كيف يكون النوم في حياة الإنسان ( 2 ).- ترجمة:Mohammed Dunia

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف يكون النوم في حياة الإنسان ( 2 ).- ترجمة:Mohammed Dunia


    Mohammed Dunia

    ١٧ سبتمبر ·
    مقالات مترجمة لعلها تحمل فائدة ( تتمة)
    النوم في حياة الإنسان ( 2 )
    مجتمعاتنا الراهنة مريضة في نومها. ملايين الأشخاص ينامون أقل مما ينبغي أو بشكل سيء. ويمكن أن تكون أسباب ليلة النوم الرديئة عديدة وغير متوقعة: الإعياء، والاضطرابات الوراثية، وانقطاع النَفَس و أيضاً القصور الكلوي، وفقر الدم، والداء السكري. ويستلزم كل ذلك تشخيصاً طبياً باستمرار.
    اضطرابات وأمراض شائعة
    هناك شخص من كل ثلاثة أو شخص من كل اثنين يعاني، أو عانى، من اضطرابات النوم. ويشكو من ذلك بشكل خاص 10 % من السكان. ونحو 5 % من السكان هم ضحايا النعاس النهاري. وتعاني النسبة نفسها من متلازمة انقطاع نفس النوم ومن المؤكد أنه يوجد مثلهم، إن لم يكن أكثر، ممن يعاني من حالات متلازمة تهيُّج الأطراف السفلية العصبي.
    والأرق متعلق بالجنس: النساء أكثر أرقاً من الرجال بنسبة 4 إلى 8 % بين المصابين بالأرق. والغريب أن أقلية صغيرة ممن شملتهم الدراسات يتناولون الأدوية من أجل أن يناموا.
    الحاجة إلى التحرك
    لم يشر أحد إلى هذه الحاجة إلى التحرك إلا في السنوات الأخيرة. إنها نوع من الاضطراب الذي يتجلى على شكل ضيق أو عدم راحة، حيث يحس الشخص بأنه مضطر للحركة. وتصيب هذه المتلازمة المريض في أثناء الراحة، جالساً كان أم مستلقياً، في الطائرة مثلاً أو في السينما أو خلال الغفو… وعلى الشخص أن ينهض ويتحرك، فيتلاشى ضيقه. إلا أن هذا الإحساس يعيقه عن النوم، وينهكه. وكثيراً ما لا يتم تشخيص هذه المتلازمة، الشائعة للغاية. ويمارس المصابون بها " علاجات " شخصية ( ألعاب فيديو، تدليك، مشي.. )، ويلجأون، بشيء من النجاح، إلى مختلف الأدوية.
    اضطرابات النوم هي غالباً وراثية. وتؤكد دراسات عديدة أهمية العوامل الوراثية، خصوصاً في متلازمة " توعك ( تنمّل ) الساقين " وفي متلازمة انقطاعات نفس النوم.
    خطر الشخير
    في المتصور السائد أن الشخير دليل على النوم العميق. لكن الحقيقة شيء آخر: الشاخر هو مكافح يحاول إدخال كمية كافية من الهواء. وينجم هذا الصوت عن اهتزاز جوانب البلعوم. وتصل شدته إلى 60 دسيبل، وهو ما يعتبر تلويثاً حقيقياً. وبين الشخير والأرق علاقة مزدوجة: لأنه يمنع الشريك من النوم، ولأنه ناتج أيضاً عن انكماش في البلعوم يلائم انقطاع نفس النوم، توقف التنفس. تُحْدث حالات انقطاع نفس النوم الليلي فترات استيقاظ وجيزة تتيح تشغيل العضلات الموسِّعة للبلعوم وفتح الطرق التنفسية. ونميز عموماً الشخير العادي لمتلازمة انقطاع نفس النوم الانسدادي، وهو مرض حقيقي ذو نتائج خطيرة احتمالاً، خصوصاً على المستوى القلبي – الوعائي. وتعالج هذه الحالة المرضية بطرق مختلفة، منها الحمية ( الابتعاد عن الكحول والتبغ )…
    أولئك الذين لا ينامون كفاية
    يعاني المصابون بالأرق، الذين يتقلبون كثيراً في الفراش، ويعجزون عن طرد الأفكار من رؤوسهم، من العجز عن الاستسلام للنوم، هذه الراحة الحتمية، التي تساعد الجسم على تجديد نشاطه.
