مفاهيمية الهندسة في التجربة الحروفية لعدنان المصري
بشرى بن فاطمة
تجتاح الحروفيات في تجاذباتها الفكرية والبصرية في تجربة التشكيلي اللبناني عدنان المصري شغف البحث والنقد والقراءة والتبحر العميق في مداها الاسلوبي وتصوراتها المفاهيمية، من حيث أن عوالمه الفنية أسّست مدرستها الخاصة ورؤاها التفاعلية المرئية بما ورائياتها القائمة على التعبير الذاتي من عمق ما عايشه من أفكار وأحاسيس وتداخلات.
ولعل تلك التداخلات هي التي تستفز للبحث الدائم في تجربته من كل زاوية وتصوّر، خاصة أنه لم يكثّف معارفه أكاديميا ولم يهتم للتسويق إعلاميا بل اشتغل على المفاهيم التي فرضت تجربته كمرجعية أسّست لتشكلات الهندسة الحروفية والتعبير النضالي والوجداني والصوفي بالحرف والتشكيل في كل ما كسبه من إرث وتصوّر وهوية وانتماء انطلاقا من الوطن والمقاومة ومن الحروفيات وتأثيرها الحضاري ومن الهندسة وفعلها التنسيقي والزخرفي مع الألوان والخطوط.
وهو ما يستثير للبحث في مدى مفاهيمية الهندسة في تجربته الحروفية وكيف توافقت وتصادمت وانفعلت وتعتّقت برموزها لتصل الإنجاز بالفكرة.
يثير المصري في الخط مرجعيات متنوعة في أبعادها التي تتوغل في الذهنيات والحواس بكل ما في الفكرة من زوايا ودلالات وفي الحرف من علامات يشكّلها في الهندسة التي تحتل الفضاء الخاص باللوحة وتتملّك عناصره بجماليات توافق الأشكال بالألوان بزخرفة مكتملة في البناء والهدم والعمارة المتجدّدة التي تجمع الاشكال بتناسق مدروس الانفعالات.
فلوحات المصري قد تبدو للمتأمل مشحونة بالأشكال ومتداخلة في الفكرة وفروعها الحسيّة ولكنها حين تتكاثف توقظ المشاعر والفكرة الفنية حسيا وهو ما يدفعها لتستقرئ الجدليات الجمالية من العاطفة إلى الفكرة من خلال الروحانيات التي تتراقص في عوالم تصلها بالفضاء المتصاعد بالنور داخل اللوحة رغم حواف الخطوط وانقسامات الأشكال وتغيراتها المتناقضة في الاشعاع الاولي الذي يجمعها، رغم أنها لا تختلف في التعبير الأولي عن ذات تثير انتماءها وتصرخ بمداها وتعبّر عن ايمانها بالوطن والذود عنه وتتعامل مع رمزياته إنسانيا بجماليات تتجدّد في الابتكار والطرح والحياكة المحكية بصريا.
ظهر اللوحة التي ينجزها المصري حيوية فهي لا تهدأ في تشكلاتها البصرية تثير حيرة في المتلقي وهو يبحث عن مستقر يفصله عن تلك التماوجات على إيقاع يثير الرغبة في السكينة لتجاوز العبث الداخلي والاستقرار بالذات في فضاء متمازج اللون كمنفذ يستثير العقل للبحث وقراءة الحكمة البصرية في التجريب.
تحافظ اللوحة على كيانها الأساسي في رؤية المصري فهو يغرقها في بحور الضوء ويشكل بها ملامح الحرف وفراغات الخطوط بتدريج اللون وتصعيد الحركة وتكثيف التداخلات وكأنه يخوض معها مواسما محتدّة الفصول في صراعها مع الطبيعة.
فالعمق الجمالي لا يقدّمه المصري كتشكيل ظاهر وواضح بل يبتكر رموزه ليخلق جدليات فهم وقراءة ترتب علاقة بين العمل الفني والمتلقي رباطها الشكل واللون والضوء والمساحة والحرف والفكرة والاحساس.
إن الكثافات التي يعمل على ترتيب فوضاها في المنجز تتشكل بتناسق يخدم الصورة والفكرة والحركة التي تثير الفضاء للتناغم وتحوّل قلق البحث إلى تدريجات فهمية وتوليفات لونية غير متوقّعة التوليف يحملها التجريب مع التجريد بتوازن التركيب الذي يجمع الفكرة في الحرف والصورة في الشكل.
دفع المصري بالحرف العربي نحو زوايا معتمة ينيرها بالضوء ويشكّلها داخل الفضاء بدهشة صورها التي تثير صمت الفراغات بصخب هندسي يجمع الاشكال معا بانسجام مكّنها من أن تحاور تلك الحروف جماليا وفنيا والتحكم في المساحة وفي استغلال خطوط الطول والعرض التي تخلق صلة تواصل دائمة لا تفصل عناصر اللوحة مع الموقف الفني والجمالي ما يكمّل دورها الترتيبي والتجريبي ويوحّد منفذ الضوء المحرّر من قيود تتحكّم فيها الهندسة التشكيلية ليكون المنجز لوحة فنية التكوين مستفيدة من عناصر الهندسة والطبيعة والحروفية والزخرف واشتغالاتها مع الفن.
