التقنيات الحديثة في معالجة المياه
نحن اليوم في أمسّ الحاجة إلى التقنيات الحديثة في معالجة المياه، فالزيادة المتسارعة في عدد سكان العالم، والتغيرات المناخية العالمية، والتلوث الذي يهدد موارد المياه العذبة، والأنشطة الزراعية والصناعية التي تستهلك الكثير من المياه العذبة وتلوِّث باستمرار مصادر المياه، وغيرها من العوامل، يؤكد على أهمية التقدم التكنولوجي في معالجة المياه، للحفاظ على موارد المياه وإدارتها. فأين وصلنا اليوم؟ وما هي التقنيات الحديثة الواعدة التي توصل إليها العلم حتى اليوم في معالجة المياه؟ تابع معنا لنرَ.
تعريف معالجة المياه
هي عمليات إزالة المركبات الكيميائية والعضوية وغير العضوية والملوثات البيولوجية وإزالة الأيونات من مصادر المياه المختلفة، بغية توفير مياه نظيفة للشرب، أو لتصبح مناسبة للعديد من الاستخدامات الأُخرى، مثل تلبية الاحتياجات الطبية والكيميائية والصيدلانية والصناعية وغيرها.
يمكن معالجة المياه على نطاقات كبيرة كما في محطات المعالجة لمدينة بكاملها، أو على مستوى نطاقات صغيرة كمنازل فردية، ورغم أن الأساليب المستخدمة في المحطات تختلف حسب درجة تلوث المياه وحجم المحطات وغيرها من العوامل، إلى أنّها تشمل أساليب موحدة نوعًا ما لضمان الامتثال للوائح الوطنية والدولية. تتضمن هذه الأساليب مجموعة من العمليات التقليدية الشائعة مثل: المعالجة الأولية لإزالة الأجسام والأوساخ الكبيرة، التخثر، الترسيب، الترشيح، التطهير.
التقنيات الحديثة في معالجة المياه
هناك العديد من التقنيات الحديثة الواعدة في مجال معالجة المياه لتوفير مياه الشرب النظيفة والحفاظ على موارد المياه. ومن أهم هذه التقنيات:
تكنولوجيا النانو
تتضمن تقنية النانو العديد من الأساليب والعمليات التي يتم فيها استخدام مواد على المستوى الذري أو الجزيئي، فالمواد النانوية تتمتع نتيجة المساحة الكبيرة للسطح النوعي بالعديد من الخصائص الفريدة القائمة على الحجم، مثل: الذوبان السريع، الامتصاص القوي، التفاعل الشديد، بالإضافة إلى الخصائص الأُخرى مثل المغناطيسية الفائقة، ورنين البلازمون السطحي الموضعي (الذبذبات الرنينية للإلكترونات الحرة في الجسيمات النانوية عندما تتعرض للضوء)، وتأثير التقييد الكمومي. إنّ هذه الخصائص المحددة القائمة على النانو تسمح بتطوير مواد جديدة عالية التقنية قابلة للاستخدام بكفاءة أكبر في معالجة المياه، مثل مواد الامتزاز النانوية.
فالامتزاز هو قدرة المواد الصلبة على جذب جزيئات الغازات والمواد المذابة في المحاليل عندما تكون على تماس وثيق بأسطحها. ونظرًا للمساحة الكبيرة لسطحها النوعي، فإن مواد الامتزاز النانوية تُظهِر معدل امتزاز أعلى للمركبات العضوية مقارنةً بالكربون المنشط الحبيبي أو المسحوق المستخدم تقليديًا، ما يجعلها أكثر كفاءة وأسرع في إزالة المركبات العضوية وغير العضوية كالمعادن والأحياء الدقيقة.
تركّز الأنشطة البحثية الحالية على عدة أنواع من تقنيات الامتزاز النانوية مثل: الأنابيب النانوية الكربونية، مواد الامتزاز النانوية القائمة على المعادن، مواد الامتزاز النانوية البوليميرية، الزيوليت.
بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من التقنيات التي تعتمد على خصائص المواد النانوية إضافةً إلى مواد الامتزاز، مثل: أغشية الترشيح النانوية، المحفزات النانوية، الطلاءات النانوية، الأسطح الوظيفية النانوية، وغيرها.
