كل شيء عن السموم
السم، تاجر الموت، الحل السريع والأقلّ ضجيجًا للكثير من المشاكل السياسية، يروي التاريخ العديد من مؤامرات التسمم التي حاكها البشر، فكيف ننسى محاولة البريطانيين للتخلص من الهنود الحمر بتزويدهم بالأغطية الملوثة بالجدري، وكيف ألقت القوات الكونفدرالية في الولايات المتحدة بجثث الحيوانات المريضة في الآبار، هي قصصٌ مازلنا نسمع بمثيلاتها يوميًّا من انتحار أو موتٍ مفاجئ، تشترك جميعها بالسم، فما هو السم؟ وما أنواعه؟ وآليات عمله؟ هي أسئلةٌ عديدةٌ ربما أستطيع الإجابة عنها في هذا المقال.
نبذة تاريخية
بدايةً وقبل الخوض في بعض المصطلحات التي قد يكون من المهم التعرف بها، لا بد لنا من العودة في رحلة زمنيةٍ إلى الوراء لتبدأ الحكاية مع أوّل سكان الأرض وهو رجل الكهف الذي لجأ للصيد والقتال باستخدام ما اكتشفه من سموم في النباتات والحيوانات السامة، ومع تطور البشر واكتشاف المزيد من المواد السامة كالأفيون والمعادن؛ استخدموها في عمليات الإقصاء والاغتيال كما في مقتل سقراط وكليوباترا، ليأتي عصر النهضة حيث رست أوّل دعائم علم السموم على يد العالم باراسيليوس (Paracelsus) في القرن السادس عشر، وأورفيلا (Orfila) مع الثورة الصناعية الكيميائية في منتصف القرن التاسع عشر.
استطاع باراسيلسوس تحديد السمية الكامنة في بعض الأنواع النباتية والحيوانية، كما حدد مفهوم العلاقة بين الجرعة والاستجابة من خلال جملته الشهيرة "كلّ المواد سموم، إنها الجرعة فقط ما يصنع السم"، أما أورفيلا الذي أُطلق عليه لقب مؤسس علم السموم فاستطاع شرح التأثيرات المختلفة للسموم على أعضاء الجسم.
في القرن العشرين الحديث، شكلت الاكتشافات العلمية الحديثة نقلةً نوعيةً في علم السموم؛ نظرًا لما حملته تلك العقود من تطورّات في مجال الحمض النووي DNA وطرق الحفاظ على الوظائف الحيوية في الجسم؛ بالتعرّف على طرق تأثير السموم على الأعضاء وصولًا إلى المستوى الجزيئي في التحليل. أدى هذا التسارع والتطور في المنهج العلمي في العصر الحديث إلى تطور علم السموم إلى شكله الحالي.
السم وعلم السموم
يعود أصل كلمة Poison إلى الكلمة اللاتينية Potionem؛ ويُقصد بها أية مادةٍ كيميائيةٍ تدخل الجسم إما عن طريق الفم كالشراب والطعام، أو بالتنفس عن طريق الأنف، أو عبر الجلد كما في الحقن أو اللمس، مُسببةً المرض وحتى الوفاة، تتواجد هذه المواد في حياتنا وخلال ممارساتنا اليومية؛ سواء في العمل والمنزل والمدرسة والشارع، بشكلٍ متعمّد أو عرضيٍّ، كما في المواد الكيميائية والصناعية ومبيدات الآفات، وفي التعامل اليومي مع الأدوية المنزلية، أو مع الأنواع الحيوانية والنباتية السامة، أو ما يصل إلينا من غذاء ملوث بمواد سامة، مُسببًا أعرضًا مختلفةً تتراوح بين الفورية (كما حدث مع بياض الثلج وتفاحتها المسممة)، وكما يحدث لدى التعرض لحامض البطاريات و المنظفات المنزلية، وتغييراتٍ طفيفةٍ تحتاج شهورًا وسنينًا لتسبب المشاكل الصحية كما في التعرض للمعادن الثقيلة.
وبالتالي يمكن تعريف علم السموم على أنه العلم الذي يهتم بدراسة الآثار الضارة للعوامل الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية على الكائنات الحية والنظام البيئي، بما في ذلك منع هذه الآثار الضارة والتخفيف منها، وقد يصنّفه البعض على أنه أحد فروع علم السلامة، فمهمته الأساسية هي تصنيف وتحديد المواد السامة وآلية تأثيرها، وتحديد مستويات الاستجابة للسموم بتحديد نوع العضو أو الخلايا المستهدفة، للحد قدر الإمكان من آثارها السلبية.
