صفوان أصلان فنان سوري يكسر المسافات بتعبير حالم
حالات استثنائية تعكس عالم الفنان الغريب والحالم.
الاثنين 2023/01/09
شخوص منغمسة في أحلامها
ينظر الفنان السوري صفوان أصلان إلى الحياة بالكثير من الواقعية والالتزام لكنه لا يتجاهل الجانب الوجداني المؤثر الأكبر في الإنسان. فيحاول الموازنة بين الأمرين بلوحات تضيف الكثير من الحلم والروحانية على شخوصها وعلى المتلقي وعلى الفنان نفسه حيث تدفعه إلى أن يخوض رحلة بحث دائمة.
صفوان أصلان من أهالي حمص، ولد فيها عام 1973، ودرس في معهد صبحي شعيب ليتخرج منه عام 1998، له معارض فردية عديدة، ومشاركات جماعية داخل سوريا وخارجها. له ما يميزه، له محرابه وتكيته. له استخداماته في الإحاطة بمسألة الخلق. كما له نظرته إلى الدور الذي يلعبه الفن في النسق الروحي.
وللفنان رؤيته أيضا، تلك الرؤية التي يتصف بها في المقاربة من عالم الوجدان والأحلام، العالم الذي يكاد يشكل المحور الأساس في تجربته الإبداعية، تلك التجربة التي تنطلق من بعدها التأويلي الذي يشكل بدوره الرابطة الأعمق لوجهته الفنية، تلك الوجهة التي تفتح له آفاقا واسعة تساعده في ارتياد الأرض البكر، دون أن يضع لنفسه قيودا ولا اعتبارات لمقولات سالفة وسابقة، سعيه الأهم يكون للاستكشاف أولا، وللاقتراب من النسق الصوفي الذي يغرد على أغصانه ثانيا، طامحا إلى تجاوز كل الإشكاليات الشائكة التي قد تلد هنا أو هناك، وطامحا في نسف كل المحاولات التي تغلب عليها تعبيرات تقليدية.
ويرى صفوان أن الفن يجب أن يكون فردانيا، وقائما على الذوق في المقام الأول، ما يعني أن يكون مع سماواته. وهذا التعبير قد يكون الأقرب لحالته الفنية وفرادتها. وإذا تجاوزنا مقارباته ذات السمات المعرفية وما يحيط بها من غموض كغلالة تلمح حين يبدأ الجدل بالورود كلمحات تساق ضمن النسق الذي يمضي فيه، سنلمح سعيه الآخر ليحدد المقدمات التي تنقله من فنان متصل بالحق إلى فنان متصل بالخلق.
هنا يظهر تميز الفنان السوري في المزاوجة بين اتصاله بالحق والخلق وهذا ما يغمره شعورا عارما بالنور، ورؤى خارقة بالإحساس وتلك الإشراقات والتصورات بإيقاعات متفاوتة الشدة. لذا فهو يحدد المقدمات التي ستقوده إلى السماوات، ويقوم في توكيد الحق بوسائله الجمالية كتعبير حالم بأن عملية الخلق تلغي كل الوساطات، وتكسر كل المسافات حتى تغمره الآلهة برؤاها.
وينظر صفوان إلى الحياة بطريقة في غاية الجمال، طريقة حالمة تكاد تلخص كل حاجاته والروحية منها على نحو أخص، أو بلغة أخرى ينظر إلى الحياة بما يقوم به الفن في المساعدة على إحداث الحال الروحية التي هي نِعَم من السماوات، فثمة لديه ما يلعب دور المساعد لتقريب تلك الحال إلى قلبه كفنان بكل ما يحمله من صور وتجليات وأحلام.
وفي السياق ذاته يمكن الرجوع مع أصلان إلى مسرح الأولين، أقصد فضاءاتهم، وقصصهم وأحلامهم، أساطيرهم وحكاياتهم، سنرى أن فيها الكثير من الذي يشير إلى الصِّلة الروحية بكل عناصرها العاطفية، من الذي يشير إلى صياغات طقوسهم التي تخترق الأحلام وتشبع نفوسهم بالمواقف الروحية ذات التنوع الجميل، والتأكيد على عظمتهم التي تثري الإنسان فيهم.
◙ امتداد لمسرح الأولين
وأصلان يقف بكل وجوهه، بتقاليدها الحية، وبأحلامها الكثيرة، وفي الظروف والأوضاع المختلفة ليظهر على شكل غير مباشر مشاعرها، مشاعر الحزن والألم، أو مشاعر الفرح والأمل تبعا لما تتجلى في مجالسها الموجودة في خيالها وهذا ما يوصلها إلى ذلك الشعور الذي أوجدته فيها تلك الروحانية التي تجبر النفس الإنسانية على التوحد بالحضور الإلهي.
وبقدر ما ندرك أهمية حقوله التي رعاها بنبالة حسه وبتزويدها بإرشادات روحية، بقدر ما ندرك أن حالة تلك الحقول استثنائية، بصلتها الوثيقة بتلك الأبعاد التي تسكنها بشكل شبه كامل، إن كان بوعي يفسر ما فيها من تراتيل لها أهمية فنية تمثل توجها ذي خصائص لطيفة، أو للاوعي يحمل الإنسان فيه على أجنحة جماله المتحرر لتوصله إلى مساكنه الأصلية، أقصد إلى حقوله بوصفها تجليات إبداعية.
