اختيار عبد الجليل السنكيس "كاتبًا عالميًا للشجاعة"
سناء عبد العزيز 20 أكتوبر 2022
تغطيات
عبد الجليل السنكيس
شارك هذا المقال
حجم الخط
أعلنت جائزة بن بنتر في يونيو/ حزيران 2022 عن فوز الكاتبة البريطانية مالوري بلاكمان عن روايتها الديستوبية "أصفار وصلبان"، ونظرًا لأنها الجائزة الوحيدة التي تسمح لمن يفوز بها بأن يختار كاتبًا شجاعًا تعرّض للاضطهاد بسبب جهره بأفكاره ومعتقداته ليشاركه الفوز، اختارت بلاكمان في الحفل الذي أقيم في المكتبة البريطانية يوم 10 أكتوبر/ تشرين الأول، الأكاديمي والناشط والمدوّن عبد الجليل السنكيس من البحرين، ليكون الكاتب العالمي للشجاعة هذا العام.
حصل السنكيس على درجة الدكتوراه في ميكانيكا التأثير من معهد العلوم والتكنولوجيا بجامعة مانشستر وعاد ليشغل منصب رئيس قسم الميكانيكا في جامعة البحرين حتى عام 2005. ودون مقدمات قام رئيس الجامعة بتخفيض رتبته بسبب نشاطاته في مجال حقوق الإنسان وما لبثت أن حجبت السلطات البحرينية مدونته "الفسيلة" التي رصد فيها مساوئ النظام وحاجة بلاده الملحة إلى التغيير، وتذوق الحرية، وعبر عن مخاوفه في صحيفة "نيويورك تايمز": "كن حذرًا عند استخدام كلمتي " تغيير" و"حلم" و"ديمقراطية"، هذه الأمور لا نحوزها بسهولة".
ليس هذا فحسب، خلال زيارة جورج بوش إلى البحرين 2008، أقدم السنكيس على تقديم عريضة من 80 ألف توقيع للرئيس الأميركي يصف فيها البحرين كدولة غير ديمقراطية ويطالب بصياغة دستور ديمقراطي. لم يكد يمضي عام حتى كتب مقالًا افتتاحيًا لصحيفة "نيويورك تايمز" يدعو باراك أوباما إلى عدم التحدث للعالم الإسلامي عن الديمقراطية إلا إذا كان يستطيع تحقيقها.
في صيف عام 2010، زار السنكيس المملكة المتحدة لحضور ندوة في مجلس اللوردات، وصف خلالها تدهور حالة حقوق الإنسان في البحرين، متحدثًا بإسهاب عن ثالوث القمع: "هناك ثلاث ركائز تضمن أن النشطاء والمنظمات غير الحكومية الذين يعملون على كشف الانتهاكات يتم ضبطهم وإدانتهم بطريقة ما، وضمان قمعهم. الأول هو استخدام القوة والتعذيب وسوء المعاملة، الثاني استخدام القانون، والثالث الجهاز القضائي والإجراءات". وفي طريق عودته، ألقي القبض عليه في مطار البحرين الدولي، بدعوى أنه أساء حرية الرأي والتعبير السائدة في المملكة وهو ما قد "يضر باستقرار البلاد".
أطلق سراح السنكيس وآخرين ممن حوكموا معه في فبراير / شباط 2011 بعد دعوات واسعة النطاق للإصلاح السياسي. ومع ذلك، تحكي عائلته أنه في مارس/ آذار، قرب منتصف الليل، اقتحم البيت حوالي 50 من رجال الشرطة وبعض الملثمين الذين يرتدون ملابس مدنية ويتحدثون بلكنة سعودية، وقادوا السنكيس إلى مركز شرطة لبضع ساعات قبل أن يتم نقله إلى سجن القرين العسكري وهناك وضع في الحبس الانفرادي لمدة شهرين في زنزانة مظلمة مساحتها 6 أمتار مربعة. بعدها بأسبوع اعتقل ابنه البكر حسين (28 سنة) وحكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن لمدة سبع سنوات.
