كشف الستار عن غموض قصة جزيرة القيامة
ألغاز جزيرة القيامة
- Post author:وائل الشيمي
- Post published:09/12/2022
- Post category:غموض
جزيرة القيامة أو جزيرة الفصح هي أكثر الأماكن عزلة في العالم، وهي بلا شك الأكثر غموضاً بما تحتويه من تماثيل مواي الحجرية الضخمة التي حيرت الباحثين، كما أن اختفاء سكانها الأصليين أضاف مزيداً من الغموض على الجزيرة. في السطور التالية نتعرف على تاريخ وقصة جزيرة القيامة. ثم نكشف أسرار هذه الجزيرة الغامضة.
قصة جزيرة القيامة
جزيرة الفصح هي أكبر جزيرة في دولة تشيلي، وتقع شرق المحيط الهادئ، وتعرف بأنها موطن تماثيل “مواي” الغامضة. وهي عبارة عن تماثيل حجرية عملاقة يبلغ عددها 887 منحوتة منتشرة في جميع أنحاء الجزيرة، لكن يقع معظمها على الساحل. يبلغ متوسط ارتفاعها هذه التماثيل حوالي خمسة أمتار، على الرغم من أن أكبرها يصل إلى عشرة أمتار، وتزن حوالي تسعين طناً. تم نحتها في مقلع الحجارة البركانية، ثم نقلها إلى موقعها على بعد 20 كم من مكان النحت. وفي بعض الأحيان نجد أن بعض هذه التماثيل دفنت لعدة أمتار تحت الأرض ولا يظهر منها سوى الرأس وجزء من الجذع. ويعود تاريخ بناء هذه المنحوتات إلى القرن الثاني عشر ويبدو أن السكان الأصليين للجزيرة استمروا في هذا التقليد حتى بعد وصول الأوروبيين.
كانت اسم الجزيرة الأصلي هو جزيرة رابا نوي وهو ينسب إلى الشعب الأصلي الذي استوطن هذه الجزيرة “شعب رابا نوي” ويعني الجزيرة الكبيرة. لكن أطلق عليها اسم جزيرة القيامة الرحالة الهولندي جاكوب روجيفين حين صادف يوم اكتشافها عيد القيامة يوم 5 أبريل عام 1722.
اكتشاف الجزيرة
جزيرة القيامة في المحيط الهاديءتبدأ قصة اكتشاف جزيرة الفصح يوم 5 أبريل عام 17722. ففي ذلك اليوم كانت الرحلة الاستكشافية المكونة من ثلاث سفن تحت قيادة المستكشف الهولندي تبتعد عن ساحل تشيلي حين ظهرت على البعد تلك الجزيرة. كان روجيفين قد غادر جزيرة تيكسل في هولندا قبل ثمانية أشهر ليقود رحلة استكشافية قوامها حوالي 250 رجلاً من بينهم 60 جندي. وفي ذلك الوقت كان المحيط الهادىء يؤوي العديد من الأشياء المجهولة، وكان الهدف الأساسي من هذه الرحلة هو العثور جزيرة ديفيس، لقد وصل الهولنديون إليها بالفعل وظلوا فيها لبضعة أيام لكن سرعان ما هربوا منها بعد حادثة غريبة. فلدى وصولهم إلى هنا كان أحد الجنود يسير في أنحاء الجزيرة وفجأة شعر بالخوف حينما رأى نفسه محاطاً بالعديد من الهنود طوال القامة، مما اضطره الذعر الذي سيطر عليه إلى إطلاق النار، وعندما سمع باقي الطاقم صوت طلقات النيران انطلقوا ناحية الصوت وأدى الأمر إلى مقتل العشرات من الهنود. مما اضطرهم في النهاية إلى مغادرة الجزيرة.
كانت جزيرة القيامة تضم ما بين 2000 و 3000 نسمة في ذلك الوقت الذي وصل إليها روجيفين وطاقمه. وسرعان ما قاموا برسم الخرائط الأولى ولم ينسوا بالطبع رسم تماثيل المواي. ثم عادت الرحلة من حيث أتت. وفي عام 1770 عادت قصة جزيرة القيامة للظهور مرة أخرى. حيث انطلقت رحلة استكشافية أخرى تحت قيادة الإسباني كانتابريان فيليبي غونزاليس أهيدو. وخلال هذه الرحلة استولى على تلك الأراضي نيابة عن التاج الإسباني وأطلق عليها اسم “جزيرة سان كارلوس” ، تكريما لكارلوس الثالث. لكن أثناء أحداث انتفاضة العبيد التي بدأت في عام 1860 عاد الاسم القديم للجزيرة وأصبحت رابا نوي مجدداً.
