فان غوخ وأنتونان آرتو: أكثر من صداقة
تغريد عبد العال 18 يناير 2023
تغطيات
شارك هذا المقال
حجم الخط
لم يبع الفنان فان غوخ إلا لوحة واحدة طوال حياته، لكن لوحاته وأعماله هي الأغلى ثمنًا في العالم. كتب الشاعر والمسرحي الفرنسي أنتونان آرتو "صاحب مسرح القسوة" نصه "فان غوخ منتحر المجتمع" عن فان غوخ بعد مشاهدته معرض الأخير في متحف "أورونجواي" الباريسي الكائن في حديقة "تويليري" وبعد قراءته للمقالة المنشورة في مجلة "فنون". ويفتح نص آرتو أسئلة كثيرة عن فان غوخ، فتلك الحالة النفسية التي كان يعانيها قد رافقت الكثير من الفنانين والكتاب، بمن فيهم آرتو نفسه. لذلك تأتي هذه الأسئلة: لماذا انجذب آرتو لفان غوخ؟ هل كانت علاقته به كما هي علاقة الشعراء بالفنانين؟ وهل يشكل إبداع فان غوخ بوصلة للشاعر آرتو؟
يقول المترجم عيسى مخلوف عن نص آرتو الصادرة ترجمته عن دار الرافدين إنه ليس كتابًا بل "عاصفة تتحفز في صفحات كتاب يحركها الألم". كان الألم حقًا هو ما جمع آرتو بفان غوخ، لكنه ليس وحده فها هو يذهب عميقًا ليكتب عن جنون فان غوخ وأثر ذلك في فنه، فيقول: "فان غوخ لم يكن مجنونًا، لكن أعماله الفنية هي تجسيد لنيران يونانية، وقنابل ذرية قادرة من زاوية رؤيتها، إلى جانب جميع الأعمال الفنية الأخرى التي كانت سائدة في ذلك الوقت، على أن تضايق بقوة الأعراف البورجوازية الخام للإمبراطورية الفرنسية الثانية، وأتباع تيير، وغامبيتا، وفيليكس فور، وكذلك أتباع نابليون الثالث".
هكذا يدخل آرتو إلى قلب أعمال فان غوخ ليعكس قوتها بأنها تخرج عن الأعراف السائدة للمؤسسات، فيما يصوّر الطب بأن فان غوخ مجنون. ينتقد آرتو ذلك وكأنه يريد لجنون فان غوخ أن يكون هو الطاقة الإبداعية التي تؤسس لكل فنه. وهو الذي يقارنه بغوغان في نصه، فيقول إن غوغان كان يعتقد أن من واجب الفنان أن يبحث عن الرمز والأسطورة عبر تعظيم أشياء الحياة، لكن فان غوخ يتصور أن ثمة ضرورة لمعرفة استخلاص الأسطورة من الأشياء العادية جدا في الحياة.
الفنان والجنون
من هنا يعانق آرتو فان غوخ، الذي بحث عن أناه في داخل مجتمع يحاصر، فهو الذي انتحر ليس بسبب نوبة جنون، بل بسبب ذعر من عدم النجاح فيما كان يصبو إليه، كما يقول آرتو.
هكذا كانت إذًا علاقة الشاعر بالفنان، إنها علاقة تخصه لأنها تبحث عميقًا في معنى أن تكون مجنونًا في مجتمع يهملك. أمضى آرتو تسع سنوات في المصحة النفسية وكتب هذا النص أيضًا ليحمّل الأطباء والمجتمع هذه المسؤولية، ويذكر شعراء آخرين عانوا من الجنون بسبب المجتمع هم جيرار دو نيرفال ونيتشه وهولدرين وكولردج.
