مقترحات لإحياء المواهب الفنية في المدارس
علي العفيفي
الإثنين 02 يناير 202311:45 متابعونا:
مقترحات لإحياء المواهب الفنية في المدارس
قدم مثقفون وتربويون، مقترحات لإحياء المشروع الثقافي والفني في المدارس من أجل اكتشاف مواهب فنية في مجالات المسرح والدراما والكتابة الأدبية والموسيقى، مؤكدين أن البذور الأولى للموهبة الفنية تُسقى من خلال مدارس الدولة. دعوا وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي إلى تبني مشروع «مبدع الغد» الذي يشارك فيه الفنانون والأدباء كمحاضرين زائرين لمادة جديدة باسم «الإبداع» في المدارس، ومشروع إنشاء معهد للموسيقى والدراما لطلبة المرحلة الإعدادية، وزيادات الشراكات مع الجهات الفنية لتكثيف حضورها في المدارس، وإشراك المواهب الفنية في المسابقات الدولية لتنمية الموهبة. وأشاروا إلى أن النخب الفنية القطرية التي ظهرت بداية من سبعينيات القرن الماضي برزت بفضل دور المدارس والكشافة في تنظيم فعاليات ومسابقات فنية في المسرح والموسيقى، معتبرين أن غياب هذا الدور في المدارس تسبب في فجوة إبداعية ما زالت موجودة إلى الوقت الراهن.
د. حسن رشيد: نحتاج لمعهد في الموسيقى والدراما لطلبة «الإعدادية»
رأى الدكتور حسن رشيد الكاتب والناقد المسرحي، أن تراجع دور مدارس الدولة في اكتشاف المواهب الفنية ليست حالة محلية بل عربية، مشيرا إلى أن الوضع الراهن في المدارس مختلف عن المدارس في الماضي التي كانت تضم قاعات للموسيقى والمسرح والرسم وتضم مدرسين متخصصين في هذه المجالات.
واعتبر رشيد أن غياب هذا الدور أدى إلى فراغ حقيقي في الإبداع لدى الأجيال الحالية ولم تعد تثمر للمجتمع أسماء مثل ناصر عبدالرضا أو جاسم الأنصاري الذين ظهروا بفضل التنافسية في المراحل المدرسية المختلفة.
وأشار إلى أن الظهور الأول للمسرح في السبعينيات بالدولة كان تحت وزارة المعارف آنذاك (وزارة التربية والتعليم حاليا)، منوها أيضا إلى دور الفعاليات الفنية للكشافة في إخراج فنانين مثل علي عبدالستار. وشدد على أن شح الفعاليات الفنية خلق فجوة إبداعية، ولم يعد لدى الدولة عازفون جدد في الكامنجة والأكورديون، معتبرا أن الجهات المعنية تسابق الزمن في المجال السياسي والرياضي إلا أنها في المجال الإبداعي «غائبة».
وطالب د.رشيد بإعادة الحياة للفعاليات الفنية المحلية حتى تعود لدور الطليع في المدارس، وخلق تكامل بين كافة الوزارة المعنية لإثراء الإبداع الفني في المدارس، مقترحا إنشاء معهد للموسيقى والدراما للدراسة المسائية لطلبة المرحلة الإعدادية وأن يضم متخصصين في مجالهم للتدريس النظري والعملي، وأن يتخصص راتب شهري للطالب على مدار مدة الدراسة لـ3 سنوات. وحذر من الاستعانة بأشخاص غير مختصين في المجالات الفنية كما حدث في السابق.
د. أحمد عبدالملك: مستعد لإحياء مشروع «مبدع الغد»
رأى الدكتور أحمد عبدالملك، الروائي وأستاذ الإعلام المشارك بكلية المجتمع سابقا، أن المدرسة هي الحاضن الأول للمواهب في كافة الميادين، وأن البذور الأولى للمواهب حتى القيادية، تكون في المدرسة.
مضيفاً « كثيرون يعتقدون أن المدرسة عبارة عن مدرس ومنهج وطالب وهذا تفكير خاطئ، وأعني بذلك أن الطالب عليه أن يجاوب على أسئلة المنهج وينجح طبقاً لذلك، لكن الحقيقة غير ذلك، لأن الطالب له اتجاهات معينة، ومواهب مختلفة، لا يكتشفها لا المدرسُ ولا المنهج». وأكد أن المجتمع مسؤول عن اكتشاف المواهب الفنية بجانب الوزارات المختصة، مشيرا إلى أنه تقدم قبل سنوات بمشروع للمجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث بعنوان «مبدع الغد»، يشارك فيه الفنانون والأدباء؛ كمحاضرين زائرين لمادة جديدة باسم «الإبداع» ولكن للأسف، ضاع المشروعُ في الأدراج.
ودعا وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بالنظر في هذا المشروع قائلا «بُودّي لو قام مسؤول ناصح في وزارة التعليم ببعث هذا المشروع، فحتماً سيكون بدايةً حقيقيةً لاستنباط مواهب جديدة عبر مدارس الدولة».
وعن المبادرات الفردية من المراكز الفنية لإظهار المواهب الفنية بالمدارس، أكد عبدالملك «لا يُمكنها التأثير في مدى إبراز المواهب، لأن العمل الثقافي عمل مؤسسي، وكثيراً ما تعارض العمل الفني الإبداعي مع عقلية المدرس أو المنهج».
