نحات يُلهم العراقيين بناء الحياة
هادي حمزة يصر على أن آثار كلكامش تحمل رسالة الأجداد إلى الناس في الوقت الحاضر.
تاريخ من الإرادة
تُعد منحوتات العراقي هادي حمزة المستوحاة من السومريين والأكاديين والبابليين والآشوريين شاهدا فنيا على جدارة العراقيين بالحياة وبصلابتهم في إعادة بنائها تحديا للظلم والاستعمار والتطرف.
بغداد ـ يسعى نحات عراقي إلى نقل رسائل إلى المجتمع في أعماله الفنية من خلال تقديم رؤى إبداعية وعاطفية مستوحاة من رموز وقيم من الحياة المعاصرة والقديمة في بلاد ما بين النهرين.
ويعمل هادي حمزة (68 عاما) أستاذ النحت المتقاعد في الورشة الخاصة به بمنطقة ريفية هادئة في الطرف الشمالي للعاصمة العراقية بغداد، والذي بدا مشغولا بإنهاء أحد أعماله الفنية مع اثنين من المتدربين هما مصطفى علي وعلي عبدالمطلب، اللذين كانا من ضمن طلابه في السابق عندما كان يدرس في كلية الفنون الجميلة ببغداد.
وقال حمزة لوكالة أنباء “شينخوا” إن الفنان عين المجتمع وهو الذي يلتقط الأحداث ويسلط الضوء عليها لتوظيفها في عمله، تماما مثل الصحافي عندما يسلط الضوء على موقف معين للتعامل معه، هذه هي رسالة الفن.
حمزة يعتقد أن مهمة الفنانين والمفكرين المبدعين في أيّ وقت ومكان هي إمداد مجتمعاتهم بالفرح
وتتنوع موضوعات أعمال حمزة الفنية، إلا أن جزءا منها يتعامل مع الأعمال الفنية الموروثة من بلاد ما بين النهرين القديمة، حيث حاول الفنانون القدامى نقل رسائل تحدت الزمن واللغة لتصل إلينا وتخبرنا عن حياتهم وتفكيرهم وحكمتهم حتى نستفيد منها.
وأوضح حمزة “إنني أنتمي إلى نحات سومري وأكادي وبابلي وآشوري عاش في العصور القديمة وتفوّق في فنه”، مبينا “عندما أعمل على عمل فني تاريخي مثل الثور المجنح المعروف أيضا باسم لاماسو، وكلكامش، فإنني أقف مبهورا وفخورا لأنني أنتمي إلى هذا التاريخ”.
وفي جامعتي التراث وآشور الخاصتين ببغداد، تم التعاقد مع حمزة لبناء نصب تذكاري للملك السومري كلكامش، ويجسد النصبان المتشابهان لحظة انتصار كلكامش في مدينته السومرية أوروك، على بعد حوالي 30 كم شرق مدينة السماوة، مركز محافظة المثنى جنوبي العراق.
كما قام ببناء جداريات أخرى عند مداخل جامعة آشور، تمثل اللاماسو، ومسلة حمورابي البابلية الشهيرة، وبوابة عشتار، بالإضافة إلى شجرة النخيل التي اشتهر بها العراق على مر العصور.
ويصر حمزة على أن آثار كلكامش وموضوع ملحمته القديمة تحمل رسالة الأجداد إلى الناس في الوقت الحاضر، مؤكدا أن إحدى رسائل الملحمة هي أن الملك كلكامش أدرك درسا أنه يمكن للإنسان أن يخلّد نفسه بأعماله الصالحة والبناءة التي يتذكرها الناس من جيل إلى جيل.
وأضاف “اليوم نحن في العام 2023، نتحدث عن كلكامش وملحمته التي تخبرنا أنه عندما عاد إلى مدينته، أوروك، بدأ بإعادة البناء والأعمال الصالحة وهذه إحدى الرسائل التي تحملها الملحمة”.
