في ذكرى ميلاده.. تولستوي الذي كتب امرأةً لا تموت
مناهل السهوي 9 سبتمبر 2022
تغطيات
(Getty Images)
شارك هذا المقال
حجم الخط
قرأتُ مرة، في مكان ما، أن قلّة من الرجال يكتبون جيدًا عن النساء، ويظهر أنهم لا ينجحون غالبًا بالتعمق في خبايا عقل المرأة، فيبدو الوصف وتبدو الحكايا ناقصة أو مبتذلة في بعض الأحيان، ببساطة لأن المرأة لم تكتمل. ومن القلة التي نجحت في كتابة شخصية المرأة الكاتب الروسي ليو تولستوي، وتحديدًا في شخصية آنا كارنينا، روايته الأكثر شهرة، فلم تتغير شخصية آنا على مر العصور، وتكاد أن تكون حقيقية لأن كاتبًا أتقن بشكل لا يصدق رسم امرأة على الورق.
"آنا كارنينا"، المرأة التي لا تموت
ولد الكونت ليف نيكولايفيتش تولستوي في يوم 9 أيلول/ سبتمبر 1828، من أشهر رواياته "الحرب والسلام" و"آنا كارنينا". وآنا كارنينا تدفعنا إلى التساؤل عن السر في إتقان تولستوي كتابتها، وكيف استطاع رجل أن يكتب شخصية امرأة بشكل جيد حقًا؟
بداية يسمح تولستوي لشخصياته بالنمو، التطور والتصرف بجرأة بدون أن يضع لها قيودًا لكنها تبقى نفسها. شخصيات تولستوي ليست له، ومن ضمنها آنا كارنينا، أكثر الشخصيات الروائية شهرة، فلم يتحكم بها أو يرسم لها مسارات يشتهيها. تمتلك شخصياته خصوصيتها وعلى الرغم من استفاضته في الشرح والوصف إلا أنه يترك للقارئ مساحته ليتخيل، يترك مساحة في الشخصية ليضع القارئ نفسه فيها. لتولستوي طريقة خاصة في تقديم شخصيات نتعرف عليها من خلال تجربتنا الخاصة، قوة "آنا كارنينا" أنها أقرب إلى الطبيعة البشرية من أي كتاب آخر، ولم تتأثر بالتاريخ أو الثقافة، ربما لذلك بقيت آنا حيّة لليوم، بقوة وعنف وحميمية ساحرة، شخصية بروح محكوم عليها بالفشل على مستوى نفسي حميم للغاية، من جهة أخرى ليس هدف ليو من وصف المناظر والديكورات الوصف وحسب بل لأن هذه الأوصاف ستكون جزءا من الطريق التي يرسمها عبر الشخوص والمشاعر والتناقضات، فهذه الديكورات هي جزء من الحكاية، قد تكون عقبة أو عبئًا وقد تكون بهدف استخلاص درس ما.
حتى تولستوي نفسه لم يعتبر "الحرب والسلام" رواية إنما ملحمة نثرية وكانت "آنا كارنينا" هي ما اعتبرها روايته الأولى التي وصفها دوستويفسكي وفلاديمير نابوكوف بأنها "لا تشوبها شائبة"، أما وليام فولكنر فقال: "’آنا كارنينا’ أفضل ما كتب على الإطلاق"، هي رواية تستكشف العديد من الموضوعات بما في ذلك الغيرة، الخيانة، المجتمع والزواج، العلاقات والموت، والخلاف بين التقاليد والتفكير الحرّ.
عدو الدولة والكنيسة
تكمن أهمية تولستوي في أنه يميل للتطور كما شخصياته، التي تتغير وتتفاعل مع المحيط، وقبل البدء في روايته "الحرب والسلام" قام تولستوي برحلتين حول أوروبا، في الأولى شهد على إعدام علني في باريس ما شكل صدمة في نفسه وعدم ثقة بالدولة التي رأى أنها أُنشِئت لاستغلال الناس، بعد هذه الرحلة تعهد بعدم خدمة أي حكومة وهكذا غدا أناركيًا، والأناركية هي فلسفة سياسية تعني اللاسلطوية وترفض التسلسل الهرمي للسلطات السياسية والتي تراها الأناركية مضرة بالمجتمع ولا تقدم له أي فائدة حقيقية، ولذلك ربما تتصرف روسيا ببرود حتى اليوم تجاه أحد أهم مبدعيها، لأنه لم يبد التقدير المتوقع تجاه حكومة بلاده.
