موت الذات الثالثة" للمخرج عيسى جقاطي، والكاتب محمد الأمين بن ربيع، وإنتاج المسرح الجهوي للعلمة، ومسرحية "نساء كازانوفا" للمخرج علي جبارة، وهي عمل مقتبس من رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب واسيني الأعرج، أنتجها المسرح الجهوي لبجاية، ومسرحية "غصة عبور" للمخرج توفيق بخوش، والكاتب ناغريد الداود، وإنتاج المسرح الجهوي لباتنة، ومسرحية "روز حنيني"، التي أخرجها واقتبسها خودي أحمد، وهي من إنتاج المسرح الجهوي لتيزي وزو، ومسرحية "صيف أفريقي" للمخرج كريم بودشيش، اقتبسها السعيد بولمرقة عن رواية محمد ديب، ومسرحية "شجرة الموز" للمخرجة نقواش شهيناز، والتي تم اقتباسها من نص للكاتب خوسيه تريان عن "ليلة القتلة"، وقد أنتجها المسرح الجهوي لسكيكدة، ومسرحية "موعد. كون" للمخرج دين الهاني محمد جهيد، للكاتب غرازيت سيد أحمد، وقد أنتجها المسرح الوطني لسيدي بلعباس، ومسرحية "الجاثوم" للمخرج عبد القادر عزوز، وهي من إنتاج المسرح الوطني الجزائري، ومسرحية "حلم غير مثقوب" للمخرج والكاتب هارون الكيلاني، تم إنتاجها من طرف جمعية الأقواس للمواهب الشابة بالمدية، ومسرحية "العازب" للمخرج مولاي ملياني محمد مراد، نص مقتبس عن رواية "العازب" لربيعة جلطي، ومسرحية "ميكانيزما" للمخرج قادة تاني، عن نص لتوفيق الحكيم، وأخيرًا مسرحية "التافهون" للمخرج أحمد رزاق.
"بلغ عدد العروض حوالي 30، من بينها 13 داخل المنافسة الرسمية" |
تنوعت مواضيع المسرحيات المعروضة، وما تمت ملاحظته خلال هذه الدورة في تلك النصوص هو المصالحة بينها وبين الرواية الجزائرية بالخصوص، وهي علاقة لم تكن منسجمة بالمطلق، فقط محاولات قليلة يمكن عدها في كل تاريخ المسرح الجزائري، وهو ما حدث مع روايات كل من ربيعة جلطي في روايتها "العازب"، و"صيف أفريقي" لمحمد ديب، و"نساء كازانوفا" لواسيني الأعرج، ومن المعروف عن واسيني أنه يملك زادًا لا بأس به، من خلال انسجام نصوصه الروائية مع المسرح، لهذا تم تحويل عدد من رواياته إلى نصوص مسرحية، إضافة إلى أن هناك عددًا من المخرجين الجزائريين لم يتخلوا مطلقًا عن ظاهرة الاقتباس من الآداب والنصوص العالمية، مع أن هنالك لبسًا واختلافًا في مصطلح "الاقتباس" الذي تحوّل إلى شماعة لدى كثير من المخرجين، حيث يتم نقل نص كما هو، فقط يتم "جزأرته"، بعدها يكتبون بأنه اقتباس، وهنالك من لا يشير مطلقًا إلى هذا الأمر، لهذا وجب، برأيي، تسليط الضوء على هذه الظاهرة من خلال تنظيم ندوات خاصة بها مستقبلًا.
