لدى ماركيز من يكاتبه.. كشف 150 رسالة بصندوق مغلق
أحمد عبد اللطيف 9 يوليه 2022
تغطيات
إميليا غارثيا، حفيدة ماركيز، في المعرض/ مكسيكو سيتي(15/6/2022/فرانس برس)
شارك هذا المقال
حجم الخط
بعد ثمانية أعوام على رحيله، عثرت عائلة الكاتب الكولومبي الأشهر غابرييل غارثيا ماركيز على صندوق مغلق داخل بيته في المكسيك يضم 150 رسالة تلقاها على مدار حياته من كُتّاب وممثلين ورؤساء. الصندوق السري كان يحمل كلمة "الأحفاد"، ربما لذلك قررت العائلة أن يفتحه أحد أحفاده باعتباره هدية لهم، أو سرًا سيفصح لهم به بعد ذهابه من هذا العالم.
وجاءت لحظة الاكتشاف قبل أشهر قليلة من الاحتفال بأربعين عامًا على حصوله على جائزة نوبل التي توّجته كأحد أفضل روائيي العالم في القرن العشرين، وأكثرهم شهرة وتأثيرًا على النطاقين المحلي والعالمي. الكنز الجديد، الذي يكشف علاقات ماركيز بمشاهير العالم، بدأ عرضه في معرض في مكسيكو سيتي بدايةً من يوم 16 يونيو/ حزيران، ليُتاح للجمهور. ومع أنه لا يتضمن أسرارًا هامة تكشف جوانب خفية من حياته، ولا إبداعه السردي، إلا أن أهميته، بحسب عائلته، تكمن في حميمية الرسائل، وكشف صداقاته وتواصله مع أصدقائه خلال سنوات طويلة.
من بين هذه المراسلات، رسالة مؤرخة بتاريخ 2 آذار/ مارس 1988، أرسلها الممثل روبرت ريدفورد إلى الكاتب الكولومبي، يقول فيها:
"عزيزي غابرييل،
ها أنت الآن تصل إلى سن ربما لا تحب أن يذكّرك به أحد، لكن لو لعبت الورق بمهارة، يمكن أن تعيش للأبد. هكذا، عيد ميلاد سعيد. ليس بوسعي أن أرسل لك طعامًا كهدية، لأنني كما تعرف لا أجيد الطبخ. لكن يمكنني أن آكل، وبالتالي أرسل لك شهيتي بتحية ودودة.
كان رائعًا أن تأتي إلى سندانس، أحمل لك مشاعر طيبة وللعزيزة مرثيدس. أتمنى أن تكون بداية لزيارات كثيرة متبادلة. سيكون لدينا دومًا حديث متواصل. كان الوقت قليلًا، وكنا مشغولين جدًا، لكنكما احتملتما بكل لباقة. أعتقد أن السبب أنك تنام القيلولة كثيرًا، أو لأني أبعث الملل جدًا، لكن الإيغو لا يسمح لي بهذه الفرضية.
كنت أتمنى لو أرافقك اليوم، لكني أعرف أنك ستكون بصحبة أحبائك، وهذه أكبر هدية من الجميع.
أتمنى أن أتمكن من زيارتك قريبًا. وفي أثناء ذلك، اعتن بنفسك، على المستوى الشخصي والإبداعي. لقد وصلتني توًا ترجمة كتابك وأتوق إلى قراءته.
علينا أن نواصل العمل في وضع التأشيرات وأتمنى أن نستطيع، في وقت قليل، أن نخرج من الفترة المظلمة. أرسل لكما حبي وتحياتي.
كل الود
روبرت ردفورد".
لقد التقى الممثل وكاتب نوبل في مهرجان سندانس في كانون الثاني/ يناير 1988، التقيا كذلك في كوبا في ورش سينمائية كان كل منهما محاضرًا فيها. الفترة المظلمة التي يشير إليها روبرت ردفورد في رسالته لا بد أنها متعلقة بمشكلات التأشيرة بين كل من كوبا والولايات المتحدة.
