معرض «ما وراء الصورة»: مطبوعات فوتوغرافية من يابان السبعينيات
12 - يناير - 2021
محمد عبد الرحيم
القاهرة ــ «القدس العربي»: أقامت مؤخراً مؤسسة اليابان في القاهرة معرضاً بعنوان «ما وراء الصورة» في قاعة صلاح طاهر في دار الأوبرا المصرية. ويأتي المعرض الذي أقيم من قبل في عدة دول عربية وغربية، للتعريف بالفن الفوتوغرافي الياباني، خاصة في فترة السبعينيات من القرن الفائت، الذي يعد العقد الذي تطور من خلاله هذا الفن، فكان بمثابة ثورة فنية أثرت في الاتجاهات الحديثة للفن اليوم.
الهامش
لم يأت التطور الذي شهدته الفوتوغرافيا اليابانية من فراغ، لكنه كان حواراً مع فنون غربية، كانت ثورة الطلبة في فرنسا 1968، التي أسقطت الثوابت والمقولات والمدونات الكبرى هي الأساس في تبلورها، وجعلها تحتل الساحة الفنية في العالم، ومن هنا كان المُنطلق لصوت الهامش بأن يعلو ويجد مَن يعبّر عنه، ومنها حركات فنية كانت متواجدة، لكنها لم تكن بهذا الانتشار والتأثير، كالفن الاختزالي، ومن قبله الفن الجماهيري والمفاهيمي.
الصورة
يقدم المعرض أعمالاً فنية لـ 14 فنانا، من خلال مجموعة من المطبوعات أُنتجت في فترة السبعينيات، شاهداً على تطور التعامل مع الصورة الفوتوغرافية، سواء من خلال توظيفها في عمل فني، يمكن من خلاله إنتاج عدة معان لا تقتصر على مفردات الصورة أو جمالياتها، بمعنى اختلاق معنى آخر من خلال عناصر جمالية أخرى، سواء صورة فوتوغرافية أو رسوم المطبوعات، أو الرسوم البيانية، أو حتى صورا لوجوه معروفة، تحمل دلالة ما، ويتم توظيفها لإنتاج معنى آخر، ما بين التهكم والتأسي لما كان، أو ما يجب أن يكونه هذا الشخص، أو صاحب الوجه، بغض النظر عما يمثله في المخيلة الرسمية. نضف إلى ذلك استخدام التقنيات المختلفة والحديثة ـ وقتها ـ كالتصوير الملون، النقش الضوئي، والطباعة الحريرية.
المادة
أما فكرة الاحتفاء بالمادة والاكتفاء باختزالها، وجعلها مصدراً للتعبير في ذاتها، فيعود إلى توظيف المادة، أخشاب، أحجار، ورق، شرائح معدنية، وتقديمها في عمل فني مستقل، لتأثر الفنان الياباني بحركة فنية ظهرت في طوكيو خلال منتصف ستينيات القرن الماضي، عُرفت باسم (مدرسة الأشياء). وبالتالي أصبحت الأعمال الفنية تدور في فلك المادة، بدون أن تصبح وسيطاً أو أداة للفن التعبيري، وهو ما يتفق أيضاً مع تعظيم دور الهامش، ليصبح في المركز، أو الاحتفاء به كمتن. كمثال عمل فني يجسد حالة صدأ لقطعة من الحديد، فالمادة أصبحت تتحدث عن نفسها. وهي في الأخير، وجهة نظر فنية لفناني ما بعد الحرب العالمية الثانية، وإعادة إعمار ونهضة اليابان بعد الحرب.
المطبوعات
تظهر في بعض الأعمال مدى التطور الذي طال فن المطبوعات ـ وقتها ـ كتحويل اللقطات الفوتوغرافية إلى مطبوعات، كما في أعمال تيتسويا نودا، الذي قام بتحويل لقطات فوتوغرافية خاصة بعائلته إلى مطبوعات، وبذلك خرجت فكرة الصورة الفوتوغرافية، من مجرد ذكريات محفوظة ـ خاصة الصور العائلية ـ إلى مطبوعات يمكن تداولها، وبالتالي حملها لدلالات أخرى، فنية وجمالية، فالأشخاص أصحاب الصور ليسوا مشاهير أو وجوها معروفة، بل يتشابهون، والكثير منهم، وجوه عادية ـ نتحدث
عن أعمال فنية منذ نصف قرن ـ يجد الفرد تشابهاً معها، إضافة إلى بعض الأفكار التي يمكن تمريرها من خلال أعمال كهذه، شاهدة على تطور المجتمع والأسرة من ناحية، ومحاولة التواصل مع العالم، وتجاوز محنة الحرب من ناحية أخرى، كصورة الأسرة والملابس المختلفة، ما بين تقليدية وحديثة. لتتجاوز الصورة بذلك طبيعتها وتتحول إلى رمز أو فكرة، أكثر من كونها مجرد صورة عائلية.