العطار "أنطق" الطير في رحلة طويلة للوصول إلى الحقيقة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العطار "أنطق" الطير في رحلة طويلة للوصول إلى الحقيقة

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	IMG_٢٠٢٢١٢٢٧_١٥١٦٠٥.jpg 
مشاهدات:	14 
الحجم:	89.8 كيلوبايت 
الهوية:	46349 عبد الكريم الحجراوي
    ما زال يشغل الباحثين والمترجمين وأهل المسرح وأسراره وهناك تزايد ملحوظ في الآونة الأخيرة بنقل كتب فريد الدين العطار النيسابوري إلى العربية، وقد اقتبست من أعماله عروض أعمال مسرحية عالمية وعربية عدة، كان من أبرزها العرض الملحمي الذي أنجزه المخرج البريطاني الرائد بيتر بروك في الثمانينيات، وأحدثها عرض "منطق الطير" للمخرج التونسي نوفل عزارة الذي شارك في العديد من المهرجانات المسرحية الدولية، ومنها مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورة العام 2021. وصدرت في العام ذاته ترجمة علي عباس زليخة لـ "منطق الطير" عن دار التكوين، نقلاً عن الفارسية. وسبق لزليخة أن ترجم للدار نفسها كتاب العطار "الأسرار" عام 2020. وأصدرت دار "آفاق" القاهرية من قبل مجموعة من كتب العطار بترجمة منال اليمني عبد العزيز مثل "الرباعيات المختارة للعطار" 2018، و"مدارج العاشقين" 2017، و"تذكرة الأولياء" 2015، و"خسرو نامة". كما ترجمت له ملكة على التركي كتابه "إلهي نامة". وصدر له عن المركز القومي للترجمة في القاهرة في جزءين كتابه "مصيبت نامة"، أي "كتاب الألم" 2005 بترجمة محمد محمد يونس. أما أكثر كتبه ترجمة فهما كتاباه "تذكرة الأولياء" و"منطق الطير"، وقد صدرا أيضاً في ترجمات عربية أخرى في دمشق وبيروت المغرب العربي.
    ترجمة متأخرة
    تعد ترجمات العطار إلى العربية متأخرة مقارنة بترجماته إلى اللغات الأخرى، بحيث يحظى بمكانة رفيعة لدى المهتمين بالتصوف الإسلامي، وقد ترجمت كتبه إلى اللغات الحية المعاصرة، ومن أشهر هذه الكتب وأعلاها منزلة وحازت النصيب الأكبر في الترجمات كتابه "منطق الطير" الذي ترجم منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين إلى التركية القديمة والحديثة والإنجليزية والفرنسية والهندية والألمانية والإيطالية والروسية والسويدية وغيرها من اللغات. ويشير أحمد ناجي القيسي في دراسته التي نال بها درجة الدكتوراه من قسم اللغات الشرقية في جامعة القاهرة 1965، إلى أن أول ترجمة جزئية غربية لكتاب "منطق الطير" كانت إلى الفرنسية بقلم هومر في كتابه "تاريخ الأدب الفارسي" 1818، وأول ترجمة كاملة الى الفرنسية كانت لكارسن دي تاسي
    أما عن ترجمات ذلك الكتاب إلى اللغة العربية، فأولها كان لجزء منه حين نشر إبراهيم أمين الشواربي عام 1954 ترجمة لكتاب الإنجليزي براون "تاريخ الفرس الأدبي" عام 1906 وهي ترجمة عن ترجمة، بحيث إن المستشرق براون أخذ ترجمته عن الإيطالية من كتاب "قصة الأدب الفارسي"، ووضع فيه نماذج من "منطق الطير". أما أول ترجمة عربية كاملة للكتاب، فكانت لبديع محمد جمعة الذي نال بها درجة الماجستير في الستينيات، وطبعت هذه الترجمة طبعات عدة أولها عام 1975. كما أن القيسي ترجم نحو نصف هذا الكتاب في أطروحته، أي ما يقارب 2000 بيت من أصل 4500 بيت، مكتفياً بترجمة مقدمة الكتاب كما هي، وما يخص هيكل قصة الكتاب العامة، متجاوزاً ما نثر من تضاعيف تلك القصة من حكايات جاءت لتوضيح رأي أو شرح فكرة. كما أنه ترجم قصة "شيخ صنعان" وهي أطول وربما أجمل قصص منطق الطير.