الأنابيب النانوية الصوتية
هي من التقنيات الحديثة في معالجة المياه والتي تجمع ما بين الأنابيب النانوية الكربونية وهندسة الصوت، وقد طورها العلماء في مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا، من أجل تنقية المياه العادمة وإعادة استخدامها في محطة الفضاء الدولية. وهي عبارة عن منخل جزيئي مدفوع بالصوت ويُضمَّن أنابيبًا نانوية كربونية صغيرة القطر، وقد قلبت هذه التقنية فكرة الترشيح رأسًا على عقب، إذ أنها تدفع الماء بعيدًا عن الملوثات بدلًا من إزالة الملوثات من الماء.
بمعنى آخر، تستخدم الصوت بدلًا من الضغط لدفع الماء إلى داخل الجهاز، حيث تعمل دارة تذبذبية متصلة بمصفوفة المرشح على توليد الاهتزاز الصوتي، والذي يسبب تفكيك الروابط ما بين جزيئات المياه ودفع هذه الجزيئات للمرور عبر مصفوفة الترشيح الأولية، والتي قد تكون مصنوعة من البوليمر أو السيراميك أو المركبات المعدنية، وذلك حسب متطلبات الاستخدام النهائي، وتسمح الأنابيب النانوية داخل المصفوفة بمرور جزيئات المياه بينما تمنع مرور الجزيئات والملوثات الأكبر. إنّ استخدام الصوت يلغي الحاجة لاستخدام الجاذبية لنقل المياه عبر الجهاز، كما تلغي هذه التقنية الحاجة لشطف نظام الفلتر، بالإضافة إلى أنها تستهلك طاقةً أقل من أنظمة الترشيح التقليدية.
تكنولوجيا تنقية المياه بالتحفيز الضوئي
لقد اكتسبت هذه التقنية من بين التقنيات الحديثة في معالجة المياه مكانةً بارزةً في السنوات الأخيرة، بسبب كفاءتها العالية في معالجة المياه الملوثة، وهي تستخدم محفِّز ضوئي وأشعة فوق بنفسجية لإزالة المواد السامة من المياه.
لقد طوّرت شركة باناسونيك هذه التقنية، حيث يعمل المحفز الضوئي وهو ثاني أكسيد التيتانيوم بوجود الأشعة فوق البنفسجية سواءً من الشمس أو الضوء الاصطناعي على معدنة مجموعة من المركبات العضوية وتحويلها إلى منتجات آمنة. سابقًا كان يصعب جمع المحفز بمجرد انتشاره في الماء ما يسبب خسارة كبيرة، لكن استطاعت باناسونيك أن تتغلب على هذه المشكلة بربط المحفز الضوئي مع مادة الزيوليت وهي مادة امتزاز تجارية ومحفز كيميائي، ما يضمن الفصل الفعال واستعادة المحفّزات الضوئية من الماء لإعادة استخدامها.
يمكن لتقنية التحفيز الضوئي أن تتخلص من مجموعة كبيرة من المواد العضوية والمبيدات والأصباغ والنفط الخام و الميكروبات مثل الفيروسات ومسببات الأمراض المقاومة للكلور، وكذلك المركبات غير العضوية مثل أكاسيد النيتروز.
تكنولوجيا أغشية الأكوابورين الداخلية Aquaporin Inside
تعتمد هذه التقنية التي طورتها شركة التكنولوجيا النظيفة الدنماركية "Auaporin" على تصميم غشاء معالجة المياه بأسلوب المحاكاة الحيوية. فالأكوابورينات والتي تدعى أيضًا بقنوات الماء، هي بروتينات داخلية أساسية تشكل مساماتٍ ضمن الغشاء الخلوي للخلايا الحية، وهي تسمح بنقل المياه بسرعة وانتقائية عالية عبر غشاء الخلية، إذ إنها تسمح للخلية بتنظيم حجمها وضغطها التناضحي الداخلي بما يتماشى مع فروق الضغط الهيدروستاتيكي والتناضحي.
وبسبب البنية المميزة لقنوات الأكوابورينات فهي تسمح بمرور جزيئات الماء وتمنع مرور جميع المركبات الأخرى. تعمل أغشية المحاكاة الحيوية الطبيعية كأساس لتطوير أغشية المحاكاة الحيوية الاصطناعية، واستخدام هذه التكنولوجيا في تنقية ومعالجة المياه الصناعية والمنزلية.
"أغشية الأكوابورين الداخلية" هي الأغشية الوحيدة في السوق التي تستخدم الأكوابورينات لتنقية مياه الشرب، وهذه الأغشية متاحة لكل من تطبيقات التناضح الأمامي (FO) والتناضح العكسي (RO).
وفي الختام، لا بد من القول بأنّ الحاجة إلى التقنيات الحديثة في معالجة المياه باتت أكثر إلحاحًا من أيّ وقت مضى، فالعطش بات قريبًا من ملايين البشر في العالم.