العوامل المؤثرة على السمية
ربما قد تفاجئك ردة فعل جسدك بعد تناول غذاء فاسد، في حين لم يبدي أخوك أية رد فعل على الغذاء الفاسد ذاته، فهل تساءلت عن السبب وراء تفاوت أعراض التسمم؟ فهو ما يُطلق عليه اختلاف درجة السمية، فيعمل علماء السموم دومًا على إيجاد علاقة بين التعرض للسم ودرجة التسمم، ومنه استنتجوا مجموعةً من العوامل المؤثرة على السمية والتي يمكن تقسيمها إلى ما يلي:
العوامل المتعلقة بالمادة الكيميائية
عوامل تتعلق بالتعرض
السم، تاجر الموت، الحل السريع والأقلّ ضجيجًا للكثير من المشاكل السياسية، يروي التاريخ العديد من مؤامرات التسمم التي حاكها البشر، فكيف ننسى محاولة البريطانيين للتخلص من الهنود الحمر بتزويدهم بالأغطية الملوثة بالجدري، وكيف ألقت القوات الكونفدرالية في الولايات المتحدة بجثث الحيوانات المريضة في الآبار، هي قصصٌ مازلنا نسمع بمثيلاتها يوميًّا من انتحار أو موتٍ مفاجئ، تشترك جميعها بالسم، فما هو السم؟ وما أنواعه؟ وآليات عمله؟ هي أسئلةٌ عديدةٌ ربما أستطيع الإجابة عنها في هذا المقال.
نبذة تاريخية
بدايةً وقبل الخوض في بعض المصطلحات التي قد يكون من المهم التعرف بها، لا بد لنا من العودة في رحلة زمنيةٍ إلى الوراء لتبدأ الحكاية مع أوّل سكان الأرض وهو رجل الكهف الذي لجأ للصيد والقتال باستخدام ما اكتشفه من سموم في النباتات والحيوانات السامة، ومع تطور البشر واكتشاف المزيد من المواد السامة كالأفيون والمعادن؛ استخدموها في عمليات الإقصاء والاغتيال كما في مقتل سقراط وكليوباترا، ليأتي عصر النهضة حيث رست أوّل دعائم علم السموم على يد العالم باراسيليوس (Paracelsus) في القرن السادس عشر، وأورفيلا (Orfila) مع الثورة الصناعية الكيميائية في منتصف القرن التاسع عشر.
استطاع باراسيلسوس تحديد السمية الكامنة في بعض الأنواع النباتية والحيوانية، كما حدد مفهوم العلاقة بين الجرعة والاستجابة من خلال جملته الشهيرة "كلّ المواد سموم، إنها الجرعة فقط ما يصنع السم"، أما أورفيلا الذي أُطلق عليه لقب مؤسس علم السموم فاستطاع شرح التأثيرات المختلفة للسموم على أعضاء الجسم.
في القرن العشرين الحديث، شكلت الاكتشافات العلمية الحديثة نقلةً نوعيةً في علم السموم؛ نظرًا لما حملته تلك العقود من تطورّات في مجال الحمض النووي DNA وطرق الحفاظ على الوظائف الحيوية في الجسم؛ بالتعرّف على طرق تأثير السموم على الأعضاء وصولًا إلى المستوى الجزيئي في التحليل. أدى هذا التسارع والتطور في المنهج العلمي في العصر الحديث إلى تطور علم السموم إلى شكله الحالي.
السم وعلم السموم
يعود أصل كلمة Poison إلى الكلمة اللاتينية Potionem؛ ويُقصد بها أية مادةٍ كيميائيةٍ تدخل الجسم إما عن طريق الفم كالشراب والطعام، أو بالتنفس عن طريق الأنف، أو عبر الجلد كما في الحقن أو اللمس، مُسببةً المرض وحتى الوفاة، تتواجد هذه المواد في حياتنا وخلال ممارساتنا اليومية؛ سواء في العمل والمنزل والمدرسة والشارع، بشكلٍ متعمّد أو عرضيٍّ، كما في المواد الكيميائية والصناعية ومبيدات الآفات، وفي التعامل اليومي مع الأدوية المنزلية، أو مع الأنواع الحيوانية والنباتية السامة، أو ما يصل إلينا من غذاء ملوث بمواد سامة، مُسببًا أعرضًا مختلفةً تتراوح بين الفورية (كما حدث مع بياض الثلج وتفاحتها المسممة)، وكما يحدث لدى التعرض لحامض البطاريات و المنظفات المنزلية، وتغييراتٍ طفيفةٍ تحتاج شهورًا وسنينًا لتسبب المشاكل الصحية كما في التعرض للمعادن الثقيلة.
