مخاوف كوكب الأرض تستحوذ على قائمة البوكر 2022
سناء عبد العزيز 31 يوليه 2022
تغطيات
ليليا موتلي أصغر مرشحة، وألن غارنر أكبر مرشح
شارك هذا المقال
حجم الخط
يمكنك قراءة القائمة الطويلة لجائزة البوكر هذا العام، التي نُشرت أخيرًا، من زوايا عدة. كأن تصفها بأول قائمة عبر تاريخ الجائزة تتضمن ثلاث روايات تعد التجارب الأولى لأصحابها، أو بأنها القائمة الأولى التي تضمنت 8 كاتبات في مقابل 5 رجال، سيما وأنها صاحبة السابقة المعروفة التي ألبت عليها الرأي العام حين لم تدرج في قائمتها لعام 1991 كاتبة واحدة، ما دفع إلى استحداث جائزة تخص المرأة وحدها.
يمكنك قراءتها كذلك من زاوية العمر، إذ شملت عناوينها الـ13، عنوانًا لأكبر كاتب، هو البريطاني ألن غارنر (88 سنة)، وآخر لأصغر كاتبة ليلى موتلي (20 سنة). يصح أيضًا أن تصفها بالنطاق الجغرافي الواسع، الممتد من بريطانيا وأيرلندا، إلى الولايات الأميركية، وحتى زيمبابوي، وسريلانكا. وإذا ما راودتك المخاوف بشأن هيمنة أميركا التي أثيرت من قبل، فأنت على صواب، سيما وقد احتل كتاب أميركا من قائمتها الطويلة ما يقرب النصف.
يلاحظ على قائمة البوكر أيضًا فوز دور النشر الصغيرة بما يعادل الثلثين. وعلى عكس السنوات السابقة التي شهدت فوز هيلاري مانتل، وكازو إيشيجورو، وبرناردين إيفاريستو، ومارجريت أتوود، خلت قائمة هذا العام من الأسماء الكبيرة، باستثناء البريطاني ألن غارنر، والأميركية إليزابيث ستراوت.
لكن الأكثر أهمية بالنسبة لرئيس لجنة التحكيم، نيل ماكغريغور، هو ما تمثله العناوين المختارة، بصرف النظر عن أي تصنيفات. يقول ماكغريغور "إنها روايات كتبت ببراعة وحرفية شديدة، ويبدو أنها تستفيد وتوسع ما يمكن أن تفعله اللغة".
انضم إلى ماكغريغور في اللجنة المانحة للجائزة البالغ قيمتها 50 ألف جنيه استرليني، الأكاديمية والمذيعة شهيدة باري، والمؤرخة هيلين كاستور، والمؤلف والناقد جون هاريسون، والروائي والشاعر آلان مابانكو، صاحب رواية "زجاج مكسور".
على طرفي منحنى العمر
غارنر، إذًا، هو أكبر الروائيين سنًا في قائمة البوكر الطويلة هذا العام، وما يجعل فوزه حدثًا مؤثرًا أن يوم حفل توزيع الجوائز المزمع إقامته في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 يوافق عيد ميلاده الثامن والثمانين. فإذا ما تغلبت روايته "تريكل ووكر/ Treacle Walker" على العناوين المنافسة، سيصبح غارنر أكبر فائز بالبوكر على الإطلاق، وتصبح البوكر أثمن هدية لغارنر في عيد ميلاده عند هذا المنحنى من العمر.
لقد استطاع غارنر في "تريكل ووكر" أن يمسك بسيولة الزمن من خلال مزيج مذهل من الأسطورة والفولكلور عن صبي يدعى "جو" يتفاجأ بوصول شخص متغضن الوجه يرتدي معطفًا طويلًا وقبعة عالية يتدلى شعره من تحتها، سرعان ما تتوطد بينهما أواصر صداقة غير متوقعة ليتسنى للصبي التعرف إلى عالم لم يكن يتخيله أبدًا عن طريق هذا الجوال المعالج. إنها من الأفكار الملحة التي تصاحبنا في سن البلوغ؛ ظهور ما يجعل الحياة أكثر إثارة وامتلاءً!