في شيخوخته تحول تولستوي إلى المسيحية، لكنه فعل ذلك بطريقة غير متوقعة، إذ كانت لديه رؤية حول يسوع المسيح لم تتضمن إضافات خارقة للطبيعة ولا معجزات تتخطى الطبيعة البشرية، فلقد رأى يسوع كرجل عظيم له علاقة خاصة مع الله، وأمضى عقودًا في تفصيل هذه الفكرة في مقالاته ووضعها في كتاب "ملكوت الله بداخلك"، وهو كتاب كامل يعرض أفكاره عن يسوع والإيمان والله والسلمية والحياة الأخلاقية.
يعد الخلاف المستمر بين تولستوي والكنيسة الأرثوذكسية الروسية جزءًا أساسيًا من حياته، إذ قامت الكنيسة بطرده كنسيًا في عام 1901، بسبب عدم رضاها عن روايته "القيامة" بالإضافة إلى اعتناق تولستوي للآراء المسيحية اللاسلطوية والسلمية، والصادم أنه حتى في عام 2001، أعادت الكنيسة تأكيد حرمان تولستوي الكنسي، حتى أن المفكرين الأرثوذكس الروس المحافظين وضعوا أعمال تولستوي في القائمة السوداء!
"آنا كارنينا" ليست عمل تولستوي الوحيد
تمكنت "آنا كارنينا" من التربع على قمة الأعمال العالمية وأخذت مجدًا منقطع النظير، لكن يجب الانتباه وعلى الرغم من عظمة الرواية التي لا شك فيها، أن هناك أعمالًا أُخرى لتولستوي ذات أهمية لافتة، وبخاصة النصوص الأخيرة التي كتبها بعد "آنا كارنينا"، إذ أصبح كاتب مقالات غزير الإنتاج وغير خيالي فقط.
اعتمدت الكثير من رواياته المتأخرة على الرمزية الدينية، مثل رواية "مملكة الله بداخلك" والتي وصل تأثيرها حتى المهاتما غاندي ومارتن لوثر كينغ، بالإضافة إلى روايته التاريخية "الحاج مراد"، كما كتب تولستوي لاحقًا عن النباتية والجنس والأدب، هو الذي كان نباتيًا، كما كتب وقبل وفاته بعدة سنوات مقالًا طويلًا جدًا أقرب للكتاب الصغير عن شكسبير. ولن ننسى رواية "موت إيفان إيليتش"، والتي اختار تولستوي الموت محورًا لها، فسلط الضوء على ما يفعله الموت فينا وما يرافقه من اضطرابات تدفعنا إلى مراجعة الحياة، محاولًا الإجابة عن سؤال الموت العصي.
الوجه الآخر للإبداع والزواج
من جهة أخرى لكل شخصية، مهما كانت مبدعة ومختلفة، جانب آخر، قد يكون أسود للبعض أو ربما صادمًا (صادمًا لأن الأدب الجميل يدفعنا لرؤية كاتبه كما لو أنه نبي، كما نُظِر إلى تولستوي، بخاصة في سنواته الأخيرة). لكن وفي حياته الزوجية يبدو أن زوجته لم تكن سعيدة تمامًا معه، إذ أن مذكرات الكونتيسة صوفيا ألقت الضوء على حياة أسرية مضطربة لأعظم كتّاب روسيا. تحكي المذكرات عن رجل قاسٍ وصعب المراس، لا بل غير مبال بعائلته، ينتقد كل شيء بلا نهاية كما أنه أجبر زوجته على إرضاع كل أطفالهم الثلاثة عشر، على الرغم من الإنهاك الذي سبّبه ذلك لها. فهل تقصّد أن يضع في افتتاحية "آنا كارنينا" نفسه، حين قال إن كل العائلات السعيدة متشابهة، لكن كلّ عائلة غير سعيدة تعيسة بطريقتها الخاصة!