وبالتالي يمكن تعريف علم السموم على أنه العلم الذي يهتم بدراسة الآثار الضارة للعوامل الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية على الكائنات الحية والنظام البيئي، بما في ذلك منع هذه الآثار الضارة والتخفيف منها، وقد يصنّفه البعض على أنه أحد فروع علم السلامة، فمهمته الأساسية هي تصنيف وتحديد المواد السامة وآلية تأثيرها، وتحديد مستويات الاستجابة للسموم بتحديد نوع العضو أو الخلايا المستهدفة، للحد قدر الإمكان من آثارها السلبية.
العوامل المؤثرة على السمية
ربما قد تفاجئك ردة فعل جسدك بعد تناول غذاء فاسد، في حين لم يبدي أخوك أية رد فعل على الغذاء الفاسد ذاته، فهل تساءلت عن السبب وراء تفاوت أعراض التسمم؟ فهو ما يُطلق عليه اختلاف درجة السمية، فيعمل علماء السموم دومًا على إيجاد علاقة بين التعرض للسم ودرجة التسمم، ومنه استنتجوا مجموعةً من العوامل المؤثرة على السمية والتي يمكن تقسيمها إلى ما يلي:
- عوامل تتعلق بالمادة الكيمائية
- عوامل تتعلق بالتعرض
- عوامل تتعلق بالوسط المحيط
- عوامل تتعلق بالكائنات الحية
العوامل المتعلقة بالمادة الكيميائية
- التركيب الكيميائي: لكلّ مادةٍ كيميائيةٍ مجموعة من الخصائص الفيزيائية والكيميائية التي تميّزها عن غيرها، وتعدّ المجموعة الوظيفية أهمها، فهي المعيار في تحديد سمية المادة، على سبيل المثال، يصعب دخول المواد القطبية الغير قابلة للذوبان عبر البروتين الدهني للأغشية الخلوية، فهي أقلّ تأثيرًا سميًّا مقارنةً بتلك المواد اللاقطبية القادرة على اختراق الأغشية الخلوية.
- الجرعة: يرتبط التأثير السام لكل مادة كيميائية بتركيز الجزء المرتبط منها مع المستقبلات في الجسم، فكلما زاد تركيز المادة الكيميائية كلما زادت مفعولها السام.
- النقل الفعّال للمواد السامة: قد تتفاعل المواد السامة خلال حركتها في الجسم مع بعض الجزيئات مما يقلّل من سميتها، أو يُسبب تخزينها في شكلٍ خاملٍ، أمّا لدى محافظتها على الشكل الفعال أثناء حركتها تزداد سميتها.
- التفاعل مع المواد الكيميائية الأخرى: يسبب التعرض لمادتين مختلفتين آثارًا مختلفةً، ويمكن تصنيفها كما يلي:
- تأثير متساوٍ لكلّ مادةٍ على حدا مع تأثيرهما فيما لو تفاعلتا مع بعض، ومن الأمثلة على ذلك التأثير المتماثل لمجموعة من المبيدات العضوية الفسفورية على نشاط أنزيم اسيتيل كولين أستيراز في النقل العصبي.
- التأثير التآزري لمادتين كيميائيتين تتفاعلان معًا لتشكلان مكونًا جديدًا أكثر سميّةً، على سبيل المثال، زيادة التأثير السام على الكبد لدى التعرض لكلٍّ من الإيثانول ورباعي كلوريد الكربون.
- التأثير التثبطي، قد تقلّ سمية إحدى المواد بوجود مواد أخرى، كما يحدث لدى استخدام الديمركابرول مع المعادن الثقيلة في عملية نزعها، مما يؤدي لتقليل سميتها.
عوامل تتعلق بالتعرض
- طريقة التعرض: وأسرعها هو الحقن بالوريد، فتسير مع تيار الدم مباشرة إلى المنطقة المُستهدفة، ويمكن ترتيب طرق التعرض من حيث السمية بشكلٍ تنازليٍّ كما يلي: داخل الصفاق- تحت الجلد- العضلي- الفموي- الموضعي.
- مدّة التعرض: كلّما زادت مدة التعرض للمادة السامة انخفضت معها القيم المحددة للسمية الحادة في الفترات القصيرة، والتي يمكن التعبير عنها بالقيمة LC50 وهي الجرعة اللازمة للقضاء على نفس حيوانات التجربة بعد التعرض للمادة السامة لفترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ، والقيمة LD50 وهي كمية المادة الموجودة في الهواء والتي تسبب القضاء على نصف حيوانات التجربة، أي تزداد سمية أية مادة بزيادة مدة التعرض لها.
تعليق