محمد عبدالحليم عبدالله .. 6 روايات فى السينما

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محمد عبدالحليم عبدالله .. 6 روايات فى السينما

    محمد عبدالحليم عبدالله .. 6 روايات فى السينما


    «سينماتوغراف» ـ محمود درويش

    حين تعانق السينما الأدب، فانك حتما ستشاهد عملا قيما. فالرواية بما تحمله من ثراء درامى ورسم دقيق للشخصيات تضيف بعدا جديد للفيلم السينمائى، وحالة التزاوج بين السينما والأدب شهدتها السينما المصرية والعالمية فى أفضل أفلامها، قد تنتصر لبعض الوقت سيناريوهات كتبت خصيصا للسينما، لكن تعود السينما فى كل مرة الى الروايات الادبية تنهل منها وتحقق نجاحا مزدوجا بها. فنجاح النص الادبى يزيد وشهرته تتسع حين تتجسد شخصياته فى حيوية على الشاشة، وفي كل ذلك نجاح للفيلم الذى وجد فى النص الأدبى ضالته.

    وفى عصر السينما الذهبى كان هناك أدباء كبار شكلوا ملامح السينما المصرية، من بينهم يوسف جوهر وطه حسين واحسان عبد القدوس ويوسف ادريس ومحمد عبد الحليم عبد الله الذى يعد أحد رموز الرواية في الأدب العربي الحديث، وقد تميزت رواياته بثراء في الأحداث والشخصيات ولهذا قدمت السينما ست روايات مهمة من أعماله فى أفلام ناجحة، جاءت على النحو التالى:



    لقيطة فى “ليلة غرام”

    كانت رواية “لقيطة” هي أولى رواياته التي تم تحويلها إلى فيلم بعنوان “ليلة غرام” عام 1951، الذى شهد أول ظهور للوجه الجديد – حينذاك – مريم فخر الدين، وكتب السيناريو والحوار له الأديب صالح جودت، وفي الفيلم تدخل ليلى “مريم فخر الدين” الملجأ وترعاها المرضعة زينب وبعد حين تموت زينب، تتفوق ليلى في دراستها وتعمل لدى طبيب كبير في مستشفى بالقاهرة، تتعرف على كوكب ابنة مرضعتها زينب، تتعرض ليلى لغيرة زوجة الطبيب منها ونتيجة لمؤامرة من الممرضات ضدها يطردها الطبيب، تحصل على عمل في مستشفى بالإسكندرية، ينمو الحب بينها وبين الدكتور جلال ويقرر الزواج منها. يرفض أهله الذين يكتشفون حقيقتها، تعمل كوكب بنفس المستشفى، تدخل والدة ليلى الحقيقية المستشفى وتتقابل مع كوكب التي تعرفها، تسوق الأقدار رجلا طيبا يقنع والد جلال بالموافقة على زواجه من ليلى فهي بريئة.



    عاشت للحب

    وكان ثاني فيلم مأخوذا عن إحدى قصص محمد عبدالحليم عبدالله هو “عاشت للحب” عام 1959 عن قصته “شجرة اللبلاب” من إخراج السيد بدير سيناريو وحوار صالح جودت، وتدور الأحداث حول حسني “كمال الشناوي” الذي يعاني من عقدة تجاه النساء منذ الصغر، جعلته لا يثق بأي امرأة، يسافر إلى القاهرة للدراسة حيث يتعرف على جارته زينب “زبيدة ثروت”، ويقع فى حبها، حتى يقيما علاقة، فيفقد الثقة بها.



    غصن الزيتون

    أما الفيلم الثالث فكان “غصن الزيتون” عام 1962، سيناريو وإخراج السيد بدير. أحداث الفيلم تدور فى أجواء من الشك من خلال عبده (أحمد مظهر) الذي يعمل مدرسا في إحدى مدارس الفتيات بدلا من زميله جمال (عمر الحريري) الذي نال شعبية واسعة بين الفتيات، وخاصة عطيات (سعاد حسني). يتزوج عبده من تلميذته عطيات،ولكن علاقتهما الزوجية ينتابها الكثير من التوتر بسبب شك عبده الدائم في زوجته، واعتقاده بأنها على علاقة بجمال.