صوفيا هي من نسخت جميع مخطوطاته، بما في ذلك "الحرب والسلام"، بخط اليد. في مذكراتها تتحدث عن حياتهم في ياسنايا بوليانا، وإحدى القصص التي ترويها تتحدث عن تولستوي عندما كان يعاني من نزلة برد وخرج في نزهة دون إخبارها، تقول صوفيا إن عاصفة هبت وأمطرت وتساقط الثلج فتحطمت الأسقف والأشجار ولم يظهر تولستوي، فخرجت الزوجة إلى الشرفة في انتظاره مذعورة، وفي النهاية عاد، وشرعت في البكاء وتوبيخه، فكان رده الساخر: "ماذا لو خرجت؟ أنا لست صبيًا صغيرًا، لست مضطرًا لإخباركِ".
النهاية
قبل وفاته بوقت قصير ترك تولستوي منزله وخرج بحثًا عن أجوبة عن الحياة والموت وتوفي إثر أزمة قلبية، وعندما كانت الأزمة في ذروتها أخذ تولستوي يد ابنته تاتيانا، التي كانت جالسة إلى جواره، وضغط عليها قائلًا: "حسنًا، هذه هي النهاية، هذا كل شيء". ربما وجد تولستوي في تلك اللحظة إجابة لسؤال الموت وكانت "هذا كل شيء".
بعد النوبة القلبية اجتمع الكثير من الأطباء حوله فقال لهم: "هناك الملايين من الناس على الأرض، والكثير منهم يعانون، لماذا إذًا، أنتم حولي؟"، وقيل إنه مات بسعادة وهو واعٍ ومدرك لخطورة حالته. وعلى الرغم من إرسال الكنيسة رسالة تحثه على التصالح معها فإن الأمر لم يتم، ومات من دون مصالحة الكنيسة ولم يُقَم قداس له، وبناءً على رغبته دُفن على التل في ياسنايا بوليانا حيث كان يلعب في طفولته، وأقيمت مراسم بسيطة كما تمنى، وبدون أكاليل زهور حتى.
مصادر:
Russian author Count Tolstoy dead at Astapovo\ the guardian\ 21-11- 2015
Leo Tolstoy: the forgotten genius?\ Luke Harding\ the guardian\ 6- 1- 2010
Sofia Tolstoy's diaries paint bleak portrait of marriage to Leo\ Alison Flood\ the guardian\ 2-6- 2009
"آنا كارنينا"، منشورات المدى، ترجمة صياح الجهيم
مناهل السهوي 9 سبتمبر 2022
تغطيات
(Getty Images)
شارك هذا المقال
حجم الخط
قرأتُ مرة، في مكان ما، أن قلّة من الرجال يكتبون جيدًا عن النساء، ويظهر أنهم لا ينجحون غالبًا بالتعمق في خبايا عقل المرأة، فيبدو الوصف وتبدو الحكايا ناقصة أو مبتذلة في بعض الأحيان، ببساطة لأن المرأة لم تكتمل. ومن القلة التي نجحت في كتابة شخصية المرأة الكاتب الروسي ليو تولستوي، وتحديدًا في شخصية آنا كارنينا، روايته الأكثر شهرة، فلم تتغير شخصية آنا على مر العصور، وتكاد أن تكون حقيقية لأن كاتبًا أتقن بشكل لا يصدق رسم امرأة على الورق.
"آنا كارنينا"، المرأة التي لا تموت
ولد الكونت ليف نيكولايفيتش تولستوي في يوم 9 أيلول/ سبتمبر 1828، من أشهر رواياته "الحرب والسلام" و"آنا كارنينا". وآنا كارنينا تدفعنا إلى التساؤل عن السر في إتقان تولستوي كتابتها، وكيف استطاع رجل أن يكتب شخصية امرأة بشكل جيد حقًا؟
"قوة "آنا كارنينا" أنها أقرب إلى الطبيعة البشرية من أي كتاب آخر ولم تتأثر بالتاريخ أو الثقافة، ربما لذلك بقيت آنا حيّة لليوم، بقوة وعنف وحميمية ساحرة، شخصية بروح محكوم عليها بالفشل على مستوى نفسي حميم" |
حتى تولستوي نفسه لم يعتبر "الحرب والسلام" رواية إنما ملحمة نثرية وكانت "آنا كارنينا" هي ما اعتبرها روايته الأولى التي وصفها دوستويفسكي وفلاديمير نابوكوف بأنها "لا تشوبها شائبة"، أما وليام فولكنر فقال: "’آنا كارنينا’ أفضل ما كتب على الإطلاق"، هي رواية تستكشف العديد من الموضوعات بما في ذلك الغيرة، الخيانة، المجتمع والزواج، العلاقات والموت، والخلاف بين التقاليد والتفكير الحرّ.