على الطرف المقابل، تقف ليلى موتلي، باعتبارها أصغر كاتبة على الإطلاق يتم إدراجها منذ ترشح جون ماكغريغور عام 2002 وهو في عمر الـ 26. وما يجعل فوز موتلي حدثًا فريدًا من نوعه أن تلك الفتاة الواعدة كتبت روايتها الأولى "الزحف ليلًا" وهي في السابعة عشرة فحسب. تحكي موتلي عن حادث مزلزل بالنسبة لأي امرأة؛ اعتداء جنسي من رجال على فتاة في أوكلاند بكاليفورنيا، لتصل من خلالها إلى حقيقة فشل النظام القضائي واضطهاده للفتيات داكنات البشرة.
الهيمنة الأميركية مجددًا
موتلي واحدة من ستة مؤلفين أميركيين ترشحوا في القائمة هذا العام، هم: هرنان دياز؛ بيرسيفال إيفرت؛ كارين جوي فاولر؛ سيلبي وين شوارتز، وإليزابيث ستراوت. وكذلك نوڤيوليت بولاوايو، التي ولدت في زيمبابوي ولكنها تعيش الآن في الولايات المتحدة، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة إشعال الجدل حول "أمركة الجائزة"، بعد أن فتحت أبوابها لجميع الجنسيات عام 2014.
دخل دياز القائمة بروايته الثانية "ثقة/ Trust"، التي يمكن وصفها بأنها رواية داخل رواية، بمخطوطاتها الأربعة التي تحكي نسخًا مختلفة من قصة بنيامين؛ رجل الأعمال الأسطوري في وول ستريت، وزوجته هيلين راسك، وابنتهما اللامعة، ووصولهم إلى قمة الثروة والقوة في عشرينيات القرن الماضي؛ الفترة التي سبقت الكساد الكبير. لكن الأسرار حول ثرائهم وسلطتهم في وسعها دائمًا أن تفجر كثيرًا من الشائعات. ومن ثم يتبع دياز المؤرخ الحائز على العديد من الجوائز أسلوبًا من التحري يسمح بمشاركة القارئ في البحث عن الحقيقة التي كثيرًا ما تتلاعب بها السلطة عبر ملحمته الأنيقة متعددة الأوجه مستعيدًا الأصوات المدفونة تحت ركام الأساطير.
إلى جانب دياز، تضمنت القائمة "الأشجار/ "The Trees، للكاتب ومؤلف الأطفال، بيرسيفال إيفرت، لتجرنا إلى سلسلة من جرائم القتل الوحشية في بلدة موني الريفية بولاية ميسيسيبي. وبينما تتراكم الجثث، يبحث المحققون عن إجابات من طبيب البلدة الذي قام بتوثيق كل عمليات الإعدام خارج نطاق القانون، كاشفين اللثام عن تاريخ طويل من العنصرية والعنف يأبى الاندثار.
وتبدأ رواية "بعد صافو" للكاتبة سيلبي وين شوارتز، في إيطاليا عام 1880 بتلك العبارة "أول شيء فعلناه هو تغيير أسمائنا. كنا على وشك أن نصبح صافو"، لتؤرخ لقصة الطفلة التي ستكبر وتصبح الشاعرة الإيطالية لينا بوليتي، مسلطة الضوء على الكتاب والفنانين الرائدين، بما في ذلك فيرجينيا وولف، وجوزفين بيكر، ورادكليف هال.
رواية "بوث" لفاولر تتتبع بدورها إحدى أكثر الشخصيات شهرة في التاريخ الأميركي: جون ويلكس بوث، الرجل الذي أطلق النار على أبراهام لينكولن لترسم من خلاله هو وأسرته صورة مذهلة لبلد يمر بمرحلة التغيير واستكشاف حي للروابط التي تصنع الأسرة وتفككها. فاولر من الأسماء التي سبق إدراجها في القائمة القصيرة للبوكر عام 2014 مع إليزابيث ستراوت، التي ترشحت عن أول كتاب في سلسلة لوسي "اسمي لوسي بارتون"، وإذا بها تدخل القائمة هذا العام بروايتها "أوه ويليام/Oh William!". جزء من السلسلة يستأنف الصراع بين لوسي الكاتبة وزوجها السابق ويليام؛ الرجل اللغز بالنسبة لها. فبرغم انفصالهما يظلان على مقربة. لذا لا تتفاجأ حين يطلب منها الانضمام إليه في رحلة للتحقيق في سر عائلي تم الكشف عنه مؤخرًا، أحد تلك الأسرار التي تعيد ترتيب كل شيء نعتقد أننا نعرفه عن الأشخاص الأقرب إلينا. ما سيحدث بعد ذلك ليس أقل من مثال آخر لما أطلقت عليه هيلاري مانتل اسم "التناغم المثالي مع حالة الإنسان" لدى ستراوت. في قلب هذه القصة، يكمن الصوت الذي لا يقهر للوسي بارتون، التي تقدم انعكاسًا عميقًا ودائمًا لطبيعة الوجود ذاتها. تقول لوسي: "هذا هو أسلوب الحياة، الأشياء العديدة التي لا نعرفها إلا بعد فوات الأوان".