نحن اليوم في أمسّ الحاجة إلى التقنيات الحديثة في معالجة المياه، فالزيادة المتسارعة في عدد سكان العالم، والتغيرات المناخية العالمية، والتلوث الذي يهدد موارد المياه العذبة، والأنشطة الزراعية والصناعية التي تستهلك الكثير من المياه العذبة وتلوِّث باستمرار مصادر المياه، وغيرها من العوامل، يؤكد على أهمية التقدم التكنولوجي في معالجة المياه، للحفاظ على موارد المياه وإدارتها. فأين وصلنا اليوم؟ وما هي التقنيات الحديثة الواعدة التي توصل إليها العلم حتى اليوم في معالجة المياه؟ تابع معنا لنرَ.
تعريف معالجة المياه
هي عمليات إزالة المركبات الكيميائية والعضوية وغير العضوية والملوثات البيولوجية وإزالة الأيونات من مصادر المياه المختلفة، بغية توفير مياه نظيفة للشرب، أو لتصبح مناسبة للعديد من الاستخدامات الأُخرى، مثل تلبية الاحتياجات الطبية والكيميائية والصيدلانية والصناعية وغيرها.
يمكن معالجة المياه على نطاقات كبيرة كما في محطات المعالجة لمدينة بكاملها، أو على مستوى نطاقات صغيرة كمنازل فردية، ورغم أن الأساليب المستخدمة في المحطات تختلف حسب درجة تلوث المياه وحجم المحطات وغيرها من العوامل، إلى أنّها تشمل أساليب موحدة نوعًا ما لضمان الامتثال للوائح الوطنية والدولية. تتضمن هذه الأساليب مجموعة من العمليات التقليدية الشائعة مثل: المعالجة الأولية لإزالة الأجسام والأوساخ الكبيرة، التخثر، الترسيب، الترشيح، التطهير.
التقنيات الحديثة في معالجة المياه
هناك العديد من التقنيات الحديثة الواعدة في مجال معالجة المياه لتوفير مياه الشرب النظيفة والحفاظ على موارد المياه. ومن أهم هذه التقنيات:
تكنولوجيا النانو
تتضمن تقنية النانو العديد من الأساليب والعمليات التي يتم فيها استخدام مواد على المستوى الذري أو الجزيئي، فالمواد النانوية تتمتع نتيجة المساحة الكبيرة للسطح النوعي بالعديد من الخصائص الفريدة القائمة على الحجم، مثل: الذوبان السريع، الامتصاص القوي، التفاعل الشديد، بالإضافة إلى الخصائص الأُخرى مثل المغناطيسية الفائقة، ورنين البلازمون السطحي الموضعي (الذبذبات الرنينية للإلكترونات الحرة في الجسيمات النانوية عندما تتعرض للضوء)، وتأثير التقييد الكمومي. إنّ هذه الخصائص المحددة القائمة على النانو تسمح بتطوير مواد جديدة عالية التقنية قابلة للاستخدام بكفاءة أكبر في معالجة المياه، مثل مواد الامتزاز النانوية.
فالامتزاز هو قدرة المواد الصلبة على جذب جزيئات الغازات والمواد المذابة في المحاليل عندما تكون على تماس وثيق بأسطحها. ونظرًا للمساحة الكبيرة لسطحها النوعي، فإن مواد الامتزاز النانوية تُظهِر معدل امتزاز أعلى للمركبات العضوية مقارنةً بالكربون المنشط الحبيبي أو المسحوق المستخدم تقليديًا، ما يجعلها أكثر كفاءة وأسرع في إزالة المركبات العضوية وغير العضوية كالمعادن والأحياء الدقيقة.
تركّز الأنشطة البحثية الحالية على عدة أنواع من تقنيات الامتزاز النانوية مثل: الأنابيب النانوية الكربونية، مواد الامتزاز النانوية القائمة على المعادن، مواد الامتزاز النانوية البوليميرية، الزيوليت.
بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من التقنيات التي تعتمد على خصائص المواد النانوية إضافةً إلى مواد الامتزاز، مثل: أغشية الترشيح النانوية، المحفزات النانوية، الطلاءات النانوية، الأسطح الوظيفية النانوية، وغيرها.
الأنابيب النانوية الصوتية
هي من التقنيات الحديثة في معالجة المياه والتي تجمع ما بين الأنابيب النانوية الكربونية وهندسة الصوت، وقد طورها العلماء في مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا، من أجل تنقية المياه العادمة وإعادة استخدامها في محطة الفضاء الدولية. وهي عبارة عن منخل جزيئي مدفوع بالصوت ويُضمَّن أنابيبًا نانوية كربونية صغيرة القطر، وقد قلبت هذه التقنية فكرة الترشيح رأسًا على عقب، إذ أنها تدفع الماء بعيدًا عن الملوثات بدلًا من إزالة الملوثات من الماء.