الورشات التكوينية: رافد المسرح ومستقبله
لم تتخل محافظة المهرجان الوطني للمسرح المحترف، والتي يرأسها محمد يحياوي، عن البعد التكويني والفكري لهذه التظاهرة، إذ سطّرت هذه السنة عددًا من الورشات المهمة، أطرها مختصون وخبراء في المجال، من بينها ورشة "المسرح الإذاعي"، التي أطرها الفنان عبد النور شلوش في المركز الجزائري للسينما، وورشة "النقد المسرحي"، التي تم توجيهها للصحافيين والمهتمين بهذا الشأن، وقد أطرها الدكتور حميد علاوي في مقر المسرح الوطني الجزائري، وورشة "التربية الصوتية"، التي أطرها الأستاذ عبد الله الحكيم لمداني في المعهد العالي للموسيقى، وورشة "موسيقى المسرح" التي أطرها محمد زامي، وهي الأخرى تم تنظيمها في المعهد العالي للموسيقى، وأخيرًا ورشة "الحكواتي" التي أطّرها الحكواتي والراوي ماحي الصديق في المركز الجزائري للسينما. وقد استفاد العشرات من الشباب من هذه الورشات الخمس، التي من شأنها أن ترفع من البعد الأكاديمي والنظري للطلاب ومحبي المسرح، لأنها ستنعكس في مسارهم وتجاربهم المستقبلية.
"تنوعت مواضيع المسرحيات المعروضة، وما تمت ملاحظته خلال هذه الدورة في تلك النصوص هو المصالحة بينها وبين الرواية الجزائرية بالخصوص، وهي علاقة لم تكن منسجمة بالمطلق" |
وفي السياق نفسه تقريبًا، سطّرت المحافظة برنامجًا فكريًا أكاديميًا، نشّطته مجموعة من الكتاب والأساتذة الجامعيين والفنانين، وعدد من الأسماء المهمة، من بينها ندوة "الاحتفال بفرقة جبهة التحرير للمسرح" تدخل فيها كل من: أ. د. أحمد شنيقي/ أ. نوال ابراهيم، مع تنظيم لقاء مع طه العامري، وقد أشرف على هذه الدورة التي تم تنظيمها بقاعة "محمد بن قطاف" الأستاذ الدكتور محمد بوكراس، من المعهد الوطني لفنون العرض، كما تم تنشيط ندوة عن فرقة مسرح العمال بوهران، نشطها كل من بلفاضل محمد، ميهوبي محمد، وأشرف عليها الدكتور بلعالية أحمد من جامعة سعيدة، وندوة "فرقة الموجة مستغانم"، نشطها بوجمعة جيلالي، بوجمعة خولة، وقد أشرف على هذه الدورة الدكتورة خديجة بومسلوك من جامعة مستغانم، كما تم تنشيط ندوة مهمة تحت عنوان "المسرح والرقمنة والمسرح العلمي" تدخل فيها كل من د. وهيبة صالحي من جامعة بجاية، أ. محفوظ فلوس، وقد نشطتها الدكتورة ليلى بن عائشة من جامعة سطيف.
وفي التوجه نفسه، تم عقد ندوة مهمة تحت عنوان "المسرحي يستنجد بالرواية، تدخل فيها كل من: الروائي واسيني الأعرج، والناقد عز الدين جلولي، والكاتب علاوة كوسة، والمخرج علي جبارة، والكاتب ملياني مراد مولاي، وقد نشّطها الناقد والكاتب محمد الأمين بحري من جامعة بسكرة، كم تم تنظيم جلسات بيع بالإهداء طوال أيام المهرجان، وقد أشرف عليها الأديب إدريس بوذيبة.