ثمن أنترفض زي السجن
في يونيو/ حزيران 2011، حوكم السنكيس أمام محكمة السلامة الوطنية العسكرية وذكر أن نظارته وأدويته أخذت منه لمدة تسعة أسابيع، وأنه تعرّض لسوء المعاملة، وهو ما أكدته التقارير بأنه تعرّض لكافة أنواع التعذيب، بما في ذلك الاعتداء اللفظي والجنسي والضرب، وكل ما سبق أن وصفه عن ثالوث القمع في مجلس اللوردات، لكن المحكمة وجهت إليه تهمة التآمر للإطاحة بالحكومة وأصدرت حكمًا بالسجن مدى الحياة، أيدته دائرة الاستئناف العليا يوم 4 سبتمبر/ أيلول 2012.
خلال فترة اعتقاله، أضرب السنكيس عن الطعام عدة مرات، آخرها في يوليو/ تموز 2021، احتجاجًا على سوء معاملته في السجن ومصادرة مخطوطة كان يعمل عليها لعدة سنوات، على الرغم من ظروفه الصحية المتردية للغاية واعتماده على كرسي متحرك حيث يعاني من متلازمة ما بعد شلل الأطفال ومشاكل في القلب والعين والجيوب الأنفية، وما قد يترتب عليه عندما تحرمه سلطات السجن من العلاج الذي يحتاجه، وغالبًا ما تتذرع برفضه ارتداء زي السجن لعدم تمكنه من مقابلة أحد.
ما حدث للسنكيس أثار المجتمع الدولي، بما في ذلك المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات حقوق الإنسان الرائدة، ورابطة القلم الدولية المانحة للجائزة التي أخذت على عاتقها منذ عام 1960 تسليط الضوء على الكتاب المضطهدين في جميع أنحاء العالم، ردًا على استشراء محاولات تكميم الأفواه، ودعت السلطات في البحرين إلى إطلاق سراحه الفوري وغير المشروط.
تقول بلاكمان: "عندما سمعت لأول مرة عن محنة الدكتور السنكيس... فوجئت على الفور بالتزامه بإحداث تغيير في بلده، وكذلك بتسليط الضوء على الأساليب المستخدمة لقمع حرية التعبير... لقد سجن السنكيس لأكثر من عقد من الزمان وظل مضربًا عن الطعام ثم مكتفيًا بالسوائل لأكثر من 400 يوم، وهو ما يعني أنه رجل شجاع للغاية يعرف كلمة الشجاعة".
لائحة الكتاب الشجعان
أطلقت جائزة بن بنتر تكريمًا للكاتب المسرحي الحائز على نوبل للآداب، هارولد بنتر، الذي تكشف أعماله "الهاوية الموجودة خلف قوى الاضطهاد في غرف التعذيب المغلقة"، وتُمنح إلى "كاتب مقيم في بريطانيا يتمتع بالجدارة الأدبية التي تمكنه من تسليط الضوء بشجاعة على العالم، مبديًا تصميمًا فكريًا لا يعرف الهوادة... لكشف حقيقة حياتنا ومجتمعاتنا"، وهو ما حققته الكاتبة البريطانية مالوري بلاكمان التي جاء في حيثيات فوزها "لتحديها قضايا الظلم على نحو رائع" والتي أعربت بدورها عن امتنانها لمنحها الفرصة لاختيار الفائز معها قائلة: "إن هؤلاء المؤلفين الذين يسعون إلى كتابة حقيقتهم على الرغم من المعارضة الشرسة في كثير من الأحيان، يعرفون حقًا معنى كلمة الشجاعة".
في حفل التكريم، وبينما السنكيس حبيس بين جدران زنزانته، تسلم سيد أحمد الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، عنه الجائزة، وألقى كلمة مؤثرة أمام الضيوف باللغتين العربية والإنكليزية. وبموجب هذا التكريم ينضم السنكيس إلى لائحة الكتاب الشجعان التي تضم الأوغندي كاكوينزا روكيراباشيجا، الذي أبرحته حكومته تعذيبًا فترة احتجازه، والشاعر الإريتري أمانويل أسرات، المعتقل منذ سبتمبر/ أيلول 2001 وسط حملة قمع على وسائل الإعلام الخاصة، وما زال محتجزًا دون أن توجه له تهمة، أو تجري محاكمته، لأكثر من 20 عامًا في سجن شديد الحراسة.
