قطري فجاءه
Qatari ibn al-Fudjaa - Qatari ibn al-Fujaa
قَطري بن الفُجاءة
(نحو30هـ ـ 78هـ/650 ـ 697م)
قطري بن جعونة (الفُجاءة) بن يزيد ابن زيد مناة من أبرز شعراء الخوارج، يرتفع نسبه إلى مالك بن عمرو بن تميم فهو مازني تميمي خارجي. والفُجاءة «بضم الفاء وفتح الهمزة» لقب لأبيه، غلب على اسمه «جَعْونة» فصار قطري ينسب إليه، و«الجَعْونة» من الرجال «القصير السمين» وله كنيتان «أبو نعامة» وهي فرسه في الحرب، و«أبو محمد» لقبه في السلم.
خلت المصادر التي ترجمت له من تحديد سنة ولادته ومكانها على وجه الدِّقة، وقدَّرها صاحب الأعلام أنها كانت في البادية نحو ثلاثين للهجرة، واختلف الذين ترجموا له في سنة وفاته، ويرجح أن تكون سنة 78هـ، واتفق الرواة أنه مات مقتولاً بعد فتنة حصلت في جماعته، استغلها سفيان بن الأبرد الكلبي قائد جيش الحجاج، فطارده حتى قتله، وحمل رأسه إلى الحجاج.
يكثر في شعره ذكر امرأة تدعى «أمّ حكيم» تغزل بها، وهي امرأة من الخوارج كانت من أجمل نساء عصرها وجهاً وأكملهن خلقاً، وأشجعهن قلباً، وأتقنهنَّ فروسية، وكانت تغزو في جيشه، ويرجح أنه تزوجها، ولم تذكر المصادر أنها أنجبت له.
خرج في أيام ولاية مصعب بن الزبير[ر] على العراق(ت72هـ) وكان من طليعة أصحاب نافع بن الأزرق[ر]، وفي سنة 68هـ بايع الخوارج الأزارقة قطرياً أميراً عليهم، وأطلقوا عليه لقب أمير المؤمنين تارة وخليفة المسلمين تارة أخرى. وكانت له مع المهلب بن أبي صفرة[ر] وقائع كثيرة، واستطاع المهلب نتيجة لدعم الحجاج له أن يجلي الأزارقة عن رامهرمز سنة 75هـ، وظل في حربه معهم أكثر من سنتين استطاع بنهايتها أن يهزمهم ويفرّق جمعهم، ولاسيما أنه استغل الخلاف الذي وقع بين قطري وبين عدد من جماعته، فصار بعضهم مع عبد ربه الكبير وبعضهم مع قطري بن الفجاءة فضعف أمره وتوجه إلى طبرستان، فأرسل الحجاج سفيان بن الأبرد الكلبي مع جيش كبير لقتاله فلحقوا به في شعب من شعاب طبرستان، فقاتلوه وتفرق عنه أصحابه ووقع عن دابته متدهوراً حتى خرّ إلى أسفله، فادعى قتله عدد من أهل الكوفة.
كان قطري فارساً شجاعاً ثْبتَ الجنان، قوي الفؤاد لايتردد في إقدامه، وضُرب به المثل في الشجاعة حتى قيل «ما استحيا شجاع أن يفرَّ من عبد الله بن خازم وقطري بن الفُجاءة»، ووصف بأنه «كان طامَّةً كبرى وصاعقة من صواعق الدنيا في القوة والشجاعة».
يعد قطري قائداً خارجياً ممتازاً، رمى بنفسه في مهامه العيش، وكان واحداً من شعراء الخوارج البارزين، أنشد بوجدانٍ مشبوبٍ بالعواطف، وسخَّر شعره للإشادة بمذهب الخوارج، والإفصاح عن آرائهم السياسية والدينية، وكشف عن حيواتهم وعن الأحداث التي جرت معهم. توزعت أغراضه الشعرية بين الحماسة والغزل والرثاء، وتظهر في حماسته نزعة الفخر والبطولة والتضحية في سبيل مذهبه كما في قوله:
وأدعو الكُمـاةَ لِلنـزال إذا القنـا
تحطَّـم فيما بيننا من طعَاننـا
ولست أرى نفساً تموت وإن دنت
من الموت حتى يبعث اللَّه دانيا
كان قطري متعدد المواهب، برع في فن الخطابة، وكان واحداً من أبرز خطباء الخوارج المفوهين في العصر الأموي، تميزت خطبه باعتماد الحجة في محاورة الخصوم، وإفصاح بليغ عن آراء الخوارج ومذهبهم، واعتمد أسلوباً يقوم على الترسل الموشح بالسجع غير المتكلف، واحتفل بالخيال والتصوير، ومن صوره الفريدة في بيان حال الدنيا «لم يُمْسِ امرؤ منها على جناحِ أمْنٍ إلاّ أصبح على قوادم خوف».
يُعدّ شعر قطري وخطبه وثيقة تكشف بعضاً من جوانب الحياة الفكرية والسياسية التي كانت قائمة في العصر الأموي، ويفصح شعره وخطبه عن آراء الخوارج الأزارقة.