    سكون العاصفة

    وجاء الفيلم الرابع “سكون العاصفة” عام 1965، من إخراج أحمد ضياء الدين سيناريو وحوار نبيل غلام. ويدور الفيلم حول أسرة سعيدة تتكون من الأب والأم، والابن شكري” شكري سرحان” والابنة سوسن”آمال فريد” اللذين يدرسان في الجامعة، تموت الأم بأزمة قلبية، وتجد سوسن أن عليها تحمل مسئولية المنزل، فلا تستجيب لحب وحيد صديق شقيقها، يتعرف شكري على ألفت المتزوجة من رجل عجوز وتبحث عن الحب. في الوقت الذي يهمل فيه الأب أولاده ويسعى للزواج من الأرملة فاطمة التي تعمل في مكتبه. تحاول سوسن إعادة ترميم حياة الأسرة وإعادة المياه لمجاريها.



    قصر فى الهواء

    أما خامس أفلامه فكان” قصر في الهواء” إخراج عبدالحليم نصر، سيناريو وحوار مأمون الشناوي وعبدالحليم نصر وصدر عام1978.

    يربط الحب بين سحر “يسرا” والشاب راضى “مصطفى فهمي”، عندما يطلبها للزواج ترفض لأنها فى الحقيقة فتاة فقيرة ومسئولة عن أسرة كبيرة العدد، يجرحها راضى ببعض الكلمات ويذهب للإلتحاق بالبحرية، يكتشف الموسيقار عزيز موهبة سحر فى الغناء، فيتعهدها بالتدريب والرعاية، تعمل فى مدرسة بحر البقر، وتنجو عند إلقاء إسرائيل القنابل عليها. وعلى المدى الطويل تصبح مطربة ذائعة الصيت، ويحاول الموسيقار منصور “يوسف شعبان” التقرب من سحر إلا أنها تصده لأنها مازالت باقية على حبها الأول، لراضى، تكاد أن تخطب لرجل سبق له الزواج، فتهرب وتعاود البحث عن حبيبها، تبحث عنه فى كل مكان، تقابل أصدقاءه لتعرف مكانه، فى النهاية تقابله ويعود الماضى من جديد، ويقررا الزواج.



    الليلة الموعودة

    أما الفيلم السادس والأخير فهو”الليلة الموعودة” 1984، إخراج يحيى العلمي سيناريو وحوار محمد أبو يوسف، شريف المنباوى. ويدور الفيلم حول فتحى “أحمد زكي” الشاب الذي يتاجر فى البضائع المهربة من بورسعيد ويعيش مع أمه بهية “كريمة مختار”، يجمع الحب بينه وبين جارته فكيهة ” تيسير فهمي” التى تشجعه على استكمال دراسته، تنجح الخاطبة ام إمام فى إقناع أمه بهية بالزواج من سيد “فريد شوقي” وهو نصاب محترف يتزوج من النساء الثريات للاستيلاء على أموالهن. يحاول فتحى منع هذا الزواج إلا أن سيد ينجح فى الاستيلاء على أموال الأم، ويخطط فتحى للوصول إلى قلب لواحظ “سماح أنور” ابنة سيد عن طريق الخاطبة، ويطلب منها أن تتزوجه رغما عن أهلها، يعرف سيد النصاب بما دبره فتحى لابنته، فيوافق على شروطه، ويتمكن فتحى من رد أمواله ويتزوج من فكيهة.