بقي الشاعر الفرنسي جيرار دو نيرفال سائحًا لمدة عشر سنوات مستمدًا أسباب العيش من أعمال بسيطة فتابع ترحاله ما بين احتجاز في المصحات النفسية وتجوال وتيه إلى حين موته. أما نيتشه، فمنذ وفاته طرح العديد من الفرضيات حول جنونه فقال البعض إن السبب هو مرض الزهري، وبعض الأطباء تحدث عن ورم أصاب المخ، أما أخته فتقول أن ذلك بسبب الأدوية التي كان نيتشه يأخذها بسبب الصداع النصفي. أما الشاعر الألماني هولدرين، فقد عاش ثلاثة وسبعين عاما نصفها في الصحو ونصفها الآخر في ليل الجنون. وعلى عكس نيتشه الذي لم يكتب حرفًا واحدًا طيلة سنوات الجنون العشر الأخيرة في حياته، فإن هولدرين كتب مئات الصفحات منها القصائد العظيمة.
يقول آرتو في نصه: "لم يكن جيرار دو نيرفال مجنونًا، لكنه اتهم بالجنون لضرب صدقية مسائل أساسية كان يستعد للإفصاح عنها". وهو بذلك يقارنه بفان غوخ الذي رغم حالته النفسية يعلن آرتو أنه لم يكن مجنونا أبدًا.
الفنان والشاعر
يقال عن آرتو: إنه "فان غوخ" الشعر المسرحي، فعمله هو عمل إنسان معذب، فكان تأثير مسرح القسوة على المسارح الطليعية والتجريبية في العالم. لقد كان آرتو كفان غوخ يبحث عن الحياة الحقيقية في الفن، فكانت علاقتهما في ذلك البحث عن السر الذي يجعل الفنان أو الشاعر وكأنه ليس من هذا العالم. يقول عنه: "لكن قبل كل شيء، كان فان غوخ يريد أن يلتحق بهذه اللانهاية التي من أجلها، كما يقول، نمضي في قطار متجه نحو نجم". بينما يقول فان غوخ في رسالة له إلى أخيه ثيو: "ما الرسم؟ كيف لنا أن نرسم؟ إنه شق طريق عبر جدار حديد غير مرئي ويبدو أنه يقع بين ما نشعر به وما نستطيع فعله. كيف لنا أن نعبر هذا الجدار، إذ لا فائدة من أن ندقه بقوة. يجب أن نهدم هذا الجدار ونعبره من خلال الصقل، ببطء وأناة".
ومن هذه القوة في العبور يكتب أنتونان أرتو الذي يبدو معجبًا بطريقة كتابة فان غوخ عن الرسم وعن لوحاته، فيقول: "لا يسعني أن أصف لوحة لفان غوخ بعد وصفه إياها، لكنني أقول إن فان غوخ رسام لأنه أعاد لملمة الطبيعة، كما لو أنه نضح بها ثانية وجعلها تندى عرقًا".
لذلك فتأثر أنتونان أرتو لم يكن فقط بتمرده وخروجه عن الأعراف السائدة للمؤسسات والمجتمع، بل أيضًا في تلك النظرة إلى الفن التي جعلت أرتو يعيد النظر إلى مهمة الفنان في هذا العالم فيقول: "ما من أشباح في لوحات فان غوخ، لا رؤى ولا هذيان. إنها الحقيقة الحارقة لشمس الساعة الثانية بعد الظهر".
الجدير بالذكر هنا أن علاقة الفنانين بالشعراء مهمة وملهمة في تاريخ الفن والأدب. هكذا كتب الشاعر الألماني ريلكه عن ملهمه ومعلمه رودان بعد عمله معه في الأستوديو، وقد ألهم رودان ريلكه ليفكر أكثر بمعنى الفن وعلاقته بالحياة. ومن هذه الأفكار استلهم ريلكه معظم النصائح التي كتبها للشاعر الشاب في كتابه: "رسائل إلى شاعر شاب". وقد تأثر الشاعر أيضًا بالفنان سيزان وكتب عنه في رسائله إلى زوجته كلارا.
