أمونيت ammonite

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أمونيت ammonite

    أمونيت ammonite
    تسمية ( أمونيت ) تُطلق على الزواحف البحرية المتحجرة التي انقرضت قبل ملايين السنين . و هذا الفيلم ، الذي هو من كتابة و إخراج المخرج البريطاني " فرانسيس لي " ، يتناول سيرة البريطانية " ماري آننغ " ( 1799 ــ 1847 ) التي عُرفت بإكتشافاتها الأحفورية للـ ( أمونيت ) على جروف القناة الإنجليزية التي تفصل بين بريطانيا و فرنسا ، و التي يسميها الفرنسيون ( بحر المانش ) . و كانت تجري حفرياتها و كشوفاتها في بلدة ( لايم ريجست ) تحديداً ، و التي تقع في مقاطعة ( دورست ) جنوب غرب بريطانيا .
    ما قامت به " آننغ " كان قد تسبب و ساهم في تغيير مسار التفكير العلمي حول تاريخ الأرض ، و ذلك عندما عثرت على بقايا كائنات يعود تاريخها الى ملايين السنين . و من هذه الكائنات : الـ ( إكتيوسور ) و هي من الزواحف البحرية الضخمة التي عاشت في الحقبة الجيولوجية الوسطى و انقرضت قبل نحو 93 مليون سنة . كذلك عثرت عام 1823 على هيكلين عظميين متكاملين للـ ( بيلوسور ) و هو من الزواحف البحرية المتوحشة ، و يقال أن الوحش الذي يتراءى للبعض مشاهدته ــ دون تأكيد ــ في بحيرة ( لوخ نس ) الأسكوتلندية هو من سلالة البيلوسورات . وعثرت " آننغ " عام 1828على أول هيكل للزواحف البحرية الطائرة ( تيروسور ) . فضلاً عن هذا كانت قد عثرت على أحفورات أسماك نادرة و على تشكيلات البراز المتحجر منذ ملايين السنين لتلك الزواحف البحرية .
    و على أثر نتائج حفرياتها و كشوفاتها فإن شهرة " ماري آننغ " قد عبرت حدود بريطانيا الى أوروبا و أمريكا ، و كانت قد دخلت في مناقشات جادة و علمية عميقة متخصصة مع العلماء حول اكتشافاتها ، ولكن ــ رغم ذلك ــ لم تتمكن من الإنضمام الى المجتمع العلمي البريطاني في القرن التاسع عشر، ذلك لكونها إمرأة أولاً ، إذ لم تكن للمرأة مكانة في الحياة العامة ذلك الوقت ، و لأن معظم أعضاء هذا المجتمع العلمي ينتمون الى الكنيسة الأنجليكانية ، فيما كان والداها قد أنتقلا الى كنيسة يُطلق على أتباعها إسم ( المستقلون الأحرار ) ، قبل أن يُسمّوا بـ ( الإبرشانيين ) ، و في هذه الكنيسة تعلمت " ماري آننغ " القراءة و الكتابة تعليماً محدوداً و هذا عاملٌ مُضاف .. إذ أعتُبرت غير ذات تحصيل علمي ، ولكن رغم فضلها على العلم و العلماء فهي لم تحصل على التقدير الذي يليق بمنجزها العلمي الذي غيّر مسار التفكير بخصوص الحفريات البحرية ، و فوق هذا فقد كان بعض الجيولوجيين يأخذون منها المعلومة الجيولوجية و ينسبونها الى أنفسهم ، فكتبت بألم و حرقة ( لقد استغلني العالم بشكلٍ قبيح ، و أخشى أن يكون هذا الأمر قد جعلني أشك بجميع الذين من حولي ) ، ولكن في عام 1846 ، أي قبل وفاتها بعام ، قامت الجمعية الجيولوجية بجمع التبرعات لها لمساعدتها بعد أن اشتد عليها مرض سرطان الثدي الذي جعلها عاجزة عن العمل و توفير مستلزمات عيشها .
    و كانت " ماري آننغ " قد عانت من ضنك العيش منذ أن توفي والدها " ريتشارد آننغ " ــ الذي كان يعمل في نجارة الأثاث ــ و هي في الحادية عشرة من عمرها . ولكنها تحدت الصعاب و حققت ما لم تستطع إمرأة قبلها تحقيقه ، لذلك كتب الروائي الإنجليزي الشهير " تشارلز ديكنز " ( 1812 ــ 1870 ) قائلاً : ( نجحت ابنة النجار في شق طريق شهرتها ، و هي تستحق الفوز بها) .
    و كانت " ماري آننغ " قد أكتسبت فكرة الحفر و التنقيب من والدها الذي كان يذهب الى الساحل و يحفر بحثاً عما يمكن أن يبيعه للسائحين ، ولكن عمل " ماري " إتخذ مساراً علمياً ليُسجّلَ شهرتها و لتُدرِجَ الجمعية ُ الملكية البريطانية إسمَها في قائمة ( النساء البريطانيات العشر الأكثر تأثيراً في تاريخ العلوم ) و ذلك عام 2010 ، أي بعد 163 عاماً على رحيلها.