رواة من فصيلة أخرى
قبل تسع سنوات، نشرت الزيمبابوية نوفيوليت بولاوايو روايتها الأولى "نحتاج إلى أسماء جديدة/ We Need New Names" عن بلوغ سن الرشد، وتتتبع دارلينغ البالغة من العمر 10 سنوات وأصدقاءها الذين يكافحون من أجل البقاء في أكواخ في زيمبابوي. حازت الرواية على استحسان واسع، وجعلت بولاوايو أول امرأة أفريقية سوداء يتم إدراجها في القائمة المختصرة لجائزة بوكر، وها هي تعود بروايتها "المجد/ Glory" التي تدور أحداثها في مملكة حيوانات في جيدادا على غرار "مزرعة حيوانات" جورج أورويل، حيث تتم الإطاحة بعد 40 عامًا من الحكم بـ"الحصان العجوز" في انقلاب، مع زوجته المكروهة للغاية، حمار يدعى مارفيلوس. في البداية، كان هنالك ابتهاج كبير وأمل في التغيير تحت قيادة الحصان الجديد، نائب الرئيس المخلوع. ومع ذلك، سرعان ما يتلاشى الأمل، وفي فترة ما بعد الانقلاب، يعود الماعز الصغير من المنفى يائسًا ليشهد على أرض ينتشر فيها الجشع والفساد والأنبياء الأدعياء. في ملاحظة للقارئ، أوضحت بولاوايو أنها حاولت الكتابة عن انقلاب زيمبابوي في نوفمبر 2017، وسقوط روبرت موغابي، في الأدب الواقعي، لكنها وجدت شكلًا أفضل في السخرية السياسية.
أما "خرائط لأجسادنا المدهشة/ Maps of Our Spectacular Bodies"، وهي رواية مادي مورتيمر الأولى، فترويها على لسان بطل جديد لا يستحب حكيه مطلقًا، إنه كومة من الخلايا السرطانية التي ما إن تحتل جسدًا حتى تعيث فيه فسادًا، ولا تتركه إلا جثة هامدة. لسوء حظ أسرة صغيرة أن تحتل جسد الأم، فتنقلب حياتهم رأسًا على عقب مع محاولات تكيف لا تنتهي. يعود الزمن بالمرأة إلى الوراء، لنستكشف الأشخاص الذين شكلوا شبابها وحياتها، بدءًا من أمها المتدينة إلى حبها الأول المضطرب، ويأخذ كل منهم مكانه في المشهد المتغير لجسدها.
خمس روايات من بريطانيا وأيرلندا
على قائمة البوكر ثلاثة بريطانيين؛ ألن غارنر، ومادي مورتيمر، والكاتب الأسكتلندي غرايم ماكراي بيرنت، بالإضافة إلى اثنين من أيرلندا: كلير كيغان، وأودري ماجي، العدد نفسه الذي كان من نصيب بريطانيا عام 2021.
تدور الروايات الخمس في فترات متقاربة، فبينما تأخذنا "أشياء صغيرة مثل هذه/ Small Things Like This" لكلير كيغان، وهي من أكثر الروايات مبيعًا، إلى بلدة أيرلندية صغيرة في عام 1985 خلال الأسابيع التي تسبق عيد الميلاد، نتعرف في "دراسة حالة/ Case Study" لغرايم ماكراي بيرنت على امرأة شابة من لندن عام 1965، تعتقد أن معالجًا نفسيًا قد دفع أختها إلى الانتحار. وحتى تتأكد من شكوكها، تقوم بانتحال هوية مزيفة، وتقدم نفسها له كعميل، مسجلة تجاربها في سلسلة من دفاتر اليوميات، لكنها سرعان ما تجد نفسها منجذبة إلى عالم لم تعد قادرة فيه على التأكد من أي شيء، حتى شخصيتها.
