موسم الدخول الأدبي الفرنسي 2022.. رهان على الجوائز

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موسم الدخول الأدبي الفرنسي 2022.. رهان على الجوائز

    موسم الدخول الأدبي الفرنسي 2022.. رهان على الجوائز
    نجيب مبارك 27 أغسطس 2022
    تغطيات
    من كتب الموسم الأدبي الفرنسي السابق (Lireka)
    شارك هذا المقال
    حجم الخط

    انطلق قبل أيام الموسم الأدبي الفرنسي الجديد، وسيستمر على مدى ثمانية أسابيع، بدءا من منتصف أغسطس/ آب إلى منتصف أكتوبر/ تشرين الأول. قد تبدو هذه الفترة قصيرة نسبيًا، إلا أن المطابع الفرنسية ستقذف خلالها حوالي 500 كتاب جديد. لكن، لماذا يتكرر هذا الاستعجال والتدافع نحو الأضواء كل خريف؟ السبب هو رغبة الكتاب والأدباء من مختلف الأعمار والاتجاهات في الرهان والمنافسة بكتبهم على إحدى الجوائز الأدبية الباريسية الكبرى (غونكور، فيمينا، رينودو... إلخ)، التي ستقلص عدد المتبارين بالتدريج في قوائم محدودة من نهاية أكتوبر/ تشرين الأول إلى بداية نوفمبر/ تشرين الثاني، قبل الإعلان عن الفائزين في الأسابيع الأخيرة من هذا العام.


    صعوبات في سياق متوتر
    لقد تحوّل الموسم الأدبي إلى ظاهرة فريدة في الثقافة الفرنسية منذ بداية القرن العشرين، مع ظهور الجوائز الأدبية الأولى، التي بمجرد الإعلان عنها أثارت اهتمامًا كبيرًا بالصحف، علمًا أن هذه الأخيرة كانت مزدهرة جدًا آنذاك. ويمكن للمهتم بهذا الموضوع أن يطلع على الكتاب الممتاز الذي نشره تييري لاجيت قبل عامين بعنوان "بروست وجائزة غونكور: شغب أدبي"، فهو يفصل الحديث عن ولادة هذا الزواج "الوثيق" الذي يستحيل تقويضه بين الجوائز الأدبية ووسائل الإعلام الفرنسية.

    "في كل خريف يبدأ الكتاب والأدباء من مختلف الأعمار والاتجاهات في الرهان والمنافسة بكتبهم على إحدى الجوائز الأدبية الباريسية الكبرى (غونكور، فيمينا، رينودو... إلخ)"


    إذا كانت الجوائز فعلًا تفسر حمى وقلق الناشرين خلال هذه الفترة، وهي عمومًا ليست غريبة عن طقوس الموسم الأدبي منذ عقود، فإن هنالك أسبابًا أخرى فاقمت هذا الوضع أكثر، على رأسها التقلبات السياسية الداخلية والخارجية. إذ يلاحظ أنه طيلة هذا العام عاش الناشرون على إيقاع كارثي تمثل في انخفاض مبيعات الكتب خلال النصف الأول من 2022، بسبب الانتخابات الرئاسية (كما يحدث عادة خلال كل سباق جديد نحو الإليزيه)، ولكن قبل كل شيء بسبب حرب روسيا ضد أوكرانيا (أفرغت المكتبات من الزوار مع انطلاق أولى الهجمات الروسية في 24 فبراير/ شباط). ينضاف إلى هذا التخوف السياق الحالي الذي يبدو في مجمله غامضًا ومتوترًا. فالوضع الجيو ـ سياسي ما زال يثير القلق، تمامًا كما كانت الحال خلال فصل الربيع، حيث ازداد الشعور بآثار التضخم، وارتفع سعر الورق بشكل كبير، ناهيك عن الشكوك المرتبطة بمصير مجموعات من شركات النشر، مثل "هاشيت"، و"إيديتيس"، وكلاهما مملوكتان من طرف شركة "فيفالدي"، التي أعلنت عن رغبتها في بيع مجموعة "إيديتيس".
    لقد تحول الموسم الأدبي الجديد أكثر من أي وقت مضى إلى رهان اقتصادي رئيسي، أكثر من كونه رهانًا أدبيًا أو ثقافيًا، ما دام يضع نصب عينيه مسار ونتائج الجوائز الأدبية (من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتفادي الخسائر)، وسوق الهدايا خلال نهاية العام. يكفي أن نعلم أن عناوين الكتب الصادرة هذا الخريف تضم ما بين 15% و20% من الروايات كبيرة الحجم، ويمكن لهذا العدد أن يوفر موارد مالية لمدة عام كامل بالنسبة لبعض دور النشر، أو يزيد من تعميق الأزمة التي يعاني منها بعضها الآخر. وإجمالًا، سيزين رفوف المكتبات هذا العام ما لا يقل عن 500 كتاب جديد (490 كتابًا على وجه الدقة)، مقابل 521 العام الماضي، ما يعني تراجعًا بنسبة 6%. وهذا هو المستوى "الأدنى منذ أكثر من عشرين عامًا". ولا شك في أن سبب ذلك يعود إلى نقص الورق، الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار، وخلق مشاكل حقيقية في العرض.


