تفجَّرَت كمية البيانات التي تتدفّق عبر الإنترنت خلال العقد الأخير من الزمن. إن كان الناس يشاهدون فيديوهات القطط، أم يشاهدون الأفلام، أو يرفعون صور العطلة إلى مواقع التواصل الإجتماعي، فإنهم يتطلبون أداء أعلى وأفضل باستمرار من شبكات الألياف الضوئية، والتي تشكل الأساس الفيزيائي للشبكة العنكبوتية العالمية.
لكن كما يقول Wei Shi، الأستاذ المساعد في جامعة لافال في كيبيك في كندا، أن الطريق باتجاه إنترنت أسرع يواجه عوائق مثل استهلاك الطاقة، والتكلفة لكل مكوّن لهذه الشبكة.
وقام Shi وزملاؤه بتصميم مُرشِّح قابل للضبط (وهو مكوّن هام لشبكات الألياف البصرية ذات السعة العالية)، والذي سيوفّر من استهلاك الطاقة والمال، وذلك لأنه يمكن أن يُكامَل (يُدرَج) بشكل جاهز على الشريحة الضوئية.
كما أن أداء الجهاز قابل للمقارنة مع أفضل نتائج لأنظمة الفحص، ولكن بحجم وتكلفة أقل. كما أن امتداد الضبط الخاص بالمرشِّح هو أوسع امتداد ضبطي تم تحقيقه على رقاقة سيليكون (امتداد الضبط هو مقياس لمدى إمكانية الجهاز على التأقلم مع طلبات البيانات المتفاوتة والمتذبذبة).
بالإضافة إلى أن الجهاز يمتلك مدى طيفي حر لا مُتناهي، أي أنه يستطيع العمل على أية نطاق من الترددات، كما أنه يُظهِر نتائج قياس ممتازة للأداء في مقاييس معيارية أخرى لجودة المرشِّحات، بما في ذلك عدد قليل جدًا من التعرجات داخل الحزمة، وخسارات (ضياعات) إقحام منخفضة جدًا، تصالب إشارات منخفض وتباين تأخير صغير.
ويقول Shi: “إن الجانب الأكثر إثارة للحماس هو أن تلك النتائج المحطمة للأرقام القياسية، تم تحقيقها على منصّة السيليكون الضوئية، مما يدل على أن المرشِّح يمكن مكاملته ووصله بشكل جاهز مع أخرى مكوّنات مطوّرة بشكل جيّد للنظم المتكاملة الجديدة. إن ذلك الأمر يشبه إيجاد القطعة المفقودة في الأحجية”.
تمكين الشبكات المرنة:
إن الطيف الضوئي هو مورد محدود، فبتزايد حركة الولوج إلى الإنترنت في العالم، أصبح عرض الحزمة ذات قيمة أثمن. ولتعظيم كفاءة الطاقة والتكلفة للإتصالات، فعلى الشبكات الضوئية أن تكون قادرة لتعيين عرض الحزمة بشكل مرن، معطية بذلك كل زبون ما يحتاجه تمامًا فقط وبأي وقت.
وقال Shi: “بمقارنتها مع الشبكات التقليدية التي يتم فيها تحديد وتعديل تعيينات الموارد الضوئية مسبقًا، فإن الشبكات المرنة تتيح حجوم بيانات أعلى بدرجات من التضخيم لكل حامل ضوئي وعلى امتداد كامل الطيف”.
وتتطلب الشبكات المرنة مرشِّحات قابلة للضبط. فالمرشِّحات تعزل قناة اتصال محددة عن جميع قنوات الاتصال المتبقية، والمرشِّحات القابلة للضبط تعطي متحكم شبكة حرية اختيار التردد وعرض الحزمة لكل قناة ويمكنه تغييرهم أثناء العمل.
إن المرشِّح القابل للضبط الذي صممه واختبره Shi وزملائه يمتلك امتداد ضبط يبلغ 670 جيغا هرتز (GHz)، أكبر بكثير من الامتداد البالغ 100 جيغا هرتز تقريبًا التي تحققه المرشِّحات الأخرى المبنية على السيليكون.
ويعتقد الباحثون بتعديلات أكثر، يمكن أن يصبح امتداد ضبط جهازهم ممتد أكثر، حتى يصل إلى 1 تيرا هرتز (THz).
يعمل الجهاز باستخدام البنية النانوية الدورية (أصغر بـ 10000 مرة من عرض شعرة الإنسان)، لفصل الترددات المختلفة من الضوء عن بعضها.
إن ضبط المرشِّح يتم تحقيقه بواسطة مسخِّنات مجهرية في رقاقة السيليكون، وتتحكم تلك المسخِّنات بدرجة الحرارة المحلية، والذي بدوره يؤثر على البنية النانوية والترددات التي يفصل بينها.
امتداد الضبط العريض يعني أن المرشِّح يستطيع التعامل مع حجوم ضخمة للبيانات المحمولة بواسطة حامل واحد، ويمكنه التأقلم بسرعة للتغيرات الديناميكية في حاجات الزبون.
وللجهاز بصمة صغيرة، ومبني على منصّة متكاملة ضوئية نانوية متوافقة مع دارات CMOS. CMOS هي التقنية المستعملة من قِبَل الصناعة الحاسوبية لصنع الدارات المتكاملة، ولأن التقنيات محسَّنة بشكل جيد، فإن الرقائق المتوافقة مع دارات CMOS تكون منخفضة التكلفة.
وخلال تقدمهم في البحث، يخطط الباحثون لمكاملة المرشِّح القابل للضبط مع مكونات أخرى على نفس الرقاقة لإختبار التشابك الضوئي المرن على مستوى الشريحة.
وقال Shi: “الشبكات الضوئية ذات السعة الأعلى تؤثر على المستهلكين بطريقة كبيرة”. الجيل الجديد لتكنولوجيا الإنترنت قد يعني أن الفيديوهات ستُبَث بتقنية 3D ثلاثية الأبعاد أو 360 درجة، بالإضافة لكميات شاسعة من المخازن السحابية (الغيمية) للبيانات.
ويضيف Shi: “فكروا بالتحسينات التي طرأت على خدمة الإنترنت في السنين العشر الماضية، فبإمكاننا الأن وبسهولة مكالمة بعضنا بعضًا بالصوت والصورة، وإرسال ملفات كبيرة بشكل لحظي تقريبًا، وتوليد مسرى الأخبار الجديدة لإشتراكاتك ولألف من أصدقائك خلال أجزاء من الثانية. كل هذا هو مجرّد بداية”.
المصدر:ibelieveinsci