مراسلات الحسين – مكماهون
هناك الكثير من الخفايا والألغاز في التاريخ، والتي تدع مجالًا للغموض والشك، وتضع علامات استفهام كثيرة أمام عدة تساؤلاتٍ، فقد يرتبط الأمر بمستقبل أمةٍ بأكملها، ومن ضمن هذه الخفايا " مراسلات الحسين مكماهون " وهي عشر رسائلَ متبادلة بين الحسين بن علي، وهو ملك الحجاز وشريف مكة، وهنري مكماهون، وهو المفوض السامي البريطاني الذي تم تعيينه حديثًا في مصر في ذلك الوقت.
متی بدأت مراسلات الحسين مكماهون
بدأت هذه المراسلات بين الحسين بن علي وهنري مكماهون من يوليو 1915م إلى مارس 1916م، وكان الهدف منها تحقيق تحالفٍ بين بريطانيا والعرب، وكان لكل طرفٍ منهما غاية وهدف يطمح إليه، فقد سعى الشريف حسين إلى التحرر من حكم الدولة العثمانية وأن يكون حكم بلاده تابعًا للهاشميين، ومستقلًا عن العثمانيين.
أثناء ذلك كانت بريطانيا في حالة تفاوضٍ مع حلفائها الفرنسيين على الأراضي العثمانية التي سيقسمونها بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى، وقد لفّ الغموض مراسلات الحسين مع مكماهون، لكن الحسين لم يلتفت لهذا الغموض، وكان ما يهمه هو تقوية التحالف مع بريطانيا، الذي سيُدر عليه عائدًا ماديًّا، كما سيُساعده في الاستقلال ببلاده، لكن غموض هذه المراسلات جعلت فكرة غدر بريطانيا جائزةً..
مراسلات الحسين مكماهون والأمير الطموح
كان حسين بن علي من الهاشميين، وهم من سلالة النبي محمد ﷺ. عُين الحسين أميرًا لمكة في عام 1908. في ذلك الوقت، كانت هذه الأراضي تحت حكم الدولة العثمانية، وكان منصب الأمير بمثابة والي أو نائب عن الدولة العثمانية في تلك الأراضي العربية. كانت مهام الأمير متعددةً ومهمةً، منها: الاعتناء بالأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتنظيم رحلات الحج والعمرة، والإشراف على المنطقة بشكلٍ عامٍ.
كان الأمير حسين من الشخصيات الطموحة، وسعى إلى استقلال بلاده، وهذا شجعه على التواصل مع بريطانيا. في بادئ الأمر لم تلتفت بريطانيا لعرضه، إلا أنهم أعادوا النظر في قرارهم بعدما وجدوا أنَّ التحالف مع شريكٍ مسلمٍ من شأنه إرساء قواعد سلطة لهم في منطقة النفوذ الإسلامي، لذا وافقوا على شراكته، وفي يوليو عام 1915، أرسل الحسين رسالةً إلى مكماهون، يوضح فيها شروطه للتحالف مع بريطانيا.
سعى الأمير حسين إلى أنّ تستقل كل الأراضي الناطقة بالغة العربية في شرق مصر، لكن لم يتفق معه مكماهون في ذلك، فهناك بعض المناطق التي ستدخل في نطاق النفوذ الفرنسي، ولن تكون مع المناطق العربية، مثل: مناطق مرسينا والكسندريتا والأراض التي تقع في غرب دمشق. لم يوافق الحسين على ذلك، واستمرت الخلافات بينهما على هذا الأمر دون أن يجدوا حلًّا يرضي الطرفين.
أثناء هذه الخلافات بين الحسين ومكماهون. حدثت خلافاتٌ أخرى بين بريطانيا وفرنسا في اتفاقية سايكس بيكو عام 1916. وفي وقتٍ لاحقٍ تم الإعلان عن وعد بلفور، وذلك الوعد أكد فكرة تدعيم بريطانيا لليهود لإقامة وطنٍ قوميٍّ للشعب اليهودي في فلسطين، إنه كما نقول "مِن مَن لا يملك، لمن لا يستحق".
إعلان التمرد
بعد إرساء الاتفاقيات على إثر مراسلات الحسين مكماهون ، أعلن الحسين تمرده ضد الدولة العثمانية في يونيو 1916، وأيضًا أعلن عن دعم بريطانيا له، وبدأ بثورةٍ كانت صغيرةً نسبيًّا إلا أنها أدت غرضها، وتمكّن حلفاء الحسين العرب من السيطرة على الحجاز في شبه الجزيرة العربية والعقبة ودمشق.
دخول فيصل بن الحسين دمشق
في أواخر عام 1918 م، دخل فيصل بن الحسين دمشق، وبدأ في إقامة إدارةٍ هناك اعتمادًا على معاهدة والده مع البريطانيين. وفي مارس عام 1920، أعلنت سوريا الكبرى (سوريا، إلى جانب شرق الأردن وفلسطين ولبنان) منطقةً مستقلةً ونُصّب فيصل ملكًا عليها.
