أغاني التعبئة.. من سيد درويش إلى أنور السادات
خطيب بدلة 10 يونيو 2022
موسيقى
سيد درويش هو أول من بدأ بأغاني التعبئة
شارك هذا المقال
حجم الخط
فكرتُ طويلًا في إيجاد تعريف دقيق لمصطلح "أغاني التعبئة"، وتوصلت إلى أنها: الأغاني التي يهدف مبدعوها (الشاعرُ والملحنُ والمطربُ والمنتجُ) إلى التأثير في الجماهير، ليجعلوها تحب بلدًا ما، أو زعيمًا ما، أو أفكارًا معينة، ثم تتبنى - الجماهيرُ - تلك الأفكار، دون تفكير أو تأمل، وتدافع عنها، وربما تُقْتَلُ في سبيلها، ويحصل ذلك، غالبًا من خلال مداعبة الأوتار الحساسة للناس، بكلمات عاطفية، ولحن عامر بالتطريب، وغناء عذب.
أغاني التعبئة ذات أنواع، ولها مستويات متباينة، وقد عرفتْها مجتمعاتُنا العربية منذ مطلع القرن العشرين، ثم أخذت بالازدهار ابتداء من الخمسينيات، بالتزامن مع فترة الانقلابات العسكرية، والحروب، والانتكاسات، ولا شك في أن أفضل مَن أبدع فيها من الشعراء المصريين: عبد الرحمن الأبنودي، وأحمد فؤاد نجم، وصلاح جاهين، ومن الملحنين كمال الطويل، ومحمد عبد الوهاب، ومحمد الموجي، وعبد العظيم عبد الحق..
نشيد الشيخ سيد درويش
ترتفع السوية الفنية لـ "أغاني التعبئة"، عندما لا يكون لها أي هدف، أو غاية، سوى التغني بالوطن، ودفع أبنائه للاعتزاز به.. وفي اعتقادي أن فنان الشعب الشيخ سيد درويش هو أول من بدأ هذا المشوار، بتلحين "نشيد بلادي" سنة 1923.
كلمات النشيد اقتبسها محمد يونس القاضي من خطاب مشهور ألقاه الزعيم مصطفى كامل سنة 1907، ثم لحّنه "الشيخ سيد" احتفالًا بعودة سعد زغلول من المنفى:
بلادي بلادي بلادي
لـكِ حُـبي وفـؤادي
مصر يا أم البلاد
أنت غايتي والمراد
وعلى كل العباد
كم لنيلكْ من أيادي...
أنجز الشيخ سيد درويش – كما تروي الفنانة ياسمين فراج - نشيد "بلادي بلادي" في مطلع شهر أيلول/ سبتمبر من سنة 1923، وقام بتحفيظه لطلبة المعهد العباسي لاستقبال الزعيم سعد زغلول لدى عودته من المنفى. ولكن الشيخ سيد توفي قبل عودة الزعيم بيومين، وقُدم النشيد لأول مرة في 17 أيلول/ سبتمبر، أمام سعد زغلول، دون وجود ملحنه.
يقول الشاعر صلاح جاهين (1930- 1986)، في محاورته الشهيرة مع الأديب يحيى حقي، إن ثورة 1919 كانت تعتمد على الروح الشعبية حتى في الأغاني الوطنية، ويضرب مثلًا بنشيد "بلادي بلادي"، الذي تجد فيه شيئًا شرقيًا، شعبيًا، وكأن الناس يغنونه على سجيتهم، في قعدة من القعدات، (مش مارش عسكري يعني)..
والله زمان يا سلاحي
الفنان ليس رجل سياسة، ولا مؤرخًا.. ولذلك، عندما يعصف خطر خارجي ببلاده، لا يُعمل عقلَه في الأسباب الحقيقية التي جلبت هذا الخطر، وبالتالي لا يحمّل مسؤوليةَ وقوع الخطر لحكومته أو رئيسه، بيد أنه ينفعل عاطفيًا ويبحث عن طريقة يتضامن فيها مع شعبه الذي يتعرض لهذا الخطر.. الموسيقار الكبير كمال الطويل، مثلًا، كاد أن يجن حينما وقع العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، وهو، كما يقول في حوار معه، لا يمتلك بندقية، ولا يجيد القتال على الجبهات، وسرعان ما ذهب إلى البيانو، وصار يعزف لحنًا، وبعد لأي اتصل بالفنان الذي يحمل لقب "جَبَرتي الثورة" صلاح جاهين، وأسمعه اللحن، فقال له صلاح: اعطيني عشر دقايق. وبعد قليل اتصل وأعطاه نص مطلع النشيد:
والله زمان يا سلاحي
اشتقت لك في كفاحي
انهض وقولْ أنا صاحي
يا حرب والله زمان..