    الأديب الرومانسى

    ولد محمد عبدالحليم عبدالله، بقرية “كفر بولين” بمحافظة البحيرة، فى 20 مارس 1913، فى أسرة متوسطة، كان والده فلاحاً يملك بضعة أفدنة، وقد ورث طبيعته الحساسة وحسه الفنى عن أمه، التى كانت محبة للفنون السائدة فى ذلك الوقت، مثل الأناشيد والأذكار والأغانى، التى كان يرددها المداحون فى مواسم الحصاد. وكانت أمه أول شخصية أثرت فى شخصيته ووجهت حياته، فهى التى أرسلته للقاهرة لإكمال تعليمه، وكان قد حفظ القرآن الكريم فى السادسة من عمره، ثم انتقل للقاهرة لاستكمال تعليمه الثانوى والتحق بكلية دار العلوم وعمل عقب تخرجه محرراً فى مجمع اللغة العربية وأثرت دراسته بكلية دار العلوم فى أسلوبه الأدبى،. وأتاح له عمله فى مجمع اللغة العربية فرصة الاطلاع على أنواع أخرى من الأدب فقرأ لـ«العقاد»، و«طه حسين»، و«المازنى»، و«حافظ إبراهيم»، و«شوقى»، و«مطران». كما أطلع أيضاً على أنواع المعرفة الأخرى مثل الفلسفة والتاريخ والأدب المترجم من اللغات الأخرى.

    حاول فى بداياته أن ينظم الشعر، لكنه تحول إلى كتابة القصة، وألف أولى رواياته «غرام حائر» فى الثامنة عشرة من عمره، وهو طالب فى دار العلوم، لكنه لم يكن راضياً عنها واعتبرها عملاً بلا قيمة ولأنه كان خجولاً فلم يطلع عليها أحداً من الأدباء ولم ينشرها فى حياته، لكن أسرته نشرتها بعد وفاته حفظاً لتراثه.

    وكانت رواية (لقيطة) أولى رواياته التى نشرها وقد لاقت نجاحاً كبيراً، وقد دخل بها مسابقة للرواية فى مجمع اللغة العربية تحت اسم مستعار وحصلت على الجائزة الأولى واشتهرت الرواية أكثر من الكاتب.

    تعد «لقيطة» بداية انطلاقته الأدبية، لكن نقلته الأدبية الكبيرة كانت بعد أن حصل على جائزة الدولة فى الأدب، عام 1953 عن رواية (شمس الخريف) وحصل على بعثة لفرنسا فى نفس العام، فتعلم اللغة الفرنسية وتفتحت مداركه الأدبية والإنسانية على عالم آخر وثقافة أخرى مختلفة.

    وتميز أسلوبه بالرصانة والوصف الدقيق للمشاعر الإنسانية والأماكن التى تدور فيها الأحداث، كما حرص على استخدام اللغة العربية الفصحى وابتعد عن اللهجة العامية حتى فى حوارات الأبطال وهو ما أخذه عليه النقاد واعتبروه اهتماماً باللغة على حساب مضمون الرواية، وأن الأبطال يتحدثون بلسان الكاتب حتى لو كانوا أميين، لكنه كان يرى أن الأسلوب كالموسيقى التى يجب أن تصاحب الرقص، فالرقص دون موسيقى، حركات نصف حية كذلك العمل الفنى بلا أسلوب، رقص بلا موسيقى.

    وقد تنوعت شخصيات محمد عبدالحليم عبدالله الروائية لكنها فى معظمها كانت تميل للمثالية والتمسك بالفضيلة، وركز فى أعماله الأدبية على نموذج الريفى الذى استقر فى المدينة وكذلك تميزت فى أعماله النماذج النسائية، فالمرأة عنده شخصية إيجابية محركة ومؤثرة فى الأحداث، كما اهتم فى أعماله الأدبية بالأحداث السياسية المختلفة ومشكلات الطبقة المتوسطة بشكل خاص، لقب محمد عبدالحليم عبدالله، بالأديب الرومانسى، و«شاعر الرواية العربية» وكان يرى الحب فى كل شىء وكان يتعمق فى رؤية فلسفية للحب فيرى أنه سبب الحياة وسبب الفناء وسبب العبادة وسبب الإبداع ويقول عن الحب: إنه دخل من النوافذ لكنه لا يخرج منها، يدخل ملتصقاً متسلقاً لكنه إذا أراد أن يخرج سمعنا صوت تحطيم الأبواب المغلقة، يدخل نسيماً ويخرج عاصفة. إننا نأخذ نتاج الحب من أدب وفن ولا نفكر فى عدد ساعات الأرق ولا عدد حبات الدموع، التى كانت أشبه بمخاض الولادة.
يعمل...
X