في 12 أيلول/ سبتمبر من عام 1988، نشرت مجلة semana الكولومبية في قسم "أسرار"، أن: "صداقة تكوّنت بين الممثل روبرت ردفورد، وغابرييل غارثيا ماركيز، على هامش الورش السينمائية التي ترأسها كل منهما في الولايات المتحدة وكوبا. ولهذا السبب تبادلا الزيارات، وفي واحدة منها زار الممثل الأميركي هافانا في أسبوع السيناريو، لكن عند عودته إلى الولايات المتحدة، استدعاه قسم العدل الذي أعد تقصيًا ضده، إذ على ما يبدو تحملت الحكومة الكوبية تكاليف السفر، وهو فعل تجرّمه الحكومة الأميركية على مواطنيها".
حول هذه الزيارة للجزيرة، أذاع راديو هافانا: "وصل يوم الجمعة 29 نيسا،/ أبريل 1988. وكان روبرت ردفورد قد تلقى دعوة من غابرييل غارثيا ماركيز، رئيس مؤسسة السينما الأميركية اللاتينية الجديدة. والممثل الأميركي، رئيس معهد سندانس ومؤسسه عام 1981، من أجل تحفيز تطوير المواهب الجديدة وإبداع المخرجين المستقلين، جاء بهدف محدد: البحث عن تقارب، عن تبادل منهجي للخبرات بين كلتا المؤسستين".
صديقان عظيمان
بعد 22 عامًا، وفي 14 آذار/ مارس 2012، كتب كارلوس فوينتس لزميله، بمناسبة عيد ميلاده كذلك، في السادس من مارس:
"عزيزي غابرييل:
تهنئتي لبلوغك الخامسة والثمانين.
مجرد التفكير في أننا نعرف بعضنا منذ نصف قرن!
حياتانا لا يمكن أن تفترقا.
أنا ممتن لك لكتبك العظيمة.
اعتن بنفسك".
يحمل المظروف اسم فوينتس وعنوانه، أما الجواب فيعكس الود الذي يحمله لغابو. تعرّف ماركيز على فوينتس للمرة الأولى عام 1962 في مكسيكو سيتي، وكان الشاعر ألبارو موتيس قد قدّمه له ذات صباح حضر فيه ثلاثتهم لمقر شركة مانويل باربانتشو بونثي للإنتاج السينمائي، بحسب مقال منشور على موقع مركز غابو.
منذ ذلك الحين، تعمّقت صداقة فوينتس وغابو. كان المكسيكي يرتاد أماكن تجمُّع الفنانين في بدايات القرن العشرين، منها بار سيكيروس. جدير بالذكر أن فوينتس مات بعد أشهر قليلة من هذه الرسالة، في 15 أيار/ مايو 2012.
صداقة غابو وردفورد وفوينتس باتت اليوم معروضة للجمهور، ما يكشف أن الكاتب كان له من يكاتبه، وذلك في بيت الأديب غابرييل غارثيا ماركيز، في إطار الاحتفال بأربعين عامًا على تلقي الكاتب الخالد لجائزة نوبل.
لدى غابو من يكاتبه
يشرف على المعرض غونثالو (ابن ماركيز)، وإميليا (حفيدته)، وهما صاحبا الكنز. وبدايةً من الخميس 16 يونيو/ حزيران يمكن للجمهور قراءة 150 رسالة. تقول إميليا: "كنت أنا وأبي نبحث عن صور من أجل إعداد الاحتفال بـ 40 عامًا على فوز جدي بنوبل، فعثرنا بالصدفة على صندوق عليه لصاقة تحمل كلمة "أحفاد". فتحته بالطبع في الحال، وأدهشنا. كنا نظن أن مرثيدس سلّمت كل شيء إلى رنسوم سنتر".
المعرض سيظل مفتوحًا حتى 14 آب/ أغسطس في بيت غابو ومرثيدس نفسه، بعدها ستنضم هذه المجموعة من الخطابات إلى أوراق مركز رنسوم، الذي يعد أكبر مركز يضم إرث غابو.
