قصة برج بابل ذكرت في سفر التكوين في التوراة، وتتحدث عن عرق بشري موحد ذو لسان واحد من سلالة نوح ما بعد الطوفان، استقر اولئك البشر في منطقة ما في بلاد الرافدين حيث قرروا بناء برج عظيم ،في المدينة المسمى ببابل، لكي يصلوا إلى السماء وإلى الخالق. لكن بسبب تعجرفهم ومحاولتهم تحدي خالقهم، قام الله بتدمير ذلك البرج العظيم وتبعثر البشر على اثر ذلك في الأرض مما جعل ألسنتهم مختلفة ومنذ ذلك لم يعد البشر يفهمون لغات بعضهم البعض.
معظم المختصين في المجال اللغوي التاريخي لا يعتبرون هذه القصة أكثر من خرافة، وتمت مقارنتها مع العديد من الأساطير سواء المحلية في بلاد الرافدين او خارجها. لكن قصة برج بابل تتطرق لعدة مفاهيم مهمة والتي يصعب الاغفال عنها:
اللغة وسيلة مرافقة ومميزة للإنسان العاقل، وهو ما تم التأكيد عليه سواء في الكتب السماوية او في النظريات العلمية.
التشتت الجغرافي للجماعات البشرية وعلاقته بالتنوع اللغوي ونشوء اللغات المختلفة.
التغير الخطي للغة واستمراريته
اذا كنا نعتبر أن نشوء اللغة كظاهرة مرتبط ارتباطا وثيقا مع تواجد الانسان البشري العاقل، ومرافقا اياه بجميع عمليات التحول والهجرات والتزاوج والتكاثر والحروب، فبإمكاننا اعتبار أن جميع اللغات الطبيعية المحكية في وقتنا الحالي (باستثناء اللغات المصطنعة [1]) هي ذات العمر نفسه وهو عمر الانسان العاقل المستخدم لوسيلة تواصل معقدة، أي لغة الانسان البدائية. هذه النظرية كسبت تأييد معظم اللغويين المعاصرين وتعتبر الأقوى في هذا المجال حالياً.[2]
في الواقع، يمكننا معاملة اللغة كالكائن الحي، فهي تتغير وتطور بشكل بطيء عبر الزمن بشكل طبيعي، وهي معرضة الى الموت والانقراض بسبب الكوارث مثل أي كائن حي على هذا الكوكب. لذلك أن نسأل عن كون اي لغة من اللغات الحالية اقدم من الاخرى هو ليس أكثر منطقية من السؤال عن كون الكلاب أقدم من القطط أو العكس.
قد نتساءل، ما هي هذه اللغة الأولية/البدائية/الادمية؟ في الواقع هذا سؤال ربما لن نجد له جواب إطلاقاً. علماء اللغة يصنفون اللغات في مجموعات لغوية تسمى عائلات لغوية، كل عائلة لغوية تمت مقارنتها من نواحي قواعدية وصوتية و من حيث محتواها من المفردات وتم تصور سليف تخيلي يحمل خواصا مشتركة لتلك اللغات. العديد من اللغويين حاولوا العودة الى سليف أكبر يربط العائلات اللغوية، مثل اقتراح العائلة اللغوية الألطائية التي تربط بين العائلة التركية والمغولية والتونغوستية، لكن معظم تلك المحاولات باءت بالفشل بسبب قلة المعلومات المتوافرة حول ذلك السليف المفترض تواجده قبل ١٠ الاف عام وهو جزء قصير جدا من التاريخ البشري، فبالتالي معرفة طبيعة اللغة الأولية هو شيء اشبه بالمستحيل.