عبد الرحمن عبد الرحيم
Qatari ibn al-Fudjaa - Qatari ibn al-Fujaa
قَطري بن الفُجاءة
(نحو30هـ ـ 78هـ/650 ـ 697م)
قطري بن جعونة (الفُجاءة) بن يزيد ابن زيد مناة من أبرز شعراء الخوارج، يرتفع نسبه إلى مالك بن عمرو بن تميم فهو مازني تميمي خارجي. والفُجاءة «بضم الفاء وفتح الهمزة» لقب لأبيه، غلب على اسمه «جَعْونة» فصار قطري ينسب إليه، و«الجَعْونة» من الرجال «القصير السمين» وله كنيتان «أبو نعامة» وهي فرسه في الحرب، و«أبو محمد» لقبه في السلم.
خلت المصادر التي ترجمت له من تحديد سنة ولادته ومكانها على وجه الدِّقة، وقدَّرها صاحب الأعلام أنها كانت في البادية نحو ثلاثين للهجرة، واختلف الذين ترجموا له في سنة وفاته، ويرجح أن تكون سنة 78هـ، واتفق الرواة أنه مات مقتولاً بعد فتنة حصلت في جماعته، استغلها سفيان بن الأبرد الكلبي قائد جيش الحجاج، فطارده حتى قتله، وحمل رأسه إلى الحجاج.
يكثر في شعره ذكر امرأة تدعى «أمّ حكيم» تغزل بها، وهي امرأة من الخوارج كانت من أجمل نساء عصرها وجهاً وأكملهن خلقاً، وأشجعهن قلباً، وأتقنهنَّ فروسية، وكانت تغزو في جيشه، ويرجح أنه تزوجها، ولم تذكر المصادر أنها أنجبت له.
خرج في أيام ولاية مصعب بن الزبير[ر] على العراق(ت72هـ) وكان من طليعة أصحاب نافع بن الأزرق[ر]، وفي سنة 68هـ بايع الخوارج الأزارقة قطرياً أميراً عليهم، وأطلقوا عليه لقب أمير المؤمنين تارة وخليفة المسلمين تارة أخرى. وكانت له مع المهلب بن أبي صفرة[ر] وقائع كثيرة، واستطاع المهلب نتيجة لدعم الحجاج له أن يجلي الأزارقة عن رامهرمز سنة 75هـ، وظل في حربه معهم أكثر من سنتين استطاع بنهايتها أن يهزمهم ويفرّق جمعهم، ولاسيما أنه استغل الخلاف الذي وقع بين قطري وبين عدد من جماعته، فصار بعضهم مع عبد ربه الكبير وبعضهم مع قطري بن الفجاءة فضعف أمره وتوجه إلى طبرستان، فأرسل الحجاج سفيان بن الأبرد الكلبي مع جيش كبير لقتاله فلحقوا به في شعب من شعاب طبرستان، فقاتلوه وتفرق عنه أصحابه ووقع عن دابته متدهوراً حتى خرّ إلى أسفله، فادعى قتله عدد من أهل الكوفة.
كان قطري فارساً شجاعاً ثْبتَ الجنان، قوي الفؤاد لايتردد في إقدامه، وضُرب به المثل في الشجاعة حتى قيل «ما استحيا شجاع أن يفرَّ من عبد الله بن خازم وقطري بن الفُجاءة»، ووصف بأنه «كان طامَّةً كبرى وصاعقة من صواعق الدنيا في القوة والشجاعة».
يعد قطري قائداً خارجياً ممتازاً، رمى بنفسه في مهامه العيش، وكان واحداً من شعراء الخوارج البارزين، أنشد بوجدانٍ مشبوبٍ بالعواطف، وسخَّر شعره للإشادة بمذهب الخوارج، والإفصاح عن آرائهم السياسية والدينية، وكشف عن حيواتهم وعن الأحداث التي جرت معهم. توزعت أغراضه الشعرية بين الحماسة والغزل والرثاء، وتظهر في حماسته نزعة الفخر والبطولة والتضحية في سبيل مذهبه كما في قوله:
وأدعو الكُمـاةَ لِلنـزال إذا القنـا
تحطَّـم فيما بيننا من طعَاننـا
ولست أرى نفساً تموت وإن دنت
من الموت حتى يبعث اللَّه دانيا
كان قطري متعدد المواهب، برع في فن الخطابة، وكان واحداً من أبرز خطباء الخوارج المفوهين في العصر الأموي، تميزت خطبه باعتماد الحجة في محاورة الخصوم، وإفصاح بليغ عن آراء الخوارج ومذهبهم، واعتمد أسلوباً يقوم على الترسل الموشح بالسجع غير المتكلف، واحتفل بالخيال والتصوير، ومن صوره الفريدة في بيان حال الدنيا «لم يُمْسِ امرؤ منها على جناحِ أمْنٍ إلاّ أصبح على قوادم خوف».
يُعدّ شعر قطري وخطبه وثيقة تكشف بعضاً من جوانب الحياة الفكرية والسياسية التي كانت قائمة في العصر الأموي، ويفصح شعره وخطبه عن آراء الخوارج الأزارقة.
عبد الرحمن عبد الرحيم