إعلان النتائج ودعوة للابتعاد عن الطرح المباشر
بعد 9 أيام كاملة من النشاط الذي توزع بين العروض والندوات واللقاءات والتكريمات، سواء داخل القاعات، أو خارجها، اختتمت فعاليات الطبعة الـ15 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالإعلان عن الأسماء والأعمال المتوجة، ورغم إظهار المتوجين سعادتهم بأعمالهم المتوجة، غير أن هنالك من أبدى امتعاضه من تلك النتائج، وهو الأمر الذي يحضر عادة في معظم المهرجانات التي تنظم، حيث تُظهر فئة عدم رضاها عن جزء من البرنامج والنتائج، انطلاقًا من معطيات موضوعية، أو ذاتية، كما تجدد خلال هذه التظاهرة الحديث القديم الجديد عن الطريقة التي يتم من خلالها استضافة الفنانين والمسرحيين المشاركين خلال الفعاليات، إذ لا يمكن للفرق المسرحية المشاركة أن تبقى كل المدة في المهرجان، فقط تُستضاف خلال مدة محددة أيام تقديم عروضها، بعدها تنتهي مدة ضيافتهم، وقد ابتكر هذه الطريقة المتقشفة وزير الثقافة والفنون الأسبق عز الدين ميهوبي، لتقليص الميزانية المالية للمهرجان، لكنه حرم من خلالها الفنانين من الالتقاء والاحتكاك وعقد الشراكات الفنية بينهم، إذ بات من غير المعقول أن لا يلتقي الفنان بزميله الفنان خلال المهرجان نفسه، لهذا طالب هؤلاء بضرورة عودة الاستضافة الكاملة، من أجل أن يصل المهرجان إلى أهدافه الفنية والفكرية التي تنتجه اللقاءات المباشرة بين الفنانين، خاصة أن الهدف الذي تم بموجبه تقليص مدة الاستضافة قد زال.
تشكّلت لجنة تحكيم هذه الدورة من الأكاديمي عبد الكريم بن عيسى، الذي أسندت له رئاستها، بعضوية كل من محمد فريمهدي، سالي بن ناصر، عديلة سوالم، الطيب دهيمي، نوال بن عيسى، ولحسن شيبة، وقد قدّمت أثناء إعلانها للنتائج في حفلة الاختتام جملة من الملاحظات المهمة حول العروض المشاركة، ولقد رصدتها اللجنة في "طغيان الخطاب المباشر على الخطاب المسرحي، ما أضاع جمالية الحوار المسرحي المؤسّس، إضافة إلى اللجوء إلى الموسيقى غير الوظيفية، وهو الأمر الذي يرهق السينوغرافيا والإيقاع العام والخاص للعرض".
كما أطلقت جملة من التوصيات أبرزها "ضرورة إعادة النظر في برمجة عرضين في اليوم الواحد، اقتراح مهرجان من 10 أيام بـ 10 عروض، مع ترسيم لجنة وطنية لانتقاء العروض المشاركة عبر مختلف المهرجانات، وكذا ضرورة ديمومة العرض المجاز من خلال الترويج له، وتنظيم جولات مسرحية له، ناهيك عن لزوم عناية المخرجين بإدارة الممثل، والعمل على الجوانب الجسدية والذهنية والإلقائية وتكوينه بشكل مستمر".
تُوّجت لجنة التحكيم مسرحية "موت الذات الثالثة" للمخرج عيسى جقاطي للمسرح الجهوي للعلمة بجائزة أحسن عرض مسرحي متكامل، إضافة إلى جائزة أحسن دور رجالي، التي ذهبت إلى ممثلها الرئيسي توفيق رابحي، كما توج كاتب النص محمد الأمين بن ربيع بجائزة أحسن نص مسرحي، أما جائزة أحسن موسيقى فذهبت إلى بحر بن سالم عن مسرحية "الجاثوم" للمسرح الوطني الجزائري، فيما تقاسمت مع مسرحية "شجرة الموز" للمسرح الجهوي لسكيكدة جائزة أحسن سينوغرافيا، وفاز فيها كل من عبد القادر عزوز، وشهيناز نغواش. وعادت جائزة أحسن أداء نسائي، مناصفة أيضًا، لسعاد جناتي عن دورها في مسرحية "موعد. كون" للمسرح الجهوي لسيدي بلعباس، وأمينة بلحسين عن دورها في مسرحية "العازب" للمسرح الجهوي وهران.
أما جائزة أفضل إخراج فنالها مناصفة كل من المخرجة شهيناز نغواش عن عملها "شجرة الموز"، والمخرج أحمد رزاق عن عمله "التافهون" للمسرح الجهوي لعنابة، ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة لمسرحية "موعد. كون" للمسرح الجهوي لسيدي بلعباس.
شارك هذا المقال مقالات اخرى للكاتب