ومن خلال التلفون، أملى عليه مقطعًا بعد مقطع، حتى اكتمل النشيد.. وفيه:
والله زمـان ع الجــنــودْ
زاحفة بـتـرعـد رعـودْ
حالـفة تـروح وما تـعـودْ
إلا بـنـصــر الـزمــان
همـوا وضـمـوا الصـفـوفْ
شيلوا الحياة ع الكفوفْ
ياما العدو راح يـشـوفْ
منكـم في نـار المـيـدان
وكمال اتصل بأم كلثوم التي كان له معها تجربة إذاعية سابقة في اسكتش "رابعة العدوية"، وقال لها: أنا عملت لحن له علاقة بالحرب. فقالت له: تعال لي فورًا.
أعجبت أم كلثوم بالأغنية، وسُجلت بتوزيع أوركسترالي كبير، أجراه الموسيقي المصري من أصل يوناني الشهير أندريه رايدر (1908- 1971).
التعبئة الوطنية للجنود
ولعل التعبئة تلزم، أكثر ما تلزم، لرفع معنويات الجنود، وقد أَطلق الأتراكُ على عملية أخذ العسكر من الولايات في أثناء الحرب العالمية الأولى سفربرلك، (Seferbirlik)، وتعني حرفيًا: التعبئة. وكانت لهم أغانيهم بالطبع، وفي مصر، كان ثمة تجربة فريدة تحمل عنوان "في القشلاق"، هي عبارة عن أوبريت غنائي سجل سنة 1954، كتبه محمد حلاوة، ولحنه الموسيقار محمد الموجي، وقام بأداء الأدوار الغنائية فيه كل من عبد الحليم حافظ، وإسماعيل شبانة، وسيد إسماعيل، وصلاح عبد الحميد، وإبراهيم حمودة.. إخراج جلال معوض.
تقوم الفكرة الأساسية للأوبريت على أن كل واحد من المشاركين جاء من منطقة في مصر، ويتحدث بلهجتها بالطبع، ويعلن ولاءه لمصر، والجهاد في سبيلها.
السادات يعيد الاعتبار لنشيد بلادي
بحسب رواية كمال الطويل أن محمد حسنين هيكل اتصل به وأعلمه بفوز نشيد "والله زمان يا سلاحي"، في مسابقة اختيار النشيد الوطني لمصر الذي شارك فيه 67 متسابقًا، واعْتُمِدَ نشيدًا للبلاد.. وقد استمر هذا حتى عودة الرئيس أنور السادات من زيارته لإسرائيل، وقرر، وقتئذ، تغيير النشيد، والسبب أن الإسرائيليين قالوا له ما معناه: أنت تريد السلام بينما نشيدكم الوطني يدعو للحرب.
تتمة الحكاية أن السادات كلف محمد عبد الوهاب بتوزيع نشيد بلادي، وكمال الطويل يشرح أن عبد الوهاب طوال عمره لم يوزع أي لحن من ألحانه، لأنه لا يجيد التوزيع، وأن الذي وزعه، في المحصلة، هو الموسيقي الشهير مختار السيد.
أنصار القضية
للشيخ سيد درويش أغنية (تعبوية) أخرى، هي أقرب إلى المفهوم الشعبي الذي تحدث عنه صلاح جاهين، يقول فيها:
يا عزيز عيني وأنا بدي أروح بلدي
بلدي يا بلدي والسلطة خدت ولدي
ومثلها أيضًا، أغنيته الشهيرة "أهو ده اللي صار"، التي يشير فيها إلى سرقة الإنكليز ثروات مصر، وفيها يقول:
تلوم عليَّ ازّاي يا سيدنا
وخير بلدنا مهوش بإيدنا؟
وفي الأغنية ذاتها يقول:
مصر يا أم العجايب
شعبك أصيل والخصم عايبْ
خلي بالك من الحبايبْ
دُولا أنصار القضية
إضافات:
إضافة 1: قدم الأخوان الرحباني، بصوت فيروز طبعًا، ثلاثَ أغنيات من إبداع سيد درويش، هي: الحلوة دي - زوروني كل سنة مرة - أهو ده اللي صار.
