عن سينما أردنية تسلّط الضوء على قضايا المرأة
يزن جميل 28 سبتمبر 2022
سينما
شارك هذا المقال
حجم الخط
يبدو أن السينما الأردنية بدأت مؤخرًا تأخذ اتجاهًا نسائيًا بأفلام سلطت الضوء على قضايا المرأة الأردنية وتركت أثرًا مهمًا يبشر بمستقبل بالنسبة لصناعة الأفلام الأردنية، كفيلم "بنات عبد الرحمن" وفيلم "بيت سلمى" اللذين أنتجا مؤخرًا.
تميزت هذه الأفلام بكتابة وافية ناقلة للواقع وإخراج مليء بدلالات أدبية نقلت تلك الكتابة الواقعية إلى عين المشاهد بطريقة أشعرته بأنه جزء من صناع الفيلم، كما كان للأداء التمثيلي أثر كبير على نقل مشاعر الشخصيات بشفافية وخاصة الشخصيات النسائية التي تمحورت حولهن هذه الأعمال الفنية.
فيلم "بيت سلمى" (2022) هو للمخرجة هنادي عليان ومن بطولة جولييت عواد، رانيا الكردي وسميرة آسر. يحكي الفيلم قصة ثلاث نساء ورحلة كفاحهن ليصبحن من صاحبات الأعمال التجارية. بالرغم من الاختلافات بين شخصيات النساء الثلاث وأفكارهن وأعمارهن وتقاطعية ظروف الحياة المختلفة التي تمر بها كل واحدة منهن، كان الانسجام النسائي والقوة النسائية ما يوحدهن في وجه الظروف المادية الصعبة والحواجز الذكورية في وجه كل منهن.
سلّط العمل الضوء على قضايا المرأة العاملة والصعوبات التي تتعرض لها لكونها أمًا ولكونها عاملة أيضًا، في ظل وجود زوج غير مبال وعاطل عن العمل وغير مسؤول عن الأعمال المنزلية أو حتى العناية بطفلهما بالرغم من تفرغه الدائم، من خلال شخصية فرح التي قدمتها الفنانة سميرة آسر. كما أظهر الفيلم الجانب المظلم من وسائل التواصل الاجتماعي من خلال شخصية لمياء التي قدمتها الفنانة رانيا الكردي، وكيف أن لوسائل التواصل الاجتماعي أثرًا على الصحة النفسية وحتى على أسلوب حياة مختزل ببضع صور منمقة ليست لها صلة بماهية الحياة الواقعية. وتمثلت شخصية سلمى التي أدتها الفنانة جولييت عواد بالمرأة التي تبحث عن التمكين للبدء بعملها التجاري في ظل وجود الرأسمالية، كما كان لها دور بإظهار الثقل الذي تتحمله الجدات في العناية بالأحفاد أبناء العاملات من النساء وكيف أن مسؤولية الطفل إن لم تكن لأمه فهي لجدته أو الأنثى الأقرب له حتى وإن كان أبوه متفرغًا.
أما فيلم "بنات عبد الرحمن" (2022) فهو للمخرج والمؤلف زيد أبو حمدان وبطولة صبا مبارك وفرح بسيسو وحنان الحلو ومريم باشا، ويتناول قصة أربع أخوات فرقتهن الحياة واضطررن للتوحد بالرغم من كثرة الاختلافات والخلافات بينهن للبحث عن أبيهن الضائع.
ركز الفيلم على قضايا نسائية متعددة من خلال الشخصيات الأربع، حيث عبّرت كل شخصية منهن عن قضية مختلفة تعاني منها النساء في مجتمعنا، بداية بشخصية زينب التي كانت تذكرة العودة الأجمل بالنسبة للفنانة فرح بسيسو لتقدم قضايا النساء العازبات الموصومات بكلمة عانس بالنسبة للمجتمع لعدم زواجهن مما يجعلهن خاضعات للتساؤلات والتأويلات المجتمعية والمراقبة طوال الوقت. أما الفنانة صبا مبارك فقد مثلت من خلال شخصية آمال واقع النساء المعنفات من الطبقة الفقيرة وتحدي القبول بذلك العنف على حساب خيال الاستقرار المادي والرضى المجتمعي لتجنب الوصمة المرافقة للنساء المطلقات كما كان لقضية زواج الأطفال خط مواز لتطور أحداث الفيلم من خلال ابنة آمال ذات الـ15 ربيعًا. كما تناول الفيلم حال النساء سجينات مؤسسة الزواج الخالية من الاهتمام والعاطفة والتوافق والمبنية فقط على توفر الاستقرار المادي لدى الزوج وكأنها الصفة الأهم والمتطلب الوحيد في مؤسسة الزواج من خلال شخصية سماح التي قامت بتأديتها الفنانة حنان الحلو، كما كان للقضايا الجنسانية للمرأة جانب تم إظهاره بأجمل صورة من خلال الفنانة مريم باشا التي قامت بدور ختام، الأخت الصغرى المنبوذة أو بالأحرى المقتولة اجتماعيًا من قبل أهلها وأقاربها وجيرانها لثورتها على العادات والتقاليد البالية وتحكمها في جنسانيتها وحياتها العاطفية.
جميع تلك الشخصيات المختلفة فكريًا واجتماعيًا وطبقيًا امتزجت بطريقة سلسة أخرجت المجتمع من خلف الستار الذي يختبئ خلفه مدعيًا النزاهة والتعفف من جميع مشاكله من خلال قلم وعدسة المبدع زيد أبو حمدان الذي أوفى تلك الشخصيات والقضايا النسائية حقها كتابةً وإخراجًا. واحتوى العمل على العديد من المشاهد التي حملت في طياتها رمزيات أدبية دالة على شخصيات العمل وقضاياهن، بداية بألوان الملابس، مرورًا بالممتلكات الخاصة بهن، ووصولًا إلى كادرات التصوير المرسومة فنيًا، كما تم تقديم المشاهد بكتابة احتوت على طابع من الكوميديا السوداء بطريقة متناقضة أضحكت المشاهدين وأبكتهم في نفس الوقت.
