بودلير الناقد لم يحب التصوير الفوتوغرافي فنعى الإبداع مواربة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بودلير الناقد لم يحب التصوير الفوتوغرافي فنعى الإبداع مواربة


    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	IMG_٢٠٢٢١٢٢٧_١٢٥٩١٢.jpg 
مشاهدات:	14 
الحجم:	106.8 كيلوبايت 
الهوية:	46303 إبراهيم العريس
    الشاعر لم يحسم أمره بين روعة الخيال وابتذالية الفنون الآلية على عكس مواطنه الرسام الرومنطيقي الكبير أوجين ديلاكروا، وكذلك على عكس الرسام الإنجليزي ويليام تورنر الذي وصل فيلم روائي حققه عنه مايك لي قبل أعوام إلى حد تكريس بضعة مشاهد تصوره في واحد من أول استديوهات التصوير الفوتوغرافي في لندن، وهو ممتلئ حماسة في وقت صاحب الاستوديو يلتقط له صوراً، لم يحب الشاعر والناقد الفرنسي شارل بودلير التصوير الفوتوغرافي مع أنه عرف دائماً بكونه واحداً من أشد أنصار الحداثة توقاً إلى كل ما هو جديد، وعلى الرغم من ارتباطه بصداقة عميقة مع كبير المصورين الفرنسيين في زمنه نادار الذي ندين له بمئات الصور الرائعة التي التقطها عند بدايات ازدهار التصوير لكبار الفرنسيين في المجالات كافة. لم يحب بودلير التصوير، ولكن ليس لكراهيته لوجود الصور في حد ذاته، بل لخوفه على الفن التشكيلي من أن تكون نهايته على يد هذه التقنية الجديدة.
    باختصار إذاً، وقف بودلير ضد انتشار تلك "التقنية" غير موافق إطلاقاً على ما راح كثر من الفنانين والحداثويين يتناولونها به معتبرينها فناً جديداً. والحقيقة كان النقاش محتدماً بقوة وبعنف أحياناً من حول تلك القضية التي شغلت الأوساط الفنية والفكرية الفرنسية طويلاً، وربما لا تزال تشغل بعضها حتى اليوم. لكن المشكلة مع صاحب "أزهار الشر" ومعرّف الفرنسيين على الأميركي إدغار آلن بو، كانت في أنه خاض السجال باكراً بحيث لم يقيض له أن يعيش تلك المراحل التالية التي ستعرف تعايشاً خلاقاً غالباً بين الرسم والتصوير الفوتوغرافي، وصل أحياناً إلى حدود الاندماج عن طريق "الكولاج"، ولاحقاً عن طريق تيارات فنية مدهشة لعل في مقدمتها "الهيبر رياليزم" أي الواقعية المفرطة التي أرادت من اللوحة المرسومة أن تتطابق والصورة الفوتوغرافية بشكل تام وأكثر. بيد أن ذلك كله سيأتي لاحقاً على زمن بودلير. ففي زمن هذا الأخير نجده ينضم، ومن موقع "قيادي" إلى تلك الأصوات التي لم تتمكن من إخفاء عدائها لتلك "المحاكاة الساذجة للواقع غير تاركة للمخيلة إمكانية للتعبير عن ذاتها"، بحسب تعبير بودلير نفسه بالنسبة إلى بودلير كانت المخيلة "سيدة الملكات"، بالتالي لن يكون من الجائز "السماح لذلك النشاط الآلي الصناعي الذي هو التصوير الفوتوغرافي بالاستيلاء عليها لصالح ابتذال لا طائل من ورائه"، بل لا شك أن من شأنه أن يعيث فساداً في الجمهور كما في الفن نفسه سواء بسواء إن هو انتشر بشكل ليس من حقه أن ينتشر به! غير أن بودلير كان لا يفتأ "يطمئن نفسه" قائلاً إنه واثق من أن هذه "العملية الآلية سوف تعجز دائماً عن التعبير عن الحلم الذي هو صنو المخيلة، بالتالي لن يمكنها أبداً أن تنجح في تنافسها مع المشاهد المرسومة".
يعمل...
X