المحامي خضر زيتون
٢٩ أكتوبر،2021 م ·
قبرص طبعت صورته على عملتها و نحن لا نعلم عنه شيئاً إنه الفيلسوف المفكر السوري زينون الفينيقي مؤسس الفكر الأخلاقي أحد أعلام الفكر السوري القديم
تأسس علم الأخلاق على يد السوريين تماماً مثلما أهدوا للعالم الأبجدية الأولى و اللحن الأول و الملحمة الأولى و المحراث الأول و المركب الأول و دورق الفخار الأول و المرآة الأولى و السباق الأولمبي الأول و أطواق الغار الأولى و يعود الفضل في ذلك إلى زينون الرواقي الفينيقي مؤسس علم الأخلاق المؤسس للمنطق الحديث الذي يعرف بالمنطق الرمزي أو منطق الرياضيات
الأخلاق الرواقية
زينون الرواقي الفينيقي فيلسوف عاش في القرن الرابع والقرن الثالث قبل الميلاد (335 - 264 ق.م.) بعد فلاسفة اليونان المعروفين : سقراط وأفلاطون و أرسطوطاليس و هو من كتيوم في قبرص و أصل عائلته من فينيقيا من صور من لبنان القديم بعد أن استقرت عائلته في قبرص ذهب إلى أثينا ليعلم شبانها حكمته الجديدة و قد عرفت تلك الحكمة في تاريخ الفلسفة، بالفلسفة الرواقية ذلك لأنه كان يعلمها لتلاميذه في رواق . والرواق، كان عبارة عن ممر مسقوف ومحاط بصفين متوازيين من الأعمدة ..
كان زينون قد رفض لقب المواطن الأثيني أي من سكان أثينا و أصر على لقبه الفينيقي فاحترم الأثينيون إرادته بعد موته و كرموه بقبر و تاج من ذهب
في عقيدة زينون أن نزاعات البشر منطلقها الانفعالات فإذا كان الإنسان مدفوعاً بانفعال عنصري فهو لا محالة مفرق بين عنصره و العناصر أو السلالات الأخرى و إذا كان محكوما بانفعال قبلي فهو معاد للقبائل الأخرى و إذا كان مشحونا بانفعال خصوصي فهو عدو الآخرين مطلقاً عليهم نيران فرديته و أنانيته و قس على ذلك
من هنا قول زينون إن الحكيم هو القادر على كبح انفعالاته و منعها قبل سلوكه إنه ضابط لانفعالاته و ليس انفعاليا
غير أن بلوغ ذلك المستوى العالي من القدرة على التحكم بعواطفنا و انفعالاتنا الهوجاء غير ممكن بدون الارتقاء بوجودنا إلى مستوى آخر من النظر إلى الأمور ألا و هو المستوى العقلي فالعقل في الإنسان الحاكم الوحيد القادر على لجم الانفعالات
العقل هو السائق الوحيد القادر على قيادة مسار جسدنا الذي يعج و يضج بوحوش الانفعالات و هدايتها و توجيهها سواء السبيل
من شرفة العقل نرى البشر أخوة تماماً كما قال زينون الرواقي : كل البشر أخوة و هذا معناه : عليك أيها الإنسان إذا كنت عاقلاً أن تحب جارك و تحترم الآخر
أربعة مائة سنة قبل ميلاد المسيح وجد فيلسوف اسمه زينون ينطق بحكمة أكدتها المسيحية بعده ألا و هي أحبوا بعضكم بعضاً
و الجار في قاموس زينون ليس الجار الجغرافي - المحلي حصراً و لا الجار السياسي و لا الجار اللغوي و لا الجار العنصري أو الطبقي أو الطائفي إنه الجار الأخلاقي - العقلي
إنه أي إنسان و كل إنسان لذلك نقول إن فكرة الحب العالمي هي في صميم فلسفة زينون الأخلاقية الجديدة التي شكلت ثورة في تاريخ الفلسفة عموماً و فلسفة الأخلاق على وجه الخصوص و التي وضعت الأخلاق على الأساس الذي بدونه لا تكون الأخلاق أخلاقاً ألا و هو مبدأ الكونية أو العالمية
إن الشهرة التي يتمتع بها التاريخ الروماني في ميدان الحضارة الإنسانية مردها القانون الروماني المساوي بين البشر و الذي جوهره كان في فلسفة زينون كما ذكرنا
و الدستور الأميركي العصري ( بالإضافة إلى دساتير بلدان أوروبا الغربية ) منفعل بالقانون الروماني كما أراده الإمبراطور الرواقي أوريليوس هذا لجهة القانون في بعض البلدان
أما لجهة القانون بعامة و المؤسسات القانونية عموماً فنحن في هذه الأيام نتكلم عن القانون الدولي و مؤسسة الأمم المتحدة و قبلها مؤسسة عصبة الأمم مثل هذه المؤسسات العالمية إن هي إلا تطبيق قانوني للفلسفة الرواقية العالمية
و لشرح فكرتنا نذكر أن الأخلاق اثنان : أخلاق تصدر من داخل الإنسان فمصدرها جواني حر و أخلاق تحصل عن طريق الإكراه الخارجي أخلاق الحرية هي أخلاق الفلسفة الرواقية و أخلاق الانصياع للقوة الخارجية ( قوة القانون و مؤسساته ) هي ما نراه و نختبره في حياتنا عندما نطيع قوانين الدولة و مؤسساتها الشرعية المتعددة المختلفة
ما احوجنا نحن السوريين بعد ٢٣٠٠ سنة إلى مبادئ زينون السوري :
* كلنا أخوة رغم من تفاوتنا و اختلافاتنا يجب أن نعامل بعضنا بعضا كما لو أننا مواطنون في مدينة أخلاقية واحدة إذ لا يليق بالانسان أن لا يحترم و يحب و يعامل بالحسنى أخاه الانسان
* كل البشر أخوة كل البشر مواطنون حتى المجرم هو أخي
* إن الحكيم هو القادر على كبح انفعالاته الهوجاء و منعها قبل سلوكه
* إن الحكيم هو الذي يكون منسجما مع قانون الطبيعة الإنساني الذي هو العقل ..
* نقاء الروح من الاحكام الخاطئة لا يكون إلا بالاحتكام إلى العقل القادر وحده على التوجيه الصحيح والإرشاد المستقيم ..
* على من يحمل المسؤولية الاجتماعية و السياسية الاهتمام بالآخرين كاهتمامه بذاته، ومعاملتهم كمعاملته لذاته، كذلك على الإنسان ان يعامل الناس بالحسنى ويعمل للمصلحة العامة،عندها يكون محققا وجوده و ذاته
إن سوريتنا صاغتها هذه المبادئ الأخلاقية لزينون و بابنيان الحقوقي السوري ولوقيان وغيرهم من الرواد ولا معيار لهذا التوحد والانصهار في سوريتنا الا الاحتكام الى العقل الذي شكلته هذه المبادئ من يحيد عنها لا يمكنه بأي شكل من الاشكال ان يكون سورياً