"فسيلة" السنكيس
"متى ما ظهرت الفسيلة - الصغير من النخل- من فوق سطح الأرض، فمن حقها أن تنمو وأن تعانق السماء دون حصار أو مضايقة أو استهداف حق الفسيلة في الحياة كحق غيرها، من المخلوقات، خاصة وإن كانت دليل أصالة شعب كشعب البحرين"، يستهل السنكيس "الفسيلة" بتلك السطور كبروفيل لمدونته التي من ضمن ما أدرجه فيها وصيتان إحداهما من خروف لابنه:
"كن دائمًا بين الخراف مع الجميعْ
طأطئ وسر في درب ذلتك الوضيع
أطع الذئاب يعيش منا من يطيع
إياك يا ولدي مفارقة القطـيع"..
والأخرى وصية أسد لابنه:
"إياك أن ترعى الكلأ مثل الخرافْ
أو أن تعيش منعَّمًا بين الضعاف
كن دائمًا حرًا أبيًا لا يخاف
وخض العباب ودع لمن جبنوا الضفاف"..
وتنتهي بتقديمه وافر الشكر والتقدير لكل من ساعده على التخلص من سجنه الأول، حين لم يرد على خاطره أنه سيعود إليه بعد أقل من شهر، ليقضي فيه بقية حياته: "أشكركم جميعًا من القلب أيها الأخوة والأصدقاء والزملاء أين ما كنتم ومن أي موقع تصرفتم. أقدر عطاءكم كثيرًا وأعدكم بمواصلة درب العطاء والتضحية من أجل رفاهية جميع البشر وصيانة واحترام حقوق الإنسان على هذه الأرض".
المخلص أبدًا
عبد الجليل السنكيس- البحرين
سناء عبد العزيز 20 أكتوبر 2022
تغطيات
عبد الجليل السنكيس
شارك هذا المقال
حجم الخط
أعلنت جائزة بن بنتر في يونيو/ حزيران 2022 عن فوز الكاتبة البريطانية مالوري بلاكمان عن روايتها الديستوبية "أصفار وصلبان"، ونظرًا لأنها الجائزة الوحيدة التي تسمح لمن يفوز بها بأن يختار كاتبًا شجاعًا تعرّض للاضطهاد بسبب جهره بأفكاره ومعتقداته ليشاركه الفوز، اختارت بلاكمان في الحفل الذي أقيم في المكتبة البريطانية يوم 10 أكتوبر/ تشرين الأول، الأكاديمي والناشط والمدوّن عبد الجليل السنكيس من البحرين، ليكون الكاتب العالمي للشجاعة هذا العام.
حصل السنكيس على درجة الدكتوراه في ميكانيكا التأثير من معهد العلوم والتكنولوجيا بجامعة مانشستر وعاد ليشغل منصب رئيس قسم الميكانيكا في جامعة البحرين حتى عام 2005. ودون مقدمات قام رئيس الجامعة بتخفيض رتبته بسبب نشاطاته في مجال حقوق الإنسان وما لبثت أن حجبت السلطات البحرينية مدونته "الفسيلة" التي رصد فيها مساوئ النظام وحاجة بلاده الملحة إلى التغيير، وتذوق الحرية، وعبر عن مخاوفه في صحيفة "نيويورك تايمز": "كن حذرًا عند استخدام كلمتي " تغيير" و"حلم" و"ديمقراطية"، هذه الأمور لا نحوزها بسهولة".
"اختارت الكاتبة البريطانية مالوري بلاكمان في الحفل الذي أقيم في المكتبة البريطانية يوم 10 أكتوبر/ تشرين الأول لفوزها بجائزة بن بنتر، الأكاديمي والناشط والمدوّن عبد الجليل السنكيس من البحرين، ليكون الكاتب العالمي للشجاعة هذا العام" |
في صيف عام 2010، زار السنكيس المملكة المتحدة لحضور ندوة في مجلس اللوردات، وصف خلالها تدهور حالة حقوق الإنسان في البحرين، متحدثًا بإسهاب عن ثالوث القمع: "هناك ثلاث ركائز تضمن أن النشطاء والمنظمات غير الحكومية الذين يعملون على كشف الانتهاكات يتم ضبطهم وإدانتهم بطريقة ما، وضمان قمعهم. الأول هو استخدام القوة والتعذيب وسوء المعاملة، الثاني استخدام القانون، والثالث الجهاز القضائي والإجراءات". وفي طريق عودته، ألقي القبض عليه في مطار البحرين الدولي، بدعوى أنه أساء حرية الرأي والتعبير السائدة في المملكة وهو ما قد "يضر باستقرار البلاد".