    الروايات الفرنسية


    "طيلة هذا العام عاش الناشرون على إيقاع كارثي تمثل في انخفاض مبيعات الكتب خلال النصف الأول من 2022، بسبب الانتخابات الرئاسية"


    تهيمن على جديد إصدارات هذا الموسم العناوين الفرنسية، التي بلغ عددها 345 كتابًا، تتقدمها بلا منازع رواية الكاتبة المعروفة فيرجيني ديسبانت، بروايتها الجديدة التي طال انتظارها "عزيزي الوغد" (غراسي)، وهي رواية رسائل بين ممثلة تبلغ من العمر خمسين عامًا، ومؤلف في سنواته الثلاثين يفتقر إلى النجاح، وأيضًا مع شابة نسوية مدمنة على الشبكات الاجتماعية. كما من المحتمل أن يسلط الضوء على عناوين رئيسية أخرى، عادة ما تشغل اهتمام الناس كل عام، مثل الإصدار السنوي للكاتبة الظاهرة إميلي نوثومب "كتاب الشقيقات" (ألبان ميشل)، والكتاب الجديد لإيمانويل كارير، المخصص لمتابعته الكاملة لأطوار محاكمة 13 نوفمبر/ تشرين الثاني بعنوان "في 13" (ب. و. ل)، ثم هنالك كتاب التخييل الذاتي لمونيكا سابولو بعنوان "حياة سرية" (غاليمار)، الذي تُروى من خلاله قصة الجماعة المسلحة اليسارية المتطرفة "أكسيون ديريكت".


    الروايات الأولى


    ما يثير الإعجاب في هذا الموسم الأدبي هو العدد الكبير للروايات الأولى. يصل عددها إلى 90 رواية، أي أكثر بـ 21% من موسم العام الماضي. ولا شك في أن هذا المكان غير المسبوق المخصص للكتاب الجدد يعكس رغبة الناشرين في جذب الجمهور الأصغر سنًا. هي ليست كلها روايات ممتازة، ولكنها تمكن القارئ من اكتشاف بعض الأقلام الموهوبة: مثل دياتي ديالو في رواية "ثانيتان من الهواء المحترق"، عن عنف الشرطة في الضواحي، ونص السيرة الذاتية لماريا لاريا "يولد ناس بلباو حيث يريدون"، ورواية كلير باجلين بعنوان "في غرفة الطعام"، الذي يصف العمل اليومي في مطعم للوجبات السريعة، و"الأطفال النائمون" لأنتوني باسيرون، وهي تروي قصة تفشي مرض الإيدز من خلال حياة شاب مدرس للتاريخ في بلدة صغيرة جنوب فرنسا خلال أوائل الثمانينيات.

