فائزان بـ"جائزة جولدسميث" عن رواية واحدة.. مأساة الانفصال البشري
سناء عبد العزيز 16 نوفمبر 2022
تغطيات
ناتاشا سوبرامانين ولوك ويليامز خلال حفل تسلم الجائزة
شارك هذا المقال
حجم الخط
منذ تأسيسها عام 2013، ظهر تأثير "جائزة جولدسميث" على نحو ملحوظ في تغيير المشهد الأدبي البريطاني والأيرلندي، وذلك بمكافأة الروايات التي تجد في البحث عن قالب جديد وطرائق مغايرة في السرد تعمل على توسيع إمكانات الرواية وتعزيز وصولها إلى جمهور عريض في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه تساعد على إلهام جيل جديد من الكتاب لخروج الرواية من مأزقها الراهن.
في هذا العام يحتفل القائمون عليها بمرور عشرة أعوام على انطلاقها، وهو ما صادف اختيار رواية "دييغو غارسيا" التي تتلاءم تماما مع أهدافها، حسب رأي لجنة التحكيم، لتتغلب بقوة على العناوين الأخرى المدرجة في القائمة القصيرة، لعل أبرزها "خرائط لأجسادنا المذهلة" لمادي مورتيمر، و"شخص ما يحبك" للكاتبة منى آرشي، و"سبعة أبراج للسلام" ليارا رودريغز فاولر.
الكتابة عبر البلدان
هذه هي المرة الأولى في تاريخ الجائزة التي يفوز فيها كاتبان عن عمل واحد استغرق عشر سنوات من مؤلفيه، على الرغم من أن كلًا منهما يقطن في بلدة مختلفة؛ ناتاشا سوبرامانين، بريطانية من أصل موريشي، ولوك ويليامز، أسكتلندي، كانا يعيشان في أدنبرة ولكن ناتاشا تعيش الآن في بروكسل ولوك في كوف. من هنا أصبحت "دييغو غارسيا" المتوجة بـ"جائزة جولدسميث" 2022، مثالا للتشارك في الكتابة عبر البلدان.
تدرك ناتاشا أن التعاون في مجال الرواية أمر نادر، على الرغم من شيوعه في العديد من الأشكال الفنية الأخرى، لكن ضرورته وما قد يكشفه عن شرط الرواية المعاصرة، "ليست نيتي هنا"، فيما يرى لوك أن التعاون ليس سوى جانب واحد من نهج يستكشف ما تعنيه كتابة رواية وما يتطلبه من جذب القراء من متصفحات التبويب المتداخلة. يقول "جزء من استجوابنا لشكل الرواية لا يشمل فقط تعاوننا في كتابتها بل يمتد أيضا في طريقة نشرها".
اتبع المؤلفان طريقة مبتكرة في نشر روايتهما، فقبل أن تصدر كاملة عن مطبوعات فيتزكارالدو في 25 مايو/ أيار 2022، كانا ينشران كل فصل على حدة بمجرد أن يكتمل في مجلات مختلفة مثل وايت ريفيو وبوك وركس وغيرها، ثم يرفعانه على منصة تمبلر مع سلسلة من العروض عن العمل الجاري، والذي اعتبراه جزءًا من استراتيجية النشر، أسهمت في خلق نوع من النقاش الجماعي عن نصٍ يصنع أمام أعينهم وبمشاركة الجميع.
لا مانع من الاستعانة بصديق
تدور أحداث الرواية في أدنبرة ولندن وبروكسل وتتعلق بالحزن والصداقة، ومحاولة فهم كيف يمكنك ككاتب أن تشكل أحداثًا من حياة آخرين إذا لم تكن لديك قصة خبرتها بنفسك.