أما علاقة الفنان الفرنسي أوجين ديلاكروا بالشاعر الفرنسي بودلير فهي علاقة ملتبسة نوعًا ما ومختلفة، لكنها كانت أيضًا علاقة إبداعية شعر الاثنان بتشابه أمزجتهما وبوحدة فهمهما لقضايا الفن وقربهما الإحساس بضرورة التحرر من قوالب الفكر الأكاديمي. كان بودلير قد كرس دراسة مطولة في مجلة "أوبيبينيون ناسيونال" حول إبداع وحياة ديلاكروا.
هكذا أيضًا كانت علاقة آرتو بفان غوخ، علاقة إبداعية وشخصية. لكن آرتو الذي ولد بعد ست سنوات على رحيل فان غوخ، كان يعلم أن هذا الأخير سيستمر حتى في كتاباته وقصائده، ربما سيحمل وجهه إلى مكان آخر كما يقول في نصه: "رسم فان غوخ وجهه في عدد كبير من اللوحات، التي مهما كانت إضاءتها جيدة، ظل يرافقني ذلك الانطباع المتعب ومفاده أن الناظرين إليها يسيئون تقدير الضوء بل يفقدون فان غوخ ضوءًا ضروريًا ليخطط ويحفر طريقه بنفسه".
ومن هنا يجعلني هذا النص ندرك أن الطريق الخاص الذي يبتدعه الفنان بنفسه سيلهم فنانين وكتابًا آخرين ليس بالذهاب نحو هذا الطريق، بل بنحت طريقهم الخاص متمسكين بضوء جنونهم الذي يوصلهم بعشبة إبداعهم الفريدة.
وهكذا يكون الفنان فان غوخ بالنسبة لأنتونان آرتو رفيقًا للألم والفن والرؤية نفسها للأشياء.
تغريد عبد العال 18 يناير 2023
تغطيات
شارك هذا المقال
حجم الخط
لم يبع الفنان فان غوخ إلا لوحة واحدة طوال حياته، لكن لوحاته وأعماله هي الأغلى ثمنًا في العالم. كتب الشاعر والمسرحي الفرنسي أنتونان آرتو "صاحب مسرح القسوة" نصه "فان غوخ منتحر المجتمع" عن فان غوخ بعد مشاهدته معرض الأخير في متحف "أورونجواي" الباريسي الكائن في حديقة "تويليري" وبعد قراءته للمقالة المنشورة في مجلة "فنون". ويفتح نص آرتو أسئلة كثيرة عن فان غوخ، فتلك الحالة النفسية التي كان يعانيها قد رافقت الكثير من الفنانين والكتاب، بمن فيهم آرتو نفسه. لذلك تأتي هذه الأسئلة: لماذا انجذب آرتو لفان غوخ؟ هل كانت علاقته به كما هي علاقة الشعراء بالفنانين؟ وهل يشكل إبداع فان غوخ بوصلة للشاعر آرتو؟
يقول المترجم عيسى مخلوف عن نص آرتو الصادرة ترجمته عن دار الرافدين إنه ليس كتابًا بل "عاصفة تتحفز في صفحات كتاب يحركها الألم". كان الألم حقًا هو ما جمع آرتو بفان غوخ، لكنه ليس وحده فها هو يذهب عميقًا ليكتب عن جنون فان غوخ وأثر ذلك في فنه، فيقول: "فان غوخ لم يكن مجنونًا، لكن أعماله الفنية هي تجسيد لنيران يونانية، وقنابل ذرية قادرة من زاوية رؤيتها، إلى جانب جميع الأعمال الفنية الأخرى التي كانت سائدة في ذلك الوقت، على أن تضايق بقوة الأعراف البورجوازية الخام للإمبراطورية الفرنسية الثانية، وأتباع تيير، وغامبيتا، وفيليكس فور، وكذلك أتباع نابليون الثالث".