وطالب بإدراج مادة «مبدع الغد» في المناهج، مؤكدا استعداده بتقديم المشروع وأسماء المحاضرين في المسرح والفن التشكيلي والقصة القصيرة والرواية والموسيقى، والصحافة، وغيرها من المناشط والتخصصات، وأنه من المهم وجود شخص يؤمن بالخطوة الأولى نحو اكتشاف المواهب وتنميتها.
واعتبر أن نجاح هذا المشروع يتوقف على ضرورة إيمان الوزارة بأهمية حصر وإبراز المواهب، كمشروع وطني، ثم إعداد خطة للمجالات التي يُمكن البدءُ بها، وتعميم ذلك على كل مدارس قطر، مستشهدا بنجاح المهرجان المسرحي للجامعات في إبراز المواهب الجديدة.
واعتبر أن «الطلاب بحاجة إلى حُسن اكتشاف، وهذا لا يتأتى عبر منهج خامل ينفرُ منه الطالب، بل بوجود شخصيات مؤثرة تُثري المنهج» متسائلا «ماذا تتوقع عندما يُحاضر الفنان غانم السليطي أو عبدالرحمن المناعي عن المسرح؟، وماذا تتوقع عندما يُحاضر الفنان يوسف أحمد أو سلمان المالك أو حسن الملا عن الفنون التشكيلية، أو عندما يُحاضر د. حسن رشيد عن النقد الأدبي، وماذا تتوقع عندما يُحاضر الفنان محمد المرزوقي أو الفنان مطر علي عن الموسيقى؟».
فضل اليافعي: فصول للموسيقى والمسرح في المدارس الجديدة
قال الأستاذ فضل اليافعي مدير مدرسة ابن سينا الثانوية للبنين، أن المدارس الجديدة في الدولة أصبحت أكثر مراعاة لتنمية المواهب المدرسية خاصة في المجالين الموسيقي والمسرحي، موضحا أن مدرسة ابن سينا إحدى المدارس الجديدة التي تضم فصلا للموسيقى وفصلا للمسرح. وأضاف اليافعي إن المدارس الجديدة متكاملة وعلى أحدث طراز، موضحا أن المدرسة ستعمل بكامل طاقتها لرعاية المواهب الفنية مع بداية العام الأكاديمي المقبل، لأنها ستحتاج لمدرسين متخصصين في الموسيقى والمسرح، موضحا أن الوزارة حريصة على اكتشاف الموهوبين في المجالات الفنية مثل الرسم والمسرح والدراما. وأوضح أن المدرسة في هذا العام الأكاديمي ألغت المادة الاختيارية الحوسبة للتركيز على مادة الفنون البصرية لطلبة الصف الحادي عشر المسار العلمي، بينما سيتم أيضا تطبيق هذا الأمر على طلبة الصف الثاني عشر العام الأكاديمي المقبل، مما يعكس الحرص على الاهتمام بهذا الجانب الفني. واعتبر أن الدور الرئيسي في اكتشاف المواهب الفنية لدى الطلبة يقع على المدارس ابتداء من المرحلة الابتدائية، بالإضافة إلى الشراكات مع المراكز والجهات الفنية بالدولة.
ورأى اليافعي، أن المعلم هو المرآة العاكسة للمواهب داخل الفصول سواء كانت في الشعر أو الرسم أو التمثيل أو الكتابة الدرامية، إلى جانب إبلاغ بعض أولياء الأمور لإدارات المدارس عن المواهب التي لدى أبنائهم من أجل تنميتها وتعزيزها داخل المدرسة بإشراكهم في مسابقات محلية أو دولية. وأكد أن إفراز مواهب فنية في المدارس يتطلب شراكات أكثر من خلال قسم رعاية الموهوبين والمشاركة بشكل أوسع في المسابقات الفنية المحلية أو الدولية.
نجلاء الكواري: توجه لتنمية قدرات المواهب
أكدت الأستاذة نجلاء الكواري مدير مدرسة ماريا القبطية الإعدادية للبنات، أن وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي حريصة على تفعيل الجهود المدرسية من أجل اكتشاف المواهب الفنية، موضحة أن قسم رعاية الموهوبين في إدارة التربية الخاصة التابع للوزارة
وقالت الكواري إن المدارس لديها توجه في تنمية المواهب الفنية لدى الطلبة وتحفيزهم على إعداد خطة الطالب لتنمية موهبته وأن تقوم المدرسة بتوفير الأدوات اللازمة لهم، مبينة أن بعض مدارس الدولة تدرس التربية الموسيقية والتربية المسرحية وتوجد جهود ملموسة في هذا الجانب الفني لطلبة المرحلتين الابتدائية والإعدادية.
وأضافت إن هناك تعليمات من إدارة رعاية الموهوبين بحصر المواهب الفنية وتوفير الفرص لها، مؤكدة أن المدارس تخوض منافسات فنية متنوعة، إلا أن الأمر ليس معمماً على كافة مدارس الدولة.
وشددت الكواري على أن مدارس الدولة لديها باع كبير في رعاية مواهب الرسم والأعمال اليدوية، ولديها خطط متكاملة في هذا الإطار، موضحة أن المدارس تنافس بقوة في المعارض والمسابقات الخارجية التابع لليونيسكو أو التي يطرحها قسم الفنون البصرية بالوزارة، وتقوم المدارس بعرض الأعمال الطلابية نهاية كل عام أكاديمي.