عام 2014، انتقل صديقان كاتبان داماريس وأوليفر بابلو من لندن إلى أدنبرة بعد وفاة شقيق الأخير دانيال في لندن (ومن هنا كان الحزن). وبعد فترة شجار بينهما وتشتيت تفكيرهما في أشياء تافهة، يلتقيان بشاعر يدعى دييغو، وسرعان ما يتجاذبون أطراف الحديث ويتبادلون الحكايات إلى أن تأتي لحظة انبثاق شرارة الإبداع على يد دييغو الذي يخبرهم أن اسمه يعود إلى اسم جزيرة والدته في المحيط الهندي، وهي جزء من أرخبيل تشاغوس، والتي أجبرها الجنود البريطانيون هي وقومها على تركها في عام 1973، حتى تتمكن كل من بريطانيا والولايات المتحدة من إنشاء قاعدة عسكرية في هذه الجزيرة المرجانية ذات الموقع الاستراتيجي الهام. تبلغ مساحة الجزيرة المرجانية 28 كيلومترًا مربعًا ولا يتجاوز عدد سكانها 500 نسمة، معظمهم من صيادي الأسماك. بعد هذا اللقاء، يختفى دييغو، ويترك الجذوة تشتعل داخلهما وتركز طاقتهما المهدرة في تتبع القصة، والتحقيق في محنة شعب شاغوس، والفنانين المختلفين الذين رواها، يدفعهما التضامن مع مجتمع أجبر على الرحيل، ويظهر تضامنهم إلى حد التماهي على مدار الرواية: "المطاردة هي تكلفة القهر. إنه الثمن المدفوع للعنف والإبادة الجماعية. لقد تسببت أفلام الرعب الأميركية في إضرار المشاهدين بتعليمهم أن الأبطال أبرياء وأن الغيلان هم المتعدون. في سياق الدولة القومية الاستعمارية الاستيطانية، ورث البطل المستوطن ديون أجداده. إنه أمر صعب، بل مزعج لأولئك الذين يرغبون فقط في قضاء يومهم".
حلقة مخزية من تاريخ بريطانيا
بدءًا من عام 1965، أصبحت الجزيرة نقطة حساسة في الاستراتيجية الدولية، ما جعل كلًا من بريطانيا وأميركا تسارعان لاستغلالها بما يتلاءم مع أهدافهما المشتركة، وهو ما مثل ردًا على القنبلة النووية الصينية وتنامي الوجود السوفياتي في المحيط الهندي.
لم يتمكن السكان الأصليون من الذود عن مجتمعهم برغم ما أثاره مشروع إقامة قاعدة عسكرية على الجزيرة من اعتراضات حادة من جانب الهند لما يمثله من عرقلة لمشروعها الرامي إلى جعل هذا المحيط منطقة خالية من الأسلحة الذرية، وتحييده وإبعاده عن صراعات القوى الكبرى. لم يعدم المشهد الدولي كذلك احتجاج السوفيات على مشروعٍ كهذا "لا يحمل طبيعة دفاعية"، واعترضت كذلك كل من الصين وسيلان وفيتنام الشمالية وأستراليا.
في عام 2019، أصدرت محكمة العدل الدولية حكمًا قضت فيه بأن المملكة المتحدة لا حق لها في السيادة على جزر شاغوس، لكن بريطانيا تجاهلت القانون الدولي. وبالتالي فإن تعاون وليامز وناتاشا هو تعليق على القضية بأكملها، وهو ما يجعل الكتاب جزءًا من حوار أكبر حول تهجير شعب شاغوس وربما حوار أكثر اتساعًا حول الممارسة المستمرة للاستعمار ودور القانون الدولي.
يصف تيم بارنيل، رئيس لجنة التحكيم المؤلفة هذا العام من الكاتبة البريطانية إلي سميث والكاتبة ناتاشا براون، والمحرر توم غاتي، الرواية الفائزة "دييغو غارسيا" قائلا: "مضحكة، مؤثرة، وغاضبة، وبقدر ما هي ممتعة، فهي مكتوبة بشكل معقد". وترى إلي سميث: "إنها إنجاز استثنائي، هذه الرواية التي ألفها كاتبان بمثابة أنشودة للتواصل ودراسة عميقة لمأساة الانفصال البشري. يكمن في جوهرها انتقاد لمجموعة من الانتهاكات والظلم الاستعماري المتعلق بالتهجير القسري لجزر شاغوس واستخدامها من قبل المملكة المتحدة والولايات المتحدة كقاعدة عسكرية وورقة مساومة".