هكذا يدخل آرتو إلى قلب أعمال فان غوخ ليعكس قوتها بأنها تخرج عن الأعراف السائدة للمؤسسات، فيما يصوّر الطب بأن فان غوخ مجنون. ينتقد آرتو ذلك وكأنه يريد لجنون فان غوخ أن يكون هو الطاقة الإبداعية التي تؤسس لكل فنه. وهو الذي يقارنه بغوغان في نصه، فيقول إن غوغان كان يعتقد أن من واجب الفنان أن يبحث عن الرمز والأسطورة عبر تعظيم أشياء الحياة، لكن فان غوخ يتصور أن ثمة ضرورة لمعرفة استخلاص الأسطورة من الأشياء العادية جدا في الحياة.
الفنان والجنون
من هنا يعانق آرتو فان غوخ، الذي بحث عن أناه في داخل مجتمع يحاصر، فهو الذي انتحر ليس بسبب نوبة جنون، بل بسبب ذعر من عدم النجاح فيما كان يصبو إليه، كما يقول آرتو.
هكذا كانت إذًا علاقة الشاعر بالفنان، إنها علاقة تخصه لأنها تبحث عميقًا في معنى أن تكون مجنونًا في مجتمع يهملك. أمضى آرتو تسع سنوات في المصحة النفسية وكتب هذا النص أيضًا ليحمّل الأطباء والمجتمع هذه المسؤولية، ويذكر شعراء آخرين عانوا من الجنون بسبب المجتمع هم جيرار دو نيرفال ونيتشه وهولدرين وكولردج.
بقي الشاعر الفرنسي جيرار دو نيرفال سائحًا لمدة عشر سنوات مستمدًا أسباب العيش من أعمال بسيطة فتابع ترحاله ما بين احتجاز في المصحات النفسية وتجوال وتيه إلى حين موته. أما نيتشه، فمنذ وفاته طرح العديد من الفرضيات حول جنونه فقال البعض إن السبب هو مرض الزهري، وبعض الأطباء تحدث عن ورم أصاب المخ، أما أخته فتقول أن ذلك بسبب الأدوية التي كان نيتشه يأخذها بسبب الصداع النصفي. أما الشاعر الألماني هولدرين، فقد عاش ثلاثة وسبعين عاما نصفها في الصحو ونصفها الآخر في ليل الجنون. وعلى عكس نيتشه الذي لم يكتب حرفًا واحدًا طيلة سنوات الجنون العشر الأخيرة في حياته، فإن هولدرين كتب مئات الصفحات منها القصائد العظيمة.
يقول آرتو في نصه: "لم يكن جيرار دو نيرفال مجنونًا، لكنه اتهم بالجنون لضرب صدقية مسائل أساسية كان يستعد للإفصاح عنها". وهو بذلك يقارنه بفان غوخ الذي رغم حالته النفسية يعلن آرتو أنه لم يكن مجنونا أبدًا.
"يعانق آرتو فان غوخ، الذي بحث عن أناه في داخل مجتمع يحاصر، فهو الذي انتحر ليس بسبب نوبة جنون، بل بسبب ذعر من عدم النجاح فيما كان يصبو إليه، كما يقول آرتو" |
يقال عن آرتو: إنه "فان غوخ" الشعر المسرحي، فعمله هو عمل إنسان معذب، فكان تأثير مسرح القسوة على المسارح الطليعية والتجريبية في العالم. لقد كان آرتو كفان غوخ يبحث عن الحياة الحقيقية في الفن، فكانت علاقتهما في ذلك البحث عن السر الذي يجعل الفنان أو الشاعر وكأنه ليس من هذا العالم. يقول عنه: "لكن قبل كل شيء، كان فان غوخ يريد أن يلتحق بهذه اللانهاية التي من أجلها، كما يقول، نمضي في قطار متجه نحو نجم". بينما يقول فان غوخ في رسالة له إلى أخيه ثيو: "ما الرسم؟ كيف لنا أن نرسم؟ إنه شق طريق عبر جدار حديد غير مرئي ويبدو أنه يقع بين ما نشعر به وما نستطيع فعله. كيف لنا أن نعبر هذا الجدار، إذ لا فائدة من أن ندقه بقوة. يجب أن نهدم هذا الجدار ونعبره من خلال الصقل، ببطء وأناة".