وحيث أن العديد من العراقيين يعانون من الدمار الذي لحق ببلدهم بسبب الغزو الأميركي العام 2003 والصراعات الدموية التي تلت الغزو، يعتقد حمزة أن مهمة الفنانين والمفكرين المبدعين في أيّ وقت ومكان هي إمداد مجتمعاتهم بالفرح والتفاءل والإلهام لدفع مجتمعاتهم للمشاركة بشكل مدروس واتخاذ مبادرات لإعادة بناء الحياة من خلال إشاعة التسامح والاحترام المتبادل.
ومن المعالم الحديثة التي عمل عليها حمزة، نصب سيدة عراقية تحمل رسالة تذكر المجتمع العراقي بأن إعادة بناء البلاد وجعلها مكانا أفضل للعيش يتطلب نبذ ومواجهة الأيديولوجيات المتطرفة التي تهدد وحدة العراقيين مثل التطرف والعنف والإرهاب.
ويجسد النصب امرأة قتلت أثناء قتالها مع أشقائها وأبناء عمومتها لمنع تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية (داعش) المتطرف من السيطرة على بلدتهم.
ويصور النصب، النساء اللواتي يحملن بندقية كلاشنيكوف على قمة التمثال مع وجوه مقاتلين عراقيين آخرين، بينما تظهرُ الرموز العراقية الشهيرة في الجزء السفلي من العمل الفني، مثل بوابة عشتار والثور المجنح ومأذنة الحدباء بمدينة الموصل ومئذنة الملوية في سامراء.
من جانبه، قال مصطفى علي (25 عاما) أحد مساعدي حمزة، إنه تعلم فن النحت من أستاذه (حمزة)، ويعتقد أن موضوعات أعماله الفنية في المستقبل يجب أن تركز على حمل الرسائل التي من شأنها أن تخلق التفاؤل والحماس وإلهام الناس.
وأشار إلى أن “تحقيق هذين الهدفين، التفاؤل والحماس، مهم في أيّ موضوع قد أعمل عليه لأن هذين الهدفين مهمان لأي نجاح، ويمكنهما إلهام المجتمع للانخراط بجدية واجتهاد في إعادة بناء بلدنا ومن أجل حياة أفضل”.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
هادي حمزة يصر على أن آثار كلكامش تحمل رسالة الأجداد إلى الناس في الوقت الحاضر.
تاريخ من الإرادة
تُعد منحوتات العراقي هادي حمزة المستوحاة من السومريين والأكاديين والبابليين والآشوريين شاهدا فنيا على جدارة العراقيين بالحياة وبصلابتهم في إعادة بنائها تحديا للظلم والاستعمار والتطرف.
بغداد ـ يسعى نحات عراقي إلى نقل رسائل إلى المجتمع في أعماله الفنية من خلال تقديم رؤى إبداعية وعاطفية مستوحاة من رموز وقيم من الحياة المعاصرة والقديمة في بلاد ما بين النهرين.
ويعمل هادي حمزة (68 عاما) أستاذ النحت المتقاعد في الورشة الخاصة به بمنطقة ريفية هادئة في الطرف الشمالي للعاصمة العراقية بغداد، والذي بدا مشغولا بإنهاء أحد أعماله الفنية مع اثنين من المتدربين هما مصطفى علي وعلي عبدالمطلب، اللذين كانا من ضمن طلابه في السابق عندما كان يدرس في كلية الفنون الجميلة ببغداد.
وقال حمزة لوكالة أنباء “شينخوا” إن الفنان عين المجتمع وهو الذي يلتقط الأحداث ويسلط الضوء عليها لتوظيفها في عمله، تماما مثل الصحافي عندما يسلط الضوء على موقف معين للتعامل معه، هذه هي رسالة الفن.
حمزة يعتقد أن مهمة الفنانين والمفكرين المبدعين في أيّ وقت ومكان هي إمداد مجتمعاتهم بالفرح
وتتنوع موضوعات أعمال حمزة الفنية، إلا أن جزءا منها يتعامل مع الأعمال الفنية الموروثة من بلاد ما بين النهرين القديمة، حيث حاول الفنانون القدامى نقل رسائل تحدت الزمن واللغة لتصل إلينا وتخبرنا عن حياتهم وتفكيرهم وحكمتهم حتى نستفيد منها.