اقرأ أيضًا: أطلانتس المفقودة: قصة اختفاء قارة في ظروف غامضة! |
تاريخ الجزيرة
كانت الجزيرة مأهولة بالسكان في تاريخ غير محدد بين القرنين الرابع والثاني عشر، حين وصل إليها بحارة من بولينيزيا عن طريق زوارق مفتوحة مزدوجة الهيكل حاملين معهم البطاطا والموز وقصب السكر والدجاج وكذلك الفئران. وتشير العديد من الدراسات التي تناولت قصة جزيرة القيامة إلى أن الغطاء النباتي كان غزيراً لآلاف السنين، وتشكل هذا الغطاء بشكل رئيسي من غابات أشجار النخيل، ولكن انتهى به الأمر إلى إزالة الغابات.
تشير بعض التقديرات إلى أن إجمالي عدد السكان في عام 1500 تجاوز 17000 من السكان الأصليين. هذا إذا وضعنا في الاعتبار العديد من العوامل الأخرى مثل الزيادة السكانية، والصراعات العشائرية – بما في ذلك أكل لحوم البشر – وعمل الفئران، ويبدو أن تلك الحضارة بدأت في الانهيار بسبب استنزاف الموارد الطبيعية وكانت على وشك الانقراض. وفي عام 1877، كانت تجارة الرقيق والأمراض قد قضت نهائياً على السكان، ولم يكن هناك سوى 111 هندياً. ومنذ ضمها إلى تشيلي، وعلى الرغم من التقلبات التي عانوا منها الباقون سواء الاضطهاد وسوء المعاملة والفقر واستغلال الموارد حتى منتصف القرن العشرين، إلا أن سكان الجزيرة الأصليين تعافوا ببطء، لكن الكثير من تراثهم الثقافي فقد إلى الأبد.
أسرار جزيرة الفصح الغامضة
تماثيل مواي الضخمةبعد أن تعرفنا على قصة جزيرة القيامة نستعرض سوياً بعض أسرار هذه الجزيرة الغامضة.
تماثيل مواي
نبدأ هذه الرحلة بالحديث عن المنحوتات الحجرية الضخمة التي تنتشر في جميع أنحاء الجزيرة. فهي أحد الألغاز التي لفتت الانتباه إلى هذه الجزيرة. ومن ثم بدأ الباحثون في التساؤل: لماذا تم نحتها؟ وكيف وصلت هذه التماثيل إلى أماكنها النهائية؟ حيث يبلغ ارتفاع بعض التماثيل حوالي 10 أمتار ويزن 82 طناً. لذا فمن المؤكد أنه من الصعب للغاية تحريك مثل هذا الحجم في ذلك الوقت.
لماذا تم بناء تماثيل مواي؟
هناك العديد من الفرضيات التي تشير إلى السبب وراء نحت هذه التماثيل. أحد هذه الفرضيات تشير إلى أن شعب رابا نوي وصلوا من جزيرة أسطورية تسمى هيفا بتوجيه من ملكهم الأول هوتو ماتوا. ثم قسم هذا المجتمع إلى قبائل ادعت أنهم من نسل الآلهة. ومن هناك كان نحت هذه التماثيل التي تمثل تلك الآلهة وأقاموا مراكز دينية للاحتفال بها. لكنهم عانوا من أزمة اكتظاظ سكاني في القرنين الخامس عشر والثامن عشر، مما تسبب في نشوب حروب بين القبائل أدت إلى تدمير مذابح الاحتفالات.
أماكن المياه العذبة
تشير أبحاث أخرى من جامعة ولاية كاليفورنيا إلى أنها تماثيل احتفالية تم وضعها في نقاط استراتيجية توضح أماكن العثور على مياه الشرب، والتي كان من الصعب العثور عليها في الجزيرة. وتم التوصل إلى هذا الاستنتاج لأنه في الأماكن التي لا يوجد فيها مواي لا توجد مياه عذبة، وفي الأماكن التي توجد بها، توجد مصادر قريبة من مياه الشرب.
خصوبة التربة
كما أشرنا مسبقاً إلى أن شعب رابا نوي كان زراعياً. لذا اعتقدوا أن هذه الأحجار المتراصة تحسن خصوبة التربة وتضمن الإمدادات الغذائية، وفقاً لدراسة جديدة أجراها خبراء في جامعة كاليفورنيا. وقد وجد الباحثون أدلة تدعم هذه الفرضية بعد دراسة مفصلة لهذه التماثيل. ومن خلال العمل مع المتخصصين في التربة وعلماء الآثار، وجدوا آثاراً من الموز والقلقاس والبطاطا التي كانت تزرع حول هذه التماثيل. بالإضافة إلى ذلك، أظهر تحليل التربة أن أعمال نحت التماثيل الحجرية، التي تم دفنها جزئياً فيما بعد، وكذلك أعمال الحفر في المحجر زودت التربة بمغذيات مهمة.
