ما هي الواقعية
ظهرت الواقعية كحركةٍ مهمةٍ في أغلب مجالات الحياة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهي حركةٌ تقوم على تصوير الكائنات والأشياء بصورةٍ واضحةٍ كما هي في الواقع، ودخلت في مجالاتٍ عديدةٍ كالفلسفة والفن والأدب والمسرح.
الواقعية
الفلسفية
تم تعريف المذهب الذي يربط جميع الأشياء بالواقع وبالمعرفة وبالطبيعة المستقلة البعيدة عن التفكير والتخيل والمعتقدات بالواقعية الفلسفية، وتبتعد هذه الواقعية بشكلٍ كبيرٍ عن المثالية، بل ويمكننا القول إنها نقيضٌ للمثالية، ومن أشهر فلاسفة الواقعية هو الفيلسوف اليوناني أفلاطون والذي كان لديه نظريته الخاصة، والتي سنوضحها لاحقًا في هذا المقال.
على الرغم من إمكانية قبول أو رفض الواقعية في جميع المجالات، فقد كان الفلاسفة في تلك الفترة من الممكن أن يكونوا واقعيين أو غير واقعيين حول مواضيعَ مختلفةٍ، فمن الممكن أن يكون الشخص واقعيًّا في الحياة اليومية الواضحة كالأشياء وخصائصها، ولكن من الممكن أن يكون غير واقعي حول القيمة الجمالية والأخلاقية لهذه الأشياء، ومن الصعب معرفة ما إذا كان الشخص واقعيًّا أو غير واقعي، ولكن من الممكن القول بأن الشخص أكثر أو أقل واقعيةً حول موضوعٍ معينٍ.
النظرية
الأفلاطونية الواقعية
نظرية أفلاطون في الواقعية من أقدم وأشهر النظريات الفلسفية، والتي تشير إلى الواقعية من منطلق وجود العموميات والأشياء المجردة، وقد أكد أفلاطون من خلالها على أن العموميات مثل الأحمر والجمال والعدل وما إلى ذلك هي عموميات لأشياءٍ عديدةٍ وهي موجودةٌ ومبرهنةٌ في أشياءٍ محددةٍ ولا توجد بشكلٍ مستقلٍ عن ذلك.
الواقعية في الفن
اعتبرت الواقعية بدايةً للفن الحديث ودخلت إلى الفن بعد قيام الثورة الصناعية في فرنسا في أربعينيات القرن التاسع عشر، ورفضت كل الأشكال والأساليب التقليدية في الفن والرسم واعتبرتها قديمة الطراز إذ أحدثت ثورةً في عالم الرسم واللوحات، حيث وسعت المجال داخل الفن وعملت على إدخال الأحداث الواقعية والحياة اليومية في اللوحات الفنية، ودمج الفن مع الحياة ورفض التقنيات التخيلية والصور المثالية والمفاهيم الأدبية.
وأيضًا بينت الواقعية في لوحاتها كيفية تنظيم الحياة من جميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، إذ عمدت إلى تصوير ليس فقط الجوانب الجميلة من الحياة اليومية بل أيضًا صورت الأجزاء واللحظات غير السارة في هذه الحياة، واستخدمت لذلك اللوحات المظلمة والترابية والتي واجهت من خلالها المثل العليا للفن الرفيع.
وكان هناك العديد من الرسامين الواقعيين ومن أشهرهم جان فرانسوا ميليه (Jean-Francois Millet) وأونور دوميير (Honore Daumier) وغوستاف كوربيه (Gustave Courbet)، كما تأثر العديد من الرسامين الآخرين بالواقعية، ولكنهم لم يسمحوا لها بالسيطرة على لوحاتهم بشكلٍ كاملٍ، ومن أهم هؤلاء الرسامين هو الرسام الروسي إيليا ريبين Ilya Repin.
الواقعية
الأدبية
ظهرت الواقعية الأدبية كحركةٍ أدبيةٍ مثلت الواقع كما هو من دون إضافاتٍ أخرى كالتخيل وإضافة الرومانسية على الروايات والقصص، فقد عمدت على سرد القصص حول الأشخاص والتجارب اليومية الحياتية خاصةً حياة الطبقات الوسطى والدنيا في المجتمع.