    ما تزال البحوث حول نوم الإنسان واضطراباته حديثة. ويوماً بعد يوم، تزداد معارفنا حول طبيعة الأرق، وأسبابه ونتائجه، فتيسر لنا سبلاً حول إمكانات العلاج. ويعرف الأرق بوجود واحد على الأقل من الاضطرابات التالية:
    صعوبة الغفو ( استغراق أكثر من ثلاثين دقيقة للتوصل إلى النوم ).
    وجود فترات استيقاظ ليلية ( حدوث استيقاظين على الأقل، كل منهما لمدة تزيد عن عشرين دقيقة في الليلة الواحدة ).
    الاستيقاظ على نحو مبكر كثيراً ( أن يستيقظ الشخص قبل ساعة من الوقت المحدد، ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع منذ شهر على الأقل ).
    ولكن، لا يمكن الحديث عن وجود أرق دون الإشارة إلى انعكاساته على نهار اليوم التالي: اضطرابات في الانتباه، والتركيز، والذاكرة، واضطرابات في المزاج ( هيوجية؛ غم.. )، وصعوبة في إنجاز المهام اليومية.
    لقد اعتقد لزمن طويل أن الأرق ناجم فقط عن أسباب " نفسية ". ومن هنا بعض الشعور بالذنب لدى الأرقيين، الذين يعتقدون بأنهم " مسؤولون " تقريباً عن أرقهم. في الواقع، منشأ الأرق هو أعقد من ذلك بكثير. يمكن أن تكون أسباب الأرق قلبية مثلاً ( عوارض اضطرابات نَظْم )، وتنفسية ( حالات انقطاع نفس النوم، والربو، واضطرابات تحسسية )، واضطرابات الغدد الصم (الداء السكري، واضطرابات درقية)، واضطرابات رثوية، وعصبية، ودوائية. هناك أكثر من مائة دواء من الأدوية الشائعة الاستعمال تجعل النوم مضطرباً.
    من المؤكد أن الأسباب النفسية أو النفسانية ( الاكتئاب، والقلق ) تؤدي إلى اضطراب النوم. وغالباً جداً، يأتي الأرق النفسي من صعوبة استسلام الأرقيين للنوم: إرادة التدقيق والسيطرة على كل شيء، والخوف من الموت، والخوف على الأقرباء، والأبناء. هذه المخاوف، غير العقلانية غالباً، تجعل المرء في " حالة ترصد " مستمر خلال الليل. ويمكن أن تسبب بعض ذكريات الطفولة المبهمة هذه الصعوبة، ومن هنا أهمية حسن تربية النوم عند الطفل للوقاية من الأرق في الرشد. وقد بين أحد التحقيقات أن سبب حالات الأرق الشديد لدى أكثر من 50 % من الأرقيين يعود إلى حدث أدى إلى إطلاق هذه الحالات ( حداد؛ مشكلة مهنية؛ مشكلة صحية… ). إذن، يمكن النظر غالباً إلى هذا المرض على أنه من قبيل الإصابات الرضية – الجرحية التي تنجم عن سقوط أو عن حادث.
    ومؤخراً، وضعت منظمة الصحة العالمية برنامجاً دولياً لدراسة نتائج الأرق في العالم: مشروع "النوم والصحة". والحالة هي التالية: يصيب الأرق واحداً من كل خمسة من سكان الأرض. وللأرق انعكاسات على تربية الأطفال، وحياة المصابين به الشخصية والمهنية. إذن، فللأرق نتائج اقتصادية واجتماعية هامة. مع ذلك، لا يدرس النوم والأرق في كليات الطب ولا لدى مهنيي الصحة. وهدف منظمة الصحة هو إيجاد وسائل بسيطة للكشف عن الأرق ومعالجته.
    هل هناك أمل علاجي للأرق؟ تطور العلاج الدوائي كثيراً وتم خلال نصف قرن استبدال البربيتورات ، التي تصرع متناولها ليلاً وطيلة النهار، بمنومات فعالة وذات تأثير أدق.
    وإلى جانب هذا العلاج، يسعى الاختصاصيون والباحثون إلى تطوير عناية سلوكية وسببية لعلاج اضطرابات النوم. إن انتظام التوقيت، والالتزام بقواعد النوم الصحية وحسن فهم ساعته البيولوجية الداخلية هي أسس تعلم السيطرة على النوم بشكل أفضل.