وتدور رواية "المستعمرة/ The Colony" لأودري ماجي في عام 1979، وقت اندلاع العنف في جميع أنحاء أيرلندا، وهي منسوجة بخبرة واسعة للشخوص والأماكن، ونقد سياسي قاس للتكلفة الطويلة للإمبريالية، وإقرار بالتمزق الحتمي لأي استقلال.
تكتمل قائمة البوكر برواية "أقمار معالي ألميدا السبعة/ The Seven Moons of Maali Almeida"، للكاتب شيهان كاروناتيلاكا من سيرلانكا، وهو ثاني سريلانكي يتم ترشيحه للجائزة خلال عامين. تدور روايته حول مصور عالق في أهوال الحرب الأهلية.
يرى ماكغريغور، مدير المتحف البريطاني السابق، ورئيس لجنة التحكيم هذا العام، أن الكتب المدرجة في القائمة تعكس شواغل كوكبنا على مدار السنوات القليلة الماضية، وتجعلنا نتعامل مع المرض كعدو حقيقي يجب محاربته يوميًا، مثل قضايا الظلم العنصري والجنساني وهشاشة النظام السياسي، كما أنها تحتوي على حبكات مدفوعة "بتاريخ طويل من الصراع والظلم"، وتتصارع مع "الطبيعة المراوغة للحقيقة".
سناء عبد العزيز 31 يوليه 2022
تغطيات
ليليا موتلي أصغر مرشحة، وألن غارنر أكبر مرشح
شارك هذا المقال
حجم الخط
يمكنك قراءة القائمة الطويلة لجائزة البوكر هذا العام، التي نُشرت أخيرًا، من زوايا عدة. كأن تصفها بأول قائمة عبر تاريخ الجائزة تتضمن ثلاث روايات تعد التجارب الأولى لأصحابها، أو بأنها القائمة الأولى التي تضمنت 8 كاتبات في مقابل 5 رجال، سيما وأنها صاحبة السابقة المعروفة التي ألبت عليها الرأي العام حين لم تدرج في قائمتها لعام 1991 كاتبة واحدة، ما دفع إلى استحداث جائزة تخص المرأة وحدها.
يمكنك قراءتها كذلك من زاوية العمر، إذ شملت عناوينها الـ13، عنوانًا لأكبر كاتب، هو البريطاني ألن غارنر (88 سنة)، وآخر لأصغر كاتبة ليلى موتلي (20 سنة). يصح أيضًا أن تصفها بالنطاق الجغرافي الواسع، الممتد من بريطانيا وأيرلندا، إلى الولايات الأميركية، وحتى زيمبابوي، وسريلانكا. وإذا ما راودتك المخاوف بشأن هيمنة أميركا التي أثيرت من قبل، فأنت على صواب، سيما وقد احتل كتاب أميركا من قائمتها الطويلة ما يقرب النصف.
يلاحظ على قائمة البوكر أيضًا فوز دور النشر الصغيرة بما يعادل الثلثين. وعلى عكس السنوات السابقة التي شهدت فوز هيلاري مانتل، وكازو إيشيجورو، وبرناردين إيفاريستو، ومارجريت أتوود، خلت قائمة هذا العام من الأسماء الكبيرة، باستثناء البريطاني ألن غارنر، والأميركية إليزابيث ستراوت.
لكن الأكثر أهمية بالنسبة لرئيس لجنة التحكيم، نيل ماكغريغور، هو ما تمثله العناوين المختارة، بصرف النظر عن أي تصنيفات. يقول ماكغريغور "إنها روايات كتبت ببراعة وحرفية شديدة، ويبدو أنها تستفيد وتوسع ما يمكن أن تفعله اللغة".
