الفنانة فريال الاعظمي
"على رافديك أتلو رسائل بابل"
لؤي طه
ليس خطفاً للخلف، ولا إعادة أو تكرار؛ إنما هي عودة أخرى إلى حضارات العراق اللامتناهية، هي عودة العراقي إلى رافديه حيث يجلس آشور بنيبال على عرشه المترف، يطل من شرفات نينوى فيمتد ظله سرمدياً إلى بداية البداية فالفنان حين يعيد طرح أعمال الماضي بأسلوب آخر هو لا يكرر ذاته إنما يجدد شكل ذاته فكلما اتسعت أحداق الفنان تتسع مساحة الرؤية لديه فيجدد رؤاه ويعيد ضخ الدماء في عروق الألوان.
هي ليست إعادة جامدة؛ إنما هي تجربة فنية متجددة بملامح أخرى وبألوان ذات انعكاسات شاسعة لها مذاق الشمس الملتهبة لحظة أحترق آشور بنيران كبريائه ليجعل جسده ناراً متجددة اللهب على مر الأزمنة وتعاقب الحضارات والحقب.
إنها حركة فنية ملتوية وسيكولوجية اللون ونثر الظل الجديد على الظل العتيق والرجوع إلى الأثر بأثر آخر؛ فالماضي هو امتداد للحاضر واحياء الحضارات لمقاومة حرارة النسيان وحمايتها من الاندثار واختطافها من الذاكرة؛ فذكر المارين من هنا على أسوار بابل عسى أن تنفع الذكرى ويستفز بنا الحنين.
***
في هذا النقش المسماري (2005) عبرت عن شعوري بالأسى والحزن وكأن قلبي يتمزق اربا اربا من نهب كنوز بلاد ما بين النهرين القديمة في متحف بغداد عام 2003.
الشقوق والثقوب في هذه الألواح لا تصور فقط العنف الجسدي المرتكب ضد تراث العراق بأكمله.
لكنها ترمز أيضًا إلى الخسارة. كانت هذه الخسارة والحزن الذي شعرت به عندما سمعت لأول مرة عن الجريمة التي ألهمتني لفكرة إعادة إنتاج هذه القطع التي لا تقدر بثمن في لوحاتي.
عرضت في المتحف البريطاني في ٢٠٠٩ لمده ٥ شهور في نعرض بابل " عراق الماضي يحدث الحاضر "