ومن المؤكد أن النمط الذي يشتغل عليه الفنان السوري أشبه بتراتيل مقدسة بالمعنى العام، حيث يشكل نماذجه التي يهتم بها حالات استثنائية تمثل خطه وما يأخذه بعين الاعتبار.
ويفسر أصلان بمفرده الخصائص الروحية لها، فرغم ارتباطه بها وتزويدها بإرشادات جمالية وروحية فإنه يساهم في خلق أشكال جديدة لها، أشكال ذات طبيعة تكاملية تدمج أحيانا بحقيقة دواخلها من خلال ما لها من وجود وتأثير ذات خصائص روحية عالية على حقوله الصوفية التي تلقى كل عناية ورعاية من قبله، فهو يعي تماما بأن الوعي من جانب ما هو مظهر من مظاهر الوحي، بإشاراته، وبدوافعه، وبممارساته التي تسجل كل الأشكال العرضية منها والجوهرية والتي قد تعكس بمعنى ما من المعاني عالمه الغريب جزئيا، والحالم بكل انتماءاته.
هذا يعني أن العوامل التي ترافق عوالمه تلك لا تندثر، بل هي في حالة من الازدهار المستمر. وهنا نستطيع أن نقول إن أصلان قادر أن يوجد الفن الذي يخصه، في شكله وفي حلمه، وفي لونه، والتي تتعلق بالحواس بمعناها التخيلي كتعبير حديث ينسجم مع المختلف لديه، ومرتبط بالحكمة على نحو غير محدود.
وهذا يشكل محورا أساسيا في رؤية الفنان وما تتصف بها من زاوية يمكن النظر إليها وإلى الدور الذي يلعبه منتجه في هذا النسق من جهة ما كسعي للاستكشاف والاقتراب، أملا في أن تسفر تلك المحاولة عن الاقتراب من الدور الذي يلعبه أصلان وما يقوم به من فتح آفاق واسعة، محررا لها وله، محلقا في عوالمها غير المقيدة، مقتربا من حقائق تحثه على التغيير. وهذا أمر جيد، من شأنه أن يدفعه إلى البحث على نحو دائم.
◙ الفنان يقف بكل وجوهه، بتقاليدها الحية وبأحلامها، وفي الظروف المختلفة ليظهر على شكل غير مباشر مشاعرها
حالات استثنائية تعكس عالم الفنان الغريب والحالم.
الاثنين 2023/01/09
شخوص منغمسة في أحلامها
ينظر الفنان السوري صفوان أصلان إلى الحياة بالكثير من الواقعية والالتزام لكنه لا يتجاهل الجانب الوجداني المؤثر الأكبر في الإنسان. فيحاول الموازنة بين الأمرين بلوحات تضيف الكثير من الحلم والروحانية على شخوصها وعلى المتلقي وعلى الفنان نفسه حيث تدفعه إلى أن يخوض رحلة بحث دائمة.
صفوان أصلان من أهالي حمص، ولد فيها عام 1973، ودرس في معهد صبحي شعيب ليتخرج منه عام 1998، له معارض فردية عديدة، ومشاركات جماعية داخل سوريا وخارجها. له ما يميزه، له محرابه وتكيته. له استخداماته في الإحاطة بمسألة الخلق. كما له نظرته إلى الدور الذي يلعبه الفن في النسق الروحي.
وللفنان رؤيته أيضا، تلك الرؤية التي يتصف بها في المقاربة من عالم الوجدان والأحلام، العالم الذي يكاد يشكل المحور الأساس في تجربته الإبداعية، تلك التجربة التي تنطلق من بعدها التأويلي الذي يشكل بدوره الرابطة الأعمق لوجهته الفنية، تلك الوجهة التي تفتح له آفاقا واسعة تساعده في ارتياد الأرض البكر، دون أن يضع لنفسه قيودا ولا اعتبارات لمقولات سالفة وسابقة، سعيه الأهم يكون للاستكشاف أولا، وللاقتراب من النسق الصوفي الذي يغرد على أغصانه ثانيا، طامحا إلى تجاوز كل الإشكاليات الشائكة التي قد تلد هنا أو هناك، وطامحا في نسف كل المحاولات التي تغلب عليها تعبيرات تقليدية.
ويرى صفوان أن الفن يجب أن يكون فردانيا، وقائما على الذوق في المقام الأول، ما يعني أن يكون مع سماواته. وهذا التعبير قد يكون الأقرب لحالته الفنية وفرادتها. وإذا تجاوزنا مقارباته ذات السمات المعرفية وما يحيط بها من غموض كغلالة تلمح حين يبدأ الجدل بالورود كلمحات تساق ضمن النسق الذي يمضي فيه، سنلمح سعيه الآخر ليحدد المقدمات التي تنقله من فنان متصل بالحق إلى فنان متصل بالخلق.