"شملت العناوين الـ13 المرشحة عنوانًا لأكبر كاتب، هو البريطاني ألن غارنر (88 سنة)، وآخر لأصغر كاتبة ليلى موتلي (20 سنة)" |
انضم إلى ماكغريغور في اللجنة المانحة للجائزة البالغ قيمتها 50 ألف جنيه استرليني، الأكاديمية والمذيعة شهيدة باري، والمؤرخة هيلين كاستور، والمؤلف والناقد جون هاريسون، والروائي والشاعر آلان مابانكو، صاحب رواية "زجاج مكسور".
على طرفي منحنى العمر
غارنر، إذًا، هو أكبر الروائيين سنًا في قائمة البوكر الطويلة هذا العام، وما يجعل فوزه حدثًا مؤثرًا أن يوم حفل توزيع الجوائز المزمع إقامته في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 يوافق عيد ميلاده الثامن والثمانين. فإذا ما تغلبت روايته "تريكل ووكر/ Treacle Walker" على العناوين المنافسة، سيصبح غارنر أكبر فائز بالبوكر على الإطلاق، وتصبح البوكر أثمن هدية لغارنر في عيد ميلاده عند هذا المنحنى من العمر.
لقد استطاع غارنر في "تريكل ووكر" أن يمسك بسيولة الزمن من خلال مزيج مذهل من الأسطورة والفولكلور عن صبي يدعى "جو" يتفاجأ بوصول شخص متغضن الوجه يرتدي معطفًا طويلًا وقبعة عالية يتدلى شعره من تحتها، سرعان ما تتوطد بينهما أواصر صداقة غير متوقعة ليتسنى للصبي التعرف إلى عالم لم يكن يتخيله أبدًا عن طريق هذا الجوال المعالج. إنها من الأفكار الملحة التي تصاحبنا في سن البلوغ؛ ظهور ما يجعل الحياة أكثر إثارة وامتلاءً!
على الطرف المقابل، تقف ليلى موتلي، باعتبارها أصغر كاتبة على الإطلاق يتم إدراجها منذ ترشح جون ماكغريغور عام 2002 وهو في عمر الـ 26. وما يجعل فوز موتلي حدثًا فريدًا من نوعه أن تلك الفتاة الواعدة كتبت روايتها الأولى "الزحف ليلًا" وهي في السابعة عشرة فحسب. تحكي موتلي عن حادث مزلزل بالنسبة لأي امرأة؛ اعتداء جنسي من رجال على فتاة في أوكلاند بكاليفورنيا، لتصل من خلالها إلى حقيقة فشل النظام القضائي واضطهاده للفتيات داكنات البشرة.
الهيمنة الأميركية مجددًا
موتلي واحدة من ستة مؤلفين أميركيين ترشحوا في القائمة هذا العام، هم: هرنان دياز؛ بيرسيفال إيفرت؛ كارين جوي فاولر؛ سيلبي وين شوارتز، وإليزابيث ستراوت. وكذلك نوڤيوليت بولاوايو، التي ولدت في زيمبابوي ولكنها تعيش الآن في الولايات المتحدة، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة إشعال الجدل حول "أمركة الجائزة"، بعد أن فتحت أبوابها لجميع الجنسيات عام 2014.
"تقف ليلى موتلي، باعتبارها أصغر كاتبة على الإطلاق يتم إدراجها منذ ترشح جون ماكغريغور عام 2002 وهو في عمر الـ 26. وما يجعل فوز موتلي حدثًا فريدًا من نوعه أن تلك الفتاة الواعدة كتبت روايتها الأولى "الزحف ليلًا" وهي في السابعة عشرة فحسب" |
دخل دياز القائمة بروايته الثانية "ثقة/ Trust"، التي يمكن وصفها بأنها رواية داخل رواية، بمخطوطاتها الأربعة التي تحكي نسخًا مختلفة من قصة بنيامين؛ رجل الأعمال الأسطوري في وول ستريت، وزوجته هيلين راسك، وابنتهما اللامعة، ووصولهم إلى قمة الثروة والقوة في عشرينيات القرن الماضي؛ الفترة التي سبقت الكساد الكبير. لكن الأسرار حول ثرائهم وسلطتهم في وسعها دائمًا أن تفجر كثيرًا من الشائعات. ومن ثم يتبع دياز المؤرخ الحائز على العديد من الجوائز أسلوبًا من التحري يسمح بمشاركة القارئ في البحث عن الحقيقة التي كثيرًا ما تتلاعب بها السلطة عبر ملحمته الأنيقة متعددة الأوجه مستعيدًا الأصوات المدفونة تحت ركام الأساطير.