في الفيديو المرفق يمكن مشاهدة المعرض.
https://www.youtube.com/watch?v=4XdivNTyugs
أحمد عبد اللطيف 9 يوليه 2022
تغطيات
إميليا غارثيا، حفيدة ماركيز، في المعرض/ مكسيكو سيتي(15/6/2022/فرانس برس)
شارك هذا المقال
حجم الخط
إميليا غارثيا في معرض في نيو مكسيكو ضم أكثر من مئة رسالة إلى جدها غابرييل غارثيا ماركيز تم العثور عليها مؤخرًا في أرشيف العائلة (15/ 6/ 2022/ فرانس برس) |
وجاءت لحظة الاكتشاف قبل أشهر قليلة من الاحتفال بأربعين عامًا على حصوله على جائزة نوبل التي توّجته كأحد أفضل روائيي العالم في القرن العشرين، وأكثرهم شهرة وتأثيرًا على النطاقين المحلي والعالمي. الكنز الجديد، الذي يكشف علاقات ماركيز بمشاهير العالم، بدأ عرضه في معرض في مكسيكو سيتي بدايةً من يوم 16 يونيو/ حزيران، ليُتاح للجمهور. ومع أنه لا يتضمن أسرارًا هامة تكشف جوانب خفية من حياته، ولا إبداعه السردي، إلا أن أهميته، بحسب عائلته، تكمن في حميمية الرسائل، وكشف صداقاته وتواصله مع أصدقائه خلال سنوات طويلة.
"الصندوق السري كان يحمل كلمة "الأحفاد"، ربما لذلك قررت العائلة أن يفتحه أحد أحفاده باعتباره هدية لهم، أو سرًا سيفصح لهم به بعد ذهابه من هذا العالم" |
من بين هذه المراسلات، رسالة مؤرخة بتاريخ 2 آذار/ مارس 1988، أرسلها الممثل روبرت ريدفورد إلى الكاتب الكولومبي، يقول فيها:
"عزيزي غابرييل،
ها أنت الآن تصل إلى سن ربما لا تحب أن يذكّرك به أحد، لكن لو لعبت الورق بمهارة، يمكن أن تعيش للأبد. هكذا، عيد ميلاد سعيد. ليس بوسعي أن أرسل لك طعامًا كهدية، لأنني كما تعرف لا أجيد الطبخ. لكن يمكنني أن آكل، وبالتالي أرسل لك شهيتي بتحية ودودة.
كان رائعًا أن تأتي إلى سندانس، أحمل لك مشاعر طيبة وللعزيزة مرثيدس. أتمنى أن تكون بداية لزيارات كثيرة متبادلة. سيكون لدينا دومًا حديث متواصل. كان الوقت قليلًا، وكنا مشغولين جدًا، لكنكما احتملتما بكل لباقة. أعتقد أن السبب أنك تنام القيلولة كثيرًا، أو لأني أبعث الملل جدًا، لكن الإيغو لا يسمح لي بهذه الفرضية.
كنت أتمنى لو أرافقك اليوم، لكني أعرف أنك ستكون بصحبة أحبائك، وهذه أكبر هدية من الجميع.
أتمنى أن أتمكن من زيارتك قريبًا. وفي أثناء ذلك، اعتن بنفسك، على المستوى الشخصي والإبداعي. لقد وصلتني توًا ترجمة كتابك وأتوق إلى قراءته.
علينا أن نواصل العمل في وضع التأشيرات وأتمنى أن نستطيع، في وقت قليل، أن نخرج من الفترة المظلمة. أرسل لكما حبي وتحياتي.
كل الود
روبرت ردفورد".
لقد التقى الممثل وكاتب نوبل في مهرجان سندانس في كانون الثاني/ يناير 1988، التقيا كذلك في كوبا في ورش سينمائية كان كل منهما محاضرًا فيها. الفترة المظلمة التي يشير إليها روبرت ردفورد في رسالته لا بد أنها متعلقة بمشكلات التأشيرة بين كل من كوبا والولايات المتحدة.
في 12 أيلول/ سبتمبر من عام 1988، نشرت مجلة semana الكولومبية في قسم "أسرار"، أن: "صداقة تكوّنت بين الممثل روبرت ردفورد، وغابرييل غارثيا ماركيز، على هامش الورش السينمائية التي ترأسها كل منهما في الولايات المتحدة وكوبا. ولهذا السبب تبادلا الزيارات، وفي واحدة منها زار الممثل الأميركي هافانا في أسبوع السيناريو، لكن عند عودته إلى الولايات المتحدة، استدعاه قسم العدل الذي أعد تقصيًا ضده، إذ على ما يبدو تحملت الحكومة الكوبية تكاليف السفر، وهو فعل تجرّمه الحكومة الأميركية على مواطنيها".