أطلق سراح السنكيس وآخرين ممن حوكموا معه في فبراير / شباط 2011 بعد دعوات واسعة النطاق للإصلاح السياسي. ومع ذلك، تحكي عائلته أنه في مارس/ آذار، قرب منتصف الليل، اقتحم البيت حوالي 50 من رجال الشرطة وبعض الملثمين الذين يرتدون ملابس مدنية ويتحدثون بلكنة سعودية، وقادوا السنكيس إلى مركز شرطة لبضع ساعات قبل أن يتم نقله إلى سجن القرين العسكري وهناك وضع في الحبس الانفرادي لمدة شهرين في زنزانة مظلمة مساحتها 6 أمتار مربعة. بعدها بأسبوع اعتقل ابنه البكر حسين (28 سنة) وحكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن لمدة سبع سنوات.
"في صيف عام 2010، زار السنكيس المملكة المتحدة لحضور ندوة في مجلس اللوردات، وصف خلالها تدهور حالة حقوق الإنسان في البحرين، متحدثًا بإسهاب عن ثالوث القمع: "هناك ثلاث ركائز تضمن أن النشطاء والمنظمات غير الحكومية الذين يعملون على كشف الانتهاكات يتم ضبطهم وإدانتهم بطريقة ما، وضمان قمعهم. الأول هو استخدام القوة والتعذيب وسوء المعاملة، الثاني استخدام القانون، والثالث الجهاز القضائي والإجراءات"" |
في يونيو/ حزيران 2011، حوكم السنكيس أمام محكمة السلامة الوطنية العسكرية وذكر أن نظارته وأدويته أخذت منه لمدة تسعة أسابيع، وأنه تعرّض لسوء المعاملة، وهو ما أكدته التقارير بأنه تعرّض لكافة أنواع التعذيب، بما في ذلك الاعتداء اللفظي والجنسي والضرب، وكل ما سبق أن وصفه عن ثالوث القمع في مجلس اللوردات، لكن المحكمة وجهت إليه تهمة التآمر للإطاحة بالحكومة وأصدرت حكمًا بالسجن مدى الحياة، أيدته دائرة الاستئناف العليا يوم 4 سبتمبر/ أيلول 2012.
خلال فترة اعتقاله، أضرب السنكيس عن الطعام عدة مرات، آخرها في يوليو/ تموز 2021، احتجاجًا على سوء معاملته في السجن ومصادرة مخطوطة كان يعمل عليها لعدة سنوات، على الرغم من ظروفه الصحية المتردية للغاية واعتماده على كرسي متحرك حيث يعاني من متلازمة ما بعد شلل الأطفال ومشاكل في القلب والعين والجيوب الأنفية، وما قد يترتب عليه عندما تحرمه سلطات السجن من العلاج الذي يحتاجه، وغالبًا ما تتذرع برفضه ارتداء زي السجن لعدم تمكنه من مقابلة أحد.
ما حدث للسنكيس أثار المجتمع الدولي، بما في ذلك المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات حقوق الإنسان الرائدة، ورابطة القلم الدولية المانحة للجائزة التي أخذت على عاتقها منذ عام 1960 تسليط الضوء على الكتاب المضطهدين في جميع أنحاء العالم، ردًا على استشراء محاولات تكميم الأفواه، ودعت السلطات في البحرين إلى إطلاق سراحه الفوري وغير المشروط.
تقول بلاكمان: "عندما سمعت لأول مرة عن محنة الدكتور السنكيس... فوجئت على الفور بالتزامه بإحداث تغيير في بلده، وكذلك بتسليط الضوء على الأساليب المستخدمة لقمع حرية التعبير... لقد سجن السنكيس لأكثر من عقد من الزمان وظل مضربًا عن الطعام ثم مكتفيًا بالسوائل لأكثر من 400 يوم، وهو ما يعني أنه رجل شجاع للغاية يعرف كلمة الشجاعة".