رواية عن كتابة الرواية
تبدأ القصة متقلبة بين ضمير المتكلم الجمع والغائب هو/ هي، على النحو التالي "أدنبرة، تموز/ يوليو 2014. خمول في فترة ما بعد الظهيرة. السماء غائمة، ثمة قشعريرة طفيفة في الجو. نفس الحزن الذي لا ينقطع، نوع من الفتور يصاحب كل ما فعلناه. لقد وصلنا إلى السهول. استغرق الأمر منه بعض الوقت لإخراجها من السرير لكنه أصر، وعرض علينا فنجان قهوة من المقهى السويدي وكعكة الهيل التي أحببناها كثيرًا. لاحظنا كيف ينظر المارة إلينا. لاحظت هي كم يبدو مؤرقًا الآن عما كان في لندن، كان سروال الركض ينزلق على فخذيه، فيشد حزام الخصر باستمرار. أبطأنا من وتيرة مشينا. قبل السهول كانت هناك فرصة لتغيير رأيها."
وتتساءل بجانب فحواها السياسي عن تجربة الشكل ومدى إمكانية كسر القالب، بعد أن بات مطلبًا ملحًا مع صدور هذا الكم الهائل من الروايات سنويا، وامتداد تاريخ الرواية بما يغذي هاجس استنزاف مناجمها الحكائية والأسلوبية. ويبدو من كلمات سميث أن لدينا فائزين نجحا إلى حد كبير في توسيع نطاق شكل الرواية، إلى جانب الناحية الأسلوبية، التي هي في الرواية مزيج من العامية والرسائل و"العرضي، والعلمي، والإحصائي، والشخصي، والمقتبس، مع استخدام البحث لتحريك الخيال، والخيال لاستجواب البحث". وهو ما يتردد صداه في مراجعة أنتوني كامينز في صحيفة "الأوبزرفر": "كتاب عن الكتابة التي هي أي شيء سوى أن تكون روائية، إنها رواية مثيرة تنير الطريق إلى الأمام للخيال الواعي سياسيًا".
سناء عبد العزيز 16 نوفمبر 2022
تغطيات
ناتاشا سوبرامانين ولوك ويليامز خلال حفل تسلم الجائزة
شارك هذا المقال
حجم الخط
منذ تأسيسها عام 2013، ظهر تأثير "جائزة جولدسميث" على نحو ملحوظ في تغيير المشهد الأدبي البريطاني والأيرلندي، وذلك بمكافأة الروايات التي تجد في البحث عن قالب جديد وطرائق مغايرة في السرد تعمل على توسيع إمكانات الرواية وتعزيز وصولها إلى جمهور عريض في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه تساعد على إلهام جيل جديد من الكتاب لخروج الرواية من مأزقها الراهن.
في هذا العام يحتفل القائمون عليها بمرور عشرة أعوام على انطلاقها، وهو ما صادف اختيار رواية "دييغو غارسيا" التي تتلاءم تماما مع أهدافها، حسب رأي لجنة التحكيم، لتتغلب بقوة على العناوين الأخرى المدرجة في القائمة القصيرة، لعل أبرزها "خرائط لأجسادنا المذهلة" لمادي مورتيمر، و"شخص ما يحبك" للكاتبة منى آرشي، و"سبعة أبراج للسلام" ليارا رودريغز فاولر.
"هذه هي المرة الأولى في تاريخ الجائزة التي يفوز فيها كاتبان عن عمل واحد استغرق عشر سنوات من مؤلفيه، على الرغم من أن كلًا منهما يقطن في بلدة مختلفة؛ ناتاشا سوبرامانين، بريطانية من أصل موريشي، ولوك ويليامز، أسكتلندي" |
هذه هي المرة الأولى في تاريخ الجائزة التي يفوز فيها كاتبان عن عمل واحد استغرق عشر سنوات من مؤلفيه، على الرغم من أن كلًا منهما يقطن في بلدة مختلفة؛ ناتاشا سوبرامانين، بريطانية من أصل موريشي، ولوك ويليامز، أسكتلندي، كانا يعيشان في أدنبرة ولكن ناتاشا تعيش الآن في بروكسل ولوك في كوف. من هنا أصبحت "دييغو غارسيا" المتوجة بـ"جائزة جولدسميث" 2022، مثالا للتشارك في الكتابة عبر البلدان.