ومن هذه القوة في العبور يكتب أنتونان أرتو الذي يبدو معجبًا بطريقة كتابة فان غوخ عن الرسم وعن لوحاته، فيقول: "لا يسعني أن أصف لوحة لفان غوخ بعد وصفه إياها، لكنني أقول إن فان غوخ رسام لأنه أعاد لملمة الطبيعة، كما لو أنه نضح بها ثانية وجعلها تندى عرقًا".
لذلك فتأثر أنتونان أرتو لم يكن فقط بتمرده وخروجه عن الأعراف السائدة للمؤسسات والمجتمع، بل أيضًا في تلك النظرة إلى الفن التي جعلت أرتو يعيد النظر إلى مهمة الفنان في هذا العالم فيقول: "ما من أشباح في لوحات فان غوخ، لا رؤى ولا هذيان. إنها الحقيقة الحارقة لشمس الساعة الثانية بعد الظهر".
الجدير بالذكر هنا أن علاقة الفنانين بالشعراء مهمة وملهمة في تاريخ الفن والأدب. هكذا كتب الشاعر الألماني ريلكه عن ملهمه ومعلمه رودان بعد عمله معه في الأستوديو، وقد ألهم رودان ريلكه ليفكر أكثر بمعنى الفن وعلاقته بالحياة. ومن هذه الأفكار استلهم ريلكه معظم النصائح التي كتبها للشاعر الشاب في كتابه: "رسائل إلى شاعر شاب". وقد تأثر الشاعر أيضًا بالفنان سيزان وكتب عنه في رسائله إلى زوجته كلارا.
أما علاقة الفنان الفرنسي أوجين ديلاكروا بالشاعر الفرنسي بودلير فهي علاقة ملتبسة نوعًا ما ومختلفة، لكنها كانت أيضًا علاقة إبداعية شعر الاثنان بتشابه أمزجتهما وبوحدة فهمهما لقضايا الفن وقربهما الإحساس بضرورة التحرر من قوالب الفكر الأكاديمي. كان بودلير قد كرس دراسة مطولة في مجلة "أوبيبينيون ناسيونال" حول إبداع وحياة ديلاكروا.
هكذا أيضًا كانت علاقة آرتو بفان غوخ، علاقة إبداعية وشخصية. لكن آرتو الذي ولد بعد ست سنوات على رحيل فان غوخ، كان يعلم أن هذا الأخير سيستمر حتى في كتاباته وقصائده، ربما سيحمل وجهه إلى مكان آخر كما يقول في نصه: "رسم فان غوخ وجهه في عدد كبير من اللوحات، التي مهما كانت إضاءتها جيدة، ظل يرافقني ذلك الانطباع المتعب ومفاده أن الناظرين إليها يسيئون تقدير الضوء بل يفقدون فان غوخ ضوءًا ضروريًا ليخطط ويحفر طريقه بنفسه".
ومن هنا يجعلني هذا النص ندرك أن الطريق الخاص الذي يبتدعه الفنان بنفسه سيلهم فنانين وكتابًا آخرين ليس بالذهاب نحو هذا الطريق، بل بنحت طريقهم الخاص متمسكين بضوء جنونهم الذي يوصلهم بعشبة إبداعهم الفريدة.
وهكذا يكون الفنان فان غوخ بالنسبة لأنتونان آرتو رفيقًا للألم والفن والرؤية نفسها للأشياء.