الفن التشكيلي والبطالة.. فقدان الأمل وانحسار الرغبة بالحياة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفن التشكيلي والبطالة.. فقدان الأمل وانحسار الرغبة بالحياة

    الفن التشكيلي والبطالة.. فقدان الأمل وانحسار الرغبة بالحياة
    دارين حوماني
    تشكيل
    "عاطلون عن العمل"، أنطونيو بيرني
    شارك هذا المقال
    حجم الخط


    تناولنا، في مقالنا السابق، العمّال في الفن التشكيلي العالمي وشقاءهم الذي انعكس في العديد من اللوحات، لكن ثيمة البطالة بدت أكثر انكسارًا في الفن التشكيلي على شخوص اللوحات، لكأن هؤلاء العاطلين عن العمل يفضّلون الشقاء في أعمال مضنية على أن يكونوا بلا عمل، وكما ذكرنا آنفًا فإن انتشار هذا المصطلح في العالم العربي دفع بالكثير من أفراد المجتمع للتنازل عن أساسيات من حقوقهم كعاملين وقدّموا تنازلات كثيرة من أجل أن لا يصبحوا أو يبقوا عاطلين عن العمل، وكأننا أصبحنا في زمن نحتاج فيه إلى يوم عالميّ للبطالة، وكانتلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) والمكتب الإقليمي للدول العربية التابع لمنظمة العمل الدوليّة قد أصدرا تقريرًا عام 2021 عن تسجيل المنطقة العربية أعلى مستوى بطالة حول العالم، حيث وصلت النسبة الوسطية إلى 21.7%، فيما ارتفعت نسبة البطالة بين الشباب في بعض الدول العربية لتصل في الأردن، كما صرّح البنك الدولي في تقريره، إلى 50%.
    "في بحثنا بين اللوحات التشكيلية عن ثيمة البطالة سوف يظهر لنا أن هذه اللوحات بدت متشابهة من حيث تجسيدها للحزن العميق وفقدان الحيوية والرغبة بالحياة للعاطلين عن العمل، وما أجمعت عليه هذه اللوحات هي "الانحناءة" التي يتسم بها أبطال هذه اللوحات"
    وفي بحثنا بين اللوحات التشكيلية عن ثيمة البطالة سوف يظهر لنا أن هذه اللوحات بدت متشابهة من حيث تجسيدها للحزن العميق وفقدان الحيوية والرغبة بالحياة للعاطلين عن العمل، وما أجمعت عليه هذه اللوحات هي "الانحناءة" التي يتسم بها أبطال هذه اللوحات. وبين نظرية "الفن للفن"، التي ترجع أصولها للفيلسوف الألماني كانط في آرائه عن الفن والجمال وصاغها الشاعر الفرنسي تيوفيل غوتييه، وبين نظرية "الفن للمجتمع"، التي تعود أصولها إلى سقراط في ربطه بين الفن والأخلاق وأفلاطون في ربطه بين الحقيقة والفن كأداة لتهذيب النفس البشرية، يظهر لنا انحياز الفنانين التشكيليين، الذين نعرض لعدد من أعمالهم هنا، إلى "الفن للمجتمع" والتعبير عن حاجات ومطالب الفقراء والمهمّشين خصوصًا في لوحات ملتزمة بتبني قضايا العدل والحرية ومحاربة الظلم والاستغلال، وقد تبّنى هذه النظرية أيضًا العديد من الأدباء، منهم جان بول سارتر، والروائي الروسي ليو تولستوي في كتابه "ما الفن؟" الذي يرى في الفن هدفًا للإصلاح الاجتماعي بين الفرد والمجتمع.

    "المتعطل"، حامد العويس/ "الرجل المنسيّ"، ماينارد ديكسون



    لوحة "المتعطّل"، 1989

    حامد العويس (1919-2011)