    "في هذا الموسم الأدبي هنالك عدد كبير من الروايات الأولى. يصل عددها إلى 90 رواية، أي أكثر بـ 21% من موسم العام الماضي"


    من جهة أخرى، هنالك عدد من المواهب الشابة التي ستجذب انتباه القراء بلا شك: بلاندين رينكل وروايتها الثالثة "نحو العنف" (فايارد)، التي حصلت الأسبوع الماضي على جائزة ميدوز، وهي جائزة أدبية جديدة وعصرية. أيضًا، ستستقبل المكتبات رواية لوسي ريكو "جي بي إس" (ب. و. ل)، وهي رواية موضوعها البحث عن صديقة مفقودة تلعب في منطقة الحدود بين الواقع والرقمية. كما تصدر الكاتبة المتألقة كارولين لوران روايتها "ما نرغب فيه أكثر" (ليزيسكال)، وتحكي قصة صحوة شخصية عنيفة. وأخيرًا، يصدر الملهم بيير أدريان روايته "فليرجع من هم بعيدون" (غاليمار)، الذي يصور الانتقال الحزين من فترة الطفولة إلى سن البلوغ.
    أما في فئة الكتاب الكهول والمكرسين، فيمكن الإشارة إلى الكاتب لوران غودي، الفائز بغونكور قبل أعوام، والذي يصدر رواية بعنوان "الكلب 51" ( أكت سود)، وهي عبارة عن تحقيق في عالم مستقبلي مطبوع بالعنف في محاولة للحفاظ على الذاكرة، والكاتبة من أصل جزائري كوثر عظيمي، التي ترسم لوحة جدارية آسرة عن تاريخ الجزائر طوال القرن العشرين في روايتها الجديدة "رياح سيئة" (سوي)، أو الكاتب برنارد شامباز بروايته "جلد الظهر"، والكاتبة فالنتين غوبي، بروايتها "الجزيرة العالية"، والكاتبة أوليفيا روزنتال بروايتها "قرد على نافذتي"، والكاتب إيف رافي بروايته "تاورمينا"، وغيرهم كثير.


    الروايات الأجنبية



    "هنالك أسماء غير فرنسية صارت معروفة لدى القارئ الفرنسي، مثل راسل بانكس، الذي يصدر روايته "أوه كندا" (أكت سود)، والكاتب جوناثان فرانزن الذي يصدر عمله الجديد "ملتقى طرق" عن دار "لوليفييه""


    بالنسبة إلى الكتاب الـ145 غير الناطقين بالفرنسية، فإن الأميركيين حاضرون بقوة كما هي العادة. سبق لبعضهم أن ترجمت أعمالهم إلى الفرنسية، مثل جوليا أوتسوكا، الحائزة على جائزة فيمينا 2022، التي تعود برواية جديدة بعنوان "خط السباحة" (غاليمار). في المقابل، هنالك أسماء صارت معروفة لدى القارئ الفرنسي، مثل راسل بانكس، الذي يصدر روايته "أوه كندا" (أكت سود)، والكاتب جوناثان فرانزن الذي يصدر عمله الجديد "ملتقى طرق" عن دار "لوليفييه". ومن بين كل هذه الروايات الأجنبية، تبرز روايتان ممتازتان هما العملان الأولان لصاحبيهما: "الجبان" لجاريد ماكجينيس، و"هيوستن- أوساكا" لبراين واشنطن. لكن اللغة الإنكليزية لا تحتكر كل الترجمات، إذ يمكن الإشارة على سبيل المثال إلى رواية أولى ممتازة مترجمة من الألمانية بعنوان "هذا يحدث للآخرين فقط" بقلم بيتينا ويلبيرت. ثم هنالك الرواية الرائعة التي يصعب تصنيفها للشاعرة الروسية ماريا ستيبانوفا بعنوان "في ذكرى الذاكرة". وأخيرًا، لا يجب أن ننسى الترجمات الجديدة لأعمال كارل مارلانتس، وإليزابيث بروندجن، وعملًا غير منشور للراحلة توني موريسون، وكذلك روايات جديدة للأيرلندي كولم تويبين، واللبناني سليم نسيب، والموزمبيقي ميا كوتو، من دون إغفال الترجمة الجديدة لكتاب "آمال عظيمة" لتشارلز ديكنز.
يعمل...
X