الشرق في تجربة “فريد مارتن”.. تأثير على ملامح الرمز ودلالات العلامة البصرية
بشرى بن فاطمة
عاين الحركة والشكل والتطور المثالي للكتل اللونية تماثل مع الأمكنة وعايش صيغها المفهومية واندرج في تجلياتها البصرية على اختلاف كل بيئة وثقافة وجغرافيا وانتماء وهوية بخبرة لم تترك أثرها على الرؤى الفنية وجمالياتها ولكن تركها على التأملات الناطقة بالحيوية في اللون في الأشكال في اندماجها مع الأحجام التي انتصرت له انسانا وفنانا قدّم على امتداد المراحل أعمالا وثّقت لتاريخ الفن ولحضوره المتجلي في كل تفاصيل أعوام عمره الأربعة والتسعين التي لم يهدأ فيها عن العطاء للفن وللسرد البصري للوحة وللكتابات النقدية والأبحاث الفنية هو التشكيلي الأمريكي فريد مارتن.
ولد فريد مارتن سنة 1927 بسان فرانسيسكو، يتميّز بحيوية الشباب في خوض مغامراته التجريبية ومعاركه البصرية في تكويناتها وأحجامها وفراغاتها بحكمة صامتة مكّنته من أن يستدرج الأفكار ويعيد صياغتها كتبا ولوحات ومواقف، جعلته كاتبا وناقد فنيا وأستاذ فنون ومدير لعدة أروقة ومتاحف بالولايات المتحدة الأمريكية ومشرفا على مسار العديد من الفنانين والنقاد في الولايات المتحدة الأمريكية وفي العالم.
صنع لنفسه مسارا صقلته تجربة واسعة وعميقة عتقتها خبرة السنوات الطويلة التي بدأت منذ سنة 1945 وتشكلت بنضج صاخب الحضور لتجعله رائدا من أبرز رواد الفن التشكيلي في العالم ترك بصماته المؤثرة على تطور الفنون في الصين ومنها حمل ثقافة الشرق لبلاده ونهل من فلسفاتها المميّزة ما جعله رائدا في فنون التجريد والتجريد التعبيري والتجريد الهندسي والتجريد المبني على الحواف الحادة .Hard edge
استطاع فريد مارتن أن يتميّز بأسلوبه ويندفع أبعد بفكره وفلسفته الفنية والجمالية، حيث نجح في ابتكار طرقه الفنية ومسار أسلوبه الشخصي وعلاماته البصرية ورموزه الهندسية التي نهل من دلالاتها من خلال مشاهداته البصرية لزخارف العمارة الشرقية حيث استطاع أن يحول الأشكال لمفاهيم جرّدها من جمودها وفعّل فيها الحركة الماورائية في التعبير اللوني الباحث عن النور بين الظلال والمتماهي مع تجليات الغموض الجمالي المعتق وكأنه ينتشلها من الكتب العتيقة ليرمّمها ويستدرجها أبعد في الخيال عبر الملامح والشخوص المندفعة نحو الأمكنة التي تجلت في الأعمال البصرية التي عبر فيها بشكل مباشر عن الشرق من خلال القباب والزخارف وملامح البيئة أو من خلال الهندسات والأشكال مثل الدائرة التي كثيرا ما دلّ فيها على الكون والتكوين والولادة والانطلاق ودورة الحياة وانعتاق الانسان، وهو ما تفرّد به وفيه من خلال موازينه الخفيفة والثقيلة والمتحوّلة بين الأساليب تجريبيا ما مكّنه من اتباع القواعد الصارمة وتجريبها على رؤاه الحديثة تعبيريا وتجريديا في تجليات الشكل الهندسي مستفيدا من رحلاته بين مدن الشرق ومن مشاهداته للبناء والعمارة ليدمج اللون مع الحرف والزخرف مع الأشكال وليستفيد من التحكم في الفراغ والتماهي مع العمق والانسياب مع السطح بكل ثقة وتوافق.
لا يعتبر مارتن الشرق مجرد منطقة بقدر ما يراه ثقافة متنوعة الأبعاد والتصورات في الخيال والذاكرة في التماثل والاندماج في الملاحم المتشابكة مع الأسطورة والطبيعة وصراعاتها التي تروض الابداع الجمالي بين الأمكنة وتترك أثرها الذي يجيد سرد الحكايات فهو لم يكن مجرد مستشرق عابر بل باحث ناقد تأثر بكل التفاصيل وتجلى معها وفيها لتتراءى على هيئة تجارب فنية ناضجة وقابلة للقراءة العميقة وهو ما ساعده على ابتكار أسلوبه في فترة الخمسينات والستينات من خلال تلك الزيارات بين مصر ومنطقة الشام حيث عمد لأساليب مختلفة واتجاهات بارزة ركز فيها على مشاهد العمارة واندماج اللون والظلال فيها مرتكزا على أسلوب التقليلية الذي جرّده من بلورة الشكل على الفكرة من حيث التكوين والبدء والخصوبة والتكور الداخلي بما يعني الولادة في تفاصيل الإنسانية بين دافع البقاء وصراع ينازع الموت والفوضى.
ن عمر الفنان لا يقاس بالسنوات ومداها على حد تعبير فريد مارتن ولكن بما استطاع أن يفرضه في توازن التواصل الحقيقي بين ثقافته وحضوره ومرونة اندماجه مع بقية الثقافات ليصنع له تاريخا من الفن في تماس الذاكرة دون أن يفقد خصوصيته برغبة تحمله نحو الشغف المجدّد والمتجدد القادر على أن يمنحه استمرارية خالدة.