الرومانسية التي اتبعها الأدباء في رواياتهم وقصصهم في القرن الثامن عشر هي التي أدت إلى ظهور الواقعية الأدبية كرد فعلٍ على هذه الرومانسية الزائدة، وقد كانت جزءًا من الحركة الفنية الواقعية التي بدأت في فرنسا في القرن التاسع عشر، واستمرت حتى أوائل القرن العشرين، ومن أشهر الكتاب الواقعيين هو أونوريه دي بلزاك (Honoré de Balzac) وغوستاف فلوبير (Gustave Flaubert)، وقد قسمت هذه الواقعية الأدبية إلى أنواعٍ مختلفةٍ هي:
الواقعية في
المسرح
بدأ ظهور الواقعية في المسرح في منتصف القرن التاسع عشر في أوروبا وتحديدًا النرويج، وقد كان الكاتب المسرحي هنريك إبسن هو أول من قدمها في الدراما والمسرح وعرف بلقب أبو الواقعية، وقد هدفت الواقعية المسرحية إلى وجود المزيد من الدقة وتمثيل الحياة الحقيقية على المسرح، والابتعاد عن الموضوعات التقليدية والخيالية، وأيضًا عملت على تزويد المسرح بالأدوات اللازمة لتمثيل الواقع كإضافة خلفياتٍ وأثاثٍ وكائناتٍ على خشبة المسرح، والقيام ببعض التصميمات الداخلية للمسرحيات.
ظهرت الواقعية كحركةٍ مهمةٍ في أغلب مجالات الحياة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهي حركةٌ تقوم على تصوير الكائنات والأشياء بصورةٍ واضحةٍ كما هي في الواقع، ودخلت في مجالاتٍ عديدةٍ كالفلسفة والفن والأدب والمسرح.
الواقعية
الفلسفية
تم تعريف المذهب الذي يربط جميع الأشياء بالواقع وبالمعرفة وبالطبيعة المستقلة البعيدة عن التفكير والتخيل والمعتقدات بالواقعية الفلسفية، وتبتعد هذه الواقعية بشكلٍ كبيرٍ عن المثالية، بل ويمكننا القول إنها نقيضٌ للمثالية، ومن أشهر فلاسفة الواقعية هو الفيلسوف اليوناني أفلاطون والذي كان لديه نظريته الخاصة، والتي سنوضحها لاحقًا في هذا المقال.
على الرغم من إمكانية قبول أو رفض الواقعية في جميع المجالات، فقد كان الفلاسفة في تلك الفترة من الممكن أن يكونوا واقعيين أو غير واقعيين حول مواضيعَ مختلفةٍ، فمن الممكن أن يكون الشخص واقعيًّا في الحياة اليومية الواضحة كالأشياء وخصائصها، ولكن من الممكن أن يكون غير واقعي حول القيمة الجمالية والأخلاقية لهذه الأشياء، ومن الصعب معرفة ما إذا كان الشخص واقعيًّا أو غير واقعي، ولكن من الممكن القول بأن الشخص أكثر أو أقل واقعيةً حول موضوعٍ معينٍ.
النظرية
الأفلاطونية الواقعية
نظرية أفلاطون في الواقعية من أقدم وأشهر النظريات الفلسفية، والتي تشير إلى الواقعية من منطلق وجود العموميات والأشياء المجردة، وقد أكد أفلاطون من خلالها على أن العموميات مثل الأحمر والجمال والعدل وما إلى ذلك هي عموميات لأشياءٍ عديدةٍ وهي موجودةٌ ومبرهنةٌ في أشياءٍ محددةٍ ولا توجد بشكلٍ مستقلٍ عن ذلك.
الواقعية في الفن
اعتبرت الواقعية بدايةً للفن الحديث ودخلت إلى الفن بعد قيام الثورة الصناعية في فرنسا في أربعينيات القرن التاسع عشر، ورفضت كل الأشكال والأساليب التقليدية في الفن والرسم واعتبرتها قديمة الطراز إذ أحدثت ثورةً في عالم الرسم واللوحات، حيث وسعت المجال داخل الفن وعملت على إدخال الأحداث الواقعية والحياة اليومية في اللوحات الفنية، ودمج الفن مع الحياة ورفض التقنيات التخيلية والصور المثالية والمفاهيم الأدبية.
وأيضًا بينت الواقعية في لوحاتها كيفية تنظيم الحياة من جميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، إذ عمدت إلى تصوير ليس فقط الجوانب الجميلة من الحياة اليومية بل أيضًا صورت الأجزاء واللحظات غير السارة في هذه الحياة، واستخدمت لذلك اللوحات المظلمة والترابية والتي واجهت من خلالها المثل العليا للفن الرفيع.