    على الرغم من أن رائد الواقعية الاشتراكية في التصوير المصري المعاصر، الفنان التشكيلي المصري حامد عويس، عُرف عنه تمجيده للطبقة العاملة فجسّد معاناتها في الكثير من لوحاته، إلا أنه قدّم أعمالًا تشكيلية عن الذين لا يعملون، الذين لم تكن بطالتهم هواية أو برغبة منهم، بل أرغموا عليها، وهذا ما تُظهره لوحة "المتعطل". ففي بناء تشكيلي يحمل عمقًا دراميًا نرى جسد شاب قوي البنية مؤطّرًا بالأسود، يؤكد العويس من خلاله على قوة الجسد في تغييب أي فراغات بين أعضاء الجسد، وكأنه ينحت جسده من كتلة صخرية كما في الفن المصري القديم. بطل العويس عملاق محشور في مساحة لا تناسبه مع أكتاف عريضة وكفين ضخمتين في انتظار عمل لا يأتي، ورأس واقع بين الكتفين مع ظلال سوداء ونظرة إلى خارج اللوحة على عكس نظرة القط الأسود الذي يقبع قربه متحفزًا للهجوم لمن يقترب من وعاء الحليب. وكجزء من معالجة درامية للّون الأسود نرى البوابة في الخلف سوداء أيضًا فيما خلفها يبدو مشرقًا وكأنها بوابة للحياة وهو يدير ظهره لها.

    "في بناء تشكيلي يحمل عمقًا دراميًا نرى جسد شاب قوي البنية مؤطّرًا بالأسود، يؤكد حامد العويس من خلاله على قوة الجسد في تغييب أي فراغات بين أعضاء الجسد، وكأنه ينحت جسده من كتلة صخرية"
    لوحة "الرجل المنسيّ"، Forgotton Man ،1934

    ماينارد ديكسون Maynard Dixon (1946-1875)

    خلال الثلاثينيات من القرن الماضي، حوّل الرسام الأميركي ماينارد ديكسون انتباهه إلى الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في فترة الكساد الكبير. على الرغم من أنه كان رسامًا معروفًا برسم المناظر الطبيعية في جنوب غرب أميركا والشعوب الأصلية، فقد بدأ في إنجاز سلسلة من لوحات الواقعية الاجتماعية خلال هذه الفترة لاستكشاف موضوعات إضرابات العمال والعاطلين عن العمل والنازحين والفقراء، خصوصًا أولئك القريبين من الاستوديو الخاص به في مدينة سان فرانسيسكو. واعتبر النقاد أن هذه اللوحة هي من بين أقوى الأعمال عن الفترة المضطربة في التاريخ الأميركي.

    في لوحته "الرجل المنسيّ" أظهر ديكسون فقدان الأمل الذي كان يعاني منه الإنسان خلال فترة الكساد التي عرفتها الولايات المتحدة الأميركية والبلاد، حيث شكّل فقدان العمل صراعًا كبيرًا خلال تلك الفترة. رجل يجلس بجوار صنبور إطفاء الحرائق في شارع ويظهر لنا أرجل المارة خلفه، ومن الواضح أنه ليس متشرّدًا لأنه يرتدي ملابس جيدة ونظيفة، وتعكس صورته أنه قد تم تجاهله أو نسيانه كما عبّر ديكسون إثر رسمها. أراد ديكسون التعبير عن المستوى المخيف من عدم اليقين والذي واجهه ذلك الجيل وحيث فَقَد الإنسان الأمل والإحساس بالمجتمع وبالدافع للحياة. تم تجريد اللوحة من الألوان ما يمنح المشاهد الفرصة لتلقي العاطفة الحزينة التي تتراءى من نظرات الرجل إلى الأسفل وانحناء ظهره. نغمات القطعة صامتة مما يسمح لليأس بأن يكون محور التركيز. تتكون ألوان اللوحة من نغمات ترابية صامتة مع لمسة من السطوع حول الرجل ما يعبّر عن الافتقار إلى الفردية خلال فترة الكساد الكبير، حيث كان الكثير بلا عمل، وكان الهدف الوحيد للرجل هو الحصول على وظيفة والحفاظ عليها.