بشرى بن فاطمة
تجتاح الحروفيات في تجاذباتها الفكرية والبصرية في تجربة التشكيلي اللبناني عدنان المصري شغف البحث والنقد والقراءة والتبحر العميق في مداها الاسلوبي وتصوراتها المفاهيمية، من حيث أن عوالمه الفنية أسّست مدرستها الخاصة ورؤاها التفاعلية المرئية بما ورائياتها القائمة على التعبير الذاتي من عمق ما عايشه من أفكار وأحاسيس وتداخلات.
ولعل تلك التداخلات هي التي تستفز للبحث الدائم في تجربته من كل زاوية وتصوّر، خاصة أنه لم يكثّف معارفه أكاديميا ولم يهتم للتسويق إعلاميا بل اشتغل على المفاهيم التي فرضت تجربته كمرجعية أسّست لتشكلات الهندسة الحروفية والتعبير النضالي والوجداني والصوفي بالحرف والتشكيل في كل ما كسبه من إرث وتصوّر وهوية وانتماء انطلاقا من الوطن والمقاومة ومن الحروفيات وتأثيرها الحضاري ومن الهندسة وفعلها التنسيقي والزخرفي مع الألوان والخطوط.
وهو ما يستثير للبحث في مدى مفاهيمية الهندسة في تجربته الحروفية وكيف توافقت وتصادمت وانفعلت وتعتّقت برموزها لتصل الإنجاز بالفكرة.
يثير المصري في الخط مرجعيات متنوعة في أبعادها التي تتوغل في الذهنيات والحواس بكل ما في الفكرة من زوايا ودلالات وفي الحرف من علامات يشكّلها في الهندسة التي تحتل الفضاء الخاص باللوحة وتتملّك عناصره بجماليات توافق الأشكال بالألوان بزخرفة مكتملة في البناء والهدم والعمارة المتجدّدة التي تجمع الاشكال بتناسق مدروس الانفعالات.
فلوحات المصري قد تبدو للمتأمل مشحونة بالأشكال ومتداخلة في الفكرة وفروعها الحسيّة ولكنها حين تتكاثف توقظ المشاعر والفكرة الفنية حسيا وهو ما يدفعها لتستقرئ الجدليات الجمالية من العاطفة إلى الفكرة من خلال الروحانيات التي تتراقص في عوالم تصلها بالفضاء المتصاعد بالنور داخل اللوحة رغم حواف الخطوط وانقسامات الأشكال وتغيراتها المتناقضة في الاشعاع الاولي الذي يجمعها، رغم أنها لا تختلف في التعبير الأولي عن ذات تثير انتماءها وتصرخ بمداها وتعبّر عن ايمانها بالوطن والذود عنه وتتعامل مع رمزياته إنسانيا بجماليات تتجدّد في الابتكار والطرح والحياكة المحكية بصريا.
ظهر اللوحة التي ينجزها المصري حيوية فهي لا تهدأ في تشكلاتها البصرية تثير حيرة في المتلقي وهو يبحث عن مستقر يفصله عن تلك التماوجات على إيقاع يثير الرغبة في السكينة لتجاوز العبث الداخلي والاستقرار بالذات في فضاء متمازج اللون كمنفذ يستثير العقل للبحث وقراءة الحكمة البصرية في التجريب.
تحافظ اللوحة على كيانها الأساسي في رؤية المصري فهو يغرقها في بحور الضوء ويشكل بها ملامح الحرف وفراغات الخطوط بتدريج اللون وتصعيد الحركة وتكثيف التداخلات وكأنه يخوض معها مواسما محتدّة الفصول في صراعها مع الطبيعة.
فالعمق الجمالي لا يقدّمه المصري كتشكيل ظاهر وواضح بل يبتكر رموزه ليخلق جدليات فهم وقراءة ترتب علاقة بين العمل الفني والمتلقي رباطها الشكل واللون والضوء والمساحة والحرف والفكرة والاحساس.
إن الكثافات التي يعمل على ترتيب فوضاها في المنجز تتشكل بتناسق يخدم الصورة والفكرة والحركة التي تثير الفضاء للتناغم وتحوّل قلق البحث إلى تدريجات فهمية وتوليفات لونية غير متوقّعة التوليف يحملها التجريب مع التجريد بتوازن التركيب الذي يجمع الفكرة في الحرف والصورة في الشكل.
دفع المصري بالحرف العربي نحو زوايا معتمة ينيرها بالضوء ويشكّلها داخل الفضاء بدهشة صورها التي تثير صمت الفراغات بصخب هندسي يجمع الاشكال معا بانسجام مكّنها من أن تحاور تلك الحروف جماليا وفنيا والتحكم في المساحة وفي استغلال خطوط الطول والعرض التي تخلق صلة تواصل دائمة لا تفصل عناصر اللوحة مع الموقف الفني والجمالي ما يكمّل دورها الترتيبي والتجريبي ويوحّد منفذ الضوء المحرّر من قيود تتحكّم فيها الهندسة التشكيلية ليكون المنجز لوحة فنية التكوين مستفيدة من عناصر الهندسة والطبيعة والحروفية والزخرف واشتغالاتها مع الفن.