تدرك ناتاشا أن التعاون في مجال الرواية أمر نادر، على الرغم من شيوعه في العديد من الأشكال الفنية الأخرى، لكن ضرورته وما قد يكشفه عن شرط الرواية المعاصرة، "ليست نيتي هنا"، فيما يرى لوك أن التعاون ليس سوى جانب واحد من نهج يستكشف ما تعنيه كتابة رواية وما يتطلبه من جذب القراء من متصفحات التبويب المتداخلة. يقول "جزء من استجوابنا لشكل الرواية لا يشمل فقط تعاوننا في كتابتها بل يمتد أيضا في طريقة نشرها".
اتبع المؤلفان طريقة مبتكرة في نشر روايتهما، فقبل أن تصدر كاملة عن مطبوعات فيتزكارالدو في 25 مايو/ أيار 2022، كانا ينشران كل فصل على حدة بمجرد أن يكتمل في مجلات مختلفة مثل وايت ريفيو وبوك وركس وغيرها، ثم يرفعانه على منصة تمبلر مع سلسلة من العروض عن العمل الجاري، والذي اعتبراه جزءًا من استراتيجية النشر، أسهمت في خلق نوع من النقاش الجماعي عن نصٍ يصنع أمام أعينهم وبمشاركة الجميع.
لا مانع من الاستعانة بصديق
تدور أحداث الرواية في أدنبرة ولندن وبروكسل وتتعلق بالحزن والصداقة، ومحاولة فهم كيف يمكنك ككاتب أن تشكل أحداثًا من حياة آخرين إذا لم تكن لديك قصة خبرتها بنفسك.
عام 2014، انتقل صديقان كاتبان داماريس وأوليفر بابلو من لندن إلى أدنبرة بعد وفاة شقيق الأخير دانيال في لندن (ومن هنا كان الحزن). وبعد فترة شجار بينهما وتشتيت تفكيرهما في أشياء تافهة، يلتقيان بشاعر يدعى دييغو، وسرعان ما يتجاذبون أطراف الحديث ويتبادلون الحكايات إلى أن تأتي لحظة انبثاق شرارة الإبداع على يد دييغو الذي يخبرهم أن اسمه يعود إلى اسم جزيرة والدته في المحيط الهندي، وهي جزء من أرخبيل تشاغوس، والتي أجبرها الجنود البريطانيون هي وقومها على تركها في عام 1973، حتى تتمكن كل من بريطانيا والولايات المتحدة من إنشاء قاعدة عسكرية في هذه الجزيرة المرجانية ذات الموقع الاستراتيجي الهام. تبلغ مساحة الجزيرة المرجانية 28 كيلومترًا مربعًا ولا يتجاوز عدد سكانها 500 نسمة، معظمهم من صيادي الأسماك. بعد هذا اللقاء، يختفى دييغو، ويترك الجذوة تشتعل داخلهما وتركز طاقتهما المهدرة في تتبع القصة، والتحقيق في محنة شعب شاغوس، والفنانين المختلفين الذين رواها، يدفعهما التضامن مع مجتمع أجبر على الرحيل، ويظهر تضامنهم إلى حد التماهي على مدار الرواية: "المطاردة هي تكلفة القهر. إنه الثمن المدفوع للعنف والإبادة الجماعية. لقد تسببت أفلام الرعب الأميركية في إضرار المشاهدين بتعليمهم أن الأبطال أبرياء وأن الغيلان هم المتعدون. في سياق الدولة القومية الاستعمارية الاستيطانية، ورث البطل المستوطن ديون أجداده. إنه أمر صعب، بل مزعج لأولئك الذين يرغبون فقط في قضاء يومهم".
"تدور أحداث الرواية في أدنبرة ولندن وبروكسل وتتعلق بالحزن والصداقة، ومحاولة فهم كيف يمكنك ككاتب أن تشكل أحداثًا من حياة آخرين إذا لم تكن لديك قصة خبرتها بنفسك" |
بدءًا من عام 1965، أصبحت الجزيرة نقطة حساسة في الاستراتيجية الدولية، ما جعل كلًا من بريطانيا وأميركا تسارعان لاستغلالها بما يتلاءم مع أهدافهما المشتركة، وهو ما مثل ردًا على القنبلة النووية الصينية وتنامي الوجود السوفياتي في المحيط الهندي.