"تعرّض السنكيس لكافة أنواع التعذيب، بما في ذلك الاعتداء اللفظي والجنسي والضرب، وكل ما سبق أن وصفه عن ثالوث القمع في مجلس اللوردات، لكن المحكمة وجهت إليه تهمة التآمر للإطاحة بالحكومة وأصدرت حكمًا بالسجن مدى الحياة!" |
أطلقت جائزة بن بنتر تكريمًا للكاتب المسرحي الحائز على نوبل للآداب، هارولد بنتر، الذي تكشف أعماله "الهاوية الموجودة خلف قوى الاضطهاد في غرف التعذيب المغلقة"، وتُمنح إلى "كاتب مقيم في بريطانيا يتمتع بالجدارة الأدبية التي تمكنه من تسليط الضوء بشجاعة على العالم، مبديًا تصميمًا فكريًا لا يعرف الهوادة... لكشف حقيقة حياتنا ومجتمعاتنا"، وهو ما حققته الكاتبة البريطانية مالوري بلاكمان التي جاء في حيثيات فوزها "لتحديها قضايا الظلم على نحو رائع" والتي أعربت بدورها عن امتنانها لمنحها الفرصة لاختيار الفائز معها قائلة: "إن هؤلاء المؤلفين الذين يسعون إلى كتابة حقيقتهم على الرغم من المعارضة الشرسة في كثير من الأحيان، يعرفون حقًا معنى كلمة الشجاعة".
في حفل التكريم، وبينما السنكيس حبيس بين جدران زنزانته، تسلم سيد أحمد الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، عنه الجائزة، وألقى كلمة مؤثرة أمام الضيوف باللغتين العربية والإنكليزية. وبموجب هذا التكريم ينضم السنكيس إلى لائحة الكتاب الشجعان التي تضم الأوغندي كاكوينزا روكيراباشيجا، الذي أبرحته حكومته تعذيبًا فترة احتجازه، والشاعر الإريتري أمانويل أسرات، المعتقل منذ سبتمبر/ أيلول 2001 وسط حملة قمع على وسائل الإعلام الخاصة، وما زال محتجزًا دون أن توجه له تهمة، أو تجري محاكمته، لأكثر من 20 عامًا في سجن شديد الحراسة.
"في حفل التكريم، وبينما السنكيس حبيس بين جدران زنزانته، تسلم سيد أحمد الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، عنه الجائزة، وألقى كلمة مؤثرة أمام الضيوف باللغتين العربية والإنكليزية" |
"متى ما ظهرت الفسيلة - الصغير من النخل- من فوق سطح الأرض، فمن حقها أن تنمو وأن تعانق السماء دون حصار أو مضايقة أو استهداف حق الفسيلة في الحياة كحق غيرها، من المخلوقات، خاصة وإن كانت دليل أصالة شعب كشعب البحرين"، يستهل السنكيس "الفسيلة" بتلك السطور كبروفيل لمدونته التي من ضمن ما أدرجه فيها وصيتان إحداهما من خروف لابنه:
"كن دائمًا بين الخراف مع الجميعْ
طأطئ وسر في درب ذلتك الوضيع
أطع الذئاب يعيش منا من يطيع
إياك يا ولدي مفارقة القطـيع"..
والأخرى وصية أسد لابنه:
"إياك أن ترعى الكلأ مثل الخرافْ
أو أن تعيش منعَّمًا بين الضعاف
كن دائمًا حرًا أبيًا لا يخاف
وخض العباب ودع لمن جبنوا الضفاف"..
وتنتهي بتقديمه وافر الشكر والتقدير لكل من ساعده على التخلص من سجنه الأول، حين لم يرد على خاطره أنه سيعود إليه بعد أقل من شهر، ليقضي فيه بقية حياته: "أشكركم جميعًا من القلب أيها الأخوة والأصدقاء والزملاء أين ما كنتم ومن أي موقع تصرفتم. أقدر عطاءكم كثيرًا وأعدكم بمواصلة درب العطاء والتضحية من أجل رفاهية جميع البشر وصيانة واحترام حقوق الإنسان على هذه الأرض".
المخلص أبدًا
عبد الجليل السنكيس- البحرين