يمكن القول إن مثل هذه الأعمال الأردنية ذات الطابع المنحاز لقضايا النساء تبشر بمستقبل واعد لصناعة السينما الأردنية، كما تبشر بوعي مجتمعي كبير نحو قضايا النساء وباهتمام يرسم طريق أمل أكبر للمرأة الأردنية العصرية باختلاف تقاطعات الاضطهاد التي تواجهها.
كما كان للدراما الأردنية جانب من هذا النجاح في صناعة الفن الأردني، ففي عام 2021 قدمت المنتجة والممثلة تيما الشوملي مسلسل "مدرسة الروابي للبنات" المعالج لقضايا التنمر والتحرش وقتل النساء في المجتمع الأردني والعديد من القضايا النسائية الأخرى، وتركت جميع هذه الأعمال وعيًا نحو قضايا النساء وتعطشًا مترقبًا نحو المزيد منها.
يزن جميل 28 سبتمبر 2022
سينما
شارك هذا المقال
حجم الخط
يبدو أن السينما الأردنية بدأت مؤخرًا تأخذ اتجاهًا نسائيًا بأفلام سلطت الضوء على قضايا المرأة الأردنية وتركت أثرًا مهمًا يبشر بمستقبل بالنسبة لصناعة الأفلام الأردنية، كفيلم "بنات عبد الرحمن" وفيلم "بيت سلمى" اللذين أنتجا مؤخرًا.
تميزت هذه الأفلام بكتابة وافية ناقلة للواقع وإخراج مليء بدلالات أدبية نقلت تلك الكتابة الواقعية إلى عين المشاهد بطريقة أشعرته بأنه جزء من صناع الفيلم، كما كان للأداء التمثيلي أثر كبير على نقل مشاعر الشخصيات بشفافية وخاصة الشخصيات النسائية التي تمحورت حولهن هذه الأعمال الفنية.
فيلم "بيت سلمى" (2022) هو للمخرجة هنادي عليان ومن بطولة جولييت عواد، رانيا الكردي وسميرة آسر. يحكي الفيلم قصة ثلاث نساء ورحلة كفاحهن ليصبحن من صاحبات الأعمال التجارية. بالرغم من الاختلافات بين شخصيات النساء الثلاث وأفكارهن وأعمارهن وتقاطعية ظروف الحياة المختلفة التي تمر بها كل واحدة منهن، كان الانسجام النسائي والقوة النسائية ما يوحدهن في وجه الظروف المادية الصعبة والحواجز الذكورية في وجه كل منهن.
"سلّط "بيت سلمى" الضوء على قضايا المرأة العاملة والصعوبات التي تتعرض لها لكونها أمًا ولكونها عاملة أيضًا في ظل وجود زوج غير مبال وعاطل عن العمل وغير مسؤول عن الأعمال المنزلية أو حتى العناية بطفلهما" |
أما فيلم "بنات عبد الرحمن" (2022) فهو للمخرج والمؤلف زيد أبو حمدان وبطولة صبا مبارك وفرح بسيسو وحنان الحلو ومريم باشا، ويتناول قصة أربع أخوات فرقتهن الحياة واضطررن للتوحد بالرغم من كثرة الاختلافات والخلافات بينهن للبحث عن أبيهن الضائع.
"ركّز فيلم "بنات عبد الرحمن" على قضايا نسائية متعددة من خلال الشخصيات الأربع، حيث عبّرت كل شخصية منهن عن قضية مختلفة تعاني منها النساء في مجتمعنا" |
جميع تلك الشخصيات المختلفة فكريًا واجتماعيًا وطبقيًا امتزجت بطريقة سلسة أخرجت المجتمع من خلف الستار الذي يختبئ خلفه مدعيًا النزاهة والتعفف من جميع مشاكله من خلال قلم وعدسة المبدع زيد أبو حمدان الذي أوفى تلك الشخصيات والقضايا النسائية حقها كتابةً وإخراجًا. واحتوى العمل على العديد من المشاهد التي حملت في طياتها رمزيات أدبية دالة على شخصيات العمل وقضاياهن، بداية بألوان الملابس، مرورًا بالممتلكات الخاصة بهن، ووصولًا إلى كادرات التصوير المرسومة فنيًا، كما تم تقديم المشاهد بكتابة احتوت على طابع من الكوميديا السوداء بطريقة متناقضة أضحكت المشاهدين وأبكتهم في نفس الوقت.
"الأعمال الأردنية ذات الطابع المنحاز لقضايا النساء تبشر بمستقبل واعد لصناعة السينما الأردنية، كما تبشر بوعي مجتمعي كبير نحو قضايا النساء وباهتمام يرسم طريق أمل أكبر للمرأة الأردنية العصرية" |
كما كان للدراما الأردنية جانب من هذا النجاح في صناعة الفن الأردني، ففي عام 2021 قدمت المنتجة والممثلة تيما الشوملي مسلسل "مدرسة الروابي للبنات" المعالج لقضايا التنمر والتحرش وقتل النساء في المجتمع الأردني والعديد من القضايا النسائية الأخرى، وتركت جميع هذه الأعمال وعيًا نحو قضايا النساء وتعطشًا مترقبًا نحو المزيد منها.