بمعنى آخر، تستخدم الصوت بدلًا من الضغط لدفع الماء إلى داخل الجهاز، حيث تعمل دارة تذبذبية متصلة بمصفوفة المرشح على توليد الاهتزاز الصوتي، والذي يسبب تفكيك الروابط ما بين جزيئات المياه ودفع هذه الجزيئات للمرور عبر مصفوفة الترشيح الأولية، والتي قد تكون مصنوعة من البوليمر أو السيراميك أو المركبات المعدنية، وذلك حسب متطلبات الاستخدام النهائي، وتسمح الأنابيب النانوية داخل المصفوفة بمرور جزيئات المياه بينما تمنع مرور الجزيئات والملوثات الأكبر. إنّ استخدام الصوت يلغي الحاجة لاستخدام الجاذبية لنقل المياه عبر الجهاز، كما تلغي هذه التقنية الحاجة لشطف نظام الفلتر، بالإضافة إلى أنها تستهلك طاقةً أقل من أنظمة الترشيح التقليدية.
تكنولوجيا تنقية المياه بالتحفيز الضوئي
لقد اكتسبت هذه التقنية من بين التقنيات الحديثة في معالجة المياه مكانةً بارزةً في السنوات الأخيرة، بسبب كفاءتها العالية في معالجة المياه الملوثة، وهي تستخدم محفِّز ضوئي وأشعة فوق بنفسجية لإزالة المواد السامة من المياه.
لقد طوّرت شركة باناسونيك هذه التقنية، حيث يعمل المحفز الضوئي وهو ثاني أكسيد التيتانيوم بوجود الأشعة فوق البنفسجية سواءً من الشمس أو الضوء الاصطناعي على معدنة مجموعة من المركبات العضوية وتحويلها إلى منتجات آمنة. سابقًا كان يصعب جمع المحفز بمجرد انتشاره في الماء ما يسبب خسارة كبيرة، لكن استطاعت باناسونيك أن تتغلب على هذه المشكلة بربط المحفز الضوئي مع مادة الزيوليت وهي مادة امتزاز تجارية ومحفز كيميائي، ما يضمن الفصل الفعال واستعادة المحفّزات الضوئية من الماء لإعادة استخدامها.
يمكن لتقنية التحفيز الضوئي أن تتخلص من مجموعة كبيرة من المواد العضوية والمبيدات والأصباغ والنفط الخام و الميكروبات مثل الفيروسات ومسببات الأمراض المقاومة للكلور، وكذلك المركبات غير العضوية مثل أكاسيد النيتروز.
تكنولوجيا أغشية الأكوابورين الداخلية Aquaporin Inside
تعتمد هذه التقنية التي طورتها شركة التكنولوجيا النظيفة الدنماركية "Auaporin" على تصميم غشاء معالجة المياه بأسلوب المحاكاة الحيوية. فالأكوابورينات والتي تدعى أيضًا بقنوات الماء، هي بروتينات داخلية أساسية تشكل مساماتٍ ضمن الغشاء الخلوي للخلايا الحية، وهي تسمح بنقل المياه بسرعة وانتقائية عالية عبر غشاء الخلية، إذ إنها تسمح للخلية بتنظيم حجمها وضغطها التناضحي الداخلي بما يتماشى مع فروق الضغط الهيدروستاتيكي والتناضحي.
وبسبب البنية المميزة لقنوات الأكوابورينات فهي تسمح بمرور جزيئات الماء وتمنع مرور جميع المركبات الأخرى. تعمل أغشية المحاكاة الحيوية الطبيعية كأساس لتطوير أغشية المحاكاة الحيوية الاصطناعية، واستخدام هذه التكنولوجيا في تنقية ومعالجة المياه الصناعية والمنزلية.
"أغشية الأكوابورين الداخلية" هي الأغشية الوحيدة في السوق التي تستخدم الأكوابورينات لتنقية مياه الشرب، وهذه الأغشية متاحة لكل من تطبيقات التناضح الأمامي (FO) والتناضح العكسي (RO).
وفي الختام، لا بد من القول بأنّ الحاجة إلى التقنيات الحديثة في معالجة المياه باتت أكثر إلحاحًا من أيّ وقت مضى، فالعطش بات قريبًا من ملايين البشر في العالم.