ربما يجب ان أشير أيضاً إلى ان مصطلح "اقدم لغة مكتوبة" هو أمر مختلف، فنحن نعرف ان نظام الكتابة ظهر في الألفية الثالثة قبل الميلاد ولدينا العديد من الأدلة والاثار والنقوش على تلك الانظمة سواء المسمارية التي استخدمت لكتابة لغات مثل السومرية والعيلامية والاكادية، او الهيروغليفية التي استخدمت للغة المصرية القديمة واللغة اللووية. ذلك يجعل تلك اللغات من اقدم اللغات المكتوبة او الموثقة لكنها بالطبع ليست الأقدم تواجدا في التاريخ البشري.
معظم المختصين في المجال اللغوي التاريخي لا يعتبرون هذه القصة أكثر من خرافة، وتمت مقارنتها مع العديد من الأساطير سواء المحلية في بلاد الرافدين او خارجها. لكن قصة برج بابل تتطرق لعدة مفاهيم مهمة والتي يصعب الاغفال عنها:
اللغة وسيلة مرافقة ومميزة للإنسان العاقل، وهو ما تم التأكيد عليه سواء في الكتب السماوية او في النظريات العلمية.
التشتت الجغرافي للجماعات البشرية وعلاقته بالتنوع اللغوي ونشوء اللغات المختلفة.
التغير الخطي للغة واستمراريته
اذا كنا نعتبر أن نشوء اللغة كظاهرة مرتبط ارتباطا وثيقا مع تواجد الانسان البشري العاقل، ومرافقا اياه بجميع عمليات التحول والهجرات والتزاوج والتكاثر والحروب، فبإمكاننا اعتبار أن جميع اللغات الطبيعية المحكية في وقتنا الحالي (باستثناء اللغات المصطنعة [1]) هي ذات العمر نفسه وهو عمر الانسان العاقل المستخدم لوسيلة تواصل معقدة، أي لغة الانسان البدائية. هذه النظرية كسبت تأييد معظم اللغويين المعاصرين وتعتبر الأقوى في هذا المجال حالياً.[2]
في الواقع، يمكننا معاملة اللغة كالكائن الحي، فهي تتغير وتطور بشكل بطيء عبر الزمن بشكل طبيعي، وهي معرضة الى الموت والانقراض بسبب الكوارث مثل أي كائن حي على هذا الكوكب. لذلك أن نسأل عن كون اي لغة من اللغات الحالية اقدم من الاخرى هو ليس أكثر منطقية من السؤال عن كون الكلاب أقدم من القطط أو العكس.
قد نتساءل، ما هي هذه اللغة الأولية/البدائية/الادمية؟ في الواقع هذا سؤال ربما لن نجد له جواب إطلاقاً. علماء اللغة يصنفون اللغات في مجموعات لغوية تسمى عائلات لغوية، كل عائلة لغوية تمت مقارنتها من نواحي قواعدية وصوتية و من حيث محتواها من المفردات وتم تصور سليف تخيلي يحمل خواصا مشتركة لتلك اللغات. العديد من اللغويين حاولوا العودة الى سليف أكبر يربط العائلات اللغوية، مثل اقتراح العائلة اللغوية الألطائية التي تربط بين العائلة التركية والمغولية والتونغوستية، لكن معظم تلك المحاولات باءت بالفشل بسبب قلة المعلومات المتوافرة حول ذلك السليف المفترض تواجده قبل ١٠ الاف عام وهو جزء قصير جدا من التاريخ البشري، فبالتالي معرفة طبيعة اللغة الأولية هو شيء اشبه بالمستحيل.
ربما يجب ان أشير أيضاً إلى ان مصطلح "اقدم لغة مكتوبة" هو أمر مختلف، فنحن نعرف ان نظام الكتابة ظهر في الألفية الثالثة قبل الميلاد ولدينا العديد من الأدلة والاثار والنقوش على تلك الانظمة سواء المسمارية التي استخدمت لكتابة لغات مثل السومرية والعيلامية والاكادية، او الهيروغليفية التي استخدمت للغة المصرية القديمة واللغة اللووية. ذلك يجعل تلك اللغات من اقدم اللغات المكتوبة او الموثقة لكنها بالطبع ليست الأقدم تواجدا في التاريخ البشري.