في كتابه، تداخل الأنواع الأدبية في القصة القصيرة يؤكد الدكتور خيري دومة على الطبيعة المرنة للقصة القصيرة، فهي تستوعب الأساطير، والشعر، وحكايات الجدات، والأحلام، والسير الذاتية، واليوميات، والرسائل.. كما كانت في الماضي تتسع للحكم والمواعظ والأمثال والمقامات.. وهي لا تتسع لحكايات البشر فحسب، بل تتناول حكايات الحيوان والطير والجن والملائكة. القصة ليست فنا ضيقا ومحدودا كما يظن البعض، بل هي فضاء بلا حدود، وهذا يميزها بشيء آخر، قابليتها للتجريب، وهذه القابلية بمثابة التدريب الأولى للكاتب، سواء في القصة أو الرواية. فالرواية مشكلتها أنها تلتزم بموضوع كلى الأبعاد، وبنية محكمة، لكنها في أصلها، تتشكل من وحدات سردية صغرى، بمعنى أن المكون المفصلي لها ، هو القصص القصيرة. ومن عجائب الدنيا أن عشرات الشباب، يبدءون سردهم بالرواية، فيقعون في فخ النمطية، عندما يكتبون عن موضوعات شائعة، مثل روايات الرعب، والخيال العلمي، والتاريخ. وهذا أمر ليس بجديد على تاريخ السرد العالمي، لكن المشكلة، ان تصبح الروايات المكتوبة بلا خلفية ولا معرفة لأهمية لبعد التقني للقصة القصيرة، بوصفها وحدة صغرى تعضد الرواية.. نتيجة لهذا الغياب، نرى سيولة غير مبررة في الروايات ، وهري في الحكي، بلا رابط أو منطق. وهاهو الكاتب أحمد خفني يؤكد ما نذهب إليه من اتساع الفضاء القصصي، ففي قصتة التي سنناقشها بعد دقائق على موقع صدى، يفتح فضاء قصته (البكاء في لوحات ) على أبعاد زمنية ومكانية، وأسطورية وتاريخية ، وفلسفية، ونفسانية... إنه فضاء لا يمكنك أن تجده في رواية، تجده في قصة قصيرة.
سيد الوكيل
سيد الوكيل