إضافة 2: حضرت فيروز إلى مصر أيام الحرب الأهلية اللبنانية، (خلال سنة 1976)، ووقتها غنت من تراث الشيخ سيد "أهو ده اللي صار" لأول مرة.
إضافة 3- يمكن اعتبار قصيدة "مصر عادت شَمْسُكِ" التي كتبها ولحنها الأخوان الرحباني وغنتها فيروز في مصر سنة 1976، أنموذجًا فريدًا لأغاني التعبئة العظيمة، فقد بدت وكأنها تحية من الرحابنة وفيروز للبلد الذي رعى الفن، واحتواه، وطوره، مصر، أقتطف منها:
مصرُ عادتْ شمسُكِ الذهبُ
تَحمِل الأرضَ وتَغترِبُ
كَتَبَ النِّيلُ على شطِّهِ
قصصًا بالحبَّ تلتهبُ
لكِ ماضٍ مصرُ إنْ تذكُرينَ
يَحمِلُ الحقَّ وينتسبُ
ولكِ الحاضرُ في عزِّهِ
قِبَبٌ تَغْوَى بها قِبَبُ
جِئْتُ يا مصرُ وجاءَ معي
تَعَبٌ، إنَّ الهَوَى تعَبُ
وسهادٌ موجعٌ قلتُهُ
هاربًا مِنِّي ولا هرَبُ
إضافة 4- يقول الباحث صقر أبو فخر إن سيد درويش اقتبس "زوروني كل سنة مرة" من الموسيقار عثمان الموصلي حينما كانا، كلاهما، في زيارة إلى مدينة حلب.
خطيب بدلة 10 يونيو 2022
موسيقى
سيد درويش هو أول من بدأ بأغاني التعبئة
شارك هذا المقال
حجم الخط
فكرتُ طويلًا في إيجاد تعريف دقيق لمصطلح "أغاني التعبئة"، وتوصلت إلى أنها: الأغاني التي يهدف مبدعوها (الشاعرُ والملحنُ والمطربُ والمنتجُ) إلى التأثير في الجماهير، ليجعلوها تحب بلدًا ما، أو زعيمًا ما، أو أفكارًا معينة، ثم تتبنى - الجماهيرُ - تلك الأفكار، دون تفكير أو تأمل، وتدافع عنها، وربما تُقْتَلُ في سبيلها، ويحصل ذلك، غالبًا من خلال مداعبة الأوتار الحساسة للناس، بكلمات عاطفية، ولحن عامر بالتطريب، وغناء عذب.
أغاني التعبئة ذات أنواع، ولها مستويات متباينة، وقد عرفتْها مجتمعاتُنا العربية منذ مطلع القرن العشرين، ثم أخذت بالازدهار ابتداء من الخمسينيات، بالتزامن مع فترة الانقلابات العسكرية، والحروب، والانتكاسات، ولا شك في أن أفضل مَن أبدع فيها من الشعراء المصريين: عبد الرحمن الأبنودي، وأحمد فؤاد نجم، وصلاح جاهين، ومن الملحنين كمال الطويل، ومحمد عبد الوهاب، ومحمد الموجي، وعبد العظيم عبد الحق..
"أغاني التعبئة ذات أنواع، ولها مستويات متباينة، وقد عرفتْها مجتمعاتُنا العربية منذ مطلع القرن العشرين، ثم أخذت بالازدهار ابتداء من الخمسينيات، بالتزامن مع فترة الانقلابات العسكرية، والحروب، والانتكاسات" |
ترتفع السوية الفنية لـ "أغاني التعبئة"، عندما لا يكون لها أي هدف، أو غاية، سوى التغني بالوطن، ودفع أبنائه للاعتزاز به.. وفي اعتقادي أن فنان الشعب الشيخ سيد درويش هو أول من بدأ هذا المشوار، بتلحين "نشيد بلادي" سنة 1923.
