أفلام انتقدت الحروب.. السينما تقول كلمتها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أفلام انتقدت الحروب.. السينما تقول كلمتها

    أفلام انتقدت الحروب.. السينما تقول كلمتها
    سمير رمان 18 سبتمبر 2022
    سينما
    فرانسيس فورد كوبولا أثناء تصوير "القيامة الآن"
    شارك هذا المقال
    حجم الخط

    "الغضب، الآلهة، تمجيد آخيل، ابن الملك الأسطوري بيليوس/ Peleus، وحفيد زيوس". بهذا السطر، يبدأ هوميروس ملحمته الخالدة "الإلياذة"، ليصبح في ما بعد عنوانًا رئيسًا لكلّ الثقافة الأوروبية. وبمعنى آخر، أصبح تمجيد الحرب والآلهة والأساطير الحربية على قمة سلّم أولويات الثقافة الغربية. الحرب في صناعة السينما، قرين عصر الإمبريالية، تفرّق العالم، وتعيد تكوينه باستمرار. حاكت السينما الحروب، وحرّضت على اندلاعها، تمجدها تارةً، وتظهر بشاعتها تارة أُخرى. على الشاشة، تبدو الحدود بين التأثير البصري والرعب الوجودي شفافةً لدرجة تزول معها الفروقات بين مفاهيم السينما "الداعية للحرب"، و"المناهضة للحرب"، وخاصّةً عندما يحمل المخرجون معهم إلى الشاشة تجاربهم الخاصّة في الحرب.
    من أكثر الأفلام السينمائية المناهضة للحرب شهرة، أفلام:


    "هجوم الخيالة الخفيفة" (1968)
    صورة تمثل ما تبقى من الخيالة البريطانيين بعد حرب القرم التي شاركت فيها بريطانيا إلى جانب العثمانيين ضد روسيا
    ظهر فيلم "The Charge of the Light Brigade" للمخرج توني ريتشاردسون (المملكة المتحدة) بعد مرور 112 عامًا على انتهاء حرب القرم. تجرأ فيه ريتشاردسون وفتح موضوع البروليتاريا البريطانية والمهمشين في السينما. دخل ريتشاردسون، كمخرج وزعيم لـ"الشباب الحانقين"، إلى أقدس المقدسات: مجد الإمبراطورية البريطانية الحربي. يوم 5 من أكتوبر/ تشرين الأول عام 1854 هو الأكثر شهرة في تاريخ الجيش البريطاني، دفع فيه اللورد إيرل كارديغان بفرسان النخبة "السراويل القرمزية" إلى مهاجمة مواقع الجيش الروسي المتحصن بقيادة الجنرال ليبراندي في "وادي الموت"، بالقرب من بالاكلافا في شبه جزيرة القرم. من بين 700 من الفرسان، نجا النصف فقط، وقتل أكثر من 100، وجرح، أو أسر، أكثر من مئتين غيرهم. تغنت الأساطير الوطنية بالعمل الفذّ الذي كان من دون معنى، فأطنب الشاعر ألفريد تينيسون في مديح بطولة الفرسان من خلال قصيدته "هجوم الخيالة"، وصورهم فيلم مايكل كيرتس على أنهم مثال الشجاعة البريطانية.

    "بالقرب من بالاكلافا في شبه جزيرة القرم، من بين 700 من الفرسان، نجا النصف فقط، وقتل أكثر من 100، وجرح، أو أسر، أكثر من مئتين غيرهم"


    ولكنّ توني ريتشاردسون كان له رأي آخر، إذ صور فيلمًا مليئًا بالصور الساخرة، حيث وضع رسومًا كاريكاتورية بريطانية على دبٍّ روسيٍّ متعطشٍ للدماء وهو يخنق ديكًا حبشيًا، وصور الملكة فكتوريا تلتهم كعكةً أخذت شكل كنيسة أرثوذكسية. أمّا اللورد كارديغان (تريفور هوارد)، وريغلان (جون غيلغود) فجاءا على هيئة رجالٍ عجائز منحطين، نرجسيين يقومون بحركاتٍ تنمّ عن ساديةٍ مفرطة. يعتقد ريغلان أنّ المهاجمين (الحلفاء الفرنسيين) أعداءً، ويعد الأرستقراطية التي وصلت إلى مقر القيادة بمشهد "هجوم رائع في وادٍ جميل". لفتراتٍ قصيرة، ظهر وجه ليبراندي أكثر الوجوه إنسانيةً: كان الجنرال يهزّ رأسه حزنًا وهو يرى كيف يندفع الرجال الشجعان إلى موتهم المحقق.