بشرى بن فاطمة
عاين الحركة والشكل والتطور المثالي للكتل اللونية تماثل مع الأمكنة وعايش صيغها المفهومية واندرج في تجلياتها البصرية على اختلاف كل بيئة وثقافة وجغرافيا وانتماء وهوية بخبرة لم تترك أثرها على الرؤى الفنية وجمالياتها ولكن تركها على التأملات الناطقة بالحيوية في اللون في الأشكال في اندماجها مع الأحجام التي انتصرت له انسانا وفنانا قدّم على امتداد المراحل أعمالا وثّقت لتاريخ الفن ولحضوره المتجلي في كل تفاصيل أعوام عمره الأربعة والتسعين التي لم يهدأ فيها عن العطاء للفن وللسرد البصري للوحة وللكتابات النقدية والأبحاث الفنية هو التشكيلي الأمريكي فريد مارتن.
ولد فريد مارتن سنة 1927 بسان فرانسيسكو، يتميّز بحيوية الشباب في خوض مغامراته التجريبية ومعاركه البصرية في تكويناتها وأحجامها وفراغاتها بحكمة صامتة مكّنته من أن يستدرج الأفكار ويعيد صياغتها كتبا ولوحات ومواقف، جعلته كاتبا وناقد فنيا وأستاذ فنون ومدير لعدة أروقة ومتاحف بالولايات المتحدة الأمريكية ومشرفا على مسار العديد من الفنانين والنقاد في الولايات المتحدة الأمريكية وفي العالم.
صنع لنفسه مسارا صقلته تجربة واسعة وعميقة عتقتها خبرة السنوات الطويلة التي بدأت منذ سنة 1945 وتشكلت بنضج صاخب الحضور لتجعله رائدا من أبرز رواد الفن التشكيلي في العالم ترك بصماته المؤثرة على تطور الفنون في الصين ومنها حمل ثقافة الشرق لبلاده ونهل من فلسفاتها المميّزة ما جعله رائدا في فنون التجريد والتجريد التعبيري والتجريد الهندسي والتجريد المبني على الحواف الحادة .Hard edge
استطاع فريد مارتن أن يتميّز بأسلوبه ويندفع أبعد بفكره وفلسفته الفنية والجمالية، حيث نجح في ابتكار طرقه الفنية ومسار أسلوبه الشخصي وعلاماته البصرية ورموزه الهندسية التي نهل من دلالاتها من خلال مشاهداته البصرية لزخارف العمارة الشرقية حيث استطاع أن يحول الأشكال لمفاهيم جرّدها من جمودها وفعّل فيها الحركة الماورائية في التعبير اللوني الباحث عن النور بين الظلال والمتماهي مع تجليات الغموض الجمالي المعتق وكأنه ينتشلها من الكتب العتيقة ليرمّمها ويستدرجها أبعد في الخيال عبر الملامح والشخوص المندفعة نحو الأمكنة التي تجلت في الأعمال البصرية التي عبر فيها بشكل مباشر عن الشرق من خلال القباب والزخارف وملامح البيئة أو من خلال الهندسات والأشكال مثل الدائرة التي كثيرا ما دلّ فيها على الكون والتكوين والولادة والانطلاق ودورة الحياة وانعتاق الانسان، وهو ما تفرّد به وفيه من خلال موازينه الخفيفة والثقيلة والمتحوّلة بين الأساليب تجريبيا ما مكّنه من اتباع القواعد الصارمة وتجريبها على رؤاه الحديثة تعبيريا وتجريديا في تجليات الشكل الهندسي مستفيدا من رحلاته بين مدن الشرق ومن مشاهداته للبناء والعمارة ليدمج اللون مع الحرف والزخرف مع الأشكال وليستفيد من التحكم في الفراغ والتماهي مع العمق والانسياب مع السطح بكل ثقة وتوافق.
لا يعتبر مارتن الشرق مجرد منطقة بقدر ما يراه ثقافة متنوعة الأبعاد والتصورات في الخيال والذاكرة في التماثل والاندماج في الملاحم المتشابكة مع الأسطورة والطبيعة وصراعاتها التي تروض الابداع الجمالي بين الأمكنة وتترك أثرها الذي يجيد سرد الحكايات فهو لم يكن مجرد مستشرق عابر بل باحث ناقد تأثر بكل التفاصيل وتجلى معها وفيها لتتراءى على هيئة تجارب فنية ناضجة وقابلة للقراءة العميقة وهو ما ساعده على ابتكار أسلوبه في فترة الخمسينات والستينات من خلال تلك الزيارات بين مصر ومنطقة الشام حيث عمد لأساليب مختلفة واتجاهات بارزة ركز فيها على مشاهد العمارة واندماج اللون والظلال فيها مرتكزا على أسلوب التقليلية الذي جرّده من بلورة الشكل على الفكرة من حيث التكوين والبدء والخصوبة والتكور الداخلي بما يعني الولادة في تفاصيل الإنسانية بين دافع البقاء وصراع ينازع الموت والفوضى.
ن عمر الفنان لا يقاس بالسنوات ومداها على حد تعبير فريد مارتن ولكن بما استطاع أن يفرضه في توازن التواصل الحقيقي بين ثقافته وحضوره ومرونة اندماجه مع بقية الثقافات ليصنع له تاريخا من الفن في تماس الذاكرة دون أن يفقد خصوصيته برغبة تحمله نحو الشغف المجدّد والمتجدد القادر على أن يمنحه استمرارية خالدة.