    أسلوب الترجمة
    أما الترجمة الثانية الكاملة لـ"منطق الطير" فصدرت عن دار التكوين، لعلي عباس زليحة نقلاً عن الفارسية كما ذكرنا من قبل وتختلف عن ترجمة بديع جمعة في أنها جاءت من الفارسية مباشرة، لا الفرنسية. بيد أن ترجمة جمعة كانت أكثر سلاسة ووضوحاً من الترجمة الحديثة لهذا الكتاب المهم. وقدم بديع لترجمته بدراسة. بينما جاءت ترجمة زليخة مباشرة للنص من دون أي إضافات. ويختلف أسلوب ترجمة زليخة عن بديع بحيث إن الأول جنح إلى اللغة الشعرية والتكثيف اللفظي ونقل روح النص الأصلي إلى العربية، بينما كانت ترجمة بديع تهدف إلى ترجمة المعنى وإيصاله إلى المتلقي بأسهل الطرق من دون زخرفة لفظية زائدة. كما أنه يذكر مصدر المخطوط الذي اعتمد عليه في الترجمة، وهو ما يفعله أيضاً القيسي في ترجمته لأجزاء من "منطق الطير"؛ لكن زليخة لا يشير إلى أي من هذه التفاصيل ولا من أي مصدر أخذها، مكتفياً فقط بذكر أنها كانت نقلاً عن الفارسية. فيبدأ ترجمته: "تبارك مبدع الروح الطاهر، واهب الإيمان والروح للتراب، جاعل بنيان عرشه على الماء، جاعل عمر الترابيين على الهواء، مالك السماء تحت يده .
    مقامات الطيور
    ومن الأمور اللافتة أن فريد الدين العطار في نهاية الكتاب يشير إلى اسم آخر لهذا الكتاب هو "مقامات الطيور"، وهو ما يرجحه القيسي في دراسته بأن العنوان الأصلي للكتاب هو "مقامات الطيور"، وأن "منطق الطير" من صنع أو اختراع النساخين والكتاب، وقد اكتسب الشهرة بهذا الاسم وعرف به من دون الاسم الأصلي الذي وضعه له مؤلفه. فالكتاب يتناول فكرة العروج والسفر إلى العالم الآخر بحثاً عن ملك الطيور "السيمروغ"، بشكل رمزي، عبر رحلة الطيور في الأودية السبعة. ويقسم طريق الوصول إليه إلى سبع أودية وهي وادي الطلب ووادي العشق ووادي المعرفة ووادي الاستغناء ووادي التوحيد ووادي الحيرة، وأخيراً وادي الفقر والفناء. واستفاد العطار في ذلك من بعض أفكار سنائي في كتابه "سير العباد إلى المعاد".
    وختاماً، لا شك في أن منظومة "منطق الطير" بإجماع الدارسين، من أعظم ما أبدع في الأدب الفارسي عامة وفي التصوف خاصة، وبها عرف مؤلفها، وتظهر ما تبحر مؤلفها في العلوم المختلفة، وثقافته الواسعة. وقد كتبها في أرجح الآراء عام 583 هـ. أما مؤلفها فهو أحد أعلام التصوف الفارسي الثلاثة وهم على الترتيب سائي الغزنوي، وفريد الدين العطار، وجلال الدين الرومي. وتتضارب الأخبار في تحديد موعد مولده ووفاته فبعضهم يرى أن عمره أكثر من قرن، والبعض الآخر يرى أنه مات بعد السبعين. ويرجح أنه ولد في الفترة 545هـ- 550هـ وتوفي بين 627- 637هـ. بعد أن ترك 9 كتب، مؤكدة النسب إليه، وعشرات الكتب المشكوك في انتحالها بعد وفاته. وكتبه كلها كتبت شعراً ما عدا كتابه "تذكرة الأولياء" الذي يترجم فيه لسير أعلام التصوف وأحوالهم. أما كتبه الأخرى الشعرية فهي: إلهي نامة، خسرو نامة، مدارج العاشقين، مختار نامة، أسرار نامة أي كتاب الأسرار، يند نامة أي النصيحة، الديوان، مصيبت نامة أي كتاب الألم، ومنطق الطير. وعرفت هذه الكتب طريقها إلى العربية في النصف الثاني من القرن العشرين، وزاد الاهتمام بها في بداية القرن الحالي وما زالت محط أعين الباحثين والمترجمين العرب.
يعمل...
X