باراجانوف (أنا فنان ﮔرافيك ومخرج سينمائي يبحث في تشكيل الصور)،3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • باراجانوف (أنا فنان ﮔرافيك ومخرج سينمائي يبحث في تشكيل الصور)،3

    باراجانوف (أنا فنان ﮔرافيك ومخرج سينمائي يبحث في تشكيل الصور)،3

    ترجمة علي كامل

    (الحلقة الثالثة)

    (الطبيعة هي التي أنجبتنا وهي من سيعيدنا ثانية إلى حضنها)

    تتمة المقابلة

    س: ماذا تعني بمصطلح artistsmus ؟ (*)

    ج: لا أستطيع ان أتجنّب هذا المصطلح: أنا معجب بلينين مثلاً، بشكل مفرط. بوصفي مخرجاً سينمائياً، ينبغي عليّ أن أُعجب بحماسته: نبضاته الفنية، قدراته كخطيب. كان لينين يمتلك ذكاءً استثنائياً وجباراً مثل ذكاء الرُسل. العالم غير واسع بما فيه الكفاية بالنسبة له ولموهبته الفنية الفطرية artistsmus !!.
    أرغموه مرة على صعود عربة مدرعة، كما لو أنها خشبة مسرح. وقف هناك مثل حجر المنليث الضخم، لقد كان ممثلاً بالفطرة. أنا معجب بموهبته الآرتيستموسية. وكمخرج سينمائي أثمن عالياً الموهبة الفنية الفطرية. مثل هذه الموهبة ليست حكراً على الفنانين والأدباء، فمن الممكن أن يتمتع بها الساسة، أي أحد. ببساطة، أنا لا أحب الناس الخاملين. بريجنيف سعى في أحد قراراته مشكوراً أن يحررني من السجن، لكنه كان شخصاً خاملاً. نحن بحاجة إلى خطباء موهوبين. نحن نحب الآرتيتستموس. نحب الساسة الذين يرتجلون خطاباتهم وليس أولئك الذين يستخدمون الخطاب المدوّن على الورق. نحبهم حين تكون زوجاتهم إلى جانبهم. إلا إن بعض الأوساط لا يروق لها أن تقف المرأة إلى جانب السياسي. المرأة الذكية والموهوبة.
    قادتنا لم يتعودوا بعد على هذا. لقد تعودوا أن يخفوا زوجاتهم في قصورهم. إنني أعرف تماماً عن أي شيء أتحدث.
    أنظر كم هي فاتنة وجذابة زوجة وزير الخارجية أدوارد شيفرنادزة مثلاً، رغم أنها تظهر معه دون أن تنطق بكلمة. إنها قادمة من القفقاس. هذه المرأة تعرف كيف ترتدي القبعة. أنا كمخرج تشد انتباهي كثيراً مثل هذه الأشياء. القبعة هي رمز للنوعية، رمز للآرتيستموسية، إشارة للنزعات الفنية. وفوق كل شيء، هي رمز للذوق واللياقة وآداب السلوك.

    س: ماذا تعني الواقعية الاشتراكية بالنسبة لك؟

    ج: الواقعية الاشتراكية لا يمكن أن تجد توضيحاً أو تعريفاً لها حقاً. إنها ليست مفهوماً موسوعياً. إنها موجودة في كتبنا فقط. كيف يمكن استخدامها كبطاقة لتعريف أفلام عظيمة مثل تشاباييف (للمخرجين سيرجي وجيورجي فاسيليف) ١٩٣٤ أو فيلم طفولة مكسيم لـ (جيورجي كوزينتيسيف وليونيد تراوبيرغ) ١٩٣٥ أو فيلم مارك دونسكوي (قوس قزح) ١٩٤٤ أو فيلم (هي دافعت عن وطنها) ١٩٤٥؟
    وماذا بشأن أفلامنا الوثائقية المدهشة؟ هل كانت تلك واقعية اشتراكية؟
    أفلامنا تلك هزت العالم حينها.! لكن عبادة الشخصية هي من وضعت حداً لها. المخرجون الموهوبون الذين باعوا أرواحهم للغير عملوا أفلاماً مثل: (القسَمْ) ١٩٤٦، وفيلم (سقوط برلين) لميخائيل تشياوريلي ١٩٤٩. كانت أعمالاً مذعنة ومتذللة من قبل فناني البلاط. لقد جاء الوقت لشجبها بشكل قاطع.

    س: ميخائيل تشياوريلي، الذي كان معترفاً به كمخرج سينمائي استثنائي أوكراني، لماذا أصبح شاعر الشاشة البطولي لستالين؟

    ج: بعض الفنانين يمكن أن يبيعوا أنفسهم مثلما فعل تشياوريلي وفلاديمير بيترروف. آخرون سواهم احتلوا مواقع رسمية، وكانوا بمثابة
    "عقل السلطة" أمثال ميخائيل بليمان وجيورجي جيلدوفيتش وسواهم. على الرغم من أنهم كانوا موهوبين لكنهم بالتالي عرضّوا سينمانا وكذلك الشخصيات الرائدة لها إلى الخطر.
    لقد توفي سيرجي أيزنشتين العظيم ولم يحقق إلا النزر الضئيل فقط من إنجازاته الممكنة. ميخائيل روم العظيم مات مرعوباً ومهدداً ومحطماً. حتى دونسكوي، المؤسس لمدرسة الواقعية السوفييتية الجديدةالتي سألتني عنها والذي عمل أفلام مثل (قوس قزح) و (اللامهزمون)، لم يستطع أن يُظهر مديات قدراته. هذه مأساة مرعبة.