عدو الدولة والكنيسة
تكمن أهمية تولستوي في أنه يميل للتطور كما شخصياته، التي تتغير وتتفاعل مع المحيط، وقبل البدء في روايته "الحرب والسلام" قام تولستوي برحلتين حول أوروبا، في الأولى شهد على إعدام علني في باريس ما شكل صدمة في نفسه وعدم ثقة بالدولة التي رأى أنها أُنشِئت لاستغلال الناس، بعد هذه الرحلة تعهد بعدم خدمة أي حكومة وهكذا غدا أناركيًا، والأناركية هي فلسفة سياسية تعني اللاسلطوية وترفض التسلسل الهرمي للسلطات السياسية والتي تراها الأناركية مضرة بالمجتمع ولا تقدم له أي فائدة حقيقية، ولذلك ربما تتصرف روسيا ببرود حتى اليوم تجاه أحد أهم مبدعيها، لأنه لم يبد التقدير المتوقع تجاه حكومة بلاده.
في شيخوخته تحول تولستوي إلى المسيحية، لكنه فعل ذلك بطريقة غير متوقعة، إذ كانت لديه رؤية حول يسوع المسيح لم تتضمن إضافات خارقة للطبيعة ولا معجزات تتخطى الطبيعة البشرية، فلقد رأى يسوع كرجل عظيم له علاقة خاصة مع الله، وأمضى عقودًا في تفصيل هذه الفكرة في مقالاته ووضعها في كتاب "ملكوت الله بداخلك"، وهو كتاب كامل يعرض أفكاره عن يسوع والإيمان والله والسلمية والحياة الأخلاقية.
يعد الخلاف المستمر بين تولستوي والكنيسة الأرثوذكسية الروسية جزءًا أساسيًا من حياته، إذ قامت الكنيسة بطرده كنسيًا في عام 1901، بسبب عدم رضاها عن روايته "القيامة" بالإضافة إلى اعتناق تولستوي للآراء المسيحية اللاسلطوية والسلمية، والصادم أنه حتى في عام 2001، أعادت الكنيسة تأكيد حرمان تولستوي الكنسي، حتى أن المفكرين الأرثوذكس الروس المحافظين وضعوا أعمال تولستوي في القائمة السوداء!
"يعد الخلاف المستمر بين تولستوي والكنيسة الأرثوذكسية الروسية جزءًا أساسيًا من حياة تولستوي، إذ قامت الكنيسة بطرده كنسيًا في عام 1901، بسبب عدم رضاها عن روايته "القيامة" بالإضافة إلى اعتناق تولستوي للآراء المسيحية اللاسلطوية والسلمية" |
تمكنت "آنا كارنينا" من التربع على قمة الأعمال العالمية وأخذت مجدًا منقطع النظير، لكن يجب الانتباه وعلى الرغم من عظمة الرواية التي لا شك فيها، أن هناك أعمالًا أُخرى لتولستوي ذات أهمية لافتة، وبخاصة النصوص الأخيرة التي كتبها بعد "آنا كارنينا"، إذ أصبح كاتب مقالات غزير الإنتاج وغير خيالي فقط.
اعتمدت الكثير من رواياته المتأخرة على الرمزية الدينية، مثل رواية "مملكة الله بداخلك" والتي وصل تأثيرها حتى المهاتما غاندي ومارتن لوثر كينغ، بالإضافة إلى روايته التاريخية "الحاج مراد"، كما كتب تولستوي لاحقًا عن النباتية والجنس والأدب، هو الذي كان نباتيًا، كما كتب وقبل وفاته بعدة سنوات مقالًا طويلًا جدًا أقرب للكتاب الصغير عن شكسبير. ولن ننسى رواية "موت إيفان إيليتش"، والتي اختار تولستوي الموت محورًا لها، فسلط الضوء على ما يفعله الموت فينا وما يرافقه من اضطرابات تدفعنا إلى مراجعة الحياة، محاولًا الإجابة عن سؤال الموت العصي.