هنا يظهر تميز الفنان السوري في المزاوجة بين اتصاله بالحق والخلق وهذا ما يغمره شعورا عارما بالنور، ورؤى خارقة بالإحساس وتلك الإشراقات والتصورات بإيقاعات متفاوتة الشدة. لذا فهو يحدد المقدمات التي ستقوده إلى السماوات، ويقوم في توكيد الحق بوسائله الجمالية كتعبير حالم بأن عملية الخلق تلغي كل الوساطات، وتكسر كل المسافات حتى تغمره الآلهة برؤاها.
وينظر صفوان إلى الحياة بطريقة في غاية الجمال، طريقة حالمة تكاد تلخص كل حاجاته والروحية منها على نحو أخص، أو بلغة أخرى ينظر إلى الحياة بما يقوم به الفن في المساعدة على إحداث الحال الروحية التي هي نِعَم من السماوات، فثمة لديه ما يلعب دور المساعد لتقريب تلك الحال إلى قلبه كفنان بكل ما يحمله من صور وتجليات وأحلام.
وفي السياق ذاته يمكن الرجوع مع أصلان إلى مسرح الأولين، أقصد فضاءاتهم، وقصصهم وأحلامهم، أساطيرهم وحكاياتهم، سنرى أن فيها الكثير من الذي يشير إلى الصِّلة الروحية بكل عناصرها العاطفية، من الذي يشير إلى صياغات طقوسهم التي تخترق الأحلام وتشبع نفوسهم بالمواقف الروحية ذات التنوع الجميل، والتأكيد على عظمتهم التي تثري الإنسان فيهم.
◙ امتداد لمسرح الأولين
وأصلان يقف بكل وجوهه، بتقاليدها الحية، وبأحلامها الكثيرة، وفي الظروف والأوضاع المختلفة ليظهر على شكل غير مباشر مشاعرها، مشاعر الحزن والألم، أو مشاعر الفرح والأمل تبعا لما تتجلى في مجالسها الموجودة في خيالها وهذا ما يوصلها إلى ذلك الشعور الذي أوجدته فيها تلك الروحانية التي تجبر النفس الإنسانية على التوحد بالحضور الإلهي.
وبقدر ما ندرك أهمية حقوله التي رعاها بنبالة حسه وبتزويدها بإرشادات روحية، بقدر ما ندرك أن حالة تلك الحقول استثنائية، بصلتها الوثيقة بتلك الأبعاد التي تسكنها بشكل شبه كامل، إن كان بوعي يفسر ما فيها من تراتيل لها أهمية فنية تمثل توجها ذي خصائص لطيفة، أو للاوعي يحمل الإنسان فيه على أجنحة جماله المتحرر لتوصله إلى مساكنه الأصلية، أقصد إلى حقوله بوصفها تجليات إبداعية.
ومن المؤكد أن النمط الذي يشتغل عليه الفنان السوري أشبه بتراتيل مقدسة بالمعنى العام، حيث يشكل نماذجه التي يهتم بها حالات استثنائية تمثل خطه وما يأخذه بعين الاعتبار.
ويفسر أصلان بمفرده الخصائص الروحية لها، فرغم ارتباطه بها وتزويدها بإرشادات جمالية وروحية فإنه يساهم في خلق أشكال جديدة لها، أشكال ذات طبيعة تكاملية تدمج أحيانا بحقيقة دواخلها من خلال ما لها من وجود وتأثير ذات خصائص روحية عالية على حقوله الصوفية التي تلقى كل عناية ورعاية من قبله، فهو يعي تماما بأن الوعي من جانب ما هو مظهر من مظاهر الوحي، بإشاراته، وبدوافعه، وبممارساته التي تسجل كل الأشكال العرضية منها والجوهرية والتي قد تعكس بمعنى ما من المعاني عالمه الغريب جزئيا، والحالم بكل انتماءاته.
هذا يعني أن العوامل التي ترافق عوالمه تلك لا تندثر، بل هي في حالة من الازدهار المستمر. وهنا نستطيع أن نقول إن أصلان قادر أن يوجد الفن الذي يخصه، في شكله وفي حلمه، وفي لونه، والتي تتعلق بالحواس بمعناها التخيلي كتعبير حديث ينسجم مع المختلف لديه، ومرتبط بالحكمة على نحو غير محدود.
وهذا يشكل محورا أساسيا في رؤية الفنان وما تتصف بها من زاوية يمكن النظر إليها وإلى الدور الذي يلعبه منتجه في هذا النسق من جهة ما كسعي للاستكشاف والاقتراب، أملا في أن تسفر تلك المحاولة عن الاقتراب من الدور الذي يلعبه أصلان وما يقوم به من فتح آفاق واسعة، محررا لها وله، محلقا في عوالمها غير المقيدة، مقتربا من حقائق تحثه على التغيير. وهذا أمر جيد، من شأنه أن يدفعه إلى البحث على نحو دائم.
◙ الفنان يقف بكل وجوهه، بتقاليدها الحية وبأحلامها، وفي الظروف المختلفة ليظهر على شكل غير مباشر مشاعرها