كلمات النشيد اقتبسها محمد يونس القاضي من خطاب مشهور ألقاه الزعيم مصطفى كامل سنة 1907، ثم لحّنه "الشيخ سيد" احتفالًا بعودة سعد زغلول من المنفى:
بلادي بلادي بلادي
لـكِ حُـبي وفـؤادي
مصر يا أم البلاد
أنت غايتي والمراد
وعلى كل العباد
كم لنيلكْ من أيادي...
أنجز الشيخ سيد درويش – كما تروي الفنانة ياسمين فراج - نشيد "بلادي بلادي" في مطلع شهر أيلول/ سبتمبر من سنة 1923، وقام بتحفيظه لطلبة المعهد العباسي لاستقبال الزعيم سعد زغلول لدى عودته من المنفى. ولكن الشيخ سيد توفي قبل عودة الزعيم بيومين، وقُدم النشيد لأول مرة في 17 أيلول/ سبتمبر، أمام سعد زغلول، دون وجود ملحنه.
يقول الشاعر صلاح جاهين (1930- 1986)، في محاورته الشهيرة مع الأديب يحيى حقي، إن ثورة 1919 كانت تعتمد على الروح الشعبية حتى في الأغاني الوطنية، ويضرب مثلًا بنشيد "بلادي بلادي"، الذي تجد فيه شيئًا شرقيًا، شعبيًا، وكأن الناس يغنونه على سجيتهم، في قعدة من القعدات، (مش مارش عسكري يعني)..
والله زمان يا سلاحي
الفنان ليس رجل سياسة، ولا مؤرخًا.. ولذلك، عندما يعصف خطر خارجي ببلاده، لا يُعمل عقلَه في الأسباب الحقيقية التي جلبت هذا الخطر، وبالتالي لا يحمّل مسؤوليةَ وقوع الخطر لحكومته أو رئيسه، بيد أنه ينفعل عاطفيًا ويبحث عن طريقة يتضامن فيها مع شعبه الذي يتعرض لهذا الخطر.. الموسيقار الكبير كمال الطويل، مثلًا، كاد أن يجن حينما وقع العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، وهو، كما يقول في حوار معه، لا يمتلك بندقية، ولا يجيد القتال على الجبهات، وسرعان ما ذهب إلى البيانو، وصار يعزف لحنًا، وبعد لأي اتصل بالفنان الذي يحمل لقب "جَبَرتي الثورة" صلاح جاهين، وأسمعه اللحن، فقال له صلاح: اعطيني عشر دقايق. وبعد قليل اتصل وأعطاه نص مطلع النشيد:
والله زمان يا سلاحي
اشتقت لك في كفاحي
انهض وقولْ أنا صاحي
يا حرب والله زمان..
ومن خلال التلفون، أملى عليه مقطعًا بعد مقطع، حتى اكتمل النشيد.. وفيه:
والله زمـان ع الجــنــودْ
زاحفة بـتـرعـد رعـودْ
حالـفة تـروح وما تـعـودْ
إلا بـنـصــر الـزمــان
همـوا وضـمـوا الصـفـوفْ
شيلوا الحياة ع الكفوفْ
ياما العدو راح يـشـوفْ
منكـم في نـار المـيـدان
وكمال اتصل بأم كلثوم التي كان له معها تجربة إذاعية سابقة في اسكتش "رابعة العدوية"، وقال لها: أنا عملت لحن له علاقة بالحرب. فقالت له: تعال لي فورًا.
أعجبت أم كلثوم بالأغنية، وسُجلت بتوزيع أوركسترالي كبير، أجراه الموسيقي المصري من أصل يوناني الشهير أندريه رايدر (1908- 1971).
"الموسيقار كمال الطويل كاد أن يجن حينما وقع العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، وسرعان ما ذهب إلى البيانو، وصار يعزف لحنًا، وبعد لأي اتصل بالفنان الذي يحمل لقب "جَبَرتي الثورة" صلاح جاهين، وأسمعه اللحن، فقال له صلاح: اعطيني عشر دقايق. وبعد قليل اتصل وأعطاه نص مطلع النشيد: والله زمان يا سلاحي" |
ولعل التعبئة تلزم، أكثر ما تلزم، لرفع معنويات الجنود، وقد أَطلق الأتراكُ على عملية أخذ العسكر من الولايات في أثناء الحرب العالمية الأولى سفربرلك، (Seferbirlik)، وتعني حرفيًا: التعبئة. وكانت لهم أغانيهم بالطبع، وفي مصر، كان ثمة تجربة فريدة تحمل عنوان "في القشلاق"، هي عبارة عن أوبريت غنائي سجل سنة 1954، كتبه محمد حلاوة، ولحنه الموسيقار محمد الموجي، وقام بأداء الأدوار الغنائية فيه كل من عبد الحليم حافظ، وإسماعيل شبانة، وسيد إسماعيل، وصلاح عبد الحميد، وإبراهيم حمودة.. إخراج جلال معوض.