وأوضح حمزة “إنني أنتمي إلى نحات سومري وأكادي وبابلي وآشوري عاش في العصور القديمة وتفوّق في فنه”، مبينا “عندما أعمل على عمل فني تاريخي مثل الثور المجنح المعروف أيضا باسم لاماسو، وكلكامش، فإنني أقف مبهورا وفخورا لأنني أنتمي إلى هذا التاريخ”.
وفي جامعتي التراث وآشور الخاصتين ببغداد، تم التعاقد مع حمزة لبناء نصب تذكاري للملك السومري كلكامش، ويجسد النصبان المتشابهان لحظة انتصار كلكامش في مدينته السومرية أوروك، على بعد حوالي 30 كم شرق مدينة السماوة، مركز محافظة المثنى جنوبي العراق.
كما قام ببناء جداريات أخرى عند مداخل جامعة آشور، تمثل اللاماسو، ومسلة حمورابي البابلية الشهيرة، وبوابة عشتار، بالإضافة إلى شجرة النخيل التي اشتهر بها العراق على مر العصور.
ويصر حمزة على أن آثار كلكامش وموضوع ملحمته القديمة تحمل رسالة الأجداد إلى الناس في الوقت الحاضر، مؤكدا أن إحدى رسائل الملحمة هي أن الملك كلكامش أدرك درسا أنه يمكن للإنسان أن يخلّد نفسه بأعماله الصالحة والبناءة التي يتذكرها الناس من جيل إلى جيل.
وأضاف “اليوم نحن في العام 2023، نتحدث عن كلكامش وملحمته التي تخبرنا أنه عندما عاد إلى مدينته، أوروك، بدأ بإعادة البناء والأعمال الصالحة وهذه إحدى الرسائل التي تحملها الملحمة”.
وحيث أن العديد من العراقيين يعانون من الدمار الذي لحق ببلدهم بسبب الغزو الأميركي العام 2003 والصراعات الدموية التي تلت الغزو، يعتقد حمزة أن مهمة الفنانين والمفكرين المبدعين في أيّ وقت ومكان هي إمداد مجتمعاتهم بالفرح والتفاءل والإلهام لدفع مجتمعاتهم للمشاركة بشكل مدروس واتخاذ مبادرات لإعادة بناء الحياة من خلال إشاعة التسامح والاحترام المتبادل.
ومن المعالم الحديثة التي عمل عليها حمزة، نصب سيدة عراقية تحمل رسالة تذكر المجتمع العراقي بأن إعادة بناء البلاد وجعلها مكانا أفضل للعيش يتطلب نبذ ومواجهة الأيديولوجيات المتطرفة التي تهدد وحدة العراقيين مثل التطرف والعنف والإرهاب.
ويجسد النصب امرأة قتلت أثناء قتالها مع أشقائها وأبناء عمومتها لمنع تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية (داعش) المتطرف من السيطرة على بلدتهم.
ويصور النصب، النساء اللواتي يحملن بندقية كلاشنيكوف على قمة التمثال مع وجوه مقاتلين عراقيين آخرين، بينما تظهرُ الرموز العراقية الشهيرة في الجزء السفلي من العمل الفني، مثل بوابة عشتار والثور المجنح ومأذنة الحدباء بمدينة الموصل ومئذنة الملوية في سامراء.
من جانبه، قال مصطفى علي (25 عاما) أحد مساعدي حمزة، إنه تعلم فن النحت من أستاذه (حمزة)، ويعتقد أن موضوعات أعماله الفنية في المستقبل يجب أن تركز على حمل الرسائل التي من شأنها أن تخلق التفاؤل والحماس وإلهام الناس.
وأشار إلى أن “تحقيق هذين الهدفين، التفاؤل والحماس، مهم في أيّ موضوع قد أعمل عليه لأن هذين الهدفين مهمان لأي نجاح، ويمكنهما إلهام المجتمع للانخراط بجدية واجتهاد في إعادة بناء بلدنا ومن أجل حياة أفضل”.
انشرWhatsAppTwitterFacebook