وكان هناك العديد من الرسامين الواقعيين ومن أشهرهم جان فرانسوا ميليه (Jean-Francois Millet) وأونور دوميير (Honore Daumier) وغوستاف كوربيه (Gustave Courbet)، كما تأثر العديد من الرسامين الآخرين بالواقعية، ولكنهم لم يسمحوا لها بالسيطرة على لوحاتهم بشكلٍ كاملٍ، ومن أهم هؤلاء الرسامين هو الرسام الروسي إيليا ريبين Ilya Repin.
الواقعية
الأدبية
ظهرت الواقعية الأدبية كحركةٍ أدبيةٍ مثلت الواقع كما هو من دون إضافاتٍ أخرى كالتخيل وإضافة الرومانسية على الروايات والقصص، فقد عمدت على سرد القصص حول الأشخاص والتجارب اليومية الحياتية خاصةً حياة الطبقات الوسطى والدنيا في المجتمع.
الرومانسية التي اتبعها الأدباء في رواياتهم وقصصهم في القرن الثامن عشر هي التي أدت إلى ظهور الواقعية الأدبية كرد فعلٍ على هذه الرومانسية الزائدة، وقد كانت جزءًا من الحركة الفنية الواقعية التي بدأت في فرنسا في القرن التاسع عشر، واستمرت حتى أوائل القرن العشرين، ومن أشهر الكتاب الواقعيين هو أونوريه دي بلزاك (Honoré de Balzac) وغوستاف فلوبير (Gustave Flaubert)، وقد قسمت هذه الواقعية الأدبية إلى أنواعٍ مختلفةٍ هي:
- السحرية: قامت هذه الواقعية على طمس الحدود بين الواقع والخيال، حيث تصف الواقع بصدقٍ مع إضافة بعض الإضافات السحرية الغير موجودة بواقعنا ولكنها تعتبر طبيعيةً، ومن أشهر روايات هذا النوع هي رواية مئة عامٍ من العزلة لغابرييل غارسيا ماركيز (Gabriel García Márquez) في عام 1967، والتي تتحدث عن رجلٍ اخترع بلدةً وفقًا لتخيلاته الخاصة.
- الاجتماعية: يتم فيها التركيز على الظروف الاجتماعية للطبقة العاملة والفقراء، ومن أشهر روايات هذا النوع هي رواية البؤساء (Les Misérables) لفيكتور هوغو (Victor Hugo) في عام 1862، وهي روايةٌ اجتماعيةٌ واقعيةٌ عن الطبقة والسياسة في فرنسا.
- الاشتراكية: اعتمد الشيوعيون هذا النوع، وجوزيف ستالين هو من أسس هذه الواقعية الأدبية الاشتراكية، وهي واقعيةٌ تمجد وتعظم كفاح البروليتاريا والطبقة العاملة، ومن أشهر روايات هذا النوع هي Cement 1925 للكاتب فيودور جلادكوف (Fyodor Gladkov)، والتي تتحدث عن صراعات إعادة بناء الاتحاد السوفيتي بعد الثورة الروسية.
- الطبيعية: تعد شكلًا متطرفًا من الواقعية المتأثرة بنظرية داروين للتطور، وقد أسسها إميل زولا الذي يعتقد أن العلم يمكن أن يفسر جميع الظواهر الاجتماعية والبيئية، ومن أشهر روايات هذا النوع هي رواية وردة لإميلي (Rose for Emily) لويليام فولكنر (William Faulkner) في عام 1930.
- النفسية: تقوم بوصف شخصية ونفسية الشخص والتي تشجعه على اتخاذ قراراتٍ معينةٍ، وتستخدم الشخصيات للتعليق على القضايا الاجتماعية والسياسية، ومن أشهر روايات هذا النوع هي رواية الجريمة والعقاب لفيودور دوستويفسكي (Fyodor Dostoyevsky) في عام 1866.
الواقعية في
المسرح
بدأ ظهور الواقعية في المسرح في منتصف القرن التاسع عشر في أوروبا وتحديدًا النرويج، وقد كان الكاتب المسرحي هنريك إبسن هو أول من قدمها في الدراما والمسرح وعرف بلقب أبو الواقعية، وقد هدفت الواقعية المسرحية إلى وجود المزيد من الدقة وتمثيل الحياة الحقيقية على المسرح، والابتعاد عن الموضوعات التقليدية والخيالية، وأيضًا عملت على تزويد المسرح بالأدوات اللازمة لتمثيل الواقع كإضافة خلفياتٍ وأثاثٍ وكائناتٍ على خشبة المسرح، والقيام ببعض التصميمات الداخلية للمسرحيات.