إلى جانب دياز، تضمنت القائمة "الأشجار/ "The Trees، للكاتب ومؤلف الأطفال، بيرسيفال إيفرت، لتجرنا إلى سلسلة من جرائم القتل الوحشية في بلدة موني الريفية بولاية ميسيسيبي. وبينما تتراكم الجثث، يبحث المحققون عن إجابات من طبيب البلدة الذي قام بتوثيق كل عمليات الإعدام خارج نطاق القانون، كاشفين اللثام عن تاريخ طويل من العنصرية والعنف يأبى الاندثار.
وتبدأ رواية "بعد صافو" للكاتبة سيلبي وين شوارتز، في إيطاليا عام 1880 بتلك العبارة "أول شيء فعلناه هو تغيير أسمائنا. كنا على وشك أن نصبح صافو"، لتؤرخ لقصة الطفلة التي ستكبر وتصبح الشاعرة الإيطالية لينا بوليتي، مسلطة الضوء على الكتاب والفنانين الرائدين، بما في ذلك فيرجينيا وولف، وجوزفين بيكر، ورادكليف هال.
رواية "بوث" لفاولر تتتبع بدورها إحدى أكثر الشخصيات شهرة في التاريخ الأميركي: جون ويلكس بوث، الرجل الذي أطلق النار على أبراهام لينكولن لترسم من خلاله هو وأسرته صورة مذهلة لبلد يمر بمرحلة التغيير واستكشاف حي للروابط التي تصنع الأسرة وتفككها. فاولر من الأسماء التي سبق إدراجها في القائمة القصيرة للبوكر عام 2014 مع إليزابيث ستراوت، التي ترشحت عن أول كتاب في سلسلة لوسي "اسمي لوسي بارتون"، وإذا بها تدخل القائمة هذا العام بروايتها "أوه ويليام/Oh William!". جزء من السلسلة يستأنف الصراع بين لوسي الكاتبة وزوجها السابق ويليام؛ الرجل اللغز بالنسبة لها. فبرغم انفصالهما يظلان على مقربة. لذا لا تتفاجأ حين يطلب منها الانضمام إليه في رحلة للتحقيق في سر عائلي تم الكشف عنه مؤخرًا، أحد تلك الأسرار التي تعيد ترتيب كل شيء نعتقد أننا نعرفه عن الأشخاص الأقرب إلينا. ما سيحدث بعد ذلك ليس أقل من مثال آخر لما أطلقت عليه هيلاري مانتل اسم "التناغم المثالي مع حالة الإنسان" لدى ستراوت. في قلب هذه القصة، يكمن الصوت الذي لا يقهر للوسي بارتون، التي تقدم انعكاسًا عميقًا ودائمًا لطبيعة الوجود ذاتها. تقول لوسي: "هذا هو أسلوب الحياة، الأشياء العديدة التي لا نعرفها إلا بعد فوات الأوان".
رواة من فصيلة أخرى
"أوضحت نوفيوليت بولاوايو أنها حاولت في روايتها Glory الكتابة عن انقلاب زيمبابوي في نوفمبر 2017، وسقوط روبرت موغابي، في الأدب الواقعي، لكنها وجدت شكلًا أفضل في السخرية السياسية" |
قبل تسع سنوات، نشرت الزيمبابوية نوفيوليت بولاوايو روايتها الأولى "نحتاج إلى أسماء جديدة/ We Need New Names" عن بلوغ سن الرشد، وتتتبع دارلينغ البالغة من العمر 10 سنوات وأصدقاءها الذين يكافحون من أجل البقاء في أكواخ في زيمبابوي. حازت الرواية على استحسان واسع، وجعلت بولاوايو أول امرأة أفريقية سوداء يتم إدراجها في القائمة المختصرة لجائزة بوكر، وها هي تعود بروايتها "المجد/ Glory" التي تدور أحداثها في مملكة حيوانات في جيدادا على غرار "مزرعة حيوانات" جورج أورويل، حيث تتم الإطاحة بعد 40 عامًا من الحكم بـ"الحصان العجوز" في انقلاب، مع زوجته المكروهة للغاية، حمار يدعى مارفيلوس. في البداية، كان هنالك ابتهاج كبير وأمل في التغيير تحت قيادة الحصان الجديد، نائب الرئيس المخلوع. ومع ذلك، سرعان ما يتلاشى الأمل، وفي فترة ما بعد الانقلاب، يعود الماعز الصغير من المنفى يائسًا ليشهد على أرض ينتشر فيها الجشع والفساد والأنبياء الأدعياء. في ملاحظة للقارئ، أوضحت بولاوايو أنها حاولت الكتابة عن انقلاب زيمبابوي في نوفمبر 2017، وسقوط روبرت موغابي، في الأدب الواقعي، لكنها وجدت شكلًا أفضل في السخرية السياسية.