نفي الملك فيصل
كان إعلان استقلال سوريا بمثابة تهديدٍ للمصالح الفرنسية هناك، فقد كانت سوريا وقتها تحت الانتداب الفرنسي، مما دفعهم لأخذ خطوة سريعة في ذلك الأمر، حتى أقيم مؤتمر سان ريمو في أبريل 1920 م، وفي يوليو من نفس العام، أجبرت فرنسا فيصل على الخروج من المنطقة..
مراسلات الحسين مكماهون وفلسطين
اعتقد الشعب الفلسطيني أن اتفاقية الحسين ومكماهون في صالحهم، وأنّ الأراضي الفلسطينية التي عاش فيها الأتراك - بحكم أنها تتبع أراضي الدولة العثمانية - ستعود إلى السكان العرب. لم يعرفوا أنّ هناك تدبيرًا آخر بخصوص بناء دولة قومية للشعب اليهودي على الأراضي الفلسطينية، حتى تفاجأوا بوعد بلفور. لقد فسر الحسين الحسين أيضًا من خلال رسائل مكماهون أنّ الأراضي الفلسطينية ستعود للشعب العربي بعد الحرب..
تقسيم فلسطين
بعد الحرب العالمية الثانية في عام 1947 م، بدأ الجدل فيما يخص تقسيم الأراضي الفلسطينية. في ذلك الوقت اقترحت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى قسمين: أحدهما قسم خاص باليهود، والآخر خاص بالفلسطنيين العرب، لكن العرب لم يوافقوا على هذه الخطة. لكن في مايو 1948م، تم إعلان إسرائيل كدولةٍ على الأراضي الفلسطينية، مما اضطر حوالي 700000 أو 900000 من الفلسطينيين لترك موطنهم، ودخول اليهود..
ظلت مراسلات الحسين مكماهون نقطة غموضٍ بعد ذلك، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقد ادعى البريطانيون أنها أدرجت في الأرض لتخصيصها للفرنسيين، لكن ما حدث بعد ذلك يؤكد نفي ما ادعوه، وحتى اليوم فإنه من غير المؤكد ما عرضه مكماهون بالضبط، لكن المؤكد أن العرب حققوا أقل بكثيرٍ مما توقعوا من هذا الترتيب الغامض، وكانت الضحية تفرّق الأمة وتشتّتها وضياع أرض فلسطين.
هناك الكثير من الخفايا والألغاز في التاريخ، والتي تدع مجالًا للغموض والشك، وتضع علامات استفهام كثيرة أمام عدة تساؤلاتٍ، فقد يرتبط الأمر بمستقبل أمةٍ بأكملها، ومن ضمن هذه الخفايا " مراسلات الحسين مكماهون " وهي عشر رسائلَ متبادلة بين الحسين بن علي، وهو ملك الحجاز وشريف مكة، وهنري مكماهون، وهو المفوض السامي البريطاني الذي تم تعيينه حديثًا في مصر في ذلك الوقت.
متی بدأت مراسلات الحسين مكماهون
بدأت هذه المراسلات بين الحسين بن علي وهنري مكماهون من يوليو 1915م إلى مارس 1916م، وكان الهدف منها تحقيق تحالفٍ بين بريطانيا والعرب، وكان لكل طرفٍ منهما غاية وهدف يطمح إليه، فقد سعى الشريف حسين إلى التحرر من حكم الدولة العثمانية وأن يكون حكم بلاده تابعًا للهاشميين، ومستقلًا عن العثمانيين.
أثناء ذلك كانت بريطانيا في حالة تفاوضٍ مع حلفائها الفرنسيين على الأراضي العثمانية التي سيقسمونها بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى، وقد لفّ الغموض مراسلات الحسين مع مكماهون، لكن الحسين لم يلتفت لهذا الغموض، وكان ما يهمه هو تقوية التحالف مع بريطانيا، الذي سيُدر عليه عائدًا ماديًّا، كما سيُساعده في الاستقلال ببلاده، لكن غموض هذه المراسلات جعلت فكرة غدر بريطانيا جائزةً..
مراسلات الحسين مكماهون والأمير الطموح
كان حسين بن علي من الهاشميين، وهم من سلالة النبي محمد ﷺ. عُين الحسين أميرًا لمكة في عام 1908. في ذلك الوقت، كانت هذه الأراضي تحت حكم الدولة العثمانية، وكان منصب الأمير بمثابة والي أو نائب عن الدولة العثمانية في تلك الأراضي العربية. كانت مهام الأمير متعددةً ومهمةً، منها: الاعتناء بالأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتنظيم رحلات الحج والعمرة، والإشراف على المنطقة بشكلٍ عامٍ.
