العلاقة بين الدين و التفكير – الكثير من الناس يظنون أن ايمانهم الديني صلب لا يتزحزح لكن هذه الدراسة وجدت أن حَث الناس على التفكير التحليلي يُمكن أن يُسبب تذبذب ايمانهم ولو قليلًا الباحثون يقولون أن النتائج لها دور واضح في فهم الأسباب التي يقوم عليها الايمان
في البداية فالعلماء النفسيين يقسّمون التفكير لنوعين التفكير الحدسي أو البدهي : تفكير سريع ولا يتطلب مجهودًا ( مثل المعرفة في الحال أن شخصًا ما غاضب أو حزين من تعبيرات وجهه) و التفكير التحليلي : و هو أبطأ و أكثر تأنيًا ( كالتفكير المُستخدم لحل مسألة حسابية أو غيرها من المهام الأصعَب ) لكُل من النوعين ميزات و نقاط ضعف و يتداخل كلًا منهما مع الاخر
مؤخرًا أصبح هناك اتفاق في الرأي بين الباحثين على أن الايمان الديني يرتكز على النوع الأول “التفكير البدهي” أحد الأمثلة هي الدراسة التي قام بها عالم الأعصاب و الفلسفة في هارفارد جوشوا جرين Joshua Greene في هذه الدراسة تم الطلب من مئات المتطوعين أن يجيب كلًا منهم ثلاثة أسئلة لكل سؤال اجابة محتملة بديهية لكنها خاطئة كمثال : يباع المضرب و الكرة ب دولار و عشر سنتات 1.10$ , فاذا كان ثمن المضرب أغلى من الكرة بدولار واحد , فكم يكون
ثمن الكرة ؟ 10 سنتات , تأتِ الاجابة للذهن سريعًا ( لأنها الاجابة البدهية ) , لكن الأمر يتطلب بعض التفكير التحليلي لمعرفة أن الاجابة الصحيحة هي 5 سنتات 0.05$ وُجد أن من اختاروا الاجابة البديهية الخاطئة كانوا الأكثر ايمانًا دينيًا (حسب استبيان أُخذ منهم ) حتى بعد تحكُم الباحثين في عوامل مثل معدَل الذكاء أو التعليم أو الانتمائات السياسية و عوامل أخرى قد تتدخل في النتيجة في نفس الدراسة طُلب من مجموعة أخرى من المتطوعين الكتابة عن موقف في حياتهم قادَهم فيه اما البديهة أو التفكير المنطقي لنتيجة جيدة هؤلاء الذين كتبوا عن البديهة كانوا الأكثر ايمانًأ
لو كان التفكير البدهي يُحفز الايمان الديني كما تقترح الدراسة , فالتفكير التحليلي يمكن أن يُحفز “عدم الايمان” لاختبار هذه الفرضية تم تطوير عدَة طُرُق لوضع الناس في حالة عقلية أو تفكيرية أكثر تحليلًا تم اجراء تجربتين لهذا الهدف في التجربة الأولى يُحفَز التفكير التحليلي في أحد مجموعتي المتطوعين عن طريق مُشاهدة لوحات فنية تُصور وضع تفكير تأملي بينما تُشاهد
المجموعة الأخرى لوحات تُصور أوضَاعًا أقل انخراطًا في التفكير أما في التجربة الثانية طلب من المجموعتين حل أحجية , تتضمن أحجية المجموعة الأولى كلمات مثل : تأمل , برهن , حلل بينما تضمنت أحجية المجموعة الثانية كلمات لا علاقة لها بالتفكير مثل : عال , طائرة بعد التجربة مباشرة طُلب من المتطوعين ملئ استبيان عن درجة الايمان كانت المجموعة التي تم تحفيز التفكير التحليلي فيها أقل ايمانًا
في التجربة الأخيرة طُلب من مجموعة من المتطوعين ملئ استبيان عن الايمان الديني كالعادة , بينما طُلب من المجموعة الثانية ملئ نفس الاستبيان لكنه مكتوب بخط صعب القراءة كالمُتوقَع , هؤلاء الذين اضطروا لارهاق عقولهم لفهم أسئلة الاستبيان كانوا أقل ايمانًأ لأن المتطوعين وزعوا عشوائيًا على المجموعتين , و لأن النتائج كانت متشابهة في كل التجارب , فمن الصعب جدًا أن يكون سبب النتائج هو أن أحدى المجموعتين أكثر تدينًا من الأخرى و للتأكيد على ذلك تم مقارنة الاستبيانات التي أخذت من المتطوعين قبل التجربة فلم يوجد فارق بينهما
تقترح النتائج أن التفكير البدهي مع عوامل ادراكية و ثقافية أخرى سبب أساسي في الايمان الديني , بينما الغير مؤمن دينيًا فكر في الأمر و وجد أشياء صعبة التصديق يقول العالم النفسي الحائز على نوبل Daniel Kahneman : كل ما أثبتوا أو يُمكن اثباته هو أنك عندما تفكر أكثر منطقيًا أو
نقديًا ترفُض أشياء قد تقبلها في الأحوال الأخرى , أي أن بعض المعتقدات الدينية التي يُقرها الناس لو فكروا هم أنفسهم بطريقة أكثر منطقية فلن يُقروها يتوقع العالم النفسي في جامعة شيكاغو Nicholas Epley أن النتائج لن تُغير تفكير أحد في معتقداته الدينية , فلو أنك تعتقد أن
المنطق التحليلي هو الطريقة الأفضل لفهم العالم ستجد أن هذا دليل أن الدين غير منطقي , لو أنك شخص متدين قد تقول أن هذا دليل على صحة ايمانك فالاله أعطاك نظام “طريقة تفكير” للوصول للايمان و هو يُمثل الفطرة السليمة
المصدر:ibelieveinsci.