لم يتمكن السكان الأصليون من الذود عن مجتمعهم برغم ما أثاره مشروع إقامة قاعدة عسكرية على الجزيرة من اعتراضات حادة من جانب الهند لما يمثله من عرقلة لمشروعها الرامي إلى جعل هذا المحيط منطقة خالية من الأسلحة الذرية، وتحييده وإبعاده عن صراعات القوى الكبرى. لم يعدم المشهد الدولي كذلك احتجاج السوفيات على مشروعٍ كهذا "لا يحمل طبيعة دفاعية"، واعترضت كذلك كل من الصين وسيلان وفيتنام الشمالية وأستراليا.
في عام 2019، أصدرت محكمة العدل الدولية حكمًا قضت فيه بأن المملكة المتحدة لا حق لها في السيادة على جزر شاغوس، لكن بريطانيا تجاهلت القانون الدولي. وبالتالي فإن تعاون وليامز وناتاشا هو تعليق على القضية بأكملها، وهو ما يجعل الكتاب جزءًا من حوار أكبر حول تهجير شعب شاغوس وربما حوار أكثر اتساعًا حول الممارسة المستمرة للاستعمار ودور القانون الدولي.
يصف تيم بارنيل، رئيس لجنة التحكيم المؤلفة هذا العام من الكاتبة البريطانية إلي سميث والكاتبة ناتاشا براون، والمحرر توم غاتي، الرواية الفائزة "دييغو غارسيا" قائلا: "مضحكة، مؤثرة، وغاضبة، وبقدر ما هي ممتعة، فهي مكتوبة بشكل معقد". وترى إلي سميث: "إنها إنجاز استثنائي، هذه الرواية التي ألفها كاتبان بمثابة أنشودة للتواصل ودراسة عميقة لمأساة الانفصال البشري. يكمن في جوهرها انتقاد لمجموعة من الانتهاكات والظلم الاستعماري المتعلق بالتهجير القسري لجزر شاغوس واستخدامها من قبل المملكة المتحدة والولايات المتحدة كقاعدة عسكرية وورقة مساومة".
"ترى إلي سميث (عضو في لجنة تحكيم الجائزة): "هذه الرواية التي ألفها كاتبان بمثابة أنشودة للتواصل ودراسة عميقة لمأساة الانفصال البشري. يكمن في جوهرها انتقاد لمجموعة من الانتهاكات والظلم الاستعماري المتعلق بالتهجير القسري" |
تبدأ القصة متقلبة بين ضمير المتكلم الجمع والغائب هو/ هي، على النحو التالي "أدنبرة، تموز/ يوليو 2014. خمول في فترة ما بعد الظهيرة. السماء غائمة، ثمة قشعريرة طفيفة في الجو. نفس الحزن الذي لا ينقطع، نوع من الفتور يصاحب كل ما فعلناه. لقد وصلنا إلى السهول. استغرق الأمر منه بعض الوقت لإخراجها من السرير لكنه أصر، وعرض علينا فنجان قهوة من المقهى السويدي وكعكة الهيل التي أحببناها كثيرًا. لاحظنا كيف ينظر المارة إلينا. لاحظت هي كم يبدو مؤرقًا الآن عما كان في لندن، كان سروال الركض ينزلق على فخذيه، فيشد حزام الخصر باستمرار. أبطأنا من وتيرة مشينا. قبل السهول كانت هناك فرصة لتغيير رأيها."
وتتساءل بجانب فحواها السياسي عن تجربة الشكل ومدى إمكانية كسر القالب، بعد أن بات مطلبًا ملحًا مع صدور هذا الكم الهائل من الروايات سنويا، وامتداد تاريخ الرواية بما يغذي هاجس استنزاف مناجمها الحكائية والأسلوبية. ويبدو من كلمات سميث أن لدينا فائزين نجحا إلى حد كبير في توسيع نطاق شكل الرواية، إلى جانب الناحية الأسلوبية، التي هي في الرواية مزيج من العامية والرسائل و"العرضي، والعلمي، والإحصائي، والشخصي، والمقتبس، مع استخدام البحث لتحريك الخيال، والخيال لاستجواب البحث". وهو ما يتردد صداه في مراجعة أنتوني كامينز في صحيفة "الأوبزرفر": "كتاب عن الكتابة التي هي أي شيء سوى أن تكون روائية، إنها رواية مثيرة تنير الطريق إلى الأمام للخيال الواعي سياسيًا".