كيف نُقلت تماثيل جزيرة القيامة إلى أماكنها؟
في أوائل الثمانينيات، حاول الباحثون إعادة إنشاء بعض التماثيل ونقلها باستخدام الأدوات التي كان لدى سكان الجزيرة في ذلك الوقت. كانت المهمة شبه مستحيلة وتم إجراء محاولات مختلفة لنقل النسخ المتماثلة بطرق مختلفة بعد ذلك، دون نجاح كبير.
قام الأمريكيان تيري هانت وكارل بي ليبو مؤخراً بالتحقيق في النظرية المثيرة التي مفادها أن شعب رابا نوي ربط الحبال حول تماثيل مواي الضخمة ودفعهم للوقوف. وقد تمكن الفريق من تحريك نسخة طبق الأصل 100 متر بهذه الطريقة. هذا على الرغم من الجدال السائد بشأن فلكلور شعب رابا نوي الذي يشير إلى التماثيل كانت تتحرك من خلال السحر.
شعب رابا نوي
إحدى النظريات الأخرى المرتبطة بما حدث في جزيرة القيامة هي تلك التي تقول أن السكان الأصليين أزالوا مساحة كبيرة من الغابات من أجل زراعة الأرض، معتقدين خطأً أن الأشجار ستنمو بسرعة كافية لتحقيق التوازن في البيئة. لكن أدى تزايد عدد السكان إلى تفاقم المشكلة، ولم تكن الجزيرة في النهاية قادرة على إعالة سكانها. حتى أن هناك فرضيات تشير إلى انتشار المجاعة وأكل لحوم البشر.
ومع ذلك، تشير نظرية جديدة إلى أن هناك القليل جداً من الأدلة على حدوث ذلك. حيث كان شعب رابا نوي في الواقع زراعيين متمرسين. وقد أظهرت دراسة مكثفة أن الحقول الزراعية لسكان الجزيرة قد تم تسميدها عمداً بالصخور البركانية. لذا لا تعتقد هذه النظرية أن إزالة الغابات هي ما أودت بحياة سكان الجزيرة.
الفئران
تشير إحدى النظريات إلى أن انتشار الفئران في الجزيرة هو ما أودى بحياة سكانها. تقول النظرية أن عدم وجود الحيوانات المفترسة وفائض الطعام في الجزيرة قد وفر ملاذاً للفئران التي اختبأت في قوارب المستوطنين الأوائل للجزيرة. وعلى الرغم من قيام السكان الأصليين بقطع الأشجار وحرقها، إلا أن الفئران هي التي منعت إعادة نمو النباتات الجديدة.
لكن الفرضية بها خلل. ففي حين أن الفئران ربما تكون قد دمرت النظام البيئي للجزيرة، فقد أصبحت أيضاً مصدراً جديداً للغذاء لسكان الجزيرة. وهذا ما يوضحه اكتشاف عظام الفئران في مقالب القمامة في الجزيرة. حيث يشير إلى أن السكان الأصليين أكلوا القوارض.
النظرية النهائية
تشير بيانات الكربون المشع إلى أن الجزيرة كانت مأهولة منذ قرون عديدة، ولم ينخفض عدد سكانها إلا بعد أن بدأ الأوروبيون في التردد عليها. وبالفعل، يبدو أن المجتمع العلمي شرع في إزالة الغموض عن أكثر ألغاز جزيرة القيامة: اختفاء سكانها الأصليين. فبعد وصول الأجانب، بدأ تدهور شعب رابا نوي بطريقة ممنهجة، من خلال الأمراض التي أحضرها الأجانب معهم مثل الجدري، إضافة إلى ظاهرة بيع السكان الأصليين كعبيد، والتي ستؤدي في نهاية المطاف إلى إبادة سكانها، وبالتالي تم الكشف عن أحد أسرار جزيرة الفصح.
في الختام وبعد أن تعرفنا على تاريخ وحضارة جزيرة القيامة وكشفنا عن الأسرار المتعلقة تجدر الإشارة إلى أن هذه الجزيرة النائية أصبحت واحدة من الوجهات السياحية العجيبة. وقد وضعت كموقع تراث عالمي من قبل اليونسكو في عام 1995.
المراجع
1. Author: Whitney Dangerfield, (3/31/2007), The Mystery of Easter Island, www.smithsonianmag.com, Retrieved: 9/24/2020. |
2. Author: The Editors of History.com, (11/9/2009), Easter Island, www.history.com, Retrieved: 9/24/2020. |
3. Author: Nicola Davis, (1/10/2019), Easter Island statues: mystery behind their location revealed, www.theguardian.com, Retrieved: 9/24/2020. |