كان الأمير حسين من الشخصيات الطموحة، وسعى إلى استقلال بلاده، وهذا شجعه على التواصل مع بريطانيا. في بادئ الأمر لم تلتفت بريطانيا لعرضه، إلا أنهم أعادوا النظر في قرارهم بعدما وجدوا أنَّ التحالف مع شريكٍ مسلمٍ من شأنه إرساء قواعد سلطة لهم في منطقة النفوذ الإسلامي، لذا وافقوا على شراكته، وفي يوليو عام 1915، أرسل الحسين رسالةً إلى مكماهون، يوضح فيها شروطه للتحالف مع بريطانيا.
سعى الأمير حسين إلى أنّ تستقل كل الأراضي الناطقة بالغة العربية في شرق مصر، لكن لم يتفق معه مكماهون في ذلك، فهناك بعض المناطق التي ستدخل في نطاق النفوذ الفرنسي، ولن تكون مع المناطق العربية، مثل: مناطق مرسينا والكسندريتا والأراض التي تقع في غرب دمشق. لم يوافق الحسين على ذلك، واستمرت الخلافات بينهما على هذا الأمر دون أن يجدوا حلًّا يرضي الطرفين.
أثناء هذه الخلافات بين الحسين ومكماهون. حدثت خلافاتٌ أخرى بين بريطانيا وفرنسا في اتفاقية سايكس بيكو عام 1916. وفي وقتٍ لاحقٍ تم الإعلان عن وعد بلفور، وذلك الوعد أكد فكرة تدعيم بريطانيا لليهود لإقامة وطنٍ قوميٍّ للشعب اليهودي في فلسطين، إنه كما نقول "مِن مَن لا يملك، لمن لا يستحق".
إعلان التمرد
بعد إرساء الاتفاقيات على إثر مراسلات الحسين مكماهون ، أعلن الحسين تمرده ضد الدولة العثمانية في يونيو 1916، وأيضًا أعلن عن دعم بريطانيا له، وبدأ بثورةٍ كانت صغيرةً نسبيًّا إلا أنها أدت غرضها، وتمكّن حلفاء الحسين العرب من السيطرة على الحجاز في شبه الجزيرة العربية والعقبة ودمشق.
دخول فيصل بن الحسين دمشق
في أواخر عام 1918 م، دخل فيصل بن الحسين دمشق، وبدأ في إقامة إدارةٍ هناك اعتمادًا على معاهدة والده مع البريطانيين. وفي مارس عام 1920، أعلنت سوريا الكبرى (سوريا، إلى جانب شرق الأردن وفلسطين ولبنان) منطقةً مستقلةً ونُصّب فيصل ملكًا عليها.
نفي الملك فيصل
كان إعلان استقلال سوريا بمثابة تهديدٍ للمصالح الفرنسية هناك، فقد كانت سوريا وقتها تحت الانتداب الفرنسي، مما دفعهم لأخذ خطوة سريعة في ذلك الأمر، حتى أقيم مؤتمر سان ريمو في أبريل 1920 م، وفي يوليو من نفس العام، أجبرت فرنسا فيصل على الخروج من المنطقة..
مراسلات الحسين مكماهون وفلسطين
اعتقد الشعب الفلسطيني أن اتفاقية الحسين ومكماهون في صالحهم، وأنّ الأراضي الفلسطينية التي عاش فيها الأتراك - بحكم أنها تتبع أراضي الدولة العثمانية - ستعود إلى السكان العرب. لم يعرفوا أنّ هناك تدبيرًا آخر بخصوص بناء دولة قومية للشعب اليهودي على الأراضي الفلسطينية، حتى تفاجأوا بوعد بلفور. لقد فسر الحسين الحسين أيضًا من خلال رسائل مكماهون أنّ الأراضي الفلسطينية ستعود للشعب العربي بعد الحرب..
تقسيم فلسطين
بعد الحرب العالمية الثانية في عام 1947 م، بدأ الجدل فيما يخص تقسيم الأراضي الفلسطينية. في ذلك الوقت اقترحت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى قسمين: أحدهما قسم خاص باليهود، والآخر خاص بالفلسطنيين العرب، لكن العرب لم يوافقوا على هذه الخطة. لكن في مايو 1948م، تم إعلان إسرائيل كدولةٍ على الأراضي الفلسطينية، مما اضطر حوالي 700000 أو 900000 من الفلسطينيين لترك موطنهم، ودخول اليهود..
ظلت مراسلات الحسين مكماهون نقطة غموضٍ بعد ذلك، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقد ادعى البريطانيون أنها أدرجت في الأرض لتخصيصها للفرنسيين، لكن ما حدث بعد ذلك يؤكد نفي ما ادعوه، وحتى اليوم فإنه من غير المؤكد ما عرضه مكماهون بالضبط، لكن المؤكد أن العرب حققوا أقل بكثيرٍ مما توقعوا من هذا الترتيب الغامض، وكانت الضحية تفرّق الأمة وتشتّتها وضياع أرض فلسطين.