الوجه الآخر للإبداع والزواج
من جهة أخرى لكل شخصية، مهما كانت مبدعة ومختلفة، جانب آخر، قد يكون أسود للبعض أو ربما صادمًا (صادمًا لأن الأدب الجميل يدفعنا لرؤية كاتبه كما لو أنه نبي، كما نُظِر إلى تولستوي، بخاصة في سنواته الأخيرة). لكن وفي حياته الزوجية يبدو أن زوجته لم تكن سعيدة تمامًا معه، إذ أن مذكرات الكونتيسة صوفيا ألقت الضوء على حياة أسرية مضطربة لأعظم كتّاب روسيا. تحكي المذكرات عن رجل قاسٍ وصعب المراس، لا بل غير مبال بعائلته، ينتقد كل شيء بلا نهاية كما أنه أجبر زوجته على إرضاع كل أطفالهم الثلاثة عشر، على الرغم من الإنهاك الذي سبّبه ذلك لها. فهل تقصّد أن يضع في افتتاحية "آنا كارنينا" نفسه، حين قال إن كل العائلات السعيدة متشابهة، لكن كلّ عائلة غير سعيدة تعيسة بطريقتها الخاصة!
صوفيا هي من نسخت جميع مخطوطاته، بما في ذلك "الحرب والسلام"، بخط اليد. في مذكراتها تتحدث عن حياتهم في ياسنايا بوليانا، وإحدى القصص التي ترويها تتحدث عن تولستوي عندما كان يعاني من نزلة برد وخرج في نزهة دون إخبارها، تقول صوفيا إن عاصفة هبت وأمطرت وتساقط الثلج فتحطمت الأسقف والأشجار ولم يظهر تولستوي، فخرجت الزوجة إلى الشرفة في انتظاره مذعورة، وفي النهاية عاد، وشرعت في البكاء وتوبيخه، فكان رده الساخر: "ماذا لو خرجت؟ أنا لست صبيًا صغيرًا، لست مضطرًا لإخباركِ".
"في حياته الزوجية يبدو أن زوجته لم تكن سعيدة تمامًا معه، إذ أن مذكرات الكونتيسة صوفيا ألقت الضوء على حياة أسرية مضطربة لأعظم كتّاب روسيا، وتحكي المذكرات عن رجل قاسٍ وصعب المراس" |
قبل وفاته بوقت قصير ترك تولستوي منزله وخرج بحثًا عن أجوبة عن الحياة والموت وتوفي إثر أزمة قلبية، وعندما كانت الأزمة في ذروتها أخذ تولستوي يد ابنته تاتيانا، التي كانت جالسة إلى جواره، وضغط عليها قائلًا: "حسنًا، هذه هي النهاية، هذا كل شيء". ربما وجد تولستوي في تلك اللحظة إجابة لسؤال الموت وكانت "هذا كل شيء".
بعد النوبة القلبية اجتمع الكثير من الأطباء حوله فقال لهم: "هناك الملايين من الناس على الأرض، والكثير منهم يعانون، لماذا إذًا، أنتم حولي؟"، وقيل إنه مات بسعادة وهو واعٍ ومدرك لخطورة حالته. وعلى الرغم من إرسال الكنيسة رسالة تحثه على التصالح معها فإن الأمر لم يتم، ومات من دون مصالحة الكنيسة ولم يُقَم قداس له، وبناءً على رغبته دُفن على التل في ياسنايا بوليانا حيث كان يلعب في طفولته، وأقيمت مراسم بسيطة كما تمنى، وبدون أكاليل زهور حتى.
مصادر:
Russian author Count Tolstoy dead at Astapovo\ the guardian\ 21-11- 2015
Leo Tolstoy: the forgotten genius?\ Luke Harding\ the guardian\ 6- 1- 2010
Sofia Tolstoy's diaries paint bleak portrait of marriage to Leo\ Alison Flood\ the guardian\ 2-6- 2009
"آنا كارنينا"، منشورات المدى، ترجمة صياح الجهيم