    "القيامة الآن" (1979)
    ملصق فيلم "القيامة الآن" للمخرج فرانسيس فورد كوبولا
    أفضل ما قيل عن فيلم "القيامة الآن/ Apocalypse Now" للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، بعد 6 سنواتٍ على انتهاء الحرب على فييتنام، جاء على لسان مخرجه: "ليس فيلمًا عن فييتنام التي تفسخت على أرضها، في هذيان جنون العظمة، أجساد 60 ألف من الأميركيين، والملايين من السكان الأصليين، بل "فيلم ـ فييتنام". إنّه المكان الذي تفوح منه في الصباح رائحة العرق، والمخدرات، وعربدة الكحول ممتزجة برائحة النابالم"، حيث يتسكّع تحت النار العقيد كيلغور، أحد المعجبين بـ"طيران فالكيرز" لفاغنر، والمحبّ لركوب الأمواج.
    الفيلم جريمة اغتصاب جماعي للفتاة الموديل في "البلاي بوي" نفذها جنود في حالةٍ هستيرية في حظيرةٍ غمرتها المياه الموسمية. رفض المستعمرون الفرنسيون مغادرة البلاد بعد حصولها على الاستقلال، وراحوا لعقودٍ يشنون حربًا ضدّ الجميع، مراعين التقاليد القديمة. أمّا العقيد المجنون كورتز ذو القبعة الخضراء (مارلون براندو) فيتحوّل إلى إلهٍ حيٍّ لقبيلةٍ من السفاحين، ويهذي عبر الميكروفون بأحلامه، التي تبدو كحلزونٍ يزحف على حافّة شفرة الحلاقة. لم تكن المغامرة الفييتنامية أكثر من كابوسٍ مرعب من المخدرات والنابالم.

    "كوبولا: "ليس فيلمًا عن فييتنام التي تفسخت على أرضها، في هذيان جنون العظمة، أجساد 60 ألف من الأميركيين، والملايين من السكان الأصليين، بل "فيلم ـ فييتنام""


    اتخذ كوبولا، وكاتب السيناريو المجنون، ميليوس، أساسًا للفيلم رواية "قلب الظلام" لجوزيف كونراد، التي كتبها عام 1902، والمستوحاة من الفظائع التي ارتكبها المستعمرون البلجيكيون في الكونغو. يبدو المكان في الكونغو، أو في فييتنام، ساحة للصراع في الحرب الباردة. في الفيلم، أطلق كوبولا، وميليوس، نبوءاتٍ حول انزلاق البشرية نحو منطقة الظلام، وصوب الأزمنة البدائية.


    "معركة الجزائر" (1966)
    من فيلم "معركة الجزائر"
    أُنتج فيلم "معركة الجزائر/ "Battle of Algers، للمخرج الإيطالي جيللو بونتيكورفو، عام 1966، وهو إنتاج إيطالي جزائري مشترك.
    عُرض الفيلم بعد 4 سنواتٍ على نهاية الحرب في الجزائر. وتدور أحداثه حول المواجهة بين المقاومة الجزائرية السرية في مدينة الجزائر العاصمة، وتحديدًا في حيّ القصبة القديم، وبين المظليين الفرنسيين الذين كانوا أول جنودٍ في التاريخ تلقى على عاتقهم مهامّ جهاز رجال البوليس. ترأس يوسف السعدي، القائد السابق للتنظيم السري، الاستديو الجزائري، حيث صوّر الفيلم، ولعب الدور نفسه الذي كان يؤديه في المقاومة، كما غالبية الممثلين الآخرين، حتى الممثل المحترف الوحيد في الفيلم، جان مارتييه، المتواري في الجزائر (كان قد صدر في حقّة حكمٌ غيابيّ لمساعدته المقاومة السريّة). الشريط كان أكثر من فيلم سينمائي، كونه أصبح مادة بحثٍ غنية للمقاتلين الإيرلنديين، والألمان الغربيين، وغيرهم من المقاتلين الذين نشطوا في سبعينيات القرن العشرين. ودرس الفيلم ضباط مكافحة الإرهاب في منطقة قناة بنما، ورؤساء البنتاغون، قبيل غزو العراق.