    "كان أنطونيو بيرني من بين مجموعة من الفنانين الذين دافعوا عن التغيير السياسي، وساعدوا في تشكيل النقابات وتطوير الفن البروليتاري وإنتاج الفن بمحتوى ثوري"
    لوحة "عاطلون عن العمل"، Unemployed ،1934

    أنطونيو بيرني Antonio Berni(1981-1905)

    عُرف الفنان الأرجنتيني أنطونيو بيرني بتأثره بالشاعر لويس أراغون والسوريالية والشيوعية ونضاله ضد الإمبريالية خلال تواجده في باريس. عندما عاد إلى الأرجنتين عام 1931 قام بتغيير أسلوبه السوريالي إلى الأسلوب الواقعي نتيجة تأثره بالأزمة الاقتصادية. اعتبر أن السوريالية لن تعبّر عن يأس الشعب الأرجنتيني ووفقًا لنظرية الفن للمجتمع اعتبر أن على الفن أن يكون مرآة للواقع وتعبيرًا عن قضاياه. فقبل عودته بفترة قصيرة، انطلقت ثورة سبتمبر 1930 حيث تمت الإطاحة بالرئيس الأرجنتيني في انقلاب عسكري وافتتحت هذه الفترة المعروفة باسم العقد المشين حقبة من الكساد الاقتصادي، وشهدت البلاد بداية لاضطرابات اجتماعية وسياسية واسعة النطاق في الأرجنتين، ترافقت معها أزمة بطالة كبيرة وفقر شديد وعدم استقرار واستشراء الفساد، وأدت الاضطرابات الشعبية إلى احتجاجات ومظاهرات عمالية أسفرت عن اشتباكات مع قوات الشرطة والجيش. كان بيرني من بين مجموعة من الفنانين الذين دافعوا عن التغيير السياسي، وساعدوا في تشكيل النقابات وتطوير الفن البروليتاري وإنتاج الفن بمحتوى ثوري. أنجز بيرني عددًا من اللوحات لتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة في تلك الفترة، ومنها لوحة "البطالة" التي رسمها بأسلوبه الواقعي الجديد. نرى في اللوحة مجموعة من الرجال المعوزين العاطلين عن العمل المستلقين على الأرض أو الجالسين على الرصيف يحدقون بالأرض مع تعبيرات قلقة ويائسة. تبدو الشخصيات كأنها كتلة واحدة، والصحراء في الخلف تشير إلى المجهول. وعلى يمين الصورة، أم صامتة تحمل طفلها النائم تجسّد الملل واليأس من الوضع. وتكمن جودة عمله في التوازن الدقيق الذي حققه بين الرسم السردي بمحتوى اجتماعي قوي وأصالة جمالية.

    "بطالة"، بول ستاريت / "بطالة"، جورج بيمبا



    لوحة "بطالة"،Unemployment ،1931

    بول ستاريت Paul Starrett (1957-1866)

    عكست لوحات الفنان الأميركي بول ستاريت في أثناء فترة الكساد أحاسيسه تجاه الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على الناس باستخدام أسلوب الواقعية الاجتماعية. وكان يرسم قبل ذلك الريف والمناظر الطبيعية. شارك في تصويره للمشهد الأميركي الواقعي، فكان يرسم الحركة العمالية الأميركية خاصة خلال تلك الفترة الصعبة. عام 1931 رسم لوحته "بطالة" التي فازت بالميدالية الذهبية من الأكاديمية الوطنية عام 1932، وقال النقاد إنه من المرجح أن الفنان كان يصوّر فيها أحد شوارع لوس أنجلوس. نرى في اللوحة مجموعات من الأشخاص، يتبادلون الأحاديث أو يتجادلون، أحدهم يجلس على الأرض مكتئبًا وآخر يقرأ في جريدة، وأحدهم يجلس أمام النافذة متأملًا، وهناك امرأة تحاول إغلاق ستارة النافذة فيما يجلس رجل، ربما زوجها، محنيًا رأسه داخل الغرفة. أراد ستاريت من رسم جموع الأشخاص في الشارع تصوير انتشار البطالة بشكل كبير، مع شعور عام بالاكتئاب والحنق الداخلي المنعكس على وجوه الجميع على الرغم من صغر حجم هذه الوجوه.

    "أراد ستاريت من رسم جموع الأشخاص في الشارع تصوير انتشار البطالة بشكل كبير، مع شعور عام بالاكتئاب والحنق الداخلي المنعكس على وجوه الجميع على الرغم من صغر حجم هذه الوجوه"
    لوحة "بطالة Unemployment ،1986

    جورج بيمبا George Pempa (2001-1912)

    عُرض أول عمل للرسام الجنوب أفريقي جورج بيمبا عام 1928 عندما كان في السادسة عشرة من عمره. وعُرف عنه أنه خلال مرضه عام 1934 وأثناء إقامته في المستشفى عمل على رسم الأطباء والممرضات. حصل بيمبا على عدد من الجوائز منذ بداية حياته، وكان كاتبًا مسرحيًا أيضًا. تشتهر لوحات بيمبا بتكويناتها الفنية القوية واستخدامه الجريء للألوان. تم الاعتراف به كرائد في الواقعية الاجتماعية في جنوب أفريقيا. وقد تم إنتاج فيلم عنه عام 1995 بعنوان "جورج بيمبا، فنان الشعب".

