تويت
يسرية الشبكشي
٢ نوفمبر،2021 م ·
الألم !
( رائعه الكاتب الروسي تشيخوف )
………………………………………………………
فلاح عجوز حمل زوجته المريضة في العربة التي يجرها حصان هزيل .. حملها إلى المدينة البعيدة لعلاجها…
وفي الطريق الطويل ..
بدأ الرجل يتحدث كأنما يناجي نفسه .. ولكنه في الوقت نفسه يواسي زوجته المريضة التي عاشت معه طوال أربعين عاما في شقاء وبؤس ومعاناة تكد وتكدح تساعده في الحقل .. وتتحمل وحدها أعباء البيت…
الآن..
أحس أنه كان قاسيا معها طوال السنوات الماضية .. وأن عليه الآن .. أن يعاملها بلطف ولين .. وأن يُسمعها الكلمات الطيبة التى لم تسمعها منه طوال أربعين عاماً ..
قال لها إنه ظلمها .. وأن الحياة أيضا ظلمتها .. لأنه لم يجد الوقت في حياته اليومية ليقول لها كلمة طيبة حلوة وعذبة .. أو يقدم لها ابتسامة صافية رقيقة كالماء أو يعطيها لحظة حنان !
ظل الرجل يتحدث بحزن وأسى .. طوال الطريق والكلمات تحفر لها في النفس البشرية مجرى كما يحفر الماء المتساقط على الصخر خطوطا غائرة .. ليعوضها بالكلمات عما فقدته خلال الأربعين عاما الماضية من الحب والحنان ودفء الحياة الزوجية وأخذ يقدم لها الوعود بأنه سوف يحقق لها كل ما تريده وتتمناه في بقية عمرها…
عندما وصل المدينة .. نزل ليحملها بين ذراعيه لأول مرة في حياته إلى الطبيب ولكن وجدها قد فارقت الحياة .. كانت جسداً بارداً .. ماتت بالطريق .. ماتت قبل أن تسمع حديثه العذب الشجي !
……………………………………………………………
وإلى هنا تتوقف قصة الألم التي كتبها تشيخوف ..
كم منا من يحيي مثل ذلك الفلاح العجوز الذي كان يناجي نفسه ولكن بعد فوات الأوان .. بعدما أصبحت الكلمات غير مجدية و فقدت قيمتها ..
من المؤسف ألا نعرف قيمة بعضنا إلا في النهايات !
أن تقدم وردة في وقتها خيرٌ من أن تقدم كل ما تملك بعد فوات الأوان ..
أن تقول كلمة جميلة في الوقت المناسب خير من أن تكتب قصيدة بعد أن تختفي المشاعر ..
لاجدوى من أشياء تأتي متأخّرة عن وقتها كقُبلة اعتذار على جبين ميّت !
لا تؤجلوا الأشياء الجميلة ..فقد لا تتكرر مرة أخرى ..
إغتنموا الوقت قبل أن يمضي ولا يعود !
………………………………………
تحياتى إليكم ودمتم بخير !