    سيرة " ماري آننغ " هي التي يتناولها فيلم ( أمونيتammonite ) و قد أسند المخرج " فرانسيس لي " دور البطولة فيه الى الممثلة الإنجليزية " كيت وينسلت " التي لعبت دور " آننغ " ، غير أن المخرج ترك الجانب العلمي و العملي في حياتها و ركز على قضية مشكوك فيها ، هي علاقة " آننغ " المثلية مع ( السائحة ) " شارلوت مورشيسون " التي لعبت دورها الممثلة الإيرلندية " ساويرس رونان " . و في إعتقادي أن هذه الحكايةَ حكاية ٌ مفتعلة زجّها المخرج في سيرة " ماري آننغ " . أقول أنه زجّها لأنه أولاً : ليس في سيرتها الحقيقية ما يشير الى أنها كانت ذات ميول مثلية ( و هو ما دفع إثنين من أقاربها من الجيل الحاضر إلى الإحتجاج على ما طرحه الفيلم ) ، وثانياً : إن " شارلوت مورشيسون " لم تكن ( سائحة عابرة ) ــ كما قدمها الفيلم ــ فهي عالمة جيولوجية بريطانية معروفة في أوساط العلماء ، ولدت عام 1788 و توفيت عام 1869 عن 81 عاماً متأثرة بمضاعفات مرض الملاريا . و هي زوجة العالم الجيولوجي البريطاني " رودريك إمبي مورشيسون " ، الذي قدمه الفيلم كـ ( سائح ) ، و كانت قد سبقت زوجها الى ميدان علم الجيولوجيا ، و هي التي حثته على دراسة هذا العلم ، و لذلك انتقلا الى العيش في لندن كي يتمكن من حضور المحاضرات بهذا الخصوص . ولكن الفيلم قدمها على أنها سائحة و مصابة بكآبة ، و يطلب الزوج ( السائح ) من " ماري آننغ " أن تسمح ببقاء زوجته معها لتتعلم طريقة الحفريات و تتعافى من ( كآبتها ) . و هذا السيناريو المفتعل أساء الى العالمتين اللتين ليس في سيرتهما و تاريخهما ما يشير الى ميولٍ مثليةٍ لديهما . صحيح أن سيرة " شارلوت مورشيسون " تحتوي إشارة عابرة الى أنها في إحدى رحلاتها الى الساحل الجنوبي قد التقت بـ " ماري آننغ "و عملت معها في الحفر و البحث و أصبحتا صديقتين مقربتين ولكن ذلك لا يعني إقامة علاقة مريبة بينهما ، فمنذ رحلتها مع زوجها الى إيطاليا ــ عام 1816 ــ أصيبت " شارلوت " بمرض الملاريا الذي لازمها طوال حياتها و كانت في ذلك الوقت في الثامنة و العشرين من عمرها . كما أن المخرج قدم شخصية الزوج الجيولوجي على أنه سائح ، و قد ظهر خفيفاً كثير الإبتسام بلا مبرر ( لعب دوره الممثل الأسكوتلندي " جيمس مكاردل " الذي لم يكن المخرج موفقاً في إختياره .. أو في تحريكه كممثل ) .
    على الجانب الصحفي ، أثار صغار ( الصحفيين ) العرب ـ الذين يبحثون عن الإثارة الرخيصة ـ ضجة حول ظهور " كيت وينسلت " ( عارية ً ) في الفيلم ، فتراءى لهم و كأنهم قدّموا فتحاً صحفياً . و هذا سخفٌ يعكس سطحية و جهل هؤلاء ( الصحفيين ) ، فهم يتناسون أن مَشاهدَ العُري جزءٌ من ثقافة الغرب ، و أن هناك الأعداد الكبيرة من النوادي و السواحل الخاصة بالتعري التام كجزء من الحرية الشخصية و من ثقافة الإنفتاح و تحرير الجسد . و لأن هؤلاء ( الصحفيين ) جهلة و غير متابعين للسينما فإنهم لم ينتبهوا الى أن " كيت وينسلت " ظهرت في هذا الفيلم بأقل درجات العري قياساً الى أفلامها الأخرى ، بل أنها تباهت بظهورها في هذا الفيلم دون أن تخفف وزنها و هي فوق الأربعين من عمرها ، و صرحت أنها طلبت من المخرج أن تمثل المَشاهدَ هي و " ساويرس رونان " دون إرشادات ، لكي تسترخيا في التمثيل ، و قالت أنهما كانتا سعيدتين بذلك .
    ففي عام 1997 ـ مثلاً ـ ظهرت " كيت وينسلت " في مشاهد ساخنة مع " ليوناردو دي كابريو " في الفيلم الشهير ( تايتانيك ) الذي أطلق شهرتها الجامحة و ترشحت عنه لجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة في دور رئيسي ، و في العام ذاته ظهرت عارية ً أيضاً في فيلم ( غريبُ الأطوار ) ، و في العام التالي ، 1998 ، ظهرت في مشاهد أشد عُرياً في فيلم ( تقديسٌ شديد ) و في عام 2006 لم تظهر في فيلم ( أطفال صغار ) كعارية فحسب بل مثلت مشاهد جنسية صريحة كما لو كانت تمثل في فيلم إباحي ، فنالت عن هذا الدور جائزة الأكاديمية الملكية ( بافتا ) ، و يبدو أن هؤلاء الصحفيين لم يشاهدوا ، أو يتناسون عمداً ، فيلم ( القارئ ) عام 2009 الذي ظهرت فيه و هي عارية ، و هي تمارس الجنس ، و نالت عن دورها فيه جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة في دور رئيسي . فهذه الممثلة الجميلة مثلت ـ حتى الآن ـ في تسعة أفلام تظهر فيها عارية أو في مشاهد ساخنة ، و هي الممثلة الأكثر ظهوراً عارية ً في الأفلام حتى الآن . فما ضر ( الصحفيين ) العرب ؟

يعمل...
X