    في لوحة "بطالة" نرى عائلة من أم وأب وطفلين في غرفة صغيرة تعكس حالة الفقر التي يعيشون فيها. هناك ملاءة معلّقة في الغرفة ما يعكس أن المنزل كله مؤلف من غرفة واحدة وأنهم عملوا على تقسيمه عبر ملاءة. يقف الأب خلف طفلين أحدهما يُطعم الآخر. وقفة الأب تعكس الأمان الذي يحقّقه للطفلين وشعوره بالواجب لتأمين الطعام لهما. الانحناءة في ظهر الأب وظهر الأم هي إحدى دلالات شعورهما بالانكسار بسبب العوز الشديد وخوفهما على عدم القدرة على إطعام طفليهما. نلاحظ أن بنطال الرجل مرقّع في إشارة إلى عدم قدرته على شراء حاجاته من الثياب فيما يعمل جاهدًا على تأمين الطعام لأطفاله. بينما نرى أحد الطفلين يُطعم أخاه في دلالة على الإحساس المتبادل وروح العطاء رغم الفقر الذي يعيشونه. ونرى في هذه اللوحة الواقعية أن الفنان استخدم الألوان الترابية مع نغمات من الأرض تعكس الصدق والشعور بالحميمية والبساطة التي سيصوّرها الفنان أيضًا من خلال خزانة الأواني البسيطة الموضوعة خلف الرجل والتي تشير بلونها الأخضر إلى هدوء النفس العميق رغم المعاناة التي يعيشونها.

    "عاطل عن العمل"، فرديناند هودلر/ "عاطل عن العمل"، جورج غروسز

    لوحة "عاطل عن العمل"، Unemployed،1891

    فرديناند هودلر Ferdinand Hodler (1918-1853)

    كان فرديناند هودلر أحد أشهر الرسامين السويسريين في القرن التاسع عشر. وكانت أعماله المبكرة عبارة عن صور شخصية ومناظر طبيعية ولوحات بأسلوب الفن الواقعي. في وقت لاحق، تبنى شكلاً شخصيًا من الرمزية أسماه "التوازي" أكد فيه على التناظر والإيقاع والذي اعتقد الفنان أنه يشكل أساس المجتمع البشري. لوحة "عاطل عن العمل" هي رسم واقعي بالألوان المائية والقلم الرصاص والباستيل والفحم ابتكره فرديناند هودلر عام 1891. في اللوحة رجل يجلس على مقعد خشبي في حديقة عامة، ويعقد كفّيه كأنه في حالة من التوتر الداخلي. نظرته إلى الأرض تشير إلى يأسه وعدم قدرته على فعل شيء إزاء وضعه. انحناءة الظهر نفسها التي نجدها بين أبطال اللوحات السابقة، هي انحناة تشير إلى الضعف البشري وانكسار العاطل عن العمل. فردتا حذائه ليستا بنفس اللون، ما يشير إلى سير الرجل لوقت طويل في التفتيش عن عمل.

    "في لوحة جورج غروسز رجل يقعد على الأرض، وقد عكف يديه وألقى رأسه عليهما، ثمة ما يشير في تكوين الجسد إلى الحزن الشديد وعدم القدرة على مواجهة العالم"
    لوحة "عاطل عن العمل"، Unemployed ،1934

    جورج غروسز George Grosz (1959-1893)

