غوستاف كليمت وايغون شيله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • غوستاف كليمت وايغون شيله

    تحتفي لندن هذه الأيام باستضافة معرض في الأكاديمية الملكية للفنون لرائدي الحداثة في الرسم النمساوي غوستاف كليمت وايغون شيله يعتمد على مجموعة متحف البرتينا في فيينا. وقد كنت محظوظا هذا العام في استباق مشاهدةً هذه المجموعة في متحف البرتينا نفسه، والاهم منها مشاهدة معرض استعادي شامل بمناسبة مرور مئة عام على وفاة شيله (ابرز ممثل للتعبيرية في النمسا) في متحف ليوبولد ضم كمية كبيرة من اللوحات والصور والفوتوغرافية والوثائق، فضلا عن مجموعة أعمالهما في متحف البلفيدير في فيينا ..
    سأضع هنا قدرما تسمح المشاغل بعض البوستات عن حصيلة رحلة الجمال الباذخة تلك...
    لقد وقفت طويلا أمام هذه اللوحة "الموت والعزباء" (Death and the Maiden)، المرفقة مع البوست، في متحف البلفيدير، كنت تعلقت بها منذ أن شاهدتها في كتاب إيستر سَلسدون عن شيله، ويحيل عنوان اللوحة إلى مقطوعة لشوبرت احبها كثيرا هي ( الموت والعذراء، الرباعية الوترية رقم ١٤، التي استلهمها شوبرت من قصيدة للشاعر الالماني ماتياس كلاوديوس بالعنوان نفسه، سبق أن لحنها في أغنية. سأضع رابطا للمقطوعة في التعليق الاول).
    رسم شيله هذه اللوحة بعد أن انقطعت علاقته بعشيقته وملهمته في عدد من أبرز أعماله، فاليري نويزيل (فالي) التي تعرف عليها في عام ١٩١١، وكانت بعمر ١٧ عاما، وكانت حينها موديلا لأستاذه غوستاف كليمت، وربما كانت محظية له. اختار شيله وفالي الابتعاد عن فيينا في بلدة في جنوب بوهيميا ثم بلدة اخرى غرب فيينا، وهناك عاشا نحو أربع سنوات في حياة متحررة انتهت لاحقا بسجن شيله بعد عدم رضا السكان المحافظين عن نمط حياتهما المتحرر واتهامه بإغواء فتاة قاصر.
    اللوحة تحمل كل تلك المشاعر المتناقضة داخل شيله، بين تعلقه بفالي واختياره لاحقا فتاة من الطبقة الوسطى بروتستانتية الديانة زوجة له. إنها ممتلئة بالحنين والرغبة ولكن بالأسى والموات، لذا اختار شيله أن يصور نفسه في صورة الموت (كما في قصيدة الشاعر كلاوديوس التي استلهمها شوبرت في عمله، والذي يخاطب العذراء بأن تعطيه يدها وتنام آمنة مسترخية وراضية ومرضية في أحضانه) وصور ذراعي حبيبته ممطوطتين بطريقة مبالغ بها كي تتمكنان من احتضان جسده المنحني، لكنهما تبدوان واهنتين غير قادرتين على الاحتفاظ بتلك الاحتضانة الهشة والمتعبة، التي حتى أصابع يدي الفتاة لا تتشابكان فيها، بل تلتقيان عبر إصبع واحد له انحناءة ذراع قفل.
    وعلى الرغم من الفتاة لا تنظر في اللوحة إلى عيني الرجل بل باتجاه معاكس، فإن نظرته تبدو في الاتجاه ذاته، لكنها بعين واحدة مواربة ممتلئة بخوف وأسى بينما تضغط أصابع يده على رأسها لتضمها الى صدره وتمنعها من رؤية شيء ما مخيف أمامهما.(ما الذي يمكن أن يخيف شيله الشاب هنا يا ترى؟ ومن سواه؛ ما هو قادم.. الزمن!).
    وينحني جسدا الرجل والمرأة بشكل منسجم مع حركة الأشياء الدورانية المدومة حولهما، ما يجعلهما يبدوان وسط تلك الدائرة كما لو أنهما في عين إعصار مدوم.
    ويبدو أثر هذه الحركة الدورانية واضحا على الشرشف المجعد تحتهما او مشهد الصخور حولهما التي تبدو كأجسام بشرية (يكرر شيله دائما أنه يرى في حركة الطبيعة امتدادا وتماثلا مع حركة الجسد) صبغت بتلك الألوان الطينية الكابية التي طبعت مجمل اللوحة.
    وإذ يبدو الرجل مرتديا ثوب سوادٍ رث واحدا متماسكا فيظهر ككتلة منحنية واحدة، يبدو ثوب المرأة الأحمر وكأنه مؤلف من رقع بأشكال هندسية غير منتظمة أو بتلك البقع اللونية الخضراء والسوداء التي تبقع حمرة الثوب وتمتد إلى ساقيها العاريتين تحت حافة الثوب المسننة.
    يُخلد شيله لحظة وداع حافلة بأقصى التناقضات، لكنها تفيض بحنين وأسى. إنها ليست لوحة، حسب، بل مرثية .. من هنا أثرتها في قلبي.
    من الجدير بالذكر أن المخرج دايتر بيرنر (يلفظ: دايته بيرنه) عندما أخرج فيلما عن حياة شيله اختار عنوان هذه اللوحة
    اسما له.
    الصورة المرفقة بكاميرا الهاتف للوحة في متحف البلفيدير في فيينا
    #egonschiele #belvedere
يعمل...
X