تقوم الفكرة الأساسية للأوبريت على أن كل واحد من المشاركين جاء من منطقة في مصر، ويتحدث بلهجتها بالطبع، ويعلن ولاءه لمصر، والجهاد في سبيلها.
السادات يعيد الاعتبار لنشيد بلادي
بحسب رواية كمال الطويل أن محمد حسنين هيكل اتصل به وأعلمه بفوز نشيد "والله زمان يا سلاحي"، في مسابقة اختيار النشيد الوطني لمصر الذي شارك فيه 67 متسابقًا، واعْتُمِدَ نشيدًا للبلاد.. وقد استمر هذا حتى عودة الرئيس أنور السادات من زيارته لإسرائيل، وقرر، وقتئذ، تغيير النشيد، والسبب أن الإسرائيليين قالوا له ما معناه: أنت تريد السلام بينما نشيدكم الوطني يدعو للحرب.
تتمة الحكاية أن السادات كلف محمد عبد الوهاب بتوزيع نشيد بلادي، وكمال الطويل يشرح أن عبد الوهاب طوال عمره لم يوزع أي لحن من ألحانه، لأنه لا يجيد التوزيع، وأن الذي وزعه، في المحصلة، هو الموسيقي الشهير مختار السيد.
أنصار القضية
للشيخ سيد درويش أغنية (تعبوية) أخرى، هي أقرب إلى المفهوم الشعبي الذي تحدث عنه صلاح جاهين، يقول فيها:
يا عزيز عيني وأنا بدي أروح بلدي
بلدي يا بلدي والسلطة خدت ولدي
ومثلها أيضًا، أغنيته الشهيرة "أهو ده اللي صار"، التي يشير فيها إلى سرقة الإنكليز ثروات مصر، وفيها يقول:
تلوم عليَّ ازّاي يا سيدنا
وخير بلدنا مهوش بإيدنا؟
وفي الأغنية ذاتها يقول:
مصر يا أم العجايب
شعبك أصيل والخصم عايبْ
خلي بالك من الحبايبْ
دُولا أنصار القضية
إضافات:
إضافة 1: قدم الأخوان الرحباني، بصوت فيروز طبعًا، ثلاثَ أغنيات من إبداع سيد درويش، هي: الحلوة دي - زوروني كل سنة مرة - أهو ده اللي صار.
إضافة 2: حضرت فيروز إلى مصر أيام الحرب الأهلية اللبنانية، (خلال سنة 1976)، ووقتها غنت من تراث الشيخ سيد "أهو ده اللي صار" لأول مرة.
إضافة 3- يمكن اعتبار قصيدة "مصر عادت شَمْسُكِ" التي كتبها ولحنها الأخوان الرحباني وغنتها فيروز في مصر سنة 1976، أنموذجًا فريدًا لأغاني التعبئة العظيمة، فقد بدت وكأنها تحية من الرحابنة وفيروز للبلد الذي رعى الفن، واحتواه، وطوره، مصر، أقتطف منها:
مصرُ عادتْ شمسُكِ الذهبُ
تَحمِل الأرضَ وتَغترِبُ
كَتَبَ النِّيلُ على شطِّهِ
قصصًا بالحبَّ تلتهبُ
لكِ ماضٍ مصرُ إنْ تذكُرينَ
يَحمِلُ الحقَّ وينتسبُ
ولكِ الحاضرُ في عزِّهِ
قِبَبٌ تَغْوَى بها قِبَبُ
جِئْتُ يا مصرُ وجاءَ معي
تَعَبٌ، إنَّ الهَوَى تعَبُ
وسهادٌ موجعٌ قلتُهُ
هاربًا مِنِّي ولا هرَبُ
إضافة 4- يقول الباحث صقر أبو فخر إن سيد درويش اقتبس "زوروني كل سنة مرة" من الموسيقار عثمان الموصلي حينما كانا، كلاهما، في زيارة إلى مدينة حلب.