    كان جورج غروسز فنانًا وساخرًا سياسيًا من التعبيريين الألمان في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى. اشتهر بشكل خاص برسوماته الكاريكاتورية الوحشية لحياة برلين في عشرينيات القرن الماضي. وكان عضوًا بارزًا في مجموعة برلين دادا والموضوعية الجديدة قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة في عام 1932. هناك لاحظ الاختلالات الهائلة في الحياة الاقتصادية بين الأثرياء والفقراء، وهناك نقل إداناته من الرأسماليين الألمان إلى الرأسماليين الأميركيين. في رسوماته، التي عادة ما تكون بالقلم والحبر والتي طورها أحيانًا بالألوان المائية، فعل غروسز الكثير لخلق صورة برلين وجمهورية فايمار (الجمهورية التي نشأت في ألمانيا في الفترة من 1919 إلى 1933 كنتيجة لخسارة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى) في عشرينيات القرن الماضي. كان رجال الأعمال البدناء والجنود الجرحى وفتيات الليل والجرائم الجنسية والعربدة من أعظم شخوص لوحاته. وكانت براعته في الرسم ملفتة في عصره على الرغم من أن الأعمال التي اشتهر بها تتبنى شكلاً فجًا من الرسوم الكاريكاتورية. في لوحته "عاطل عن العمل" المشغولة بالحبر والألوان المائية، نرى عددًا من الأشخاص، أحدهم ينظر إلى الأرض في نظرة من التأمل العميق لحالته التي يغلب عليها الكآبة في ظل البطالة المتفشية. آخر يقعد على الأرض، وقد عكف يديه وألقى رأسه عليهما، وثمة ما يشير في تكوين جسده إلى الحزن الشديد وعدم القدرة على مواجهة العالم. رجل آخر يجلس على المقعد وقد ثنى ذراعه إلى وجهه في تصوير لحالة اليأس، وآخر يحمل حقيبة ويمرّ من أمامهم لكنهم لا يبالون به في إشارة إلى يأس هؤلاء الرجال وعدم مبالاتهم من الوجود، وهناك أبنية عالية في الخلف ما يشير إلى أن هذه البطالة هي إحدى نتائج الرأسمالية الأميركية.

    "عاطل عن العمل"، سيفن جورغنسن

    لوحة "عاطل عن العمل"، Unemployed ،1887

    سيفن جورغنسن Sven Jorgensen(1861-1940)

    يعتبر سيفن جورغنسن الأب الروحي لعدد كبير من الفنانين النرويجيين. بالإضافة إلى بعض المناظر الطبيعية النقية التي اشتغل عليها الفنان، فإن معظم لوحاته تتعلق بالحياة اليومية لسكان مدينته "سلاجن" Slagen، حيث كان يصوّر الأشخاص في غرف معيشتهم المنخفضة والضيقة، وغالبًا ما يتم إنجاز اللوحات مع ظلال داكنة ويتدفق الضوء على النافذة، وهو ما نراه في لوحة "عاطل عن العمل". عائلة من أب وأم وطفلتين يجلسون أمام طاولة الطعام. تساعدنا نظرة الأب لمعرفة مدى ضياعه من كونه عاطلًا عن العمل، والأم تنظر إليه نظرة المساءلة عن مصيرهم بهدوء من تتقبّل حياتها كما هي؛ ابنتها غافية على ركبتيها، وابنتها الأخرى تداعب دميتها. استخدم الفنان الألوان الداكنة والظلال لإعطاء أبطال لوحته تأثيرًا أكبر، وهو ما يؤكده أيضًا الهدوء الكبير الذي يبدو أنه يميزهم. إنهم جدّيون بدون حقائق كبيرة أو انفجارات عاطفية، فهم يقبلون ما تقدّمه لهم الحياة من الخير والشر، وهذا يعطي لوحاته صدقًا تامًا، مما يحميها من الانزلاق إلى عاطفية سلسة غالبًا ما تكمن في هذا النوع من الأعمال الفنية. درجات اللون مطابقة لبعضها وبدون تباينات عنيفة، وتتناسب مع الجدّية الحزينة التي ميّزت معظم لوحاته. شارك الفنان ظروف السكان العاملين وعاش بينهم حياة بسيطة ومتقشفة وبنفس طريقة حياتهم، وعانى من مشاكل مالية رغم أنه كان يعرض لوحاته بانتظام وكان يتلقى مراجعات إيجابية.



    مراجع مختارة:

    https://www.ipl.org/essay/Loss-Of-Ho...tten-FCH7ULGYT
    https://creativeresistance.org/desocupados/
    https://www.coursehero.com/file/1051...rge-Groszpptx/
    https://nkl.snl.no/Sven_J%C3%B8rgensen
    https://www.youtube.com/watch?v=a50FzZpsang


يعمل...
X