    أولئك الذين ينامون كثيراً
    أن تستيقظ وأنت منهك تماماً من نوم عميق وثقيل، وتغفو أمام إشارات التوقف وتوقظك منبهات السيارات، وتغط في النوم قبالة فيلم نابض بالحياة، وتفقد الوعي وأنت تعيش لحظات متعتك، باختصار، أن تعيش باستمرار نائماً وكأن لياليك السابقة سهر وسهاد، فأنت مفرط النوم، ويالها من قسمة بئسة ومحزنة.
    بالنسبة للكثيرين، تعني عبارة " اضطرابات النوم " أولاً الأرق، الذي مر به كل منا مرة على الأقل في حياته. مع ذلك، فرط النوم أو طول الوقت الإجمالي للنوم ( ليلاً مع النهار ) ورفيقه الآخر الوَسَن، هما من الأعراض التي لا تقل إيلاماً عن قلة النوم، إن لم نقل أكثر.
    السَبَخ – الجُمْدَة
    إنه مرض عصبي ذو طابع نفساني، يمكن أن يظهر في كل الأعمار وله خاصية أسرية دائماً ( تقريباً ). ويعتبر أكثر الأمراض البشرية وراثيةً. والسَبَخ يعني هجمات النوم: المفاجئة، التي يمكن أن تسبب حوادث سيارات. ويتعرض المصابون به للكثير من المواقف، كأن يناموا على مائدة الطعام، أو خلال الدرس، أو في أثناء النقاش، وسواها من الأوضاع الصعبة. وبشكل عام، تتعاقب هجمات النوم في أوقات الوسن المتنامي الشدة. وعقب فترة من المقاومة، يغفو المسبوخ لبضع ثوان.. أو لبضع ساعات ويشعر بأنه في وضع جيد عند الاستيقاظ. ويمكن أن يحدث له ذلك عدة مرات في اليوم. والجمدة هي فقد التوتر العضلي الناجم عن الانفعالات: يمكن أن تحدث القهقهةُ، والخوف، والمفاجأة، والغضب…هذا الشلل الرخو، والعابر، والتام ( يجد صاحبه نفسه على الأرض ، كأنه دمية رخوة ) أو الجزئي (ارتخاء الساقين، والرقبة، وفتح الفم … ). ويتعرض المصاب بالجمدة لهلوسات عند الغفو أو عند الاستيقاظ: يخفق في المشي، ويسقط في الحفر، ويرى ألواناً، ويسمع أصواتاً، ويشعر بوجود أشياء على جلده. وحالات الشلل ليست نادرة ولا نوعية في هذا المرض. يجد المريض نفسه مشلولاً تماماً ولاهثاً بهذا القدر أو ذاك في نهاية الليل أو القيلولة. ورغم أن الأمر مثير للقلق في البداية، غير أنه ليس خطيراً، وهو ينقضي دائماً بعد عدة دقائق. أخيراً، المسبوخون هم أرقيون كبار بشكل عام.
    فرط الحاجة إلى النوم غامض المنشأ هو أكثر ندرة أيضاً: إنه بكل بساطة النوم الطويل، حتى ست عشرة ساعة أو أكثر في اليوم، مما لا يترك سوى فسحة قليلة للعيش، أما الأسباب فمجهولة.
    متلازمة انقطاع نفس النوم ليست نادرة، وتصيب الرجال فوق سن الخمسين، والبدينين، والمصابين بفرط ضغط الدم والمدمنين على الكافيين. وتتحدث بعض الزوجات عن شخير أزواجهن، وعن حالات توقف التنفس واستئنافه الصاخب. وتنتاب هؤلاء، ليلاً، رغبة متواترة في التبول، وحالات تعرق. وفي النهار، يظهر لديهم وسن هام، وتكون لهم قيلولات طويلة ومتواترة، فضلاً عن وجود اضطرابات ذاكرة، شديدة أحياناً. وعدا ذلك، تشكل هذه المتلازمة عامل خطر بالنسبة للاحتشاء، وحوادث السيارات، والاكتئاب، والعجز، والخرف. هناك مبررات كثيرة للنظر إلى هذا المرض بكل جدية.