"نشرت مجلة semana الكولومبية في قسم "أسرار"، أن: "صداقة تكوّنت بين الممثل روبرت ردفورد، وغابرييل غارثيا ماركيز، على هامش الورش السينمائية التي ترأسها كل منهما في الولايات المتحدة وكوبا"" |
حول هذه الزيارة للجزيرة، أذاع راديو هافانا: "وصل يوم الجمعة 29 نيسا،/ أبريل 1988. وكان روبرت ردفورد قد تلقى دعوة من غابرييل غارثيا ماركيز، رئيس مؤسسة السينما الأميركية اللاتينية الجديدة. والممثل الأميركي، رئيس معهد سندانس ومؤسسه عام 1981، من أجل تحفيز تطوير المواهب الجديدة وإبداع المخرجين المستقلين، جاء بهدف محدد: البحث عن تقارب، عن تبادل منهجي للخبرات بين كلتا المؤسستين".
صديقان عظيمان
بعد 22 عامًا، وفي 14 آذار/ مارس 2012، كتب كارلوس فوينتس لزميله، بمناسبة عيد ميلاده كذلك، في السادس من مارس:
"عزيزي غابرييل:
تهنئتي لبلوغك الخامسة والثمانين.
مجرد التفكير في أننا نعرف بعضنا منذ نصف قرن!
حياتانا لا يمكن أن تفترقا.
أنا ممتن لك لكتبك العظيمة.
اعتن بنفسك".
يحمل المظروف اسم فوينتس وعنوانه، أما الجواب فيعكس الود الذي يحمله لغابو. تعرّف ماركيز على فوينتس للمرة الأولى عام 1962 في مكسيكو سيتي، وكان الشاعر ألبارو موتيس قد قدّمه له ذات صباح حضر فيه ثلاثتهم لمقر شركة مانويل باربانتشو بونثي للإنتاج السينمائي، بحسب مقال منشور على موقع مركز غابو.
منذ ذلك الحين، تعمّقت صداقة فوينتس وغابو. كان المكسيكي يرتاد أماكن تجمُّع الفنانين في بدايات القرن العشرين، منها بار سيكيروس. جدير بالذكر أن فوينتس مات بعد أشهر قليلة من هذه الرسالة، في 15 أيار/ مايو 2012.
صداقة غابو وردفورد وفوينتس باتت اليوم معروضة للجمهور، ما يكشف أن الكاتب كان له من يكاتبه، وذلك في بيت الأديب غابرييل غارثيا ماركيز، في إطار الاحتفال بأربعين عامًا على تلقي الكاتب الخالد لجائزة نوبل.
لدى غابو من يكاتبه
يشرف على المعرض غونثالو (ابن ماركيز)، وإميليا (حفيدته)، وهما صاحبا الكنز. وبدايةً من الخميس 16 يونيو/ حزيران يمكن للجمهور قراءة 150 رسالة. تقول إميليا: "كنت أنا وأبي نبحث عن صور من أجل إعداد الاحتفال بـ 40 عامًا على فوز جدي بنوبل، فعثرنا بالصدفة على صندوق عليه لصاقة تحمل كلمة "أحفاد". فتحته بالطبع في الحال، وأدهشنا. كنا نظن أن مرثيدس سلّمت كل شيء إلى رنسوم سنتر".
"صداقة غابو وردفورد وفوينتس باتت اليوم معروضة للجمهور، ما يكشف أن الكاتب كان له من يكاتبه" |
المعرض سيظل مفتوحًا حتى 14 آب/ أغسطس في بيت غابو ومرثيدس نفسه، بعدها ستنضم هذه المجموعة من الخطابات إلى أوراق مركز رنسوم، الذي يعد أكبر مركز يضم إرث غابو.
في الفيديو المرفق يمكن مشاهدة المعرض.
https://www.youtube.com/watch?v=4XdivNTyugs