    س: الواقعية الأشتراكية كمصطلح أو تعبير معروفة جداً، لكن الواقعية السوفييتية الجديدة...؟

    ج: لا توجد كتب أو مجلات أو مؤتمرات كانت تتعامل مع تلك الحقبة. كان الجميع صامتون. ومن الممكن أن كل شيء قد طواه النسيان من قبل الجيل اللاحق. أو ربما سيكتب المتحمسين والغيورين عن ذلك مستعينين بأراشيف الفترة هذه. لو تفتح أرشيفي الخاص بي يوماً ما ستجد أن هناك ثلاث عقوبات سجن تنتزع مني حريتي. المحكمة وجهت لي تهمة بأنني سوريالي يرى البنية
    الاجتماعية وهم أو خرافة كما لو أنني كائن خرافي يحط على قمة كاتدرائية نوتردام بخطم ضخم وحوافر كبيرة ويتطلع إلى مدينة باريس من الأعلى. نعم، كنت شبيهاً بهذا الكائن الذي يتطلع إلى الخارج متمنياً قدوم يوم جديد.

    س: كم فيلماً عملت في أوكراينيا؟

    ج: عملت ثمانية أفلام في أوكرايينيا، أما التاسع فقد كان فيلم (ظلال أجدادنا المنسيين) ١٩٦٤.
    لقد ركزت فيه على الجانب الأثنوغرافي: على الله، على الحب وعلى المأساة. وهذا
    هو ما يعنيه الأدب والسينما بالنسبة لي. وبعد أن عملت هذا الفيلم حدثت المأساة.

    س: هل أن الطابع القومي الإثنوغرافي لفيلمك (ظلال اسلافنا المنسيين) هو الذي قادك إلى مشاكل مع السلطات؟

    ج: الطبيعة هي التي أنجبتنا وهي من سيعيدنا ثانية إلى حضنها. ينبغي أن نبجّل الطبيعة: حقيقتها، مثلها العليا، أمومتها، ومنشأها.
    الطبيعة تضع الوطنية والفانتازيا في قفص واحد من أجل الدفاع عن مبادىء سيطرتها، ومن أجل أن حب الوطن بعطف وحنان.

    س: ماذا حدث في مكتب وزارة السينما حين شاهدوا فيلمك (ظلال اسلافنا المنسيين)؟

    ج: حين شاهد الرسميون في الوزارة الفيلم فهموا أنه بمثابة تقويض لقواعد الواقعية الاشتراكية والقذارات الاجتماعية التي أدارت وتحكمت في سينمانا في ذلك الوقت. لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء لأن الوقت تأخر جداً. فبعد يومين، حصل ميخائيل كوتسيوبنسكي (كاتب الرواية التي اعتمد عليها سيناريو الفيلم) على يوبيله بمناسبة ذكراه المئوية. لذا قالوا:"دعوه يذهب ويعرض فيلمه". عرض الفيلم. ثم منعه لاحقاً بالطبع. وعندئذ وبهذه الطريقة أو تلك بوسعهم إنهاء هذه القضية برمتها.
    حين شاهد المثقفون الفيلم أثار فيهم شيء ما غير عادي وسّبب لديهم ردة فعل مضطربة، لذا طلبت الوزارة مني عمل نسخة بالروسية. لم يكن الفيلم مصوراً باللغة الأوكرانية فقط إنما باللهجة الهوتسللية (لهجة القبائل السلافية كالرومانية) ايضاً. ولذلك طلبوا مني عمل نسخة باللغة الروسية. لكنني امتنعت بشكل مطلق في ذلك الحين.

    أنا أرمني من أوكرانيا. أتعامل مع القضايا الأوكرانية. منحت ثلاثة وعشرين مدالية ذهبية عن فيلمي (ظلال اسلافنا المنسيين). الأولى في مهرجان مار ديل بلاتا السينمائي في الأرجنتين والأخيرة في مهرجان كادز في إسبانيا. أنا معروف ومعترف بي في أوكرانيا. الأوكرانيون أحبوني. زوجتي أوكرانية، ولدي أوكراني. إلا إن ذلك لم يكن يعجب بعض الدوائر، لذا فقد تم اعتقالي وسجني خمس سنوات وكان ذلك حكم قاس للغاية.

    هامش:



    (*) artistsmus تعني الموهبة الفنية الفطرية.

    لمشاهدة الفيلم ثمة رابط للفيلم بادر صديقي د. علاء يحي أن يضعه في التعليقات فشكراً جزيلاً لهذه المبادرة
يعمل...
X