    "تدور أحداث فيلم "معركة الجزائر" حول المواجهة بين المقاومة الجزائرية السرية في مدينة الجزائر العاصمة، وتحديدًا في حيّ القصبة القديم، وبين المظليين الفرنسيين الذين كانوا أول جنودٍ في التاريخ تلقى على عاتقهم مهامّ جهاز رجال البوليس"



    وفي حقيقة الأمر، فإنّ المخرج بونتيكورفو، وعلى الرغم من تعاطفه مع الجزائر، كان صادقًا للغاية في إعادة بناء الحرب. فقد أظهر في الفيلم قساوة العمل السريّ: نساء حيّ القصبة ينقلن تحت ثيابهم الأوروبية التي ارتدينها للتمويه القنابل إلى البارات والملاهي الليلية. وبالقدر نفسه من التفصيل، أظهر الفيلم عمل أجهزة القمع بقيادة العقيد ماتييه، بطل المقاومة الفرنسية الذي وجد نفسه في ثياب الغستابو يمارس أقسى صنوف التعذيب على المقاومين، فمن دون تعذيب يستحيل الحصول على المعلومات لقهر المقاومة السريّة.


    "غاليبولي" (1981)
    من فيلم "غاليبولي"
    ظهر فيلم "غاليبولي" للمخرج الأسترالي بيتر أوير عام 1981، بعد مرور 63 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الأولى.
    عندما تحولت الحرب على جبهات أوروبا إلى حرب خنادق، خطرت على بال وينستون تشرشل فكرة لامعة ليخرج الدولة العثمانية، حليفة الألمان من الحرب، فقام بإنزال كبير قرب العاصمة العثمانية إسطنبول، في شبه جزيرة غاليبولي الصغيرة. تكبدت قوات الحلفاء في هذه المغامرة خسائر فاقت 300 ألف بين قتيل وجريح، في حين خسرت القوات العثمانية حوالي 250 ألفًا. بيتر أوير، حامل راية السينما الأسترالية الصاعدة، تجرأ على التذكير بخسائر الفيلق الأسترالي ـ النيوزيلندي، الذي تعرض لخسائر لم تكن ضخمة فقط مقارنة مع حجمها ضمن قوات الحلفاء، ولكنها كانت أيضًا خسائر غير ضرورية وغير مفهومة.

    "قام البريطانيون بإنزال كبير قرب العاصمة العثمانية إسطنبول، في شبه جزيرة غاليبولي الصغيرة. تكبدت قوات الحلفاء في هذه المغامرة خسائر فاقت 300 ألف بين قتيل وجريح، في حين خسرت القوات العثمانية حوالي 250 ألفًا"



    المزارعون الشباب، وبطل الجري فراك (ميل جيبسون)، وآرتشي (مارك لي)، رأوا في الحرب فرصةً للخروج من الأدغال، ونيل المجد الذي يحظى به سلاح الخيالة. كانت فترة التدريبات التي قضوها في معسكراتٍ بالقرب من القاهرة عبارة عن نزهة مسلية. في الحرب الحقيقية، كانت مهارة العدّاء مفيدة لفرانك ليكون مجرّد مراسل لا أكثر، يسلّم أوامر الهجمات الانتحارية من قائدٍ مرتبكٍ إلى آخر أشدّ ارتباكًا، وليسقط آخر المطاف برصاصةٍ تركية كما يسقط الطائر برصاص الصياد.
يعمل...
X