    من أسباب فرط النوم الأخرى
    _ الاكتئاب، خصوصاً الشكل الخريفي الذي يقرن بين التعب، والغم، والنهم للأطعمة السكرية.
    _ الثلث الأول من الحمل. والحالة هنا طبيعية تماماً..
    _ الإعياء، الاحتفال..
    _ الأرق، وعدم كفاية النوم، والحالة هنا هي من قبيل التعويض عن نقص سابق في النوم.
    _ المراهقون ينامون كثيراً بشكل عام، ولا يصحون إلا مع وقت الظهر إن استطاعوا ذلك، وهذا ما يضايق الأهل! لكن هذه الحالة سوية ويجب تحملها.
    _ مرض " كلين افن ": هناك فتيان مراهقون، نهمون إلى الطعام، ينامون على فترات، عدة أيام متتالية. وأحياناً تبدو لديهم تصرفات عاطفية غريبة. حينها، تجب استشارة الطبيب.
    وهكذا، فإن فرط النوم يستحق اهتماماً كبيراً، نظراً لانعكاساته على نوعية الحياة ومضاعفاته المحتملة. إن أسبابه، كعلاجاته، متنوعة. لا يوجد دواء شامل لاضطرابات النوم. وقبل اللجوء إلى المنومات، علينا الاستعانة بحسنا السليم، والالتزام بقواعد حفظ الصحة الصحيحة، والابتعاد عن عادات مقاومة النوم كفرط النشاط الذهني المديد في وقت متأخر.
    والمنوم المثالي لا وجود له. وبالتالي، على الطبيب ألا يوازن بين حسنات ومساوىء كل منوم. وفي المطلق، يلزم التزود بمستحضر فعال، عندما يرغب المرء في النوم، دون أن يسبب وسناً نهارياً، ولا يؤثر على انتظام النوم، ولا يمس بالنشاط على المدى الطويل، ولا يتمخض عن تبعية أو عن متلازمة الحرمان، وأن يخلو من التأثيرات غير المرغوبة ومن موانع الاستعمال ( غير موجود حتى الآن ). الشيوخ هم أكثر تأثراً بالتأثيرات الجانبية لبعض الأدوية. وغالباً ما تحدث المنومات لديهم أطوار اختلاطات أو قد تسبب لهم متلازمة انقطاع النفس الليلي.
    وسائل ناجعة
    النوم فقط عند الشعور بالحاجة إلى النوم.
    عدم استخدام السرير إلا للنوم والحياة الزوجية، وليس للقراءة ومشاهدة التلفزيون.
    النهوض من السرير بعد عشر دقائق من عدم القدرة على النوم أو عند الاستيقاظ في منتصف الليل.
    النوم وبالأخص النهوض من النوم في التوقيتات نفسها ( التخلي عن نوم الضحى ).
    الحرص على أن تكون عدة النوم في حالة جيدة، لا قاسية كثيراً ولا رخوة كثيراً.
    عدم ممارسة النشاط البدني أو الذهني المكثف بعد الساعة 19 .
    وبالطبع، الابتعاد عن المنبهات، الشاي، والقهوة، والكحول والوجبات الدسمة. تناول كوب من الحليب قبل النوم.
    لا يعالج أرق المدمنين على المخدرات باستخدام المنومات، بل بحرمان المريض من مخدره. كذلك الأمر بالنسبة للمنومات، فأولئك المفرطون في تناولها تظهر لديهم حالات أرق أيضاً تتم معالجتها بإيقاف الدواء المسؤول، وليس بزيادة الجرعات.
    علاج شامل
    غالباً ما يعني سوء النوم أن الحالة العامة يعتريها الضعف. وتساعد معالجة بعض الأمراض على النوم بشكل أفضل. هاهو مثال من بين أمثلة أخرى كثيرة:يمكن أن يعزز القصور الكلوي أو فقر الدم على ظهور متلازمة تعب الساقين. ومن شأن العلاج المكيف إذن أن يتيح تحسين الحالتين في الآن نفسه. وهنالك حالة أخرى مهمة: الداء السكري وورم غدة البرستاة يضطران النائم للنهوض للتبول. إذن، تداوي العلاجات نفسها، هنا أيضاً، المشكلتين كليهما.
    # عن " الفيغارو " الفرنسية ترجمة محمد الدنيا
يعمل...
X