أما "خرائط لأجسادنا المدهشة/ Maps of Our Spectacular Bodies"، وهي رواية مادي مورتيمر الأولى، فترويها على لسان بطل جديد لا يستحب حكيه مطلقًا، إنه كومة من الخلايا السرطانية التي ما إن تحتل جسدًا حتى تعيث فيه فسادًا، ولا تتركه إلا جثة هامدة. لسوء حظ أسرة صغيرة أن تحتل جسد الأم، فتنقلب حياتهم رأسًا على عقب مع محاولات تكيف لا تنتهي. يعود الزمن بالمرأة إلى الوراء، لنستكشف الأشخاص الذين شكلوا شبابها وحياتها، بدءًا من أمها المتدينة إلى حبها الأول المضطرب، ويأخذ كل منهم مكانه في المشهد المتغير لجسدها.
خمس روايات من بريطانيا وأيرلندا
على قائمة البوكر ثلاثة بريطانيين؛ ألن غارنر، ومادي مورتيمر، والكاتب الأسكتلندي غرايم ماكراي بيرنت، بالإضافة إلى اثنين من أيرلندا: كلير كيغان، وأودري ماجي، العدد نفسه الذي كان من نصيب بريطانيا عام 2021.
تدور الروايات الخمس في فترات متقاربة، فبينما تأخذنا "أشياء صغيرة مثل هذه/ Small Things Like This" لكلير كيغان، وهي من أكثر الروايات مبيعًا، إلى بلدة أيرلندية صغيرة في عام 1985 خلال الأسابيع التي تسبق عيد الميلاد، نتعرف في "دراسة حالة/ Case Study" لغرايم ماكراي بيرنت على امرأة شابة من لندن عام 1965، تعتقد أن معالجًا نفسيًا قد دفع أختها إلى الانتحار. وحتى تتأكد من شكوكها، تقوم بانتحال هوية مزيفة، وتقدم نفسها له كعميل، مسجلة تجاربها في سلسلة من دفاتر اليوميات، لكنها سرعان ما تجد نفسها منجذبة إلى عالم لم تعد قادرة فيه على التأكد من أي شيء، حتى شخصيتها.
وتدور رواية "المستعمرة/ The Colony" لأودري ماجي في عام 1979، وقت اندلاع العنف في جميع أنحاء أيرلندا، وهي منسوجة بخبرة واسعة للشخوص والأماكن، ونقد سياسي قاس للتكلفة الطويلة للإمبريالية، وإقرار بالتمزق الحتمي لأي استقلال.
تكتمل قائمة البوكر برواية "أقمار معالي ألميدا السبعة/ The Seven Moons of Maali Almeida"، للكاتب شيهان كاروناتيلاكا من سيرلانكا، وهو ثاني سريلانكي يتم ترشيحه للجائزة خلال عامين. تدور روايته حول مصور عالق في أهوال الحرب الأهلية.
يرى ماكغريغور، مدير المتحف البريطاني السابق، ورئيس لجنة التحكيم هذا العام، أن الكتب المدرجة في القائمة تعكس شواغل كوكبنا على مدار السنوات القليلة الماضية، وتجعلنا نتعامل مع المرض كعدو حقيقي يجب محاربته يوميًا، مثل قضايا الظلم العنصري والجنساني وهشاشة النظام السياسي، كما أنها تحتوي على حبكات مدفوعة "بتاريخ طويل من الصراع والظلم